الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا يريد أوباما من مصر والجيش المصري؟

نشر بتاريخ: 16/08/2013 ( آخر تحديث: 17/08/2013 الساعة: 09:15 )
بيت لحم- معا - صحيح أن اوباما لم يكسر قواعد اللعبة لكن إعلانه إلغاء المناورات المشتركة مع مصر يفسر دعما أمريكيا للإخوان المسلمين على الأقل سيرى الإخوان في الإعلان دعما أمريكي لهم، اذا ماذا يريد اوباما من مصر؟ مقدمة استفسارية استهل بها المحلل العسكري لصحيفة يديعوت احرونوت " روني بن يشاي" تحليله المنشور تحت عنوان"كرت اصفر لسيسي ودعما للإسلاميين ماذا يرد اوباما من مصر؟".

وأضاف "بن يشاي" أن إعلان الرئيس اوباما إلغاء التدريبات المشتركة بين الجيشين الأمريكي والمصري يمثل خطوة محسوبة وحذرة نسبيا حتى لا تؤدي الى قطع كامل او صراع علني مع السلطات المصرية الحالية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن القول إن اوباما تصرف تحت ضغوط حزبه ولأسباب عملية أيضا، ورغبة منه في منع تصعيد الجيش المصري لخطواته وإجراءاته المتخذة ضد الإخوان المسلمين.

ويبقى الاعتبار الأساسي الذي يقف وراء قرار الرئيس الأمريكي سعيه ورغبته في منع انزلاق مصر نحو أتون حرب أهلية تضاف إلى ما يجري حاليا في سوريا، حيث أدرك الأمريكان أخيرا بان للربيع العربي قواعده وقوانينه الخاصة به، منها أن قتل المتظاهرين يؤدي إلى ثورة عامة وحربا أهلية وهذا بالضبط ما حدث في مصر في المرة السابقة، وما حدث في سوريا وليبيا واليمن التي تشترك جميعها بصفة وقوع قمع دموي للتظاهرات، الأمر الذي ورط البلاد بحروب أهلية استمرت فعليا في جميع البلدان المذكورة حتى الان، حسب تعبير المحلل العسكري روني بن يشاي.

فيما نجح الزعماء العرب الذين امتنعوا عن الاستخدام المفرط للقوة في نهاية الأمر بالسيطرة على الأوضاع ولجم الأحداث في بلادهم كما حدث ويحدث في الأردن والسلطة الفلسطينية حيث لم تتحول الإحداث التي تفجرت قبل عاميين إلى تسونامي؛ لان عدد القتلى في صفوف المتظاهرين كان قليلا نسبيا والحديث لا زال للمحل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت".

"ومع ذلك من الواضح جدا بان إعلان الرئيس الأمريكي تعليق التدريبات المشتركة مع الجيش المصري سيفسر من قبل الإخوان المسلمين كدعم أمريكي لهم ولموقفهم، الأمر الذي سيشجعهم دون ادنى شك على مواصلة المواجهات مع الجيش المصري وبالتالي جر الجيش المصري إلى استخدام اليد الحديدية ضدهم وبهذه الطريقة سينجحون في تعقيد العلاقات التي تربط الجيش ليس فقط مع الولايات المتحدة بل أيضا مع المجتمع الدولي بأسره وهذا خطر يجب ان لا نتغاضى عنه وان لا نتجاهله"، قال ذلك المحلل.

سيناريو الرعب: الحرب الاهلية
تحت هذا العنوان الفرعي كتب "روني بن يشاي" أن الهدف المركزي للإدارة الأمريكية يتمثل في منع وقوع حرب أهلية في مصر ومنح السلطة المصرية المؤقتة فرصة ومزيدا من الوقت كي تعيد المسار الديمقراطي والسبب في هذا الموقف الأمريكي عدم الرغبة في خسارة الجيش المصري وهو احد الحلفاء الهامين في منطقة الشرق الاوسط، إضافة إلى تأثير الجيش المصري الكبير إن لم يكن الحاسم على مصير ومستقبل اتفاقيات كامب ديفيد وهذا أيضا احد الاعتبارات الهامة التي تأخذها الولايات المتحدة بالحسبان لذلك لا تسارع إلى كسر قواعد اللعبة مع الجنرال عبد الفتاح السيسي وتكتفي برفع البطاقة الصفراء في وجهه، ولهذا السبب بالضبط لم يعلق الرئيس الأمريكي المساعدات العسكرية السنوية التي تبلغ قيمتها 1:5 مليار دولار، لان خطوة من هذا القبيل كانت ستقود الأمور نحو رد متصلب من قبل وزير الدفاع المصري والضباط الذين يأتمرون بأمره.

إن الولايات المتحدة لا ترغب مطلقا بتوتر إضافي في العلاقات التي تربطها بالجيش المصري المتوترة أصلا في هذه الفترة ووصلت إلى ادنى مستوياتها، خاصة وان الجيش المصري مركز قوة هام جدا في الساحة المصرية، وإذا شعر بان ظهره قد بات نحو الحائط قد يتخذ خطوات من قبيل تعزيز علاقاته مع إيران ويمكن أن يصل حتى إلى تهديد اتفاق السلام مع إسرائيل".

عودة إلى سؤال البداية، ماذا يريد اوباما من مصر؟ في ظل غياب سياسة وإستراتيجية أمريكية بعيدة المدى فان الرئيس الأمريكي مهتما بأمريين الأول : وقف او تقليص قتل المتظاهرين إلى ادني مستوى، والثاني رفع حالة الطوارئ.

يريد الأمريكان وقف أو تقليص قتل المتظاهرين لاسباب عملية كما هو مفهوم، حتى لا تستقر المواجهات العنيفة في الشوارع المصرية تلك المواجهات التي قد تحمل في النتيجة كارثة للمنطقة عموما بما يشبه ما يحدث حاليا في سوريا، أما سبب أهمية رفع حالة الطوارئ بالنسبة للأمريكان عموما والحزب الديمقراطي خصوصا فيعود لأسباب قيمية.

ووضع المحلل قرار الرئيس الأمريكي تعليق التدريبات في المرتبة الخامسة أو السادسة حسب سلم يتكون من عشرة درجات خاصة وان القرار اهتم أيضا بسلامة الجنود الأمريكيين الذين سيصلون مصر في إطار التدريبات المشتركة وهناك خشية من وجود عدد ليس بالقليل من مؤيدي الإخوان المسلمين في صفوف الجيش المصري وهناك دائما إمكانية أو احتمالية أن يقوم هؤلاء باستهداف الجنود الأمريكيين بهدف الوقيعة بين واشنطن والجنرال السيسي.

العلاقة بين الإعلان الأمريكي وإسرائيل
هناك اعتبار عملي أخر يتمثل بحاجة الجيش المصري لجميع قواته خاصة القوات الأكثر تدريبا وحداثة؛ لاستخدامها في فرض النظام والقانون في أرجاء مصر إلى جانب قتاله على جبهة سيناء في مواجهة المنظمات المسلحة، لذلك فان شروط تنظيم تدريب واسع ليست ملائمة حاليا لا للجيش المصري ولا للجيش الأمريكي.

وحسب وجهة النظر الإسرائيلية الإعلان الأمريكي لا يحدث الكثير من التغير؛ لأن هذا الإعلان لن يغير وبشكل دراماتيكي منظومة العلاقات القائمة بين الجيش المصري والإسرائيلي، كما لا يغير المصالح المصرية الإستراتيجية فيما يتعلق بشبه جزيرة سيناء وإسرائيل، وإذا كان للقرار الأمريكي تأثير معين فسيكون باتجاه غزة والمجموعات المسلحة المنتشرة في سيناء، حيث يمكن ان يرى المسلحين في المنطقتين المذكورتين بالإعلان إدارة ظهر أمريكية للجيش المصري، وكما يستمد الإخوان المسلمين في مصر التشجيع من هذا الإعلان سيشعر الإسلاميين والسلفيين في سيناء وغزة بنفس التشجيع، اختتم المحلل مقالته.