الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

عائد الى بلعين: كاميرا فادي العاروري.. رصدت الرصاص الحي وتصدت له وانتصرت عليه في شوارع رام الله

نشر بتاريخ: 07/01/2007 ( آخر تحديث: 07/01/2007 الساعة: 22:40 )
رام الله- تقرير علي عبيدات- العشرات من الصحفيين، اجتمعوا على دوار المنارة، وسط مدينة رام الله، يافطات ولوحات تحمل عباراة ادانة واستنكار وزعت في اروقة المكان، تنديدا بالاعتداءات على الصحفيين، وتضامنا مع مصور وكالة "معا" الاخبارية فادي العاروري، الذي اصيب خلال تغطيته للعدوان الاسرائيلي على رام الله، الاسبوع الماضي.

انطلق هؤلاء حاملين صور العاروري، تجاه المقاطعة، للتعبير عن سخطهم من استمرار الاعتداءات على الصحفيين، نتيجة للعدوان الاسرائيلي، والفلتان الامني.

المشاركة الكثيفة، في التظاهرة والمسيرات، عبرت عن حجم التضامن مع العاروري، الذي حظي بشهادة زملائه باحترام الجميع، وتميز بمهنية واخلاقيات عالية كانت مدعاة فخر للصحفيين العاملين برفقته.

فاليافطات الاستنكارية وقعت باسماء عدة، عدد منها حمل توقيع اصدقاء وزملاء فادي العاروري، وحملها زملاء له كانوا معه في جامعة بيرزيت وبقوا معه في العمل الصحفي، وعدد اخر وقع باسم نقابة الصحفيين، بحضور نقيبها نعيم الطوباسي وحشد من اعضائها، فيما حملت اخرى توقيع جريدة الايام، التي شارك معظم موظفيها في التظاهرة تعبيرا عن تضامنهم وتقديرهم للعاروري.

الامطار الغزيرة التي هطلت على المنارة، لم تمنع هؤلاء من الاعتصام والتظاهر، بل زادتهم اصرارا على ايصال صوتهم الداعي الى ضرورة حماية الصحفيين، وتضامنهم مع فادي، وهذا ما أكده خلدون خطاب، الصحفي في جريدة الحياة، الذي قال "ان تبللنا بالماء لا يساوي شيئا امام تضحيات فادي الذي بللته دماؤه وهو يسعى لكشف حقيقة الاحتلال".

زملاء فادي، طارق زياد وربا مهداوي وعبير الهريمي ويزن طه، حملوا يافطة تقول " لن تطمسوا صوت الحقيقة، ولن تهزم رصاصاتكم اصرارنا على اكتشافها"، واكدوا جميعا على ان العاروري تميز بمهنيته العالية، حتى في الفترة التي كانوا فيها زملاءً في جامعة بيرزيت.

ومن بين المشاركين المتضامنين مع العاروري، شبل وزهرة، يبلغان العاشرة من العمر، هما ابنا عمه ديما وعدي، اللذان لم تمنعهما غزارة الامطار، من الامساك بقوة، بصورة لفادي، كتب عليها " فادي.... راجع".

وهمست ديما بلغتها الطفولية، " الله يشفيه" واضافت " الله يوخدهم" في اشارة لجنود الاحتلال الذين اصابوا ابن عمها، فلم يزد عدي على ما قالت، بل كرر كلماتها، وشفتاه ترتجفان من البرد والامطار التي لم ترغب في التوقف.

عم فادي، حسني العاروري، اتخذ لنفسه مكانا في التظاهرة، وامسك هو الاخر بصورة لابن اخيه بقوة، ومعالم الحزن التي كان يحاول اخفاءها، كانت واضحة على وجهه، وقال" حاول فادي، بـ "كاميراه" ان يكشف حقيقة الاحتلال التدميرية في رام الله، اطلقوا عليه الرصاص، لكن كاميرا فادي كانت اقوى من بندقيتهم، لانها استطاعت رصد جرافاتهم والياتهم، وهي تعيث فسادا في المنطقة، واستطاع فادي التقاط العديد من الصور قبل ان تصيبه رصاصاتهم الحاقدة".

واضاف " وصل فادي المستشفى وقلبه متوقف، ولولا ارادة الله، لحصل ما لم تحمد عقباه".

هذا ما أكده الدكتور ابراهيم عطية، الذي اشرف على العاروري لحظة وصوله مستشفى الشيخ زايد، قائلا " وصل فادي الى المستشفى وقلبه متوقف، وكان شبه ميت، وجدنا في جسده اصابتان، احداها فتت الكبد واستقرت في الكلية، وهو بحاجة الى عناية مكثفة، لذا نقلناه الى مستشفى "ايخلوف" داخل الخط الاخضر".

اصابات فادي سببها رصاصات اطلقت من قناص واقف في مجمع السيارات، وفق ما رواه الزميل عباس المومني، مصور وكالة الانباء الفرنسية الذي كان يقف بجانبه، مضيفا "انه يعتقد ان الرصاصات التي اصابت فادي هي رصاصة قناص تمركز داخل المجمع، وعندما حملته كان ينزف من كليته".

والد فادي رافقه الى مستشفى "ايخلوف" داخل الخط الاخضر، بينما بقيت والدته في البيت تتمنى عودته.

سألنا والدة فادي عما اذا كانت ستمنعه بعد شفائه من العودة الى مهنة المتاعب، فاجابت بنفي قاطع، قائلةً " ان ابني يحب هذه المهنة، ولن امنعه ابدا".

صوّر فادي العاروري اجتياح رام الله الذي اصيب خلاله، والتي لن يمنعها الاحتلال من ان تسجل باسمه، وحضور اصدقائه ومحبيه اللافت في التظاهرة والمسيرات، اثبت للاحتلال بان صوت الحقيقة في فلسطين لن يطمس، وان صحفييها اصحاب قضية يدافعون عنها.

وما اثبته اكثر هي ان كاميرا وصور فادي العاروري، انتصرت على رصاصات الاحتلال التي حاولت اغتياله في رام الله.


"فادي بلعين "سيعود إلى عارورة وبلعين

بلعين -عبدالله ابورحمة - منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والإستيطان

قليلا ما يبكي الرجال، وإذا ما بكوا يكون سبب ذلك أمرا جليلا ،لكني بكيت وبكيت وبكيت كثيرا من تلك اللحظة المشؤومة من مساء الخميس،لحظة ما شاهدت الخبر العاجل على التلفاز "اصابة المصور فادي العاروري "صدمت وذهلت ودون أن اتمالك نفسي ذرفت عيناي الدمع وبكيت .

بكيت عندما لم أجده في مسيرة الجمعة في قريتنا بلعين ،حيث تعودنا عليه يقفز هنا وهناك ليلتقط الصور الناطقة الحية المعبرة .بكيت عندما تحدثت مع والده في المستشفى ،حيث قال لي: "إن ما يحزننا هو أن فادي لم يذهب اليوم إلى بلعين كعادته" بكيت عندما قرأت صحيفة الأيام يوم السبت ولم أجد تقرير فادي وصوره عن مسيرتنا .بكيت عندما قرأت ما كتب حسن البطل وعبدالناصر النجار عن فادي .بكيت عندما ذهبت إلى غرفة الإرشيف في بيتي ونظرت إلى كومة الصحف التي صور وكتب فيها فادي عن بلعين .إني أبكي في كل لحظة أنظر فيها إلى الجدار .

لقد تحدثت معه قبل أن يصاب بقليل ،حيث عايدته ودعوته كي يأتي لتغطية مسيرة الجمعة ،وقلت له:إن هذه الجمعة سيكون الحدث قويا فيها .قال:"هذا عيب أنا لاأحتاج إلى دعوة ،سأحضر أنا وجميع زملائي"

عامان من النضال ضد الجدار في بلعين لا أذكر أني لم أر فيها فادي سوى مرات قليلة ،وحين يتغيب لظرف ما كان دائم الإتصال فينا لتغطية الخبر والإطمئنان علينا .لقد أصيب بالمطاط والغاز وقنابل الصوت وأحيانا بالحجارة ،إلا أنه كان مصرا على مواصلة مشواره بجرأة وثبات ، يتحدى هذا الجندي وذاك ،يقف متنمرا رافعا كاميراته وبطاقته الصحفية في وجه الضباط .وكان وسيطا بيننا وبين زملائه الجدد الذين يأتون إلى القرية ،حيث كنا نشك فيهم على أنهم مستعربون فيطمئننا.
فادي....إن شوارع بلعين وأزقتها ،وأشجار الزيتون وزرعها، وشمس بلعين وقمرها ،وشباب بلعين وشيوخها ،وأطفال الحجارة وزهراتها ،وحجارة بلعين ومقاليعها ،وتراب بلعين وماءها،وسماء بلعين وأرضها، وأصدقاء بلعين ومتضامنيها،مشتاقة إليك ،وتتمنى لك الشفاء العاجل ،إنها جميعا تعشقك وتصلي لله ليل نهار كي تعود إليها.وإنه لشرف لها أن يسمى حامي الحقيقة والمدافع عنها باسمها "فادي بلعين".