عتمة الليل خطفت .. قاسم وماريا ووسيم
نشر بتاريخ: 13/03/2013 ( آخر تحديث: 14/03/2013 الساعة: 01:55 )
غزة - خاص معا - سيناريو الفاجعة يتكرر مرة أخرى.. نيران تندلع في منزل.. وأطفال بعمر الزهور ذابت أجسادهم بعد أن احترقت، لتطفئ حياة قاسم وماريا ووسيم بعد قضاء آخر ليلة لهم من ليالي غزة المظلمة، ليضافوا لمن سبقهم من ضحايا الحصار واستمرار انقطاع التيار الكهربائي، وليتلطف الله باثنين منهم وهما محمد ومعاذ.
لم تستطع أم أحمد أبو طير أن تجلس في منزلها لتلقي واجب العزاء بأبنائها، رغم احتراق غرفة واحدة فرائحة الموت المنبعثة من بين جدران المنزل جعلتها تهرب منه على أمل أن تقف دمعة عينيها، ولكن من يوقف حرقة قلبها على فقدان الغوالي.
|207894|
بدأت قصة عائلة نظام أبو طير من مدينة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، عندما قام محمد ابن 16 عاما بإشعال "لوكس" غاز لإضاءة عتمة الليل بعد أن انقطعت الكهرباء في غير موعدها المعتاد.
لم تكن والدة أم احمد متواجدة في المنزل، وتقول "لدي طفل يعاني من ألم في عينيه ذهبت به في حوالي الساعة الخامسة مساء إلى طبيب خاص حتى أعالجه ولم تكن الكهرباء مقطوعة، وبسبب الزحمة جلست طويلا في العيادة وعند عودتي كانت الفاجعة لي".
لم تكن تعلم ما يحدث في منزلها، فقد وجدت سيارات المطافئ والإسعاف أمام منزلها بالإضافة إلى الجيران، أسرعت في خطواتها وعند وصولها وسؤالها ماذا يحدث؟ انهارت بمعرفة أن أبنائها الخمسة قد تعرضوا للحرق.
أفاقت على أصوات نساء الحارة وهم يحاولن أن يوقظنها لتنطلق ودموعها لا تفارق عينيها إلى مستشفى ناصر الطبي غرب خان يونس، لتصدم بوفاة ابنها قاسم خمس سنوات وإصابة ابنتها ماريا سبع سنوات، ووسيم 11 عاما في غرفة العناية الفائقة، بعد أن أصيبوا بحروق بالغة، ومحمد بحروق في وجهه وأطراف جسمه.
لتلتحق ماريا بأخيها في صبيحة هذا اليوم وفي نهاية اليوم يتبعهم وسيم بسبب حروق وصلت لـ 95% وفق ما أكده أحد الأطباء المشرفين عليه بمستشفى ناصر الطبي.
|207895|
معاذ ابن 14 ربيعا كان من بين المتواجدين في الغرفة المحروقة، ليذكر لنا ما حدث معه رغم إصابته بالصدمة وعدم التركيز وبصعوبة تم انزاله من سطح المنزل فيقول "بعد المغرب انقطعت الكهرباء وقام أخي محمد بإشعال أنبوبة الغاز "الشنبر " وجلسنا نتحدث مع بعض وندرس".
أشار بيديه التي كانت ترتجف إلى مكان تواجد أنبوبة الغاز بجانب الخزانة، وكان قاسم ينام بالجانب الأخر من الخزانة ومن ثم ماريا ويليها وسيم ومن ثم محمد ومعاذ.
ويضيف معاذ "بعد فترة من الوقت بدأ النوم يغلب علينا ونام أخوتي الصغار، ومن ثم نمت أنا بعد أن درست قليلا وحللت الواجب، وصحوت فجأة على صراخ أخي محمد وكانت الغرفة مليئة بالدخان واللهب ولا استطيع أن أتنفس خرجت مسرعا من الباب ولم اعلم ماذا حدث بالضبط ".
خرج معاذ يصرخ واتجه إلى سطح المنزل ليستغيث بالجيران ولم يكن يعلم ماذا يحدث داخل الغرفة واعتقد بان أخوته قد خرجوا مع سماع صراخ محمد.
من بين من سمع صراخ محمد ابن خاله أبو احمد محمود أبو طير، حيث أسرع إلى المنزل ليجد النيران تلتهم أثاث الغرفة وتخرج من شبابيكها، لم يستطع في بداية الأمر أن يدخل الغرفة من شدة اللهب ولم يكن يعلم من هو داخل الغرفة ليعود ويسأل محمد بعد تهدئته "من المتواجد بالغرفة".
ويضيف محمود "قوة النيران كانت كبيرة وبصعوبة كان من الممكن دخول الغرفة فكل ما فيها كان يحترق، وعندما هدأت من روع محمد وسألته عن المتواجدين في الغرفة أجابني قاسم وسيم ماريا وكرر الأسماء أكثر من مرة".
في تلك الحظات كان جميع من سمع الصراخ يحاول أن يطفئ النيران، أما باستخدام المياه أو الرمال أو حتى البطانيات.
عاد محمود مسرعا مرة أخرى إلى الغرفة ولم يستطع الدخول ولكنه جلب مخرز "حديدة طويلة معكوفة من أحد أطرافها"، كان في فناء المنزل وسحب قاسم وكان قد توفي ومن ثم سحب ماريا ووسيم حيث كان أجسادهم يعاني من حريق بشكل كلي ومن ثم وصلت سيارات المطافي والإسعاف وتم نقلهم إلى مستشفى ناصر وإخماد الحريق.
|207896|
وفق محمود بين أن الجنائيات أخبرتهم انه حدث شرارة عند عودة الكهرباء في العلبة التي تتحكم بالمروحة مما تسبب في حدوث الحريق، وذلك يظهر من انصهار العلبة بشكل كامل وكون أن شدة الحريق كان في تلك المنطقة، وليس بسبب انفجار أنبوبة الغاز فهي كما هي لم تنفجر.
ومحمد هو الأخر لا يعلم كيف حدث الحريق فهو استيقظ علي شعوره بالحرارة والألم بسبب الحرق الذي إصابة حيث حاول أن يوقظ أخيه معاذ ومد يده إلى أخيه وسيم ولكن شدة اللهب جعله يسحب يده وخرج مسرعا من الغرفة ليصرخ بأعلى صوته "أنقذوا أخوتي إنهم يحترقون" وكان بشكل هستيري.
النساء المتواجدات في بيت العزاء أبدين غضبهن الشديد من شركة الكهرباء حيث حملنها سبب وفاة الأطفال وتساءلن إلى متى سيبقى هذا الحال؟.
الحريق سبب مأساة إنسانية لعائلة أبو طير كما سبقها عائلات أخرى، فهل يجب أن تعيش كل عائلة في غزة هذه المأساة، وكم من صباح ستصحو غزة علي مثل هذه الكارثة.