الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نص كلمة الجبهة الديمقراطية في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني

نشر بتاريخ: 21/06/2007 ( آخر تحديث: 21/06/2007 الساعة: 23:01 )
بيت لحم -معا- نص كلمة الجبهة الديمقراطية التي ألقاها الرفيق فهد سليمان في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني:

الأزمة المتلاحقة فصولاً من قطاع غزة ابتداءً " بلغت مدى " غير مسبوق في تاريخ الصراعات الداخلية الفلسطينية. إنها أزمة بحجم الوطن، وهي نتاج لمراكمة مديدة وسمها الانفراد والتفرد في ممارسة السلطة، استدارت بعد إدراك عمق مأزقها إلى المحاصصة الثنائية التماساً للخلاص فوقعت بما هو أفدح: الاقتتال الداخلي الذي قاد إلى الانقلاب الذي أدارته حركة حماس باللجوء إلى القوة المسلحة لحسم الصراع على السلطة والسيطرة على مقراتها وتفكيك أجهزتها الأمنية في قطاع غزة وما تخلل ذلك من ممارسات مشينة ومرفوضة.

نقول هذا، دون أن تغيب عنا لحظة واحدة مسؤولية الاحتلال الذي يبقى هو الأصل في جميع المصائب التي لحقت وتلحق بشعبنا، فهو مكمن الشر دون أن يعني ذلك إعفاء أنفسنا من مسؤولية ما وقع.

ونؤكد على هذا ليس على خلفية مشهد الدم والنار والدمار الذي لف أرض الوطن فحسب، بل أيضاً ذلك الموقع الآخر في وجودنا في الشتات، وأقصد مخيم نهر البارد الشهيد الذي لم يكن ليتعرض لما تعرض له لولا انكشافه على الخارج وعلى الإرهاب التكفيري بالذات في ضوء افتقاده للحد الأدنى من المنعة الداخلية لغياب الوحدة الداخلية.

وهي مناسبة لنؤكد التزامنا كمنظمة تحرير أولاً وأخيراً بإعادة اعمار مخيم نهر البارد وضمان عودة أهله إلى بيوتهم في المخيم معززين مكرمين، ليواصلوا مساهمتهم النضالية من اجل استعادة حقوقنا الوطنية بما فيها حق العودة إلى الديار والممتلكات. ونعود إلى أرض الوطن لنتناول ثلاث قضايا:

أولاً: إذا كان السند القانوني لإقامة الحكومة الفلسطينية الثانية عشر ليس موضع طعن أو تشكيك لا من زاوية ما يتيحه القانون الأساسي للرئيس من صلاحيات ولا من حيث سياق الأحداث الذي جعل من هذه الحكومة خياراً اضطرارياً لا بديل منه، فلا يمكن اعتبار هذه الحكومة سوى خطوة افتتاحية قابلة للتقدم، وللتراجع كذلك، تبعاً لقدرتها على الاجتياز بنجاح لاختبار الجدوى السياسية التي هي المقياس الأول والأهم لمدى مشروعيتها السياسية ولشرعيتها الشعبية، هذه الجدوى السياسية التي تتمثل في المقدمة بأولويتين: الأمن والأمان من جهة، وبداية تلمس طريق الخروج من الأزمة المعيشية الخانقة من جهة أخرى.... إن هذه الخطوات يجب أن تؤسس لإنهاء الشلل الذي تعاني منه مؤسسات السلطة في الضفة وغزة وفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية وتشريعية على أساس التمثيل النسبي الكامل باعتبارها المخرج السلمي والديمقراطي الناجع لحل الأزمة. إن هذا سيسمح بتصعيد الكفاح بالميدان ضد الاحتلال والاستيطان، كما يسمح بتمكين اللجنة التنفيذية من إدارة العملية السياسية مغلقة الآفاق حالياً بأسلوب يدرأ عن شعبنا وقضيتنا مخاطر النكوص أو المراوحة في المكان التي لن ينجم عنها سوى المزيد من التآكل في الموقف والموقع الفلسطيني.

وإذا كان تفعيل مؤسسات السلطة وإصلاحها هو الأساس في عمل الحكومة وفي الحكم عليها، فلا يفوتنا حتى لا نحملها ما لا طاقة لها عليه، أن نشير إلى خصوصية العلاقة بين هذه المؤسسات والسلطة عموماً وبين تنظيم بعينه يهيمن عليها إلى حدود بعيدة، وذلك لجهة أن يصلح هذا التنظيم ما بنفسه حتى يفرج عن إمكانية إصلاح وتفعيل مؤسسات السلطة.

وفي هذا نحن لا نسعى إلى محاكمة الماضي بقدر ما نطمح إلى الاستجابة لنداء المستقبل مؤكدين مرة أخرى على رفض كافة الممارسات التي تنتقل بالصراع الدموي إلى الضفة الغربية ودعوة الجميع إلى التزام سيادة القانون والوقف الفوري لأية انتهاكات واعتداءات على المؤسسات والممتلكات والمواطنين بصرف النظر عن انتمائهم السياسي.

ثانياً: عنوان الشرعية الفلسطينية هو م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا. لا يمكن السماح بأي شكل بالمساس بوحدانية الشرعية المتجسدة في المنظمة. في رحابها نتفق ونختلف، ولكنها مرجعية المرجعيات، ومرجعية جميع المؤسسات الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية، دون أن يعني ذلك حلول مؤسسات م.ت.ف. مكان مؤسسات السلطة.. فالمجلس التشريعي يعرف نفسه بنفسه، وكذلك المجلس المركزي، ولا داعي لمصادرة الثاني لمهام الأول، وقد علمت التجربة أن تهميش السلطة في عقدها الأول لمؤسسات م.ت.ف. أضر بالسلطة كما بالمنظمة، والنزوع إلى أن تجري المصادرة باتجاه عكسي يلحق الأذى بالمؤسستين معاً، فضلاً عن تعذره من الناحية العملية والقانونية.

إن الشرعية ليست كلمة تقال أو فعل إيمان بل ممارسة تمر عبر تفعيل المؤسسات وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية وائتلافية جامعة من مدخل إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في الوطن والشتات وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الكامل ضمن مهلة زمنية يتم التوافق عليها وطنياً.

ثالثاً: الأزمة الحالية لم تعرف بأزمة النظام السياسي الفلسطيني بقدر ما كشفت عن ضرورة تسريع مسار إصلاحه إن لم نقل ترميمه. وفي هذا الإطار ثمة عنوانان لا يمكن تجنب تناولهما معاً ونحن بصدد استشراف المقبل علينا وهو صعب وشديد التعقيد:

العنوان الأول هو الديمقراطية التي ارتضيناها أساساً لنظامنا السياسي، فلا ديمقراطية بدون انتخابات ولا انتخابات بدون قوانين ديمقراطية تنقل اهتمامات مختلف مكونات المجتمع إلى المستويات التشريعية والتنفيذية. والتمثيل النسبي الكامل هو القاعدة التي ينبغي أن تعتمدها هذه القوانين للتخلص من لا ديمقراطية الصوت الواحد الذي يرفع من يشاء ويسقط من يشاء.

وبالنتيجة لا يسعنا سوى الترحيب بأن يتبنى المجلس بجميع قواه هذه الوجهة بمن فيهم وخاصة أولئك الأخوة الذين اقتنعوا بجدوى التمثيل النسبي الكامل بعد اصطدامهم بنتائج انتخابات التشريعي الأخيرة، وعليه نطالب بتثبيت قاعدة النسبية الكاملة في جميع القوانين الانتخابية من المجلس الوطني إلى التشريعي مروراً بجميع مؤسسات المجتمع المدني.

أما العنوان الثاني فيتناول الحوار الوطني باعتباره ذلك الاستحقاق الذي لا بد منه ولا غنى عنه، فالمصلحة الوطنية تمليه كما الواقع الموضوعي وميزان القوى. والحوار الوطني المنشود هو الذي ينقلنا عبر المصالحة الوطنية الواجبة بعد الأحداث الأخيرة إلى رحاب الوحدة الوطنية.

وبالتالي المسألة ليست في الوجهة التي لا يختلف عليها اثنان، بل في الشروط التي ينبغي التعجيل بتوفيرها لإطلاق هذا الحوار والتي تتمثل بإعادة مؤسسات السلطة إلى الحكومة الجديدة التي يرأسها الأخ سلام فياض، وبما يؤسس لحكومة إتحاد وطني حقيقية هذه المرة حددت وثيقة الوفاق الوطني خطوطها الأساس وليس مجرد حكومة ائتلاف برلماني كنا في غنى عنها وإن أوجبت المحاصصة الثنائية اجتراحها.