الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير يرصد حال اللاجئين السوريين الذين فرّوا الى بلغاريا

نشر بتاريخ: 19/06/2013 ( آخر تحديث: 21/06/2013 الساعة: 11:05 )
بيت لحم - معا - في إطار متابعتها لقضايا اللاجئين الفلسطينيين السوريين، "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" ترصد في تقرير لها معاناة الفلسطينيين السوريين الذين فرّوا من مخيماتهم إلى بلغاريا، بحثاً عن الأمن والأمان.

وسردت "مجموعة العمل من اجل فلسطينيي سوريا" التفاصيل كما يلي :" هي ساحة أخرى من ساحات اللجوء إلا أنها ليست كغيرها إنما هي مما تهوي إليها النفوس وتسعى إليها الأقدام بغية البحث عن رغد العيش وطيب المقام، إنها أوروبا التي خطفت ألباب الناس بقوانينها وأعرافها الحافظة لحقوق الإنسان والرافعة لكرامته والداعية لعلوه والارتقاء بشأنه".

"هكذا سمع عنها اللاجئون الفلسطينيون من سورية الباحثين عن بضاعة الأمن والأمان التي افتقدوها حيث كانوا، فباعت المرأة مصاغها وباع الرجل دكانه بثمن بخس ومنهم من باع بيته الذي ورثه عن أبيه أو الذي دأب يبنيه طوال سني عمره ولسان حاله يقول :" بالمال ولا بالعيال".

" إنهم ثلة جديدة لم يتجاوزوا الـسبعة أشخاص من قرية المزريب القريبة من مدينة درعا بالإضافة إلى عائلة مكونة من خمسة أفراد من مخيم العائدين في حمص، دفعتهم الظروف إلى الهروب من الحرب في سورية ليجدوا أنفسهم في أحد معسكرات اللجوء إلى جانب قرية بانيا التابعة إلى مدينة نفزكورا البعيدة عن العاصمة البلغارية صوفيا حوالي الـ 350 كم".

لم يشفع لهؤلاء اللاجئين لجوءهم الأول من فلسطين ولم تنفعهم بطاقات تسجيلهم في الاونروا شيئا، ولم تستجب لهم اللجان والمنظمات الإنسانية التي زاروها وزارتهم، فالمعيار حيث هم - حسب تعبيرهم - هو مقدرة اللاجئ على الدفع وتقديم الرشوة لبعض السماسرة المتنفذين تسهيلا للحصول على الإقامة فالمبلغ المطلوب منهم 3500 يورو لكل شخص على عكس بعض المناطق الأخرى التي منحت الإقامة لطالبيها بعد ثلاثة أشهر مجانا، الأمر الذي جعل اللاجئين هناك يعيشون ظروفا يرثى لها".

لقد كان لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" الاتصال مع بعض محتجزي المعسكر الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم بعد أن وصلت أصواتهم إليها مباشرة، فعند السؤال عن الوضع العام الذي يكتنفهم كانت الردود التالية:

المواطن ( و – ل ) " لقد مضى علينا في هذا المعسكر قرابة الخمسة أشهر ولم نشعر بأي أمل على قرب حصولنا على الإقامة ولا يوجد لنا ضمان صحي أو اجتماعي بعد... فنحن نسمي هذا المعسكر بالمعسكر المنسي، الخدمات فيه بحدها الأدنى، فالعلاج ومتطلباته على نفقتنا الخاصة، واستلام الأوراق المتعلقة بالإقامة ليس بالأمر السهل وتكاليف ذلك كبيرة ! من أين لنا أن نفعل ذلك؟ ".

وفي سياق السؤال عما إذا كانوا يتلقون أي مساعدات من قبل الدولة باعتبارهم لاجئين بانتظار أن يتم البت في أمرهم، أجاب محتجز آخر : " إن كل ما نتقاضاه مبلغ 20 يورو شهرياً لا تكفينا لأسبوع واحد في ظل انعدام الخدمات الأساسية داخل المعسكر ".

وبمعرض الحديث عن القيود التي تفرضها إدارة المعسكر على المحتجزين فيه أشار المواطن ( غ – س ) إلى وجود العديد من تلك القيود : " طبعاً هناك قيودٌ على تحركاتنا وهذا من حق أي إدارة إلا أن بعض هذه القوانين خاصة بهذا المعسكر دون غيره وتخضع لمزاج القائمين عليه، فعلى سبيل المثال قامت الإدارة بحجز كل أوراقنا الثبوتية لديها ومنعتنا من الحصول عليها لإبرازها للجنة الأوروبية التي زارت المعسكر، وأذكر أن أحد الزملاء احتفظ بجواز سفره معه ولم يقم بتسليمه وأظهره للجنة التي أبدت بدورها انتقاداً لإدارة المعسكر حول تأخير حصوله على الإقامة".

وأضاف " إننا بتنا نخشى على أنفسنا في هذا المعسكر بعد أن قادت ظروف الاحتجاز بعض الإخوة العراقيين إلى إضرام النار فيه منذ فترة قريبة احتجاجاً على المعاملة التي يتلقونها داخل المعسكر، كما أن هناك شخصان موقوفان في صوفيا منذ خمسة أشهر أحدهما فلسطيني يدعى عبد الناصر فخري الهيبي والآخر سوري نازح من الجولان اسمه عاطف عرسان لأنهما طالبا بالرجوع إلى سوريا بسبب سوء الأوضاع هنا".

أما المواطن (هـ – و ) الذي استهل حديثه بإجراء مقارنة بين ما كان يعانيه في سورية وما هو فيه اليوم " إننا نشعر بالاضطهاد والصدمة فنحن إلى الساعة لم نلمس الفرق بين ما كنا فيه وبين ما آلت أمورنا إليه هنا، فالموت في سورية بين أهلنا أرحم وأفضل من البقاء في هذا المكان الذي هو أقرب إلى الغابة التي لا تصلح إلا لترويض الوحوش، فنحن لا نستطيع المطالبة بأي شيء إضافي لأن مصيرنا عندئذ ٍ التهديد بالطرد إلى الخارج في الوقت الذي لا نملك فيه إمكانيات السكن بأي مكان آخر".

ويستأنف بحسرة اللاجئ المقهور "كأنه مكتوب علينا أن نقضي الحياة من تشرد إلى تشرد".

لقد انعكست الأزمة في سورية على حياة اللاجئ الفلسطيني فيها فهو اليوم إما محاصراً أو مهجراً داخلها يتحاشى القصف الذي بات يطال في معظم أماكن إقامته القديمة والجديدة، أو لاجئاً في ثنايا الأرض من جديد تتقاذفه أمواج النصب تارةً وأعاصير الابتزاز والاحتيال والتقاعس تارة أخرى.