تقرير- هل تحوّل الصراع الى شخصي بين نتانياهو ومحمود عباس؟
نشر بتاريخ: 05/01/2015 ( آخر تحديث: 05/01/2015 الساعة: 19:44 )
تقرير اسرة التحرير وكالة معا - شعر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالخذلان والغدر حين سقطت رئيسة وزراء اسرائيل السابقة تسفي ليفني وتمكن بنيامين نتانياهو من تشكيل حكومته الثالثة، فقد تنصلت حكومة نتانياهو عن التفاهمات التي كانت جرت في فندق الانتركونتنتال باريحا وذهبت جميع وعودات لفني ادراج الرياح تماما كما ذهبت وعودات رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت.
وفي الغرف المغلقة كان الرئيس عباس يتساءل اذا كانت هذه صدفة ام لا؟ وهل يعقل ان كل رئيس وزراء في اسرائيل يوافق على الانسحاب من الضفة الغربية يقتل مثل اسحق رابين او يسقط مثل شمعون بيريس او يتخلى عن الحكم مثل ايهود باراك او يصاب بمرض ويعتزل الحكم مثل اولمرت او يعجز عن تشكيل الحكومة مثل ليفني !!!!!!
شعر الرئيس الفلسطيني في العام 2009 ان الامور ذاهبة الى التدهور، وان اسرائيل معنية بالتخلص منه مثلما فعلت مع عرفات ، ولكنه استخدم طريقة تحسين علاقته بحكومة اوباما من اجل سد الفجوة. ونجح الامر عدة سنوات، فصار ابو مازن اقرب الى البيت الابيض من نتانياهو ، وعلى العكس ساءت علاقة نتانياهو بلبيت الابيض بطريقة غير مسبوقة، فيما ذهب الرئيس الفلسطيني لالقاء خطابات والاجتماع بقادة اللوبي اليهودي في امريكا ايباك واللوبي اليهودي في فرنسا لتشكيل لوبي ضاغط على نتانياهو.
في العام 2011 رفض نتانياهو رسم خارطة حدود لاسرائيل، او خارطة حدود لفلسطين وهو ما استفز الرئيس الامريكي، بل ان نتانياهو ازدرى الرئيس الامريكي حين قام بارسال مسج من هاتفه النقال الى زوجته سارة خلال لقائه بالرئيس اوباما، ووضع رجلا على رجل واعطى اوباما محاضرة في تاريخ الشرق الاوسط . وهنا غضب مدراء البيت الابيض وطردوا الصحافة الاسرائيلية من المكان.
وسارع ابو مازن لقطع علاقته المباشرة مع نتانياهو وتوقفت جميع اللقاءات الثنائية، ومن ثم جرى تجميد المفاوضات حتى وصول الرئيس اوباما بزيارة الى المنطقة والى المقاطعة في رام الله في 25 اذار 2013. ووافق الرئيس عباس على عودة المفاوضات دون جدوى. وتحطم اخر جسر للثقة بين الرجلين حينما حنث نتانياهو بوعده اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى في خريف 2013.
توجه الرئيس الفلسطيني للامم المتحدة وحصوله على اعتراف بدولة فلسطين من الهيئة العمومية كان صفعة مقابل صفقة لنتانياهو، ومن ثم صارت العلاقة بين عباس ونتانياهو في ادنى درجات الثقة، بل ان كل واحد منهما لم يوفر اية فرصة في مهاجمة الاخر شخصيا والتشكيل بقدراته القيادية.
ان ترشح نتانياهو لولاية رابعة في الحكم، وبقاء ابو مازن كمرشح وحيد لحركة فتح في المؤتمر السابع سيعني ان الاثنين سيحملان فواتير الماضي مرة اخرى ، وان الرئيس عباس لن يثق بنتانياهو ابدا، كما ان نتانياهو يواصل اللعب بالنار اذ يفكر بتكرار تجربة شارون مع عرفات ، وتحويل الصراع القومي الى صراع شخصي مع الرئيس الفلسطيني.
وكلما رفض الرئيس عباس لقاء نتانياهو تزداد شعبيته في اوساط الفلسطينيين أكثر ، وكلما هاجم نتانياهو الرئيس الفلسطيني حظي بالمزيد من دعم المستوطنين واليمين.. ولكن الخاسر الاكبر في كل هذا هو الادارة الامريكية التي بدت حمقاء طوال هذه السنوات وخسرت هيبتها كراع لعملية السلام وشتت جهودها في افعانستان واوكرانيا وليبيا والعراق وسوريا واليمن ، وداعش وجبهة النصرة والقاعدة . لتكتشف بعد سنوات قليلة انها فقدت هيبتها في العالم مرة والى غير رجعة، وفي اللحظة التي تجرأت فيه الصحافة الاسرائيلية على نعت وزير خارجية امريكيا جون كيري بالاحمق ، وفي اللحظة التي هاجم فيها نتانياهو الرئيس الامريكي، فانه يعرف ان جيشا من الصحافيين العرب والمسلمين ، وجيوشا من الاجيال العربية والاسلامية كانت تنتظر هذه الفرصة للانتقام من الهيبة الامريكية وتحقيرها . ولو ان امريكا استخدمت قرار الفيتو ضد فلسطين في مجلس الامن فانها ستكون قد شنقت الدبلوماسية الامريكية الدولية على غصن اسرائيل الصغير.
محمود عباس كان يعمل في اول شبابه "بليط" وقد شدّته المهنة ليستخدمها في السياسة، فهو يستلم الورشة مليئة بالحطام والفوضى ويقوم بتنظيفها ورصفها ليعمل منها ارضا صالحة للسكن. اما نتانياهو فقد شدّته مهنته ايضا فهو مدير مبيعات، ينثر الوعود للزبائن والناخبين ويستلم "الورشة" نظيفة . لكنه يعمل جاهدا على تحطيمها بالتجربة والوهم والوعودات الكاذبة.