الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نص مقدمة تقارير وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في العالم للعام 2006

نشر بتاريخ: 08/03/2007 ( آخر تحديث: 08/03/2007 الساعة: 16:40 )
معا- أصدرت وزارة الخارجية الامريكية تقارير حقوق الإنسان للعام 2006, وتصف هذه التقارير أداء الدول في مجال وضعها التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان موضع التطبيق. وتشكل هذه الحقوق الأساسية، المجسدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة، ما يصفه الرئيس بوش بأنه "متطلبات الكرامة الإنسانية غير القابلة للتفاوض حولها." وكما قالت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، لا يمكن إنجاز الوعد الذي بشر به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالكامل بين عشية وضحاها، إلا أن ذلك مهمة ملحة لا يمكن تأجيلها.

ويدعو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "جميع أفراد المجتمع وهيئاته...إلى تشجيع احترام هذه الحقوق والحريات، والعمل على أن يكفلوا، بإجراءات تقدمية، الوطنية منها والدولية، الاعتراف العالمي والفعال بها ومراعاتها ... ."

وتأخذ الولايات المتحدة التزاماتها بشأن حقوق الإنسان بجدية. وندرك أننا نضع هذا التقرير في وقت أُثيرت فيه تساؤلات حول سجلنا وحول إجراءات اتخذناها للرد على الهجمات الإرهابية التي تعرضنا لها. وسوف تواصل الولايات المتحدة الاستجابة بصراحة لهواجس الآخرين المخلصة، بما في ذلك من خلال التقارير التي نرفعها بصورة دورية وفقاً لالتزاماتنا بموجب اتفاقات حقوق الإنسان الكثيرة التي نحن طرف فيها. كما أننا ملتزمون بالتحسين المطرد. وقد تطورت القوانين والسياسات والممارسات الأميركية التي تحكم احتجاز ومعاملة ومحاكمة المشتبه بكونهم إرهابيين كثيراً خلال الأعوام الخمسة الماضية. وفي حين أن نظام حكمنا الديمقراطي ليس معصوماً عن الخطأ، إلا أنه خاضع للمساءلة والمحاسبة- فمجتمعنا المدني النشط ووسائل إعلامنا الحرة النابضة بالنشاط وفروع حكومتنا المستقلة وسيادة القانون المترسخة جداً تعمل جميعاً كآليات تصحيحية.

وتشكل التقارير التالية الخاصة بممارسات حقوق الإنسان في الدول المختلفة والتي فرض الكونغرس وضعها عنصراً أساسياً في جهود الولايات المتحدة الرامية إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم. وما فتئت هذه التقارير تستخدم، منذ ثلاثة عقود، على نطاق واسع هنا وفي الخارج كوثيقة مرجعية لتقويم التقدم الذي تم تحقيقه والتحديات المتبقية. كما أنها شكلت أساساً للعمل التعاوني بين الحكومات والمنظمات والأفراد الساعين إلى وضع حد للانتهاكات وتعزيز قدرة الدول على حماية حقوق الجميع الأساسية.

وتتفحص التقارير أداء كل دولة في عام 2006. ويصور كل تقرير أوضاع حقوق الإنسان في البلد الذي يتناوله. إلا أنه يمكن، رغم ذلك، تبيّن بعض الأنماط العامة المذكورة أدناه، والمدعومة بأمثلة محددة من البلدان المختلفة. والأمثلة التي نشير إليها هي أمثلة نوردها على سبيل المثال لا الحصر.

اتجاهات تبعث على الأمل، ولكن حقائق تدعو للتيقظ

واصل الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم في عام 2006، كما تظهر معاينة هذه التقارير، الضغط في سبيل تحقيق احترام حقوقهم واستجابة حكوماتهم، وفي سبيل تحقيق الإصغاء إلى آرائهم وإعطاء وزن لأصواتهم في الانتخابات، وفي سبيل قوانين منصفة وعدالة للجميع. كما كان هناك إدراك متزايد لكون الديمقراطية نظام الحكم الذي يستطيع تلبية مطالب المواطنين المتعلقة بالكرامة والحرية والمساواة على أفضل نحو. وهذه اتجاهات تبعث على الأمل حقاً، ولكن التقارير تعكس أيضاً حقائق واقعية تدعو للتيقظ:

أولاً، لقد كان إحراز التقدم في حقوق الإنسان والديمقراطية شاقاً جداً وتصعب المحافظة عليه. وفي حين أحرزت بعض الدول تقدماً هاماً تخلف البعض الآخر وتراجعت دول أخرى إلى الوراء.

وكما تظهر مجموعة الأمثلة التالية، كان هناك تباين كبير بين أداء الدول، وتوقف ذلك على عوامل مختلفة كدرجة الالتزام الحكومي، والقدرات المؤسساتية، ومدى استفحال الفساد، وقوة المجتمع المدني.

في كانون الثاني/يناير 2006، حلت حكومة حزب الوحدة الليبيرية المنتخبة ديمقراطياً، والتي ترأسها إلين جونسون-سيرليف، محل حكومة ليبيريا الانتقالية الوطنية، التي خدمت كحكومة مؤقتة منذ انتهاء الحرب الأهلية المدمرة التي استمرت 14 عاماً في عام 2003. واتخذت الحكومة خطوات مهمة لتصحيح القصور السابق في حقوق الإنسان، بينها العمل مع شركاء دوليين لإعادة تأهيل القطاع القضائي في البلد وإقامة مكتب محام عام في العاصمة. وقامت الرئيسة إما بطرد عدد من الموظفين الحكوميين الفاسدين من مناصبهم أو فصلهم مؤقتا. وبدأت لجنة الحقيقة والمصالحة، التي تم تشكيلها في عام 2005 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية، الاستماع إلى إفادات الشهود. ورغم هذا التقدم، استمرت ليبيريا في مواجهة تحديات خطيرة في مجال حقوق الإنسان، بينها نظام قضائي ما زال ضعيفاً وفساد الموظفين الحكوميين مع إفلاتهم من العقاب والعنف القائم على أساس الجنس والفقر المدقع الذي أدى إلى عمالة الأطفال.

واستمر التقلص الكبير في عمليات القتل على يد القوات المسلحة وقوات الشرطة في المناطق الحساسة سياسياً في إندونيسيا خلال العام. وتم إجراء 54 عملية انتخابات، كانت عموماً حرة ونزيهة، على صعيد الأقاليم والمقاطعات والدوائر والبلديات، كان أكثرها لفتاً للانتباه في كانون الأول/ديسمبر في إقليم آتشه، حيث فاز أحد قادة المتمردين الميدانيين السابقين بمنصب الحاكم. ورغم أن العنف الديني بين الجاليات السكانية المختلفة خمد بشكل عام، إلا أنه استمر رغم ذلك في بعض المناطق. ولم تتمكن الحكومة والمحاكم من مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع التي ارتكبت في السابق في إندونيسيا وتيمور الشرقية أيضا.

أظهر سجل المغرب في مجال حقوق الإنسان تقدماً ملحوظاً رغم بقاء بعض المشاكل. فقد بدأت الحكومة معالجة أمر انتهاكات حقوق الإنسان السابقة من خلال دفع التعويضات عن طريق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في حالات محددة من الاعتقال والاختفاء وإساءة المعاملة خلال الفترة الممتدة من عام 1956 حتى عام 1999. وسنت الحكومة في آذار/مارس قانوناً يحظر التعذيب، رغم استمرار ورود تقارير عن قيام أجهزة مختلفة في قوات الأمن بممارسة التعذيب. وكان هناك نقاش موسع وحر كان علنياً في معظمه وفي الصحف، رغم استمرار القيود المفروضة على حرية الصحافة والكلام. وقد فرضت الحكومة خلال العام عقوبات على بعض الصحفيين الذين انتهكوا القيود المفروضة على حرية الكلام ومارس الكثير من الصحفيين الرقابة الذاتية. وظل الاتجار بالبشر، وخاصة بهدف الاستغلال الجنسي وعمالة الأحداث، قضيتين تثيران القلق؛ ولكن الحكومة والمجتمع المدني نشطا بشكل متزايد في مواجهتهما.

أجرت جمهورية الكونغو الديمقراطية أول انتخابات ديمقراطية رئاسية وبرلمانية منذ أكثر من 45 سنة، واضعة بذلك حداً لمرحلة انتقالية لما بعد الحرب استمرت ثلاث سنوات. وأصبح الدستور الجديد ساري المفعول. ولكن سجل حقوق الإنسان ظل رديئاً. فعلاوة على النزاع الذي ظل يجيش في الشرق، حيث ظلت سيطرة الحكومة ضعيفة وواصلت المجموعات المسلحة ارتكاب مخالفات خطيرة، ارتكبت قوات الأمن الحكومية هي أيضاً انتهاكات خطيرة دون التعرض لأي عقاب في جميع أنحاء البلد.

في هاييتي، أثبت المواطنون التزامهم بالديمقراطية بالتصويت في ثلاثة انتخابات في عام 2006، وقد تسجل أكثر من 3,5 مليون مواطن للاقتراع، وكانت المشاركة مثيرة للإعجاب إذ قُدرت نسبة عدد الذين صوتوا في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في شباط/فبراير بأكثر من 70 بالمئة من الناخبين المسجلين. وبعد عملية انتخابات مستقرة وخالية من العنف نسبياً اختار الشعب الرئيس رينيه بريفال ومشرعين لملء 129 مقعداً في البرلمان. وفي شهر كانون الأول/ديسمبر، أجرت هاييتي أول انتخابات بلدية تجريها منذ أكثر من عقد. إلا أنه ما زال هناك الكثير الذي ينبغي القيام به لإعادة سيادة القانون بشكل تام، بما في ذلك إصلاح النظام القضائي العاجز عن تأدية وظيفته ومواصلة إعادة تدريب عناصر الشرطة الوطنية وتقويم أدائهم.

في أوكرانيا، استمر تحقيق تقدم ملحوظ في الأداء في مجال حقوق الإنسان في الفترة التالية للثورة البرتقالية. وكانت انتخابات آذار/مارس 2006 العامة أكثر الانتخابات التي شهدتها البلاد حرية منذ إحرازها الاستقلال قبل 15 سنة. وواصل البلد تحقيق تحسينات في مجالات حرية الصحافة وحرية المشاركة في الاجتماعات والجمعيات السلمية وتنمية المجتمع المدني. ورغم هذه المكاسب، ظل هناك عدد من المشاكل الجدية، بينها الفساد المستشري في جميع فروع الحكومة.

رغم أن سجل حقوق الإنسان في كيركيزستان تحسن إلى حد كبير في أعقاب التحول إلى قيادة منتخبة بشكل ديمقراطي في عام 2005، وتتويج أسبوع من الاحتجاجات الشعبية ولكن السلمية في عام 2006 بتبن سريع لدستور معدل يوفر احتمال وجود الضوابط والتوازن الحقيقيين، إلا أن البرلمان أصدر في كانون الأول/ديسمبر، دستوراً آخر ألغى الكثير من عناصر الضوابط والتوازن الأساسية. كما قامت الحكومة بمضايقة المنظمات غير الحكومية الممولة من قبل جهات أجنبية.

ظل سجل باكستان في مجال حقوق الإنسان رديئاً رغم التزام الرئيس (برفيز) مشرف المعلن بعملية انتقال ديمقراطية و"اعتدال مستنير". وظلت القيود مفروضة على حرية التنقل والتعبير والاجتماع والتجمع والحرية الدينية. واستمر اختفاء الناشطين والمعارضين السياسيين في الأقاليم المختلفة، خاصة في الأقاليم التي تشهد اضطرابات داخلية وعمليات تمرد. وواصلت قوات الأمن ارتكابها عمليات القتل الخارجة عن نطاق القضاء. وظل الاعتقال التعسفي والتعذيب شائعين. وكان الفساد متفشياً بين العاملين في الحكومة وقوات الشرطة. ومن الناحية الإيجابية، أصدرت الجمعية الوطنية (المجلس التشريعي) في كانون الأول/ديسمبر قانون حماية المرأة ووقعه الرئيس مشرف، مما شكل أول مرة تنجح فيها حكومة باكستانية خلال ثلاثة عقود في إلغاء قوانين تضر بحقوق المرأة. ويعدل القانون الجديد بند الاغتصاب والزنى في "قانون الحدود" لعام 1979 من خلال نقل قوانين الاغتصاب التي كانت ضمن قوانين الشريعة الإسلامية وإدراجها ضمن قانون العقوبات العلماني الباكستاني. كما يلغي القانون الجديد بندا يفرض على ضحايا الاغتصاب تقديم أربعة شهود ذكور على اغتصابهن لمحاكمة المتهم بالاغتصاب.

رغم أن مصر أجرت في عام 2005 أول انتخابات رئاسية تشارك فيها أحزاب متعددة عبر تاريخها، إلا أن الدعوات الشعبية في عام 2006 إلى مزيد من الديمقراطية والمساءلة والمحاسبة كانت تقابل في بعض الأحيان برد حكومي قوي. وقد أثار استمرار سجن المرشح الرئاسي السابق أيمن نور قلقاً جدياً بشأن مسار الإصلاح السياسي والديمقراطية في البلد. وقامت الحكومة، مواصلة توجهاً بدأ في عام 2005، باعتقال واحتجاز المئات من الناشطين المرتبطين بتنظيم الإخوان المسلمين الممنوع وإن كان يتم التغاضي عنه، وذلك لفترة تستمر عادة عدة أسابيع. وتم جلب واستجواب قاضيين في شباط/فبراير لكونهما دعيا علناً إلى سلطة قضائية مستقلة. وقامت الشرطة المصرية باعتقال واحتجاز 500 ناشط لمشاركتهم في تظاهرات تأييداً لاستقلال القضاء. وبالإضافة إلى ذلك، تم توثيق حالات تعذيب شديد مارسته السلطات. كما اعتقلت الحكومة واحتجزت وأساءت معاملة عدد من أصحاب المدونات على الإنترنت (البلوغرز).

في كازخستان، حدت الحكومة من نشاطات المعارضة السياسية من خلال فرض متطلبات تسجيل شاقة وعرقلة تسجيل الأحزاب السياسية أو منعه. وأدى دمج الأحزاب المؤيدة للحكومة إلى تعزيز وضع زمام القيادة الثابتة في يد حزب أوتان الذي ينتمي إليه الرئيس (نور سلطان) نزارباييف، وترك حيزاً سياسياً أضيق للإعراب عن الآراء البديلة والدعوة إلى الإصلاح. وعمدت الحكومة إلى مضايقة المعارضة السياسية من خلال تهم ذات دوافع سياسية ومن خلال قيود على حرية الاجتماع والمشاركة في التجمع السلمي، وسنت قوانين تحد من حرية الصحافة وقامت بمضايقة المنظمات غير الحكومية بشكل متكرر.

شهدت روسيا مواصلة تركيز السلطة في الفرع التنفيذي، بما في ذلك تعديلات على قوانين الانتخابات وتشريعات جديدة تتعلق بالأحزاب السياسية تمنح الحكومة سلطات واسعة في مجالات وضع قوانين تنظم الأحزاب السياسية والتحقيق في الأحزاب وتقييد نشاطاتها وحتى حظرها. وأدت هذه التوجهات، متضافرة مع مجلس الدوما (البرلمان الروسي) المطواع والفساد والانتقائية في تطبيق القوانين والضغط السياسي على القضاة والقيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، إلى مزيد من تقلص خضوع الحكومة للمساءلة والمحاسبة. واستمرت الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الشيشان ومناطق أخرى في القوقاز الشمالية، بما في ذلك ممارسة قوات الأمن الاتحادية وقوات أمن جمهورية الشيشان للقتل غير المشروع وإساءة معاملة المدنيين. وارتكب المقاتلون الثوار عمليات تفجير قنابل إرهابية وكانوا مسؤولين عن عمليات اختفاء ذات دوافع سياسية في المنطقة. وفي دعاوى متزايدة العدد، حملت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية روسيا مسؤولية هذه الانتهاكات.

في فنزويلا، واصلت حكومة (هوغو) تشافيز تعزيز تركيز السلطات في يد الفرع التنفيذي. وواصلت الحكومة مضايقاتها المتكررة للمعارضة والمنظمات غير الحكومية بهدف إضعاف استقلال القضاء. واعتبر المراقبون الدوليون انتخابات كانون الأول/ديسمبر الرئاسية التي فاز فيها الرئيس تشافيز بفترة رئاسية ثانية بأغلبية 63 بالمئة من الأصوات حرة ونزيهة بشكل عام. وطلب الرئيس تشافيز، في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة توليه الرئاسة لفترة ثانية، من البرلمان الذي يسيطر حزبه فيه على نسبة 100 بالمئة من المقاعد، منحه سلطة الحكم من خلال مراسيم تنفيذية.

في فيجي وتايلند، أطاح العسكر بالحكومات المنتخبة بطريقة ديمقراطية.

وهناك حقيقة ثانية تدعو للتيقظ وهي أن انعدام الأمن نتيجة النزاعات المسلحة داخل حدود البلد الواحد/أو عبر الحدود يمكنها أن تهدد أو تعيق التقدم في حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي.

رغم التزام الحكومة العراقية المستمر بتشجيع المصالحة الوطنية وإعادة التعمير، والمضي في طريق الانتخابات، وإقامة سيادة القانون، شكل العنف الطائفي المتزايد عمقاً والعمليات الإرهابية على السواء تهديداً خطيراً بتقويض حقوق الإنسان والتقدم الديمقراطي في عام 2006. وفي حين أن الدستور العراقي والقوانين العراقية يوفران إطاراً متيناً لصيانة حقوق الإنسان، إلا أن حقوق الإنسان تعرضت لهجمات شنتها جماعات مسلحة تنتمي إلى جهتين مختلفتين: أولئك الذين أعلنوا عداءهم للحكومة- أي إرهابيو القاعدة وفلول نظام البعث الرافضة للمصالحة والمتمردون الذين يشنون حرب عصابات؛ وعناصر المليشيات الشيعية وقوات الأمن التابعة لوزارات مختلفة، والمتحالفة اسمياًً مع الحكومة، التي مارست التعذيب ومخالفات أخرى.

رغم أن أفغانستان حققت تقدماً مهماً في مجال حقوق الإنسان منذ الإطاحة بحكومة حركة طالبان في عام 2001، إلا أن سجلها في مجال حقوق الإنسان ظل رديئا. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى ضعف المؤسسات المركزية والتمرد الفتاك: ضاعفت القاعدة وطالبان وغيرهما من المجموعات المتطرفة من هجماتها على المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن والمنظمات غير الحكومية والعاملين الآخرين في مجال الإغاثة والمدنيين غير المسلحين؛ وارتفع عدد التفجيرات الانتحارية بشكل دراماتيكي خلال العام، كما ارتفع عدد عمليات مهاجمة المدارس والمعلمين. واستمر ورود التقارير عن وقوع عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية، وعمليات قتل خارج نطاق القانون وتعذيب وتحدثت التقارير أيضاً عن أوضاع رديئة في السجون. وأطلق الرئيس كرزاي في كانون الأول/ديسمبر خطة العمل الخاصة بالعدالة الانتقالية بهدف معالجة الانتهاكات الماضية لحقوق الإنسان وتحسين قدرات نظام القضاء المؤسساتية.

تعرقلت خطوات لبنان المهمة نحو الإصلاح في أعقاب اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في عام 2005 وما تبع ذلك من انسحاب القوات السورية بعد حوالى ثلاثة عقود من الاحتلال، وذلك بعد الاشتباكات المسلحة بين حزب الله وإسرائيل في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2006. وكانت الحكومة اللبنانية قد شرعت، قبل النزاع المسلح، في إزالة الكثير من العراقيل التي كانت تقف حاجزاً في وجه التجمعات والجمعيات والأحزاب السياسية. وفي أعقاب دخول عناصر من حزب الله إسرائيل من الأراضي اللبنانية واختطاف عدة جنود إسرائيليين، ردت القوات الإسرائيلية باجتياح الأراضي اللبنانية. وانتهى القتال بوقف للأعمال العدائية برعاية الأمم المتحدة. ورغم وقف الأعمال العدائية ونشر القوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في الجنوب، احتفظت المليشيات اللبنانية وحزب الله بنفوذ لا يستهان به في بعض أنحاء البلاد.

في تيمور الشرقية، أدت اشتباكات فتاكة بين قوات الدفاع القومي ومجموعة متباينة من الجنود المنشقين وعناصر من الشرطة وقوات مدنية إلى أعمال عنف واسعة النطاق ارتكبها الغوغاء والعصابات في العاصمة. وبناء على طلب من الحكومة، تولت قوات من أستراليا ونيوزيلندا وماليزيا والبرتغال مسؤولية الأمن في العاصمة. وفي 25 آب/أغسطس، تولت قوات الأمم المتحدة الموحدة لتيمور الشرقية مسؤوليات المحافظة على النظام وضبط الأمن. وقد أسفر هذا النزاع الداخلي عن تهجير حوالى 150 ألف نسمة، أي أكثر من 15 بالمئة من سكان البلد.

ثالثاً، رغم المكاسب التي حققتها حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية في كل منطقة من مناطق العالم، ما زال الكثير من البشر يعيشون في خوف وإن كانوا يحلمون بالحرية.

ظلت الدول التي تتركز فيها السلطة في يد حكام لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة، سواء كانوا من الفاشيين أو التوتاليتاريين، أكثر دول العالم ممارسة للانتهاك النظامي لحقوق الإنسان.

ظلت كوريا الشمالية في عام 2006 أحد أكثر أنظمة العالم عزلة وقمعا. ويسيطر النظام على جميع أوجه حياة المواطنين تقريباً، حارماً إياهم من حرية الكلام والصحافة والتجمع والمشاركة في الاجتماعات والتجمعات السلمية ومقيداً لحرية التنقل وحقوق العمال. وفي حين ينص الدستور على "حرية العقيدة الدينية،" إلا أنه لا وجود للحرية الدينية الحقيقية. وقد تم احتجاز ما يقدر بما بين 150 ألف شخص و200 ألف شخص، بينهم سجناء سياسيون في معسكرات احتجاز، ومات الكثير من السجناء نتيجة التعذيب والتجويع والمرض والتعرض للعوامل الجوية.

استخدمت الحكومة العسكرية في بورما، على نطاق واسع، الإعدام والاغتصاب والتعذيب والسجن التعسفي وإجبار سكان مدن بأكملها على تغيير مكان إقامتهم، خاصة قرى الأقليات الإثنية للاحتفاظ بزمام السلطة في يدها. وتعرض السجناء والمحتجزون لسوء المعاملة واحتجزوا في ظروف قاسية تهدد الحياة. واستمرت عمليات مراقبة ومضايقة وسجن الناشطين السياسيين؛ وظلت زعيمة المعارضة الحائزة على جائزة نوبل، أونغ سان سو كي، رهن الإقامة الجبرية في منزلها ممنوعة من الاتصال بأي شخص، في حين استمرت معاناة أكثر من 1,100 سجين سياسي في سجونهم. وظلت ممارسة استخدام العمالة القسرية والاتجار بالبشر وتجنيد الجنود الأطفال والتمييز على أساس الدين منتشرة على نطاق واسع. وعاودت الحكومة عقد المؤتمر الوطني الصوري، بعد أن قامت بانتقاء المندوبين وحظر النقاش الحر. وكان الغرض من المؤتمر، الذي وُصف بأنه "خريطة طريق للديمقراطية"، إلغاء نتائج انتخابات عام 1990 وتبني دستور جديد مؤيد للنظام. كما أسفر الحكم السيء القاسي المدمر الذي مارسه النظام عن تدفق المهاجرين إلى الخارج، وتفشي الأمراض السارية، والاتجار بالمخدرات والبشر إلى الدول المجاورة.

انتهكت الحكومة الإيرانية بشكل فاضح حرية الكلام والتجمع، مضاعفة إجراءاتها المشددة ضد المنشقين والصحفيين والإصلاحيين، وهي الإجراءات التي اتصفت بالاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب والاختفاء واستخدام القوة المفرطة والحرمان الواسع النطاق من المحاكمات النزيهة العلنية. وواصلت الحكومة احتجازها للبهائيين والأقليات الدينية الأخرى وإساءة معاملتهم واستضافت مؤتمراً تم شجبه على نطاق واسع ينكر حدوث المحرقة النازية. وفي الفترة التي سبقت انتخابات مجلس الخبراء في إيران في 15 كانون الأول/ديسمبر، أُعلنت عدم أهلية أكثر من ثلثي الذين تقدموا بطلب خوضها، بمن فيهم جميع المترشحات من النساء، مما ألغى التنافس على كثير من المقاعد. كما تم إعلان عدم أهلية مئات المرشحين في الانتخابات البلدية التي أجريت في جميع أنحاء البلد. وواصلت الحكومة في عام 2006 ازدراءها للدعوات المحلية والدولية إلى التحلي بالمسؤولية من خلال دعمها للحركات الإرهابية في سوريا ولبنان علاوة على دعوتها إلى القضاء على دولة عضو في الأمم المتحدة.

في زيمبابوي، واصلت حكومة (روبرت) موغابي انتهاكاتها لجميع حقوق الإنسان. واستشرى الفساد والإفلات من العقاب بين الموظفين الحكوميين. وظل قانون الأسرار الحكومية والنظام العام الرسمي لعام 2002 وقانون الأمن ساريي المفعول، ما قيد الحريات المدنية إلى حد كبير. وأدى تلاعب الحكومة في العملية الانتخابية في الانتخابات الفرعية العامة وانتخابات مجالس المناطق الريفية في عام 2006، إلى حرمان ناخبين من حق التصويت وإلى تحريف النتيجة لصالح مرشحي الحزب الحاكم. وأتاحت هيمنة الحزب الحاكم إدخال تعديلات على الدستور بدون مشاورات واسعة. وقامت قوات الأمن بمضايقة وضرب واعتقال منتقدي الحكومة ومؤيدي المعارضة بصورة تعسفية. واستمرت عمليات تعطيل العمل في المزارع ومصادرة الأملاك التي اتسمت أحياناً بالعنف. واستمرت حملة التهجير القسري، التي أدت إلى تشريد 700 ألف نسمة أصبحوا بلا مأوى خلال "عملية إعادة النظام في عام "2005، وإن يكن على نطاق أضيق. وتدخلت الحكومة في جهود المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات. وفي كانون الأول/ديسمبر، اقترح موغابي والموالون له تمديد فترة رئاسته سنتين من خلال تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى عام 2010.

في كوبا، واصلت الحكومة التي يرأسها راؤول كاسترو بشكل مؤقت نظراً لمرض فيديل كاسترو، انتهاك جميع حقوق مواطنيها فعليا، بما فيها حقهم الأساسي في تغيير حكومتهم بصورة سلمية أو انتقاد الثورة أو قادتها. وفي عام 2006 زادت الحكومة من مضايقاتها للمنشقين وغيرهم من المواطنين الذين ينظر إليهم على أنهم تهديد للحكومة، وكان يتم ذلك في الكثير من الأحيان من خلال أعمال غوغائية تعرف بـ"إجراءات النكران" التي تشتمل على الإهانات الشفوية والاعتداءات الجسدية. كما تم ضرب المحتجزين والسجناء وإساءة معاملتهم دون الخوف من أي عقاب. ورغم وقوع حالات إطلاق سراح سجناء رمزية خلال العام، كان هناك 283 سجيناً ومحتجزاً سياسياً على الأقل بحلول نهاية العام، بينهم 59 من أصل 75 من الناشطين المناصرين للديمقراطية وحقوق الإنسان الذين تم سجنهم أثناء عملية صارمة ضدهم في آذار/مارس 2003.

ازداد سجل الحكومة الصينية في مجال حقوق الإنسان سوءاً من بعض النواحي في عام 2006. فقد ازداد عدد الحالات البارزة التي قامت فيها الحكومة بمراقبة ومضايقة واحتجاز وسجن الناشطين السياسيين والدينيين والصحفيين والكتاب علاوة على محامي الدفاع الساعين إلى ممارسة حقوقهم التي نص عليها القانون. كما تمت مضايقة واحتجاز بعض أفراد عائلاتهم. واستمرت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية بأعداد كبيرة للمطالبة بالإنصاف من الضيم وتم استخدام العنف أحياناً في قمعها. وتم فرض قيود حكومية جديدة على: المنظمات غير الحكومية؛ وسائل الإعلام، بما فيها الإنترنت؛ والمحاكم والقضاة. وظل قمع الجماعات الدينية غير المسجلة ومجموعات الأقليات، وخاصة الأوغر والتيبتيون، يشكل مبعث قلق مهما.

في بيلاروسيا، واصلت حكومة (ألكزاندر) لواكاشنكو سياساتها القمعية وشددتها. وكانت انتخابات آذار/مارس الرئاسية زاخرة بالمخالفات. وتم القبض على ما يصل إلى 1,000 شخص في الإجراءات القمعية التي تلت ذلك ضد الاحتجاجات الشعبية على النتائج، وتم الحكم على كثيرين بالسجن لفترات قصيرة. كما تم إصدار أحكام بالسجن على مزيد من الناشطين والمعارضين، بمن فيهم ألكزاندر كوزولين، مرشح المعارضة الذي نافس لوكاشنكو في الانتخابات الرئاسية، لفترات تراوحت ما بين سنتين وخمس سنوات ونصف.

ظلت حكومة إريتريا من أكثر الحكومات قمعاً في المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية، وازداد سجلها في مجال حقوق الإنسان سوءاً في عام 2006. فقد قامت قوات الأمن الحكومية بعمليات قتل معجلة خارج نطاق القانون؛ ووردت تقارير جديرة بالثقة مفادها أن قوات الأمن كانت تطلق النار على كل من تراه يحاول عبور الحدود إلى إثيوبيا. وصعدت الحكومة حملتها الخاصة باعتقال المتهربين من الخدمة العسكرية واعتقال أقاربهم أيضاً، كما وردت تقارير جديرة بالثقة تشير إلى أنه تم تعذيب بعض أولئك المعتقلين. وأمرت الحكومة، كما فعلت في عام 2005، عدة منظمات غير حكومية دولية إنسانية بمغادرة البلاد، رغم الجفاف الشديد في القرن الإفريقي. واستمرت القيود المتشددة المفروضة على الحرية الدينية.

والحقيقة الرابعة التي تدعو للتيقظ هي أنه مع ازدياد قوة الضغط العالمي في سبيل مزيد من الحرية الشخصية والسياسية، تتمت مجابهة ذلك بمقاومة متزايدة من قبل أولئك الذين يشعرون بأن التغير السياسي والاجتماعي يشكل تهديداً لهم.

إن المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية أساسيان لنجاح أي دولة. فالمشاكل التي تواجه الدول، في عالم اليوم، معقدة بشكل مفرط بحيث لا يمكن حتى لأقواها معالجتها وحدها. ومساهمات المجتمع المدني وتدفق الأفكار والمعلومات بحرية عنصران حاسمان في معالجة تشكيلة واسعة من التحديات. ولا يؤدي تقييد حيز المنظمات غير الحكومية السياسي والنقاش العلني إلا إلى تقييد نمو المجتمع نفسه.

وفي كل منطقة من مناطق العالم، كانت هناك في عام 2006 حكومات ردت على المطالبات المتزايدة بالحرية الشخصية والسياسية لا بتقبل واجباتها إزاء شعوبها وإنما بقمع أولئك الذين ناصروا حقوق الإنسان وكشفوا عن الانتهاكات، كالمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة، بما فيها الإنترنت. وقام عدد يبعث على القلق من الدول بإصدار قوانين وأنظمة ضد الصحفيين والمنظمات غير الحكومية أو تطبيق قوانين ضدهم بصورة انتقائية. كما أُخضعت المنظمات غير الحكومية والصحفيون إلى إجراءات خارج نطاق القانون، مارسها في الكثير من الأحيان مهاجمون مجهولون. فعلى سبيل المثال:

في روسيا في عام 2006، بدأ سريان مفعول قانون جديد يتعلق بالمنظمات غير الحكومية في نيسان/إبريل فرض على المنظمات متطلبات أكثر تشدداً للتسجل، ونص على مراقبة المنظمات بشكل صارم، وفرض عليها رفع تقارير شاملة مرهقة عن نشاطاتها، ومنح وكالة التسجيل الاتحادية سلطة رفض طلب تسجيل أي منظمة أو حظرها بعد بدئها العمل على أساس معايير غامضة غير موضوعية. وتقلصت حرية التعبير واستقلال وسائل الإعلام نتيجة للقيود وضغط الحكومة. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر، قام أشخاص مجهولو الهوية بقتل المدافعة عن حقوق الإنسان أنّا بولتكوفسكايا، وهي صحفية مرموقة اشتهرت بمقالاتها التي تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان. واستخدمت الحكومة ملكيتها التي تمنحها السيطرة على جميع محطات التلفزيون والإذاعة القومية، وعلى غالبية محطات الإذاعة والتلفزيون ذات التأثير في المناطق، للحد من القدرة على الحصول على المعلومات التي تعتبرها حساسة.

وفي بيلاروسيا، جعلت عمليات التحقيق في كشوفات الضرائب ومتطلبات التسجيل المرهقة المفروضة على المنظمات غير الحكومية من الصعب على منظمات المجتمع المدني العمل، واستمرت عمليات مهاجمة العاملين في وسائل الإعلام المستقلة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، حُكم على الناشط المناصر للديمقراطية ديمتري داشكيفتش بالسجن 18 شهراً لتشغيله منظمة غير حكومية غير مسجلة.

وفي كازخستان، سجلت الحكومة حزب ترو آك زول، بعد مقتل أحد رؤسائه، (ألتينبك) سارسنبايولي، وفسرت المادة 5 من الدستور بشكل حصري لوقف نشاطات تدريب الأحزاب السياسية غير المحازبة الممولة من الخارج، مصرة على أن توفير المعلومات هو بمثابة تمويل للأحزاب السياسية. وفي تموز/يوليو، وقع الرئيس نزارباييف تعديلات تفرض قيوداً على وسائل الإعلام، جاعلاً إياها بذلك قانوناً ساري المفعول، مما اعتبره ممثل حرية وسائل الإعلام في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا خطوة إلى الوراء. وواصلت الحكومة استخدامها لقوانين القدح والذم الحصرية لفرض غرامات على وسائل الإعلام والصحفيين ومنتقدي الحكومة وإدانتهم وإيقافهم عن العمل. وفي شهر نيسان/إبريل ضُرب موظف في إحدى وسائل الإعلام الموقفة عن العمل بشكل وحشي.

وهناك قيود مشددة على حرية التعبير والاجتماع والمشاركة في التجمعات والجمعيات في تركمانستان، وقد سعت الحكومة إلى السيطرة على جميع نشاطات المنظمات غير الحكومية. وفي حين أنه تمكن مشاهدة الفضائيات الأجنبية في جميع أنحاء البلد، إلا أن الحكومة تسيطر على جميع وسائل الإعلام المحلية، وقد حظر أي اتصال بين الصحفيين المحليين والأجانب ما لم يؤذن به بشكل محدد. وقد تم توفير وصول محدود جداً إلى الإنترنت عن طريق شركة تركمان تليكوم التي تملكها الحكومة؛ ولم يسمح بأي حسابات جديدة في العاصمة منذ أيلول/سبتمبر 2002. وفي شهر آب/أيلول، اعتقلت الحكومة الصحفيين أوغولزبابار ميرادوفا، وأناكوربان أمانكليفتشف، وساباردوردي حاجييف، وحكمت عليهم بالسجن مدداً تتراوح ما بين ست سنوات وسبع سنوات بتهمة حيازة أسلحة في محاكمة مغلقة مستعجلة. وفي أيلول/سبتمبر، توفيت ميرادوفا، التي كانت مراسلةً لراديو أوروبا الحرة/راديو الحرية (راديو فري يوروب/راديو ليبرتي)، في السجن في ظروف مريبة. وأفادت منظمات غير حكومية أن ميرادوفا وزميليها تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم في الصيف لانتزاع اعترافات منهم حول حيازة أسلحة. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر، توفي الرئيس سابارمورات نيازوف.

سعت حكومة أوزبكستان إلى التحكم في معظم نشاطات المنظمات غير الحكومية وقامت بإغلاق أكثر من 200 منظمة من منظمات المجتمع المدني، بينها منظمات دولية تنشط في البلد، مشيرة إلى انتهاكات مزعومة للقانون. واستمر اضطهاد الصحفيين المستقلين والناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان.

وتحكمت الحكومة السورية بشكل تام في نشر المعلومات وحظرت انتقاد الحكومة ومناقشة القضايا الطائفية، بما فيها الحقوق الدينية وحقوق الأقليات. ووقعت حوادث احتجاز وضرب بسبب إعراب أفراد عن آراء تخرق هذه القيود، منها على سبيل المثال اعتقال الصحفي عادل محفوظ في شباط/فبراير بعد أن دعا إلى حوار بين الأديان عقب الجدل الذي أثاره نشر رسوم صورت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وقد اعتمدت الحكومة على قوانينها الخاصة بالصحافة والنشر وعلى مدوّنة قوانين العقوبات وقانون الطوارئ لفرض رقابة على استخدام الإنترنت، وفرضت قيوداً على الإعلام الإلكتروني. كما تمت مضايقة الناشطين المحليين في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك مراقبتهم عن قرب وفرض حظر السفر عليهم لدى سعيهم لحضور ورش عمل ومؤتمرات خارج البلد.

وتدهورت حرية الصحافة في إيران إلى أسوأ مستوى لها عبر تاريخها، مع قيام الحكومة بإغلاق صحيفتي الشرق وإيران المستقلتين، وحيلولتها دون الوصول إلى مواقع وسائل الإعلام على الإنترنت، بما فيها موقعا صحيفة النيويورك تايمز وإذاعة بي بي سي باللغة الفارسية، وسجنها صحفيين وكتاب مدونات. واستخدمت السلطات المنع من مغادرة البلد سلاحاً ضد الصحفيين.

وشهدت بورونداي، زيادة في عمليات اعتقال الحكومة للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان واحتجازها لهم وتخويفهم؛ وكان بين الكثيرين الذين تعرضوا لهذه العمليات، رئيس أبرز المنظمات غير الحكومية المكافحة للفساد إذ اعتقلته الشرطة واحتجزته لعدة أشهر. وذكرت التقارير الصحفية أن حاكم أحد الأقاليم وصف أبرز منظمة غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان في بورونداي، منظمة عصبة إيتيكا، بأنها عدو للسلام، وأعلن مسؤول حكومي في تشرين الثاني/نوفمبر أنه من المحتمل أن تواجه 32 منظمة غير حكومية دولية مسجلة في البلد الطرد منه بسبب عدم تقديمها التقارير السنوية الإجبارية التي يُفرض عليها تقديمها للحكومة.

وساد رواندا جو مقيد لتأدية المجتمع المدني وظائفه. ويفرض القانون على المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية تسجيل نفسها كل عام ورفع تقارير سنوية إلى الحكومة عن نشاطاتها. وأشارت التقارير إلى أن السلطات فرضت على بعض المنظمات غير الحكومية الحصول على ترخيص من الحكومة يجيز بعض مشاريعها قبل السماح لها بالحصول على التمويل من المانحين الدوليين. وعلاوة على ذلك، كان يُنتظر من جميع المنظمات غير الحكومية الانضمام إلى وحدة تعاونية تنظم نشاطاتها.

وواصلت الحكومة الفنزويلية مضايقاتها لمنظمات المجتمع المدني وتخويفها لها، وخاصة قادة المنظمة غير الحكومية المراقبة للانتخابات، سومايت، الذين تم تأجيل محاكمتهم بتهمة التآمر والخيانة لقبولهم منحة أجنبية إلى أجل غير مسمى وإن كانت المحاكمة ما زالت تهددهم كالسيف المسلط على رؤوسهم. وعندما حلت نهاية العام كان البرلمان يناقش مشروع قانون من شأنه، في حال إقراره، أن يزيد سيطرة الحكومة على تمويل المنظمات غير الحكومية ويضع حداً لنشاطها في مجالي حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية. وساهمت التعديلات المدخلة على قوانين العقوبات، والتي تفرض عقوبة السجن على كل من يحقّر مسؤولاً حكومياً، والعنف الذي تعرض له الصحفيون، في خلق جو من الرقابة الذاتية. وضاعفت الحكومة من مضايقاتها لوسائل الإعلام المستقلة والمعارضة لها. وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلن الرئيس تشافيز أن الحكومة لن تجدد رخصة محطة تلفزيون راديو كاراكاس، وهي أقدم الشبكات التلفزيونية التجارية في البلد. واتهمت الحكومة أصحاب الشبكة بأنهم "مروجون لانقلاب" وبأنهم خانوا الثقة التي وضعها الشعب فيهم.

وفي الصين، استمر تعرض المنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية على السواء، لمزيد من التمحيص والقيود. وبحلول نهاية عام 2006، أفادت منظمة "مراسلون بلا حدود" بوجود 31 صحفياً و52 كاتباً على الإنترنت في السجن. وفي حين شجعت الحكومة على استخدام الإنترنت، إلا أنها قامت أيضاً باتخاذ خطوات لمراقبة استخدامها والتحكم في فحواها والحد من المعلومات المتوفرة عليها ومعاقبة أولئك الذين يخرقون القواعد المنظمة لاستخدامها. وفرضت الحكومة متطلبات أكثر تشدداً لتسجيل المواقع على الشبكة العنكبوتية، وعززت تحكم المسؤولين الحكوميين بالفحوى المتوفرة على الخط، ووسعت تعريفها للفحوى غير المشروعة على الإنترنت. وحالت الحكومة بشكل متواصل دون الوصول إلى مواقع اعتبرتها مثيرة للجدل، وذُكر أن السلطات بدأت تستخدم تكنولوجيا أكثر تقدماً تمكنها من الحيلولة دون الاطلاع على جزء معين من محتويات موقع ما بدل الحيلولة دون الوصول إلى الموقع بأكمله.

وواصلت فيتنام مراقبة الإنترنت وفرض قيود عليها، مانعة الوصول إلى مواقع دولية خاصة بحقوق الإنسان والأنباء. وتسمح القوانين للمواطنين بالتذمر علناً من الحكومة غير الفعالة والفساد، إلا أن الحكومة واصلت منع الصحف من كتابة مقالات تثير تساؤلات حول دور الحزب الشيوعي، أو تشجع التعددية والديمقراطية متعددة الأحزاب، أو تثير تساؤلات حول السياسات في مجال حقوق الإنسان. وتحظر الحكومة الوصول المباشر إلى الإنترنت عن طريق شركات تقديم خدمات مستقلة وتفرض على أصحاب مقاهي الإنترنت تسجيل المعلومات الشخصية عن زبائنهم وتسجيل أسماء المواقع التي يزورونها. وقد أطلقت الحكومة سراح عدة معارضين سياسيين ودينيين معروفين، بينهم الدكتور فام هونغ سون، التي سُجن لترجمته مقالات حول الديمقراطية ولنشره وتوزيعه إياها من خلال الإنترنت.

كانت الإبادة الجماعية أكثر الحقائق التي تدعو للتيقظ

ما زالت الإبادة الجماعية تعصف بمنطقة دارفور بالسودان رغم مرور حوالى 60 عاماً على تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي جسد صدمة ضمير الإنسانية من جريمة المحرقة النازية الفاحشة وكارثة الحرب العالمية الثانية.

فرغم اتفاقية السلام الشامل الموقعة في كانون الثاني/يناير 2005 التي أنهت الحرب الأهلية التي استمرت 22 سنة بين شمال السودان وجنوبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في ذلك العام، استمر النزاع الإثني في السودان، وكان أكثر ما كان عليه مأساوية في دار فور. وتقع على عاتق الحكومة السودانية ومليشيا الجنجويد التي تدعمها الحكومة مسؤولية الإبادة الجماعية في دار فور، وقد ارتكبت جميع الأطراف في الصراع المدمر انتهاكات خطيرة، بينها عمليات واسعة النطاق من قتل المدنيين، واستخدام الاغتصاب كأداة حرب، والتعذيب المنتظم، والنهب، وتجنيد الأحداث كجنود. وبحلول نهاية عام 2006، كان القتال في دار فور قد أسفر عن مقتل 200 ألف مدني على الأقل وتشريد مليوني نسمة. وقد فر أكثر من 234 ألف لاجئ إلى دولة تشاد المجاورة، وشهدت كل من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى نزاعاً إثنياً على محاذاة حدودهما مع السودان.

ورغم تعبير السودان عن دعمه لاتفاق إطار أديس أبابا، أعلنت الحكومة السودانية رفضها وجود قوات دولية في دار فور وجددت عملياتها الهجومية العسكرية خلال النصف الثاني من عام 2006. وأجبرت الأوضاع الأمنية المتدهورة بعض المنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات الإنسانية على تقليص أو تعليق عملياتها.

دافعوا عن المدافعين

إن كان للوعد الذي حمله الإعلان الدولي لحقوق الإنسان أن يتحقق، لا يمكن للمجتمع الدولي، وخاصة أنظمة العالم الديمقراطية، قبول فكرة كون الحقائق التي تدعو للتيقظ اليوم حقائق منيعة لا تتأثر بالتغير. بل الواقع هو أنها تجبرنا على الوقوف في صف أولئك الذين يعملون في سبيل الكرامة الإنسانية والإصلاح السياسي.

وقد قامت الأنظمة الديمقراطية في عام 2006 بإبراز الجهود الباسلة التي بذلها المدافعون عن حقوق الإنسان:

أكدت القرارات الخاصة بالبلدان التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 ضرورة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران وبيلاروسيا وكوريا الشمالية وبورما.

أتم صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، الذي انبثق عن فكرة طرحها الرئيس بوش أمام الجمعية العامة في عام 2004 وتم إنشاؤه في عام 2005، عامه الأول بنجاح. وقد وافق مجلس إدارة الصندوق على تمويل 125 مشروعاً من أصل أكثر من 1,300 اقتراح تقدمت بها أكثر من 100 دولة، أي أنه وزع منحاً يزيد مجمل قيمتها على 35 مليون دولار مُنحت في معظمها لمنظمات مجتمع مدني مؤيدة للديمقراطية.

على الصعيد الإقليمي، تبنت الجمعية العامة لمنظمة الدول الأميركية في حزيران/يونيو 2006 إعلان سانتو دومنغو، وهو التزام متعدد الأطراف لم يسبق له مثيل تعهدت فيه دول المنطقة بـ"ضمان حق كل شخص في التمتع بحرية التعبير، بما في ذلك الاطلاع على والمشاركة في النقاش السياسي غير المخضع للرقابة والتبادل الحر للأفكار عبر جميع أشكال وسائل الإعلام، بما فيها الإنترنت." كما أعلن وزراء الخارجية تصميمهم على وضع وتشجيع الاستراتيجيات وأفضل الممارسات خدمة لذلك الغرض.

وأصدرت وحدة حقوق الإنسان الخاصة بالمدافعين عن حقوق الإنسان في لجنة الدول الأميركية التابعة لمنظمة الدول الأميركية تقريراً عن المشاكل الخطيرة التي يتعرضون لها في بعض الدول، مؤكدة على ضرورة دعم الحكومات لعملهم.

قبيل انعقاد قمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي في تموز/يوليو، عقدت منظمات مجتمع مدني من 19 دولة إفريقية اجتماعاً في بانجول، بغامبيا، لوضع توصيات للزعماء المشاركين في القمة حول دور المجتمع المدني في الآلية الإفريقية لاستعراض الأنداد الخاصة بتفحص إذعان الدول لالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقيات، وسبل تحسين حصول المجتمع المدني على المعلومات، وقوانين الجنسية التي تعمق جذور التمييز. وقد تم تبني هذه التوصيات في القمة.

في منطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا جمع منتدى المستقبل بين مسؤولين حكوميين وممثلين عن مجتمعات مدنية من المنطقة، إلى جانب شركاء من مجموعة الثماني، في منتجع بالبحر الميت في الأردن. وقد شاركت حوالى 50 فعاليةً من قادة المجتمعات المدنية يمثلون مئات المنظمات من 16 بلداً في المنطقة في النقاش الذي تناول مواضيع سيادة القانون والشفافية وتمكين الشباب والنساء والبيئة القانونية لمنظمات المجتمع المدني. كما ناقش المجتمعون سبل تعزيز الإصلاح من خلال التوصل إلى آليات متابعة للتوصيات. وفي حين أن الجزء الأصعب من العمل هو الجزء القادم، أي تحقيق تبني وتطبيق التوصيات التي رفعها المجتمع المدني، إلا أن المنتدى ساعد في إيجاد حيز سياسي لمنظمات المجتمع المدني لم يكن موجوداً في السابق تؤسس نفسها فيه وتتفاعل مع الحكومات في المنطقة.

وأطلقت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، بمناسبة يوم حقوق الإنسان العالمي في كانون الأول/ديسمبر 2006، مبادرتين أميركيتين هامتين لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية:

فقد أعلنت عن إنشاء صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان الذي ستديره وزارة الخارجية وسيوزع بسرعة منحاً لمساعدة المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يواجهون احتياجات استثنائية بسبب القمع الحكومي. ومن الممكن استخدام التمويل لتغطية نفقات توكيل محامي دفاع والنفقات الطبية ولتغطية احتياجات عائلات الناشطين الملحة.

كما أصدرت الوزيرة رايس عشرة مبادئ توجيهية خاصة بالمنظمات غير الحكومية (http://www.state.gov/g/drl/rls/77771.htm) تشكل توجيهات تتعلق بمعاملة الحكومات للمنظمات غير الحكومية. وسوف تكون هذه المبادئ الأساسية بمثابة المنار الذي سيهدي الولايات المتحدة في كيفية معاملتها للمنظمات غير الحكومية، كما أننا سنعتمدها لتقويم سلوك الحكومات الأخرى. والمقصود من المبادئ هو أن تكون متممة لوثائق الأمم المتحدة والوثائق الدولية الأخرى الأطول والأكثر تفصيلاً المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان، ويمكنها أن تساعد في حشد الدعم العالمي للمنظمات غير الحكومية التي تعاني من القيود على عملها من خلال تحولها إلى مورد في المتناول وملائم لاستعمال الحكومات والمنظمات الدولية ومجموعات المجتمع المدني والصحفيين.

عندما تدعم الديمقراطيات عمل المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، نساعد الرجال والنساء في جميع بلدان العالم على صياغة مصيرهم بحرية. ونساعد، من خلال قيامنا بذلك، في بناء عالم أفضل وأكثر أمنا للجميع.

يجب علينا أن ندافع عن المدافعين، لأنهم الوسيلة التي يتحقق من خلالها التغير السلمي الديمقراطي.