الأحد: 19/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

وزير المالية: حل الدولتين في خطر والمطلوب ضخ مبالغ مالية كبيرة للسلطة

نشر بتاريخ: 24/09/2012 ( آخر تحديث: 24/09/2012 الساعة: 11:45 )
القدس- معا- قال وزير المالية د.نبيل قسيس ان عدم اتخاذ اجراءات دولية موحدة لتنفيذ أحكام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية يهدد حل الدولتين.

وشارك الوفد الفلسطيني برئاسة وزير المالية، د. نبيل قسيس، ووزير التخطيط، محمد ابو رمضان، في اجتماع رفيع المستوى للجنة الاتصال المؤقتة للمانحين في نيويورك هذا الأحد.

وقدم الوفد خلال الاجتماع تقرير السلطة الوطنية الفلسطينية بعنوان "تجاوز الوضع الراهن: حماية حل الدولتين". حيث يعرض التقرير الرؤية الفلسطينية فيما يتعلق بالحاجة إلى استعادة الحقوق في ما يسمى بالمناطق "ج" في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وتطوير هذه المناطق التي تشكل أكثر من 60% من الأراضي الفلسطينية، وتعد موطناً للموارد الطبيعية الحيوية.

وقال د. قسيس "إن تطوير المناطق المصنفة "ج" مهم جداً ليس فقط لكون هذه المنطقة مهمة لقيام وديمومة الدولة الفلسطينية، بل لأن هذه المناطق هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، ولا يمكن استثنائها من أي جهود للتنمية" مؤكداً أن أولويات السلطة الوطنية الفلسطينية تكمن في الجوانب التي تؤثر على الحياة وسبل العيش، ولاسيما الصحة والتعليم والعمل والمياه والكهرباء والزراعة بالإضافة إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص.

وأكد د. قسيس في كلمته على أن مساحة كبيرة من الأرض الفلسطينية يجري تفريغها من السكان الفلسطينيين من أجل توفير مساحة لمزيد من المستوطنات الإسرائيلية، مشيراً إلى تجزئة الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال التوسع الاستيطاني غير القانوني، وأعمال البنية التحتية بما فيها الجدار واستمرار السياسة الإسرائيلية لهدم المنازل الفلسطينية، وآبار المياه وقلع الأشجار المثمرة، ومصادرة الأراضي والإخلاء القسري للفلسطينيين من المنطقة "ج" والقدس الشرقية المحتلة.

وحذر وزير المالية من أن سياسة التصاريح الإسرائيلية تعمل على خنق الاقتصاد وزعزعة استقرار حل الدولتين. كما وناقش الأزمة المالية الحالية التي تواجه السلطة الفلسطينية مؤكداً على أن هذه الأزمة تهدد استدامة مؤسسات السلطة الفلسطينية وسلامة النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وسلامة المجتمع والشعور بالأمان، مضيفاً "لا شك بانه إذا سمح باستمرار الوضع الراهن سيكون لذلك عواقب وخيمة على المشروع الدولي للسلام في الشرق الأوسط".

وقال قسيس " لقد حاولنا الاقتراب من الوصول إلى الاعتماد على الذات في تغطية الميزانية، لكن لم ولن يكون هذا الهدف ممكن التحقيق طالما أن منظومة الاحتلال وتدابيره المقيدة ما تزال قائمة".

وأضاف، "حاولت السلطة تضييق العجز في ميزانيتها عن طريق خفض النفقات الجارية، وتنفيذ تدابير لزيادة الإيرادات، بالإضافة لدعم نشاط القطاع الخاص وقد لاقت هذه التدابير دعماً خاصة من البنوك المحلية والجهات المانحة".

وقال قسيس" إن الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة المالية هي مواصلة الحصول على الدعم المالي من الجهات المانحة، إلى جانب جهود السلطة الوطنية الفلسطينية المتواصلة ويزيد من فعاليتها خطوات عملية تعزيز العمل لإزالة الاحتلال الإسرائيلي".

وأكد الوزير أنه وعلى الرغم من هذه الأزمة فإن الاعتراف الدولي بجاهزية المؤسسات الفلسطينية الذي ورد في عديد من التقارير والتصريحات من الأطراف التي تتابع شؤون السلطة الوطنية الفلسطينية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ما يزال دقيقاً. وحذر قائلا " للأسف، فإن الاستنتاجات بخصوص معوقات نشاط القطاع الخاص، والتنمية الاقتصادية الفلسطينية هي أيضاً صحيحة بنفس المقدار. إن القيود الإسرائيلية التي تمنع حرية التنقل والوصول إلى جميع الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، ما تزال تمنع الفلسطينيين من إدراك إمكانياتهم التنموية الكاملة".

وقال الوزير إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة هو أمر حاسم لضمان السلام والاستقرار. وختم قائلاً " بدون اتخاذ اجراءات دولية موحدة لتنفيذ أحكام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، سنواجه انهيارا كاملا لحل الدولتين".

وقال وزير الخارجية النرويجي اسبن بارث إيدي، الذي يرأس مجموعة دعم المانحين، ان الوضع الاقتصادي الفلسطيني "هو سيء ويزداد سوءا."

وحضر الاجتماع المؤسسات المالية العالمية وممثلين عن الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا واللجنة الرباعية، ونائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون.

نص كلمة وزير المالية د.نبيل قسيس أمام لجنة الاتصال المؤقتة (AHLC)

بعد خمسة وأربعين عاماً من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة – أراضي الدولة الفلسطينية - هناك واقع جديد يقوم على الأرض. هذا الواقع وهو من صنع الإنسان يدمر فرص حل الدولتين التي يعترف المجتمع الدولي ،أنه الأساس العملي الوحيد لتسوية سلمية عادلة دائمة وشاملة في الشرق الأوسط. حيث يؤدي استمرار توسع المستوطنات والبنية التحتية المرافقة لها، بالإضافة إلى بناء جدار الفصل على الأرض الفلسطينية، والطرق الخاصة بالمستوطنين، ومناطق إطلاق النار الخاصة بجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى المناطق المعزولة بين الجدار والخط الأخضر، فضلا عن استمرار سياسة إسرائيل في هدم المنازل، وآبار المياه واقتلاع الأشجار المثمرة، ومصادرة الأراضي والطرد القسري للفلسطينيين من المناطق المصنفة "ج" والقدس الشرقية المحتلة، كل ذلك يؤدي إلى حصر السكان الفلسطينيين في أجزاء صغيرة من الضفة الغربية وهي ما تسمى بالمنطقة "ا" والمنطقة "ب".

في المقابل، أُفرغ الجزء الأعظم من الأرض الفلسطينية من سكانها بشكل تدريجي لتوفير مساحة للمزيد من الاستعمار الإسرائيلي. وعلاوة على ذلك فإن استمرار إسرائيل في تنفيذ سياسة التصاريح التي تمنع الفلسطينيين من أي نشاط باستثناء ما يسمح به بشكل واضح، يخنق الاقتصاد ويزعزع استقرار بذرة حل الدولتين.

في الواقع، فإن أثر السياسات الإسرائيلية المقيدة كان كبيرا لدرجة دفعت بالعديد من الخبراء للتشكيك في إمكانية تطبيق حل للدولتين. من جهتها فإن السلطة الفلسطينية التي أُسست لتكون بذرة الدولة الفلسطينية المستقلة الديمقراطية وذات السيادة، وبالتالي حجر الزاوية لحل الدولتين والتسوية السلمية، تكافح الآن من أجل الحفاظ على كيانها الاقتصادي. وقد أدى هذا الوضع إلى أزمة مالية ذات عواقب بعيدة المدى تطال وجود السلطة الفلسطينية على كافة الأصعدة، ما يهدد استدامة مؤسساتها وسلامة نسيجها الاجتماعي وسلامة المجتمع والشعور بالأمان. وبلا شك، إذا سُمح للوضع الراهن بالاستمرار فيسكون هناك عواقب وخيمة على الجهد المُستثمر دولياً في صنع السلام في الشرق الأوسط.

ففي الوقت الذي عملت فيه السلطة الوطنية الفلسطينية على تمهيد الطريق للحصول على الاعتراف الكامل بالدولة، تلقت السلطة دعماً غير محدود من المجتمع الدولي لبناء مؤسسات قوية تدعم الدولة الفلسطينية. وقد سجلت السلطة نجاحاً في هذا المسعى على الرغم من أن هدفها في الحصول على الاعتراف بها عضو كاملاً في الأسرة الدولية لم يتحقق بعد. وقد اعترفت الأطراف التي تتابع عن كثب التطورات الحاصلة في السلطة الوطنية الفلسطينية بالاستعداد المؤسساتي للدولة على نطاق واسع بما في ذلك الأمم المتحدة(UN) ، والبنك الدولي(IBRD)، وصندوق النقد الدولي(IMF).

وقد تضمنت العديد من التصريحات التي صدرت في اجتماعات لجنة الاتصال المؤقتة للمانحين AHLC اعترافاً بالجاهزية الفلسطينية لإقامة الدولة. من هنا، نؤكد أن الاستنتاج الذي مفاده بأن الفلسطينيين جاهزون للدولة ما يزال دقيقاً. لكن وللأسف، فإن الاستنتاجات بخصوص معوقات نشاط القطاع الخاص، والتنمية الاقتصادية الفلسطينية هي أيضاً صحيحة بنفس المقدار. إن القيود الإسرائيلية التي تمنع حرية التنقل والوصول إلى جميع الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، لا تقل ما تزال تمنع الفلسطينيين من إدراك إمكانياتهم التنموية الكاملة.

ومن الأمثلة على ذلك، القيود المفروضة على تطوير المناطق الفلسطينية التي بقيت تحت السيطرة الإسرائيلية منذ حرب عام 1967، وبالتحديد ما يسمى بمناطق "ج" والقدس الشرقية. فمفهومنا للتنمية تشمل كامل الأرض الفلسطينية بما يشمل حقوقنا في المياه والموارد الطبيعية. وتطوير المناطق المصنفة "ج" ضروري جداً ليس فقط لأهمية هذه المنطقة من أجل ديمومة الدولة الفلسطينية، بل لأنها في الأساس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية ولا يمكن استبعادها من أي جهد مبذول في عملية التنمية.

نحن ندعو المجتمع الدولي لدعم جهودنا في هذا الصدد. وأولوياتنا تكمن الجوانب التي تؤثر على الحياة وسبل العيش، ولاسيما الصحة والتعليم والعمل والمياه والكهرباء والزراعة. فتح فرص الاستثمار للقطاع الخاص لا سيما في المناطق المصنفة "ج" هي أيضاً من أولوياتنا.

وبالانتقال إلى الأزمة المالية الحالية فإنه ليس سراً أن سد العجز في الموازنة الجارية للسلطة الفلسطينية لا يزال يعتمد اعتماداً كبيراً على المساعدات الدولية دون إغفال الحاجة للمساعدات في عملية التنمية. ولقد حاولنا الاقتراب قدر الإمكان من الاعتماد على الذات في تغطية الميزانية الجارية ، لكن لم ولن يكون هذا الهدف ممكن التحقيق طالما أن منظومة الاحتلال وتدابيره المقيدة ما تزال قائمة. ومما يزيد الوضع تعقيداً حقيقة أن السلطة الفلسطينية محرومة من العائدات التي ينبغي أن تعود إلى خزينتها من الضرائب والأنشطة الاقتصادية والإيرادات غير الضريبية التي يتم جمعها في قطاع غزة.

تأتي هذه الأزمة المالية الحالية فيما تتواصل الجهود لتنفيذ إصلاحات واسعة على مستوى المؤسسات والإدارة المالية، يقابلها تأخير في تنفيذ التعهدات التمويلية من قبل المانحين، إلى جانب الزيادة في العجز المالي في ميزانية السلطة لعام 2012. وقد حاولت السلطة تقليص العجز في ميزانيتها عن طريق خفض النفقات الجارية، وتنفيذ تدابير لزيادة الإيرادات، ودعم نشاط القطاع الخاص.

وقد حظيت جميع هذه الجهود بدعم الجهات المانحة والبنوك المحلية. ومع ذلك، فإن معظم التدابير بما فيها تلك المتعلقة بتنظيم الترتيبات الخاصة بحركة البضائع، وتخليص عائدات الضرائب بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، ستأخذ وقتاً طويلاً لتصبح فعالة تماماً وتأتي بالنتائج المرجوة. في الأثناء، فإن الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة المالية هي مواصلة الدعم المالي من الجهات المانحة، إلى جانب جهود السلطة الوطنية الفلسطينية المتواصلة ويزيد من فعاليتها خطوات عملية تعزيز العمل لإزالة الاحتلال الإسرائيلي.

لا ينبغي التخلي عن الاستثمار في السلام أو السماح له أن يتبدد. لذلك ندعو جميع شركائنا الدوليين في التنمية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة للحفاظ على مستقبل دولة فلسطين الحرة ذات السيادة. فبدون اتخاذ إجراءات دولية موحدة لفرض أحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، سنواجه احتمالات انهيار حل الدولتين بشكل تام وهذا لن يكون في مصلحة السلام.