الخميس: 29/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

الإسلامية المسيحية: المملكة المغربية تاريخ حافل وأمل مشرق بدعم القدس

نشر بتاريخ: 12/01/2014 ( آخر تحديث: 12/01/2014 الساعة: 15:46 )
القدس- معا - عبرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات عن تقديرها البالغ وإمتنانها العميق لدولة المغرب الشقيقة ملكاً وحكومةً وشعباً على احتضانها للدورة الـ 20 للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في على مستوى وزراء الخارجية، مشيرةً الى ان هذه الخطوة مهمة وضرورية في ظل الاوضاع الراهنة في مدينة القدس المحتلة، وما يحدق بالمسجد الاقصى المبارك من خطط تهويدية ومشاريع تلمودية تتمثل باستمرارية حفر الانفاق اسفله، واقامة الكنس داخله والاقتحامات اليومية لباحاته.

وأشادت الهيئة بجهود الملك المغربي جلالة الملك محمد السادس بدعم القدس ونصرة مقدساتها حيث ستعقد اللجنة برئاسته، وحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومشاركة أكثر من‏15‏ وزيراً للخارجية للدول الإسلامية‏،‏ يومي‏17‏ و‏18‏ الشهر الحالي بمدينة مراكش‏.

ومن جهته دعا الأمين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى الى مواصلة الجهود لفضح انتهاكات الاحتلال وتعرية ممارساته التهويدية في المدينة المقدسة امام العالم أجمع، مناشداً لجنة القدس بتفعيل قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالوضع القانوني لمدينة القدس وتحميل المسؤولية لمنظمة اليونسكو بحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية. مؤكداً على ضرورة اتخاذ لجنة القدس في مؤتمرها خطوات عملية وضرورية لدعم مدينة القدس المحتلة، وخاصة القطاعات الهامة المتمثلة في الصحة والاسكان والتعليم، لما لها من أأهمية في تجذر المقدسي في أرضه ومقاومته لمشاريع الاحتلال التهودية، إضافة لاتخاذ التدابير العملية لنصرة المقدسات الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس ووضع حد لانتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق المسجد الاقصى المبارك.

وفي هذا الصدد، إستذكرت الهيئة الإسلامية المسيحية التشريف التكليف الذي حظي به جلالة المغفور له الحسن الثاني برئاسة لجنة القدس التي تشكلت بقرار منبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة بمدينة فاس عام 1979، حيث دأب جلالتة على نصرة القدس ومقدساتها وأهلها – ففي نيسان 1984 عقدت لجنة القدس بدعوة من جلالة المغفور له الحسن الثاني دورة استثنائية، ناقشت خلالها المخططات الصهيونية الرامية إلى تهويد مدينة القدس، وإخلاء أهلها العرب من مسلمين ومسيحيين، ومحاولات إسرائيل الضغط على بعض الدول لنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، وقد قررت اللجنة خلال هذا الاجتماع قطع العلاقات الدبلوماسية فورا مع كوستريكا والسالفادور، كما أوصت بتكثيف الاتصالات مع «حاضرة الفاتكان» وحثها على اتخاذ موقف صريح ومعلن من الإجراءات الإسرائيلية في القدس، كما خصصت اللجنة يوم 18 ايار 1984 في جميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ليكون يوماً للقدس تخصص خطب الجمعة فيه للتنديد بالأعمال العدوانية التي تمارسها إسرائيل ضد القدس الشريف.

وفي 5 كانون الثاني 1988، ترأس جلالة المغفور له الحسن الثاني بالقصر الملكي بمصطاف إفران، أعمال الاجتماع العاجل للجنة القدس الذي دعا جلالته إلى عقده لبحث الوضع القائم في القدس الشريف والإنتفاضة الفلسطينية، ونتيجةً لخطابه السامي، انتزع جلالته من خلال الرسالة الجوابية التي تلقاها من الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغن أول اعتراف أمريكي رسمي بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وتمخض أيضاً عن ذلك الاجتماع اعلان يوم الجمعة 25 جمادى الأولى 1408 الموافق 15 يناير 1988 يوما للتضامن الإسلامي مع الانتفاضة الفلسطينية والدعوة إلى تخصيص خطبة الجمعة في ذلك اليوم بجميع مساجد العالم الإسلامي للتحدث عن الانتفاضة وعن آلام شعب فلسطين ومعاناته وصموده، وإلى إقامة صلاة الغائب ترحماً على أرواح الشهداء في اليوم نفسه. وأوصت اللجنة الحكومات الإسلامية باتخاذ الترتيبات اللازمة لتنظيم حملة للتبرع بأجر عمل يوم واحد تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في انتفاضته. وأقرت اللجنة توجيه برقيات إلى السكرتير العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن لدعوتهم إلى التدخل العاجل لوقف الممارسات الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل في الأراضي العربية المحتلة وإلى اتخاذ الإجراءات الرادعة ضد الكيان الإسرائيلي وإقرار إنزال العقوبات به وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

كما إستذكرت الهيئة الإسلامية المسيحية مشاركة المملكة المغربية في الحروب العربية الإسرائيلية، إذ وقف الجيش المغربي في سنة 1967 وسنة 1973 بجانب الجيوش العربية مجاهداًَ، ومضحياً بالنفس والنفيس لإعلاء راية الحق.

وفي سنة 1998 بادر المغفور له جلالة الحسن الثاني إلى تأسيس وكالة بيت مال القدس للحفاظ على هوية مدينة القدس الشريف وطابعها الديني والثقافي والحضاري ودعم المقدسيين وكافة أفراد الشعب الفلسطيني في صمودهم ضد الكيان الصهيوني الغاصب، حيث بدأت الوكالة منذ تأسيسها في تمويل المشاريع والبرامج التي تدعم وتعزز الوجود العربي والإسلامي في القدس الشريف بشراكة وتعاون مع المؤسسات والفعاليات العربية الإسلامية والدولية.

كذلك إستذكرت الهيئة الإسلامية المسيحية القرارات العملية التي اتخذها جلالة المغفور له الحسن الثاني لمساعدة الفلسطينيين ودعمهم بما يحتاجون إليه من مال وعتاد، ودعوته المغاربة أجمعين للتعبئة والمساهمة للدفاع عن القضية الفلسطينية كفرض بعض الضرائب على بعض المواد الكمالية المستهلكة، وتخصيصها لمساعدة الفلسطينيين، وتشجيع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني التي تضم في صفوفها خيرة العناصر المغربية وطنية وثقافة وجهاداً ومركزاً وجاها للعمل على تعبئة الجماهير المغربية، وتوعيتها بمناصرة المجاهدين الفلسطينيين.

أما جلالة الملك محمد السادس فهو خير خلف لخير سلف، حيث لم تقتصر جهود جلالته على التحركات الدبلوماسية ومساعيه لدى قادة الدول العظمى والدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي? بل شملت تكثيف الاتصالات مع كل من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة باعتباره المؤتمن على تنفيذ القرارات الأممية واحترام الشرعية الدولية، ورئيس الاتحاد الأوروبي بالنظر للدور الفاعل الذي يقوم به الاتحاد داخل الرباعية الدولية فضلا عن بابا الفاتيكان لما له من مكانة روحية واهتمام بالسلام وكذا حرصه على المقدسات المسيحية بالقدس وعلى التعايش بين مختلف الأديان، والمدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو).

وفي سنة 2010 قدم جلالته تبرعاً سخياً، بمبلغ ستة ملايين دولار من ماله الخاص لوكالة "بيت مال القدس الشريف" لدعم مشاريعها العديدة في القدس الشريف؛ هذا بالإضافة إلى تمويل الحكومة المغربية الشقيقة وشعبها كامل موازنة الوكالة ؛ وذلك في المجالات التعليمية من خلال بناء المدارس والغرف الصفية، وفي المجال الصحي من خلال تزويد المستشفيات بالأدوية والأجهزة الطبية وبناء المراكز الطبية، وفي مجال الإغاثة الإنسانية من خلال توزيع الطرود العاجلة للمواطنين المقدسيين في المناسبات والأعياد، وفي مجال الإسكان من خلال بناء البيوت والوحدات السكنية.

ففي مجال الإسكان وترميم المآثر والبنايات التاريخية? قامت الوكالة بدعم وتمويل برنامج الإقراض الفردي والجماعي لبناء وترميم البيوت والمساكن بهدف توفير قروض ميسرة وبدون فوائد لذوي الدخل المحدود والمتوسط من أهالي مدينة القدس لبناء وحدات سكنية جديدة أو استكمال وحدات سكنية قائمة (التشطيب). وأنجزت الوكالة مشاريع أخرى في مجال التعمير? من بينها مشروع إسكان المعلمين الذي يهدف إلى توفير سكن لأعضاء جمعية إسكان معلمي القدس يغنيهم عن معاناة استئجار البيوت في القدس? ومشروع تأهيل وترميم مساكن الفقراء والمهمشين الذي يهدف إلى تقديم منح صغيرة للأسر المهمشة والفقيرة وذلك من أجل توفير الحد الأدنى من مواصفات المسكن الكريم للمقدسيين. وفي هذا المجال بترميم الزاوية المغربية التي تعتبر آخر ما تبقى من حارة المغاربة وتقطن بها 16 عائلة مقدسية من أصول مغاربية في ظروف سكنية غاية في الصعوبة? إضافة إلى ترميم مساجد في البلدة القديمة بالقدس وترميم مباني تاريخية.

وفي المجال الاجتماعي? يعتبر برنامج العيش الكريم أكبر برنامج تنفذه وكالة بيت مال القدس الشريف في هذا القطاع? وتقوم فكرة البرنامج? الذي انطلق العمل به في ايار 2008 على توزيع الخبز على الأسر الفقيرة والمحتاجة في القدس الشريف بقدر 20 ألف رغيف خبز يوميا لفائدة 1000 عائلة محتاجة في مرحلة أولى وحوالي 2000 عائلة في مرحلة لاحقة. ويهدف هذا البرنامج? الذي بلغت كلفته إلى حد الآن 4,4 مليون دولار إلى مواجهة الحصار الاقتصادي الذي يستهدف الإنسان المقدسي? وما يترتب عنه من غلاء المعيشة الفاحش وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

كما أطلقت الوكالة في 20 أكتوبر من سنة 2010 برنامجها لكفالة 500 يتيم مقدسي? وهو يوفر كفالة شاملة للأطفال المستفيدين تشمل المنحة الشهرية وتغطية الرسوم الدراسية والحقيبة والزي المدرسي والتغطية الصحية والمساعدات الغذائية في شهر رمضان وخلال المناسبات الدينية لعائلات الأيتام المستفيدين من البرنامج.

وفي قطاع الصحة? أنجزت الوكالة مجموعة من البرامج لمساعدة المرضى والجرحى والمعوزين من بينها شراء جهاز تحديد الأورام السرطانية وحواسيب متخصصة للربط بين أجهزة علاج السرطان بمستشفى المطلع? وتجهيز قسم العلاج الطبيعي بمستشفى المقاصد حيث تم شراء 35 جهاز طبي لقسم العلاج الطبيعي مع مستلزماته بمستشفى المقاصد.

ودعما لحقوق المقدسيين المعرفية والثقافية? أنجزت الوكالة خلال السنوات التي تلت تأسيسيها مشاريع مهمة في هذا المجال تتمثل? بالخصوص? في تجهيز وتأهيل مدارس وكليات ورياض أطفال? وتقديم منح للطلبة المقدسيين تغطي الأقساط الدراسية? وفي بعض الحالات مساعدة اجتماعية لتغطية جزء من نفقات المعيشة للطلاب المحتاجين? وإيجار مباني لاستعمالها كمدارس بالقدس? ناهيك عن شراء مباني سكنية وتحويلها إلى مدارس.

وفي قطاع الشباب والرياضة والثقافة? تركزت مشاريع الوكالة بالأساس على تأهيل الملاعب الرياضية? وتجهيز نوادي الشباب? وتقديم الدعم المادي لبعض الفرق الرياضية المقدسية? وتنظيم المخيمات الصيفية لفائدة الأطفال المقدسيين? وتأهيل المراكز الثقافية بالمدينة. ومن بين ما أنجزته الوكالة في هذا الشأن? تأهيل ملعب رياضي لفائدة جمعية مركز برج اللقلق المجتمعي? وتأهيل ملعب رياضي لفائدة جمعية جبل الزيتون? إضافة إلى تجهيز 7 نوادي رياضية بكل ما يلزمها من احتياجات (أحذية وملابس رياضية? احتياجات الفرق الكشفية? كرات قدم? أدوات وآلات موسيقية? أجهزة لياقة بدنية? رفوف للكتب? طاولة تنس ومضارب? ملابس تراثية لفرق الفنون الشعبية..)? واقتناء أجهزة رياضية لفائدة نادي شباب عناتا المقدسي.

وحفاظاً على ذاكرة فلسطين وإسهاماً في توثيق جزء من تاريخها الحافل بالأحداث? أقامت الوكالة في مقرها المركزي بالرباط بداية من عام 2009 مكتبة متخصصة في تاريخ القدس وفلسطين لحفظ نسخ من النفائس والكتب والمخطوطات التي يمكن الحصول عليها من مصادر مقدسية وعالمية? وتم تجهيزها بالنظم المعلوماتية المتطورة وفتحها في وجه الدارسين والباحثين والمهتمين? وهي تضم إلى حد الآن أكثر من 5400 عنوان متخصص? بملغ استثمار قدره 400 ألف دولار إلى حد الآن.

كما أطقلت الوكالة في هذا السياق مشاريع من بينها مشروع توثيق البلدة القديمة في القدس لتوثيق ثلاثة آلاف و600 موقع داخل البلدة القديمة ومركز “يبوس الثقافي” ودعم الهيئات العاملة في القدس بغلاف مالي بلغ 1,3 مليون دولار? ومشروع كتاب تدوين تاريخ القدس لتدوين تاريخ القدس منذ الاحتلال الإسرائيلي إلى عام 2010 ? ينفذ في مدينة القدس وبالأخص داخل المسجد الأقصى وفي قسم المخطوطات والتراث.

فكل الشكر والعرفان لجلالة الملك محمد السادس على جهوده وتحركاته المستمرة لدعم القضية والشعب الفلسطيني في المحافل الدولية وقيادته للجنة القدس ووكالة بيت مال القدس الشريف.