الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

شكرا لله , شكرا للتاريخ , شكرا لعرفات

نشر بتاريخ: 15/08/2005 ( آخر تحديث: 15/08/2005 الساعة: 02:14 )
معـــــــــــــا - كتب رئيـــــــــس التحــــــــــــــرير -

في لحظة تاريخية تتوقف فيها دقات القلب, وبعد ثمانية وثلاثين عاما من الاحتلال والمقاومة والقصف والعصف, مرت قوافل المستوطنين تجر شاحناتها من امام قوات الامن الفلسطينية التي انتشرت على طريق كيسوفيم جنوبي دير البلح, مرت ثقيلة بطيئة خجولة وكانها تقدم اعتذار الشعب اليهودي لأهل غزة.

ومن دون كلمات, قالت ساعات الغسق كل شيء, ورغم ان المستوطنين خلعوا الاشجار وبلاط المطابخ , وكرميد الاسطح ,وخزانات المياه وحتى البانيو والمغاسل، ونهبوا منازلهم قبل مغادرتها الا انهم لم يتمكنوا ان يحملوا معهم ابتسامة واحدة.

قنوات التلفزيون الاسرائيلي , ورغم ما تملك من تكنولوجيا ودهاقنة الاعلام فيها لم يتمكنوا من الارتقاء الى مستوى الحدث, فغرقوا في دهاليز القصص الشخصية لهذه العائلة او تلك في هذه المستوطنة او تلك دون جدوى, اما الصحف العبرية فكانت اكثر بلاغة وعمقا, واكثرها جرأة وصراحة كانت صحيفة معاريف التي كتبت على صفحتها الاولى باللون الاسود كلمة واحدة هي (بالدموع) .

اذن ابك يا اسرائيل, لا عليك من البكاء وليبك كل اسرائيلي وكل صهيوني , فالدموع تمسح الذنوب وتطلب المغفرة , والدموع تمنع المكابرة والخيال. ابك يا اسرائيل لا عليك, ولا تخجلي فمن قبلك بكت امم وحضارات وامبراطوريات حاولت ان تستعمر شعوبا اخرى, واذا كان حائط المبكى لا يكفي, فالبكاء في المنزل ممكن ايضا ويحقق الغاية المطلوبة ويعيد للتاريخ هيبته .

فبعد أيام ستذوي عن الدنيا مستوطنات غزة وتندثر اسماؤها وسط زحام الضيوف الذين سيأتون اليها كما جاءوا من قبل الى جنوب لبنان .

شكرا للتاريخ لانه لم يخذل أبناء الارض المحتلة , ولم يخذل الاسرى والمعذبين والجوعى والفقراء والثوار , شكرا للتاريخ الذي يحوّل اشعار محمود درويش الى اخبار عاجلة , ومقولات ياسر عرفات الى تقارير للمراسلين الصحافيين .

شكرا لياسر عرفات , صاحب فكرة قيام دولة فلسطينية معاصرة وصاحب عبارة ان الضوء اخر النفق.

شكرا للشيخ احمد ياسين الذي ظل وفيا لشعبه حتى اخر لحظة من حياته , وشكرا للفارس الهمام عبد العزيز الرنتيسي , وللقائد الجسور ابو علي مصطفى وللشهيد الشقاقي وشكرا للكتائب .

شكرا لشعوب العالم الحرة , والمتضامنين الاجانب . شكرا لاوروبا الحكيمة الكريمة التي لم تفقد رشدها.
شكرا للعرب من الخليج الى المحيط وشكرا للفضائيات .

شكرا للمسلمين من طهران وحتى ماليزيا وشكرا للاذاعات.

وشكرا لاحرار اليهود ودعاة السلام وشكرا لله , شكرا لله .