الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

البرازيل تنهي مأساة مخيم الرويشد باستقبالها 100 فلسطيني نزحوا من العراق - بدأوا يتعلمون البرتغالي

نشر بتاريخ: 26/09/2007 ( آخر تحديث: 26/09/2007 الساعة: 18:20 )
عمان - معا - اكدت وكالات اخبارية عاملة في الاردن ومراسلون صحافيون بينهم موقع عمون والصحافية رنا الصباغ من الحياة بأن الاردن يستــعد لاغلاق مخيم الرويـــشد الصحراوي الشهر المقبل بعد رحيل آخر مجموعة من مهجري العراق من الفلسطينيين الذين لجأوا اليه في اعقاب حرب العام 2003، الى البرازيل بعد رحلة معاناة دامت نحو خمس سنوات.

ووسط صخور البازيلت السوداء التي تشكل المنطقة الحـــدودية بين الأردن والعراق، استقبلت خرائب هذا المخيم المنعزل مئات الصوماليين، والـــسودانيين، والأكراد الايرانيين، والعراقيين والفلسطينيين ممن فروا من نيران الحرب على العراق والعنف المستمر فيه.

جميع اللاجئين غير الفلسطينيين في هذا المخيم كانوا غادروا الى دول أخرى ليبنوا حياة جديدة في عالم مجهول، باستثناء حوالى 100 مهجر من الفلسطينيين بقوا ينتظرون قرار استضافة إحدى الدول قبل أن يأتي الفرج من البرازيل التي قررت استقبالهم، على ثلاث دفعات، أولها من 32 شخصاً غادرت الخميس الفائت، وأخرها في الثامن عشر من تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، بحسب رنا الصويص، المسؤولة الإعلامية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن.

في المخيم تراكض الاطفال بين الخيم، بينما حزم أهلهم اليسير من الامتعة.

تركوا وراءهم أحلاماً مكسرة، وحتى أحباء مثل الحاجة رشيدة، (70 سنة)، التي دفنت وحيدها عدنان العام الماضي بعدما مات مقهوراً عن عمر يناهز 52 سنة. لقد سقط عدنان على الأرض بعد ان عرف ان اسمه لم يظهر ضمن لائحة المقبولين الى كندا. وقالت رشيدة «لم يحتمل الصدمة. أراد الرحيل ولم يأت اسمه مع الدفعات الأولى».

ستبدأ هذه السبعينية حياة جديدة في البرازيل بعد ان تنضم اليها ابنتها وعائلتها المقيمة في مخيم ايواء داخل سورية. عدنان دفن في الرويشد، عند نقطة تتوسط الطريق من بغداد الى مسقط رأسه حيفا. أما والده فمدفون في حلب (شمال سورية) التي لجأت إليها العائلة موقتاً حين أخرجت من لبنان في سبعينات القرن الماضي قبل أن تستقر في العراق.

كل أسرة، وكل شخص سيترك وراءه شريطاً من الذكريات بعد مغادرة «مخيم الرويشد» (70 كيلومتراً من الحدود الأردنية - العراقية و600 كيلومتر من بغداد و300 من عمانّ).

شيوخ وعجائز انتظروا بفارغ الصبر «فرج» الهجرة الثالثة، بعد ان هربوا من الحرب ومن اضطهاد عراقيين لهم «بسبب علاقاتهم بنظام صدام حسين الذي أنهار بداية 2003». أطفال ثلاثة ولدوا داخل المخيم يستعدون لمواجهة العالم الخارجي للمرة الأولى.

أحمد مصطفى محمود (40 سنة) قال انه شعر انه «ولد من جديد» لحظة وصول النبأ الرسمي أن البرازيل وافقت على إيوائهم.

محمود استبق السفر إلى البرازيل بتعلم اللغة البرتغالية. ويقول وهو والد أربعة أطفال، إنه مستعد للعمل في أية مهنة علماً أنه كان سائق سيارة أجرة في بغداد، التي ترك فيها والدته وشقيقته.

وفي الانتظار تعلّمت زوجته التطريز، كما اجتاز الزوجان دورات في الكومبيوتر والصحة العامة والنفسية والدفاع المدني نظّمتها هيئات الأمم المتحدة داخل المخيم.

سيبقى موت الطفلة آية عوني حرقاً قبل عامين محفوراً في ذاكرة من احتضنهم المخيم لا سيما شقيقها الوحيد ذو الست سنوات. «موت آية كان أكبر مأساة إذ سقط جسدها حين التهم حريق سبع خيم داخل المخيم»، يتذكر محمود بحسرة.

في ليل الصحراء الموحشة لمعت ومضات فرح عابرة إذ شهد المخيم عقدي قران وولادة ثلاثة أطفال. أحمد محمود طالب وسجى، اللذان اقترنا مطلع أيلول (سبتمبر) في العام الماضي، ينتظران مولودهما الأول خلال أسابيع. فاطمة وليد سعيد وحسام اللوح أيضاً ينتظران طفلتهما الأولى خلال أيام قبل أن تغادر العائلة - التي تكونت في المخيم - إلى البرازيل.

عدد منهم يرى «فرجاً» قادماً لانه سيحصل على جنسية بعد حرمان في بلاد الشتات دام لعقود. آخرون تتنازعهم العواطف بعد انهيار حلم العودة الى فلسطين.

وقال محمد: «ان فلسطينيي الشتات، لا سيما في العراق لم يكونوا محسوبين أصلاً كفلسطينيين. «نحن من دون هوية وغير مسجلين في الأونروا وليس لدينا حق العودة. فأنا على قناعة بأن واقع الحال لا يسمح لنا بالعودة إلى فلسطين».

أما في البرازيل، يضيف محمد، «فسأحصل على جنسية وسأشعر أنني إنسان فمن دون هوية لا قيمة ولا احترام للانسان».

جارة زوجة محمود التي كانت تعمل في مختبر أسنان في بغداد، تتمنى أن تكون رحلة البرازيل «الهجرة الأخيرة. فأهلنا تعذّبوا ونحن من بعدهم ولا نريد لأطفالنا المصير نفسه».

في المقابل ستبقى «فلسطين في وجدان» الجميع لكن الهم الشخصي يطغى.

تدفق 1000 فلسطيني من العراق إلى الرويشد. أربعمئة منهم دخلوا إلى الأردن فيما توجه بضع مئات إلى كندا ونيوزلندا. وبسفر دفعة البرازيل يكون الفصل الأخير من المأساة قد طوي لتبدأ رحلة إغلاق المخيم.

في البداية أقيم مخيم ثان داخل المنطقة العازلة (بين الحدودين) يتسع لـ1500 شخص، غالبيتهم من الأكراد الإيرانيين (الفيلة)، و150 فلسطينياً، وعائلات عراقية و12 فرداً من منظمة «مجاهدي خلق» المناوئة للحكم في طهران. هذه الفئات التي كانت تحتمي بالنظام العراقي السابق واجهت خطر الاضطهاد في إيران، لذلك رجع عدد منهم إلى العراق فيما استقرت البقية في الدنمارك، والسويد ونيوزلندا.

في منتصف العام 2005، أزيل مخيم المنطقة العازلة ودمج من تبقى من قاطنيه مع الفارين إلى المخيم القريب من بلدة الرويشد. في تلك الفترة بلغ عدد سكان الرويشد زهاء 1000 شخص.

الأردن، الذي يؤوي مليونين و800 ألف لاجئ فلسطيني أي 41 في المئة من فلسطينيي الشتات، استقبل 400 فلسطيني ممن يحملون جوازات سفر أردنية. وتوجه قرابة المئة فلسطيني إلى كندا أو نيوزيلندا.

زهاء 400 سوداني وصومالي نالوا حق اللجوء إلى الولايات المتحدة أو استراليا، فيما ابقي على 105 فلسطينيين بانتظار قبول إحدى الدول استضافتهم.