السبت: 11/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

د. عشراوي تسمع ناشطات من مشروع "أصوات من أجل التغيير"

نشر بتاريخ: 13/02/2014 ( آخر تحديث: 13/02/2014 الساعة: 14:03 )
رام الله- معا - على مدى نحو ساعتين من الاستماع والنقاش والمداخلات، جمعت بين القيادية الفلسطينية د. حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيسة مجلس إدارة المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، مع عشرات من القيادات النسوية الشابة، بات بمقدور هؤلاء القياديات الاطلاع والاستفادة من تجربة د. عشراوي في ميادين السياسة، والتعليم، والريادة المجتمعية على مدى عدة عقود من الزمن، لخصت تجربة مهمة في العمل الوطني الفلسطيني.

اللقاء عقد في مقر منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، وجاء تحت عنوان " دور الشباب في الحياة المجتمعية"، وهو تتويج لمشروع دعم القيادات النسوية الشابة المجتمعية "أصوات من أجل التغيير"، الذي تنفذه "مفتاح" بالتعاون مع القسم الثقافي في القنصلية الأمريكية العامة بالقدس.

وكما اللقاءات السابقة التي عقدت مع قياديات فلسطينيات كان آخرها اللقاء مع زهيرة كمال أمين عام "فدا"، فإن اللقاء مع الدكتورة حنان عشراوي، يندرج في إطار برنامج تقوية القيادات النسوية الهادف إلى تمكين مكونات المجتمع القيادية من المشاركة في تعزيز الديمقراطية والحكم الصالح ورفع الوعي المجتمعي تجاه حقوق المواطنة الصالحة وواجباتها.

بدت القيادات الشابة أكثر اهتماما بالتعرف على تجربة د. عشراوي منذ أن دخلت معترك الحياة الجامعية، والسياسية، وما تبوأته لاحقا من مناصب رفيعة في أكثر من ميدان، وما اكتسبته من كاريزما وحضور إعلامي وسياسي لافت.

كان واضحا رغبة القيادات الشابة، المتحدرات من مناطق جغرافية عدة، وبينهن ربات بيوت وطالبات جامعيات، في الاستفادة والتعلم، فكانت اسئلتهن موجهة نحو معرفة التحديات التي واجهت د. عشراوي في مسيرتها الطويلة، وكيف تغلبت عليها. سألنها عن دور الشباب والمأمول منهم، رغم ما يعانيه الجيل الشاب من تهميش وإقصاء في مواقع صنع القرار. وكن حريصات على معرفة الكيفية التي يمكن من خلالها تعزيز دورهن كقيادات شابة داخل مجتمعهن، ليس في ميدان السياسة فحسب، بل في ميادين الريادة المجتمعية المختلفة.

هذا التوجه من قبل القياديات الشابة والإصرار على الاستزادة والاستفادية ممن سبقهن من قيادات العمل النسوي، كان نتاج برنامج مكثف من بناء القدرات والجلسات الحوارية التي نفذته "مفتاح"، واشتمل على دورات تدريبية في وسط وشمال وجنوب الضفة، تخللها التدرب على القيام بحملات دعم ومناصرة، وبناء تحالفات وشبكات، وتعزيز مهارات الاتصال والتواصل، والتعامل مع وسائل الاعلام المرئي والمسموع.

في حين أتاحت الجلسات الحوارية، ومنها "اللقاء مع د. عشراوي ، ومن قبلها زهيرة كمال لمجموعات الشابات التعبير عن أرائهن وطرح وجهات النظر بشكل يعزز من بناء قدراتهن.

في روايتها المتصلة عن تجربتها الوطنية والمجتمعية، تحدثت د. عشراوي في السياسة، ودخولها معتركها سواء في السلطة التنفيذية والتشريعية، أو في دخول منظمة التحرير الفلسطينية في وقت كانت سياسة الاقصاء والتهميش للمرأة مستمرة، ولم يكن من السهولة بمكان للمرأة أن تتبوأ المناصب الرفيعة في مراكز صنع القرار.

أكدت أن الريادة ليست في السياسة فحسب، بل في كثير أيضا من شؤون المجتمع، وفي ميادين الخدمة المختلفة، ولا تأتي هذه الريادة بين عشية وضحاها بل هي نتاج عمل دؤوب، وتعزيز مفاهيم العمل الاجتماعي والتطوعي وممارسة ذلك واقعا على الأرض، والعمل على تراكم الانجازات واالنجاحات حتى يبنى عليها المستقبل.

وفي عنوان اللقاء الرئيس الذي جمعها مع الناشطات الشابات، أكدت د. عشراوي على مركزية دور الشباب، وأن المستقبل لهم، وبالتالي لا بد من إفساح المجال للجيل الشاب وفي جميع المجالات والميادين من الوصول إلى مراكز صنع القرار، والاستفادة من قدراتهم الابداعية. ولا يتأتى هذا بالطبع إلا في الانتخابات التي علينا أن نكرسها نهجا يوميا في حياة مجتمعنا، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير.

في هذا الإطار أكدت د. عشراوي على أهمية الانخراط في الحياة اليومية للمجتمع، وتحسس همومه ومشكلاته واحتياجاته، وأكدت أن الانخراط في العمل التطوعي هو مصدر القوة للمرء على خلاف ما يعتقد البعض أن السياسة هي مصدر القوة.

وحتى توصل فكرتها إلى الناشطات الشابات، استعرضت د. عشراوي تجربة العمل التطوعي في جامعة بير زيت، والتي كانت تشارك فيها مع زملائها، ومع الطلبة باندفاع المقتنع بالفكر والعمل الطوعي، وهي مرحلة فريدة في تاريخ شعبنا تشكلت خلاله وإبان الانتفاضة الشعبية الأولى لجان الأحياء التي تولت تسيير الحياة اليومية للمواطنين ومواجهة التحديات والظروف الاستثنائية التي نجمت عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في تلك الفترة.
لم تغفل د. عشراوي، وهي تتحدث إلى الناشطات الشابات عن دور المرأة، وما واجهته ولا تزال تواجهه من تحديات. وفي هذا السياق أشارت إلى أن المرأة معرضة على الدوام لكثير من الضغط المجتمعي، وتخضع لمقاييس ومعايير صارمة جدا لدى الحديث عن خبرتها تطالبها بأن تكون مثالية، دون الاعتبار للقيود والتحديات التي تواجهها، ومنها سوء استخدام الدين من أجل قمع المرأة، إضافة إلى مفاهيم الشرف التي تستخدم لمزيد من الضغط، في مجتمع مبني على العيب.

بالنسبة للدكتورة عشراوي، ليس المهم الوصول إلى المنصب. بل المهم ماذا يمكن أن نفعله، وأن نقدمه لمجتمعنا خلال وجودنا فيه.

إحدى الناشطات الشابات، توقفت عند حديث د. عشراوي، وسألتها : ولكن ماذا عن الإحباط؟ نحن كشابات نعاني منه؟ كيف يمكننا مواجهة هذا التحدي، وبأي الوسائل؟

في جوابها على تساؤل الشابة المذكورة، أكدت د. عشراوي إدراكها لما يشعر به الشباب، وأن الواقع الحالي من الصعب تغييره في لحظة أو لحظات من الزمن، لكن هذا لا يمنع الشباب من التعبير عن أنفسهم من خلال العمل التطوعي وممارسة ما يؤمنون به في هذا المجال. أضافت:" ليست معضلة الشباب في الثورة على قياداتهم، فالاحتلال قائم، والاستيطان وسياسة التطهير العرقي مستمران، أما العالم العربي اليوم فكل منشغل بأوضاعه الداخلية، فيما الوضع الفلسطيني برمته مرتهن إلى قضايا وتأثيرات خارجية وبالتالي مجالات التعبير ضعيفة. لكن من المهم أن يصنع الإنسان فرصته في التعبير وإثبات الذات مهما كانت هذه الفرصة متواضعة".

ناشطة أخرى، اختارت أن تتوقف عند ما قالته د. عشرواي حول العمل التطوعي وأهميته، وسألتها" نحن نتطوع في أكثر من مجال، لكن ما نتيجة هذه الأعمال التطوعية؟ لا شيء.

كان جواب د. عشراوي مرة أخرى التأكيد على أهمية العمل التطوعي في بناء الذات، وبالتالي تغيير المفاهيم الاجتماعية السائدة، مع التأكيد على طبيعة العمل التطوعي ومصداقيته، ," نحن مستعدون أن ندعم أي مبادرات شبابية في هذا الاتجاه. المهم هو الإحساس بالتغيير".

تعتقد د. عشراوي، أن السلطة التي لا تواجه تحديا من الجيل الشاب، هي سلطة متحجرة. وبالتالي من المهم أن تكون لدينا انتخابات دورية، وضخ دماء جديدة في كل مفاصل المجتمع، كما لا بد من أن تتوافر فرص العمل لشبابنا وأن يتاح لهم قيادة مجتمعهم، وهنا " لا بد من أن نعزز العمل التطوعي وخدمة المجتمع، لأنها تساهم في رفع قيمة الفرد" – كما تقول د. عشراوي.

أخيرا، حذرت د. عشراوي، من ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع الفلسطيني، في إشارة منها إلى التقرير السنوي الذي أصدرته الشرطة الفلسطينية مؤخراـ واعتبرت ما ورد في التقرير مؤشر خطير على حالة الاستقرار المجتمعي، وشددت على أهمية مصارحة الرأي العام في كل ما يتعلق بمشكلاته وقضاياه، ورفضها السرية في العمل.