الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مستكشفو فلسطين ينطلقون في جولة الى بتير والمخرور

نشر بتاريخ: 22/04/2014 ( آخر تحديث: 22/04/2014 الساعة: 11:20 )
بيت لحم -معا- ضمن مسلسل الاستكشاف الذي تنفذه مجموعة "مستكشفو فلسطين" انطلقت جولة استكشافية جديدة، وكانت هذه المرة باتجاه بتير ومقاطع من مسارها السياحي ، فقبل أن تبلغ الساعة الثامنة صباحا كان أعضاء المجموعة الاستكشافية خضر أبو عبيد، خالد بركات، محمود أبو سالم، نزار العيسه، محمد أبو عجمية، محمد رقبان ومحمد أبو زر قد بلغوا قرية بتير التي ما زالت تتشبث بخواصر جبال تشرف على احد أهم الممرات التي تربط القدس بالداخل والساحل.

وبدأت جولة المجموعة الاستكشافية من عين البلد والحمام الروماني الذي يجاورها قبل أن تنطلق المجموعة نحو سكة الحديد مرورا بالبركة الرومانية وضريح (أبو يزيد) وحارة السبع أرامل، ثم انحدار الدرب المتعرج بين المساطب الزراعية الأقدم في هذه النواحي. "لقد كانت هذه المساطب احد الأسباب الرئيسة التي ساهمت في إيصال ملف بتير المدرجة على قائمة التراث العالمي إلى اليونسكو" قال محمد أبو عجمية مدرس اللغة العربية في ثانوية بيت لحم وهو يتأمل المدرجات الزراعية التي تأسر الألباب. صوت القطار القادم من جهة ما كان لنا يوم ، كان سبباً في حث الخطى لملاقاته. بعد التقاط مجموعة من الصور كان بيت المربي الفاضل الأستاذ محمد حسن (أبو عصام) هو المحطة القادمة، لم تطل مدة الإقامة في بيت أسطورة التعليم الذي قضى من حياته أكثر من خمسة وأربعين عاما بين مقاعد الدارسة .

عندما التقاه أعضاء المجموعة كان يتحرك في حقله الصغير امام بيته متنقلاً ببطء بين أشجار زيتون شاخت مثله هي الأخرى ، دقائق وكان الكل يبتعد عن منزله بعد إن ودعهم بحرارة لافتة استوقفتهم كما استوقفهم إصراره الغريب على استضافتهم، فقد شعر كثيرون منهم انه ربما ، ربما يودعهم وداعاً أخيرا بطريقته الخاصة . |276388|

قبل ان تبلغ الساعة العاشرة والنصف كان أفراد المجموعة الاستكشافية قد أصبحوا جزءاً من تضاريس المخرور ونظامه الحيوي وأصبح حتى التواصل بين من يبتعدون عن بعضهم امتاراً عدة شبه مستحيل فقد كانت الأشجار والنباتات تحتل كل جزءٍ من تلك النواحي. محمود أبو سالم الموظف في وزارة التربية والتعليم واحد أعضاء المجموعة الاستكشافية أنطقته روعة المكان "للحظة تخيلت أن الساعة قد قامت وأننا بعثنا وأنني ممن استلموا كتابهم بيمينهم فأفضل وصفاً لهذا المكان انه قطعة سقطت من الفردوس واستقرت على الأرض" .

وأثناء تنقل أفراد المجموعة في المخرور استوقفتهم روائعه المتنوعة فهذه عين عمدان العذبة وتلك قلعة الكلية، الجلمود الصخري هائل الضخامة ذو الأربعة طوابق ارتفاعا والذي تدحرج من سفح الجبل، ومجموعة من الكهوف الرومانية وسفح تتصارع اشجار البلوط مع الصنوبر على ستر عورته وجرف صخري يتشظى عبر ملايين السنين ولكنه ما زال يقاوم ويقاوم .

وكانت مسارات ودروب الفردوس الأراضي "المخرور" فقيرة إلا من بعض المجموعات القادمة من بلاد بعيدة . فهذه عائلات آباء وأمهات وأطفال أتوا من مدن الساحل الألماني المطل على بحر البلطيق وتلك مجموعات شبابية آتت من أقصى شمال القارة الأوروبية ليس بعيداً عن القطب الشمالي ، فهم من السويد والنرويج وفنلندا.

المجموعة الأخيرة كانت تتكون من طلاب جامعات بلجيكيا جلهم كان يتقن اللغة الانجليزية وهذا كان سبباً في لقاء حضارات شهدت عليه جنبات المخرور. لقد ابتدأ اللقاء بابتسامات ومجاملات وأحاديث عن الحياة والإنسانية والطبيعة والمكان والزمان وخصوصا هذا المكان وهذا الزمان ولكنه انتهى بطريقة مريعة، انتهى بشكل مأساوي. فقد أصاب احد طلبة جامعة بروكسل كل افراد المجموعة الاستكشافية بالذهول وربما سيصاب كل من سيقرأ هذه السطور بالذهول أيضا. لقد أكد هذا الطالب وتحدى كل من له علاقة بالأمر ان يثبت عكس ذلك، لقد أكد بأنه لم يتم إدراج بتير ومسارها السياحي الممتد على طول المخرور على قائمة التراث العالمي وأوضح ان السبب في ذلك تهديد إسرائيلي أمريكي بقطع المساعدات عن السلطة إن أصرت على ذلك فما كان من الضعيف الا ان رضخ لابتزاز القوي. لم يكتف بذلك بل أضاف بصوت متهدج " أكثروا من زيارتكم لهذه الروائع الطبيعية فمستوطنة على وشك ان يبدأ بتنفيذها ستبتلع كل ما يصلح للبناء في"المخرور" ثم نظر إلى السماء وأشار الى يمينها وأوضح انه من المفترض ان يربط جسر معلق مستوطنة رأس بيت جالا "هار جيلو " بالمستوطنة الجديدة. استنكر أفراد المجموعة ما سمعوا ولكنّه استل خريطة باللغة الانجليزية من حقيبة ظهره أثارت ذهول الجميع فسكتوا.

وأمضى أفراد المجموعة الاستكشافية سحابة يومهم في واحدة من روائع الطبيعة والتاريخ -بتير ومسارها "المخروري". ما أن بدأت الشمس تهجر الأرض حتى بدأ أفراد المجموعة يهجرون المخرور سيراً على الاقدام باتجاه بيوتهم. في الطريق الطويلة الملتوية بين الجبال قطع خضر أبو عبيد مدرس اللغة الانجليزية صمت الليل وسأل بصوت حالم "أيعقل ان يعلم كل أهل الدنيا عنا وعن أرضنا ومستقبلنا ما لم نعلمه ؟ إنْ صدق هذا الشاب البلجيكي فهذه حتما طامة كبرى " وما ان بلغت الساعة التاسعة مساء حتى كانوا قد انهوا يومهم الاستكشافي بعد ان قطعوا أكثر من 15 كيلومتر .