الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

عائلة ابو عيشة وصراع البقاء في مواجهة البؤرة الاستيطانية في قلب الخليل

نشر بتاريخ: 19/01/2007 ( آخر تحديث: 19/01/2007 الساعة: 19:37 )
بيت لحم- معا- استل محمد ابو عيشة ابن الثامنة والسبعين من جيبه ورقة مطوية عبارة عن صورة من احدى صفحات " كتاب الخليل " الذي صدر في سنوات السبعين ويحوي البوم من الصور الرائعة التي تجسد حياة اليهود في مدينة الخليل حتى عام 1929.

ولم تحل اللغة العبرية التي لا يجيدها محمد ابو عيشة دون حفظه محتويات هذه الصفحة التي اضطر الى ابرازها هذا الاسبوع اكثر من مرة بعد ان اشتهرت زوجته التي تصغره باكثر من عشرين عاما في فلم الصراع مع المستوطنة "يفعات" التي اسمعتها الكثير من السباب والشتائم.

وتتحدث وثيقة ابو عيشة السرية والهامة عن دور والده في حماية اليهود اثناء احداث 1929 التي قتل خلالها العديد من سكان الحي اليهودي وتظهر في اخر الصفحة صورة غير واضحة لشخصين يتعانقان احدهما والد محمد ابوعيشة والثاني هو يعقوب عزرا .

ويفتتح محمد ابو عيشة الذي يسكن مع زوجته وابنائه الثلاثة اضافة الى حفيدته رجائي ابو عيشة ابنه التاسعه عشرة التي صورت الفلم المشهور الذي اظهر جارتها المستوطنة يفعات وهي تكيل لها السباب والشتائم وولديه في الطابق الثاني من منزل يطل مباشرة على البؤرة الاستيطانية المسماة" تل ارميدة ", ذلك المنزل الذي حوله الى قفص بعد ان احاطه باسلاك كثيفة لحمايته من حجارة المستوطنين التي تحولت الى زائر ثقيل ودائم لنوافذه الزجاجية , برواية حول زيارة وزير الداخلية الاسرائيلي الاسبق ابراهم بورغ الذي طالب المستوطنين عام 1980 خلال زيارة بؤرتهم بعدم الاعتداء على عائلة ابو عيشة كونها انقذت حياة العديد من اليهود مضيفا بصوت المتحسر " لقد ذهب بورغ وتركنا مع باروخ مارزيل ".

يفعات الكوبي ورجائي ابو عيشة امرأتين ظهرتا في الفلم الذي وثق الواقعه التي حدثت بينهما الا ان الفلم لا يمكن فهمه كصراع او نزاع عادي يقع بين الجيران لكنه يلخص الواقع المرير الناتج عن وجود 400 مستوطن في قلب المدينة الفلسطينية وبيت ابو عيشه الذي يشبه القفص يمكنه ان يشكل رمزا لهذا الواقع القاسي .

نقطة مراقبة على سطح المنزل
...............................................

وشيد محمد ابو عيشة منزله ابان الحكم الاردني ومرت عليه السنوات العشر الاولى من عمر الاحتلال الاسرائيلي بهدوء ودون اشكاليات وحتى حين وصل اولائل المستوطنين عام 1982 كان باستطاعته العيش بسلام ودون مشاكل كون من قدم منهم كانوا من البالغين ويقول بان علاقات من حسن الجوار ربطته بهم في البداية حيث كان يقدم لهم السفرجل والعنب من الكرم الذي يملكه وتعامل المستوطنون معه بلطافه بداية الامر مضيفا بان هذا الواقع اخذ يالتغير خلال ثمانينيات القرن الماضي حيث ازداد عدد المستوطنين وصغر عمرهم .

وقال ابو عيشة " في البداية حضر الى هنا يهود بالغين يشبهون الذين عاشوا هنا عام 1929 والمشكلة بدأت حين ذهب البالغون وحل مكانهم اشخاص مثل باروخ بارزيل ونوعم فدرمان ".

وقالت ريما ابوعيشة التي تسكن مع زوجها في الطابق الاول من المنزل " حين اريد ارسال اولادي الى المدرسة في الصباح اصعد اولا الى سطح المنزل حتى التأكد من مغادرة السيارة التي تأخذ ابناء المستوطنين الى المدرسة وحينها اسمح لهم بالخروج لانهم اذا التقوا مع ابناء المستوطنين سينالون نصيبهم من الحجارة والبصاق وفي ساعات الظهر حيث تنتهي المدرسة اصعد الى السطح ثانية واراقب اولاد المستوطنين واذا لاحظت وجود تجمع لهم اتصل مع اختي التي يقع منزلها في طريق عودتهم من المردسة واطلب منها انتظارهم خارجا وابقاءهم في منزلها لحين زوال الخطر ".

حتى الكرة والدراجة الهوائية محظورة على ابناء ابو عيشة
...............................................................................

اما رجائي ابو عيشة فلها ما تضيفه على تراجيدية أل ابو عيشة حيث قالت لاحد محققي منظمة بتسيلم " اشترى والدي دراجة هوائية لاخي الصغير الا انه لايستطيع ركوبها خارج المنزل وتقوم والدتي بابعاد اثاث احدى غرف المنزل حتى يستطيع ركوب دراجته وحين ننظر لاولاد المستوطنين من شباك منزلنا وهم يلعبون الكرة ويركبون دراجاتهم الهوائية في شوارع المدينة تحت حراسة الجنود نشعر بالغيرة والحسد وحتى كرة القدم التي اشتراها والدي لاخي اشرف لم تنجو من تنكيل الجنود حيث حضر احدهم الى منزلنا , وقال بان الكرة تعود لاحد ابناء الحي الاستيطاني وانتزعها من اخي اشرف الذي لم تسعفه الدموع والبكاء , وتضيف قائلة" حتى بنادق البلاستيك لا نستطيع شراءها لانها محظورة علينا وفي الحقيقة لم ينج ايا من افراد العائلة من اعتداءات المستوطنين ".

واخرج والد رجائي كيسا من البلاستيك يحتوي صورا لاكثر من عشرين شكوى تقدمت بها العائلة ضد المستوطنين سجل في اغلبها ضمن خانة موضوع الشكوى كلمة " اعتداء " اضافة الى الشتائم والبصاق والتصرفات العنيفة .

واضاف والد رجائي " حين نتقدم بشكوى يطابلنا رجال الشرطة الاسرائيلية بتحديد اسم المستوطن ولون عينيه واوصافه وحين نفشل في الاجابة على هذه الاسئلة يرفضون التعامل مع الشكوى ".

تحقيق صحيفة هأرتس