الأحد: 19/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوم العمال: هدأ الضجيج وحلمْ العامل "سنة بإسرائيل"

نشر بتاريخ: 02/05/2012 ( آخر تحديث: 02/05/2012 الساعة: 16:18 )
غزة- معا- بعد يوم واحد من يومهم العالمي الذي امتلأت به مساحات الصحف ووسائل الإعلام بيانات وشعارات ومسيرات ومطالبات ومناشدات ودعوات، عاد الهدوء ليسود الموقف وهدأ الضجيج وكأن شيئاً لم يكن، وهم كما السنون الماضية عادوا لوحدهم وأوانيهم فارغة ومعدات صغارهم تنتظر لقمة العيش ومعاولهم صدئت من فرط الانتظار.

عمال قطاع غزة يفاجؤك الكثير بالقول صباح الثاني من آيار: "لو نرجع سنة واحدة نشتغل بإسرائيل .. حنضمن مستقبل أولادنا ونسد كل ديونا"، ويؤكدون أنه حلم يراودهم في ظل إغلاق كافة الأبواب في وجوههم وجلوس أكثر من 40 ألف منهم عن العمل لسبع سنوات متتالية وضمن صفوف البطالة ينتظرون كابونة أو كيس طحين أو حتى كيلو أرز واحد يملأ رفوف مطبخ فارغ.

هكذا خرجت بيانات الاحتفال بيومهم دون طائل أو فائدة ترجى من ورائها بعضها ورد ضمن عباراته ما يشبه الانتقاد للحال الفلسطيني الذي تأخرت فيه المصالحة وتعطلت فيه مصالح العباد، والبعض الآخر يلوم الاحتلال على ما سببه من نكوص للاقتصاد الوطني الفلسطيني مراحل زمنية للوراء، وخبراء يوصون ويطالبون ويدعون والآمال معظمها معلقة بعباية الخليج العربي لتستوعب العمالة الفلسطينية المغلق عليها الأبواب.

من ضمن ما ورد في البيانات المحتفلة أمس:" يحتفل عمال العالم في الأول من أيار من كل عام بعيد العمال العالمي بحيث تقوم الاتحادات والنقابات العمالية على مستوى العالم بتنظيم المهرجانات والاحتفالات الرسمية ...في حين يستقبل عمال فلسطين هذا اليوم من كل عام بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وارتفاع نسب التضخم، الكثير من عمال فلسطين لا يعلمون ما الذي يعنيه التضخم أو أي شيء آخر سوى ما يريدون أن يتقاضوه مقابل عرق جبينهم وكفاحهم في عمل يحبونه او لا يحبونه المهم بالنهاية راتب محترم يفي بمتطلبات حياتهم وحياة أبنائهم.

"أبو ع" من رفح يقول :" كل يوم أستيقظ أشعر أنني مريض، كنت أعمل داخل الخط الأخضر بيومية لا تقل عن 500 شيكل ولم أشعر بالتعب رغم أنني كنت اعمل بمجال البناء: ليت الزمان يعود يوماً أو سنة" على حد قوله.

أما "أبو أ. س" من مخيم المغازي فقد كان يعمل داخل الخط الأخضر في أحد الأفران مقابل 4000-6000 شيكل شهرياً وحين جلس عمال قطاع غزة بحث عن فرن محلي فكان الأجر 40 شيكل باليوم مخصوم منها 10 شيكل مواصلات.

أم "م. ش" من أحد أحياء مدينة غزة الراقية وتقطن فيلا قالت:" أيام كثيرة لا يجد سكان الفلل ما يأكلونه".

من متناقضات يوم العمال والاحتفال به بغزة كان خروج كافة موظفي الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في إجازة رسمية ليوم واحد، إلا العمال أنفسهم الذين شوهدوا على رأس عملهم في يومهم، مثل عمال الإنشاءات العمرانية والمخابز والمعابر والنظافة و... وما يتقاضونه من اجور لا يمكن قياسه بأي حال من الأحوال بأجر أحد موظفي وكالة الغوث أو مؤسسات الـ NGOS.

بدأ توقف العمال الفلسطينيين خاصة من سكان قطاع غزة عن العمل منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000, حيث فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار الاقتصادي علي محافظات غزة وبدأت تنتهج سياسة إغلاق المعابر التجارية ومعابر الأفراد بشكل مستمر ومنعت العمال الفلسطينيين والبالغ عددهم في ذلك الوقت 40 ألف عامل تقريبا من التوجه إلي أعمالهم داخل الخط الأخضر وبدأ يتقلص عدد العمال داخل الخط الأخضر تدريجيا إلي أن وصل في يومنا هذا إلى الصفر، كما يقول الخبير الاقتصادي د. ماهر الطباع.

ويؤكد الطباع أن محافظات غزة فقدت دخلا يوميا هاما جدا من أجور العمال اليومية والتي كانت تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي الفلسطيني على مدار سنوات عديدة، وعلى سبيل المثال فقد كان الآباء يفضلون تزويج بناتهم لعامل داخل الخط الأخضر على تزويجه لمدرس أو موظف حكومي.
وبعد الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة في عام 2005 انضم أكثر من 8000 عامل جديد إلي قوافل البطالة ممن كانوا يعملون في المستوطنات ومنطقة ايرز الصناعية حيث بلغ عدد العاملين في المستوطنات3500 عامل في المجالات المختلفة " بناء وزراعة وبلغ عدد العاملين في المنطقة الصناعية ايرز بحوالي 4500 عامل فلسطيني يعملون في 191 مصنعا و ورشة ومطعم، حسب الطباع.

الخبير الاقتصادي محمد رجب قال أن اهم العقبات التي تواجه سوق العمل في فلسطين فهي - اعتماد السوق الفلسطيني بشكل مباشر على المنشآت الصغيرة، غياب دور النقابات العمالية في الدفاع عن حقوق العام، قلة الموارد البشرية الموجودة بالادارة العامة للتفتيش وحماية العمال، تباين الأجور في سوق العمالة بين الضفه لغربية وقطاع غزة ومشكلة الشركات الوهمية.

ويضع رجب الحلول الممكنة لاستيعاب العمالة الفلسطينية بإجراءات أهمها مواصلة العمل لحل المشاكل التي تواجه العمال، وتوفير أفضل الآليات في خدمة شريحة العمال، تطبيق قانون العمل الفلسطيني، تشجيع القطاع الخاص بمجالات تنظيم المشاريع كثيفة العمالة، وتوفير برامج التمويل الميسرة التي تتناسب مع مزايا وحوافز وحجم ما توفره من فرص عمل حقيقية وأيضاً التنسيق مع الدول والمؤسسات المانحة لوضع برامج خاصة بالإغاثة والخدمة الصحية والتعليمية والمرافق العامة، بحيث تكون مرتبطة بشروط خلق فرص العمل المنتجة لآلاف الخريجين والمؤهلين للعمل في هذه الخدمات.