الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

500 أسرة من محافظة الخليل ممنوعة من زيارة ابنائها في سجون الاحتلال

نشر بتاريخ: 10/03/2007 ( آخر تحديث: 10/03/2007 الساعة: 13:25 )
الخليل- تقرير معا- خرجت ام هشام وابو هشام يرافقهم الاحفاد بشائر ثلاثة عشر عاماً ومعاذ اثنا عشر عاماً وعلي عشر أعوام، فجر الاربعاء الماضي من منزلهم الكائن في منطقة قرن الثور وسط مدينة الخليل، لم تقوى الطفلة براء ابنة الرابعة من النهوض مبكراً كبقية اخوتها لمرافقة جدتهم وجدهم، فقد كان الوقت مبكراً جداً عليها للنهوض من نومها.

ووصل الجميع الى مقر الصليب الاحمر في منطقة عين سارة عند الساعة الخامسة فجراً، واستقلوا الحافلات مع العشرات من أهالي الاسرى الذين توافدوا فجراً، في طريقهم لزيارة ابنائهم واشقائهم وآبائهم في سجن "ايشل" بئر السبع.

قبل ان تتحرك الحافلة، تأكد موظفو الصليب الاحمر من جاهزية الاهالي وحملهم لكافة التصاريح التي تسمح لهم بدخول اسرائيل، ما هي الا خمس وعشرين دقيقة حتى وصلت الحافلة لمعبر ترقوميا غرب الخليل.

دخلت الحافلة للمعبر وأخذت دورها بجانب الحافلات الاخرى القادمة والمتوقفة هناك، لا تسأل عن الوقت في هذا المعبر، فالوقت ليس له أهمية، ناهيك عن عدم أهمية الحالة الجوية في ذلك المكان، ربما تنتظر لحظات او ساعات حتى يسمح لك بالنزول من حافلتك، وبعد التدقيق في اوراقك الثبوتية من قبل جنود الاحتلال، يسمح لك بالعبور للجهة الاخرى لتستقل حافلة اخرى في طريقها للسجن.

لا تدري ام هشام كم انتظرت في المعبر حتى سمح لها ولزوجها واحفادها الثلاثة بعبور المعبر مع بقية الاهالي، وصلت بهم الحافلة لسجن "ايشل" ترجل الجميع واخذوا مكانهم في الطابور بإنتظار السماح لهم بدخول السجن، حضر الجنود واخذوا يطلبون الاوراق الرسمية.

وحينما جاء دور ام هشام وابو هشام والاحفاد، قال لهم الجندي "شرباتي، انتم ممنوعون من الزيارة!".

نزلت كلمات الجندي عليهم كالصاعقة، ممنوعون من الزيارة، صاح ابو هشام، "ممنوعون من الزيارة ولدينا التصاريح من الصليب الاحمر ومن حكومتك بزيارة ابننا، وانت تمنعنا من الزيارة ! وهذه هي المرة الثالثة التي تمنعوننا من الزيارة ؟.

أخذ الجندي الاوراق منهم وابتعد عنهم، ويقيت ام هشام والاحفاد وابو هشام في انتظار الرد الذي طال ساعات، ليحضر الجندي مرة اخرى قائلاً "شرباتي، قلت لك ممنوع الزيارة، ابنك معاقب ومحبوس انفرادي".

خيم الصمت على ام هشام والاحفاد، وبدأ القلق ينساب اليهم، فهشام يعاني من هزال عام ومشاكل في البصر نقل بسببها سابقا إلى مستشفى سجن الرملة إلا أنه لم يقدم له أي علاج وتم إعادته إلى السجن.

والأسير الشرباتي كان قد نقل من سجن النقب الصحراوي "أنصار3" إلى عزل إيشل مطلع العام الحالي وهو معلم سابق وأب لأربعة أطفال بنتين وولدين.

واستنادا إلى ام هشام فإن سلطات الاحتلال ترفض إصدار تصريح زيارة لزوجة الأسير الشرباتي بحجج أمنية وتمنعها من زيارته منذ اعتقاله في السادس من أيلول 2002 حيث حكم عليه لاحقا بالسجن مدة مائة وإثني عشر شهرا.

لم يرق حديث الجندي لابو هشام الذي قال له "لقد أكد لنا الصليب الاحمر بأننا سنزور ابننا اليوم بعد اتصاله بكم", لكن الجندي الذي لم يلتفت اليهم مرة اخرى قام بتمزيق الاوراق التي تسمح لهم بالزيارة.

خيبة امل، اصيب بها الاحفاد قبل الكبار، حال عائلة الشرباتي لا يختلف كثيراً عن حال 500 أسرة فلسطينية من محافظة الخليل، ممنوعة من زيارة أبنائها، بحجج أمنية اسرائيلية واهية، بحسب إحصائية نادي الاسير في الخليل.

وحينما عاد الجميع للمنزل قرابة العاشرة ليلاً، وجدوا الطفلة براء مستيقظة، لتسألهم في لهف عن اخبار الوالد الذي ولدت دون ان يحتضنها او يقبلها وتعرفت عليه من خلال صوره المعلقة في ارجاء المنزل، ومن خلال زياراتها القليلة للسجن.

كفكفت دموعها ام معاذ زوجة هشام وهي تحتضن براء، وصوتها المختنق يقطع الكلمات بين زفير وشهيق "مرت اربع سنوات ونصف وبقي مثلهم لخروج والدك من السجن، وحينها تحضنيه وتقبلينه وتلعبي معه".

ولم تكد ام معاذ تنهي عبراتها حتى غطت براء في نوم عميق، ترسم ملامح ابيها الغائب على أمل الشعور بدفء حنان الاب الذي تلمسه متأججاً بين الاطفال وآبائهم او لحظة شعور تسمعها حين ينادي طفل أباه او فرحة في عيون آخر يتلمس خطواته قرب الباب، وتبقى صور الذكريات مختلطة آلاماً وفرحة تمر بمرور السنين، عل يوماً يأتي تتبد فيه كل أشكال الظلام، وهي لا تعلم المسافة بين اليوم والامس.