السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مواطن" تفتتح أعمال اليوم الأول من مؤتمر "التشريع في زمن الانقسام"

نشر بتاريخ: 02/10/2015 ( آخر تحديث: 02/10/2015 الساعة: 23:29 )
"مواطن" تفتتح أعمال اليوم الأول من مؤتمر "التشريع في زمن الانقسام"
رام الله -القدس- معا - عقدت المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية (مواطن) جلسات اليوم الأول من المؤتمر السنوي الحادي والعشرين تحت عنوان "التشريع في زمن الانقسام: الصالح العام أم الصالح الخاص؟"،

وافتتح المؤتمر الذي عُقد في قاعة الهلال الأحمر بالبيرة، الدكتور ممدوح العكر رئيس مجلس أمناء مواطن. وخُصّصت الجلسة الأولى لما هو مسكوت عنه في فوضى التشريعات من منظوريّ السياسة والقانون وأثر ذلك على مبدأ فصل السلطات.

وقال العكر في كلمته الافتتاحية إنه ينظر إلى الانقسام على أنه حالة مرضية يجب تحديد أعراضها وتشخيصها بشكل صحيح إذا ما أُريد علاجها. وتتمثل هذه الحالة المرضية حسب رأيه "في وجود خلل في العقل السياسي الذي يُبقي على اتفاق أوسلو الذي يعترف بحق إسرائيل بالوجود وتلتزم به قيادتنا".

أما د. جورج جقمان المدير العام لـ مواطن، فتساءل عن سبب تخلي أعضاء المجلس التشريعي عن مساءلة السلطة التنفيذية في الضفة وغزة لقيامها بإصدرا التشريعات بقوة قوانين، وقال إن الانقسام وفّر ذريعة لتخلي السلطة التشريعية عن حق المساءلة هذا.

وقال جقمان إن الشعب من حقه أن يُسائل السلطة السياسية التي تدير حياته على أرضه وتُشرع وتسن القوانين له، كما من حقه أن يسائل من ينوبون عنه إذا ما قصّروا في القيام بدورهم في مساءلة تلك السلطة.

وقدم د. عمار الدويك استاذ الادارة العامة في جامعة بر زيت، دراسة أجراها عن فوضى التشريعات بين السياسة والقانون، حيث استعرض ثلاث مراحل مرّ به التشريع في فلسطين. المرحلة الأولى كانت بين عامي 1994 و1996 التي شهدت تشكيل "مجلس السلطة" الذي أصدر اثنين وعشرين قانونا مُهما منها قانونان لا يزالان ساريين حتى اللحظة هما قانون المطبوعات والنشر وقانون الاتصالات. أما المرحلة الثانية فامتدت من الانتخابات الأولى عام 1996 حتى حدوث الانقسام عام 2007، وصدر فيها ما يقارب الـ 90 قانونا. المرحلة الثالثة التي أصبح رئيس السلطة هو المشرع بموجب المادة 43 من القانون الأساسي بعد الانقسام عام 2007 اتسمت بغزارة إنتاج التشريعات. إذ فاق عدد "التشريعات" التي صدرت منذ عام 2007 حتى اليوم عدد التشريعات التي صدرت منذ قيام السلطة حتى ما قبل الانقسام.

وقال الدويك إن هناك أوجه تشابه كبير بين المراحل الثلاث، أهما غياب الاهتمام بالتشريع الاجتماعي، وتجنب البتّ في بعض القوانين خصوصا الأراضي والعقوبات، والالتزام العميق باتفاقات أوسلو وباريس خصوصا فيما يتعلق بصلاحيات السلط. كما اتسمت بغياب دور الفصائل والأحزاب السياسية، وبحضورٍ محدود لدور المجتمع المدني، إضافة إلى عدم وجود رؤية واضحة للتعاطي مع الإرث التشريعي الذي يعود جزء منه إلى عهد الانتداب.
أما أهم ملامح التشريع في مرحلة ما بعد الانقسام، حسب الدويك، فهي كثافة التشريعات الصادرة، وافتراض "حالة الضرورة" لكل تلك التشريعات، وعدم تنفيذ بعض القرارات الصادرة مثل قانون الانتخابات، وقانون تنظيم قطاع الاتصالات، وقانون الشراء العام.

وأشار الدويك إلى التوسع في مفهوم القرار بقانون في هذه المرحلة بحيث شملت قرارات تتعلق بأشخاص كالمصادقة على الحكومات، وتعيين هيئات مهمة مثل مكافحة الفساد، ورفع الحصانة عن النائب محمد دحلان.

كما اتسمت هذه المرحلة، حسب دراسة الدويك، بعدم التشاور بشأن بعض القوانين، ودخول مصالح ضيقة على خط التشريع.

من ناحيته قدم الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة أمان لشؤون مكافحة الفساد ورقة عن أثر القرارات بقانون على مبدأ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني.

وقدّم الشعيبي تشخيصا لأسباب "تراجع" الرئيس محمود عباس عن رؤيته التي عبّر عنها عندما تولى رئاسة السلطة بتعزيز الشرعية الدستورية.
ويرى الشعيبي أن أول أسباب هذا التراجع هو حركة فتح التي لم تتوحد على موقف واضح. أما السبب الثاني فيكمن في القوى والفصائل الفلسطينية التي لم

تُحدث أي تأثير فيما يخص السياسات العامة. والسبب الثالث، حسب الشعيبي، هو القطاع الخاص الذي عمل الرئيس محمود عباس على تفعيل دوره الاستثماري.

أما الدور الخفيّ والأساس، فهو ذلك الذي لعبته إسرائيل، وخصوصا رئيس وزرائها الحالي بنيامين نتنياهو الذي مارس ضغوطا أمنية على الرئيس محمود عباس وحاول أن يضعه في حالة من الحذر الشديد اثرت علي التشريعات الصادرة عنه.

وقال الشعيبي إنه كان بإمكان الرئيس محمود عباس أن يجمع الناس حوله من خلال أربع تشريعات تنعكس على حياتهم هي: النظام الصحي، والضمان الاجتماعي، والعقوبات، والمشتريات العامة.
وأضاف أن السبيل إلى الخروج من المأزق الحالي يكون بانفتاح الرئيس محمود عباس على حزبه، وإقباله على المصالحة، وتركيزه على القضايا التي لها علاقة بحياة المواطنين.

وفي الجلسة الثانية من اليوم الأول للمؤتمر قدّم أحمد مصلح، المحاضر في دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت ومعهد الدراسات الإقليمية في جامعة القدس دراسة حول القرارات بقوانين في قطاع الحكم من عام 2007 إلى عام 2015.

وقال مصلح إن التشريعات الصادرة في الفترة المذكورة هي أحد مظاهر الانقسام، وأن كل ما يصدر عنها يساهم في تعزيز هذا لانقسام.

وخلُصت الدراسة إلى أن هناك توسعا في مجال إقرار هذه التشريعات إذ أن هناك تشريعات تم تمريرها على مجلس الوزراء شكليّا وأخرى لم تمر على الدوائر المقترحة أصلا.

وقال مصلح إن هناك تشريعات صدرت بقرار أثارت جدلا لأنها تتعارض مع أحكام القانون الأساسي ولا تتواءم مع القانون الدولي، مثل قانون الجمعيات الخيرية وقانون الأمن الوقائي.

كما ترتّبت على القرارات بقوانين المتعلقة بالحكم أعباءٌ مالية على السلطة لأنها تستلزم استحداث مناصب وتعيينات جديدة.

وأشار مصلح إلى عدم وجود سياسة عامة ومحددة لآليات التشريع وإلى تعدد المصالح من صدور بعض التشريعات وغياب هدف نهائي لها، الأمر الذي عزز من صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب السلطات الأخرى، ومسّ بمبدأيّ فصل السلطات وسيادة القانون. كما كشفت هذه الفوضى التشريعية ضعف مؤسسات المجتمع المدني.

وقدم محمود علاونة مدير وحدة المساندة التشريعية والباحث القانوني في معهد الحقوق بجامعة بيرزيت دراسة بعناون "التشريعات الثانوية بعد الانقسام: بين الترزية التشريعية والحاجة المجتمعية"، جاء فيها أن هناك إشكاليات في الجهات التي تُصدر التشريعات الثانوية، وأن إعطاء الرئيس صلاحية إصدار هذه التشريعات مخالف للمادة 68 من الدستور. أما في غزة فقد شُكلت لجنة للصياغة، واستُحدثت توكيلات الأسرى، وأحدثت تعديلات في الجريدة الرسمية، ويتم الالتفاف من حماس في كل مرة على ضرورة مصادقة الرئيس من خلال إرسال مشروع القرار عبر الفاكس إلى مكتب الرئاسة ثم إقراره بعد شهر من عدم الرد عليه.

وقال علاونة إن أبرز الإشكاليات في إصدار التشريعات الثانوية هي: تعدد جهات الإصدار، وتعارضها مع القانون الأساسي، وازدواجية إصدارها في الضفة وغزة، وعدم الجاهزية المالية لتطبيقها، وعدم وجود مقياس لأثرها ومدى مراعاتها الحاجات المجتمعية. ولفت إلى أن بعضها منقول حرفيا من تشريعات دول أخرى، أو مترجمة ترجمة رديئة عن غوغل.

وأشار علاونة إلى أن القرارات بقوانين يزيد عددها ويقل حسب أجواء المصالحة، إذ أنها تزيد في حالات التوتر وتقل في حال انخفاضه.

وعقّّب أيمن دراغمة، النائب في المجلس التشريعي عن كتلة الإصلاح والتغيير، على ما قدمه مصلح وعلاونة وقال إنه كان مطلوبا من الرئيس محمود عباس المحافظة على دور المجلس التشريعي، لكنه (الرئيس)، حسب دراغمة، أخذ السلطة التشريعية من المجلس التشريعي ولم يأخذ السلطة الرقابية، وإن هذا الوضع، يُضاف إليه التدخل في السلطة القضائية، ركّز جميع السلطات بيد السلطة التنفيذية ونتج عن كل هذا ضرر على المواطنين.

وختم دراغمة بأن مفتاح الحل بيد الرئيس محمود عباس وإنه بإمكانه "الإعلان من على متن الطائرة أثناء عودته من نيويورك تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام".
وعلّق عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي متسائلا هل المجلس التشريعي هو البرلمان أم المجلس الوطني؟ وقال إن المجلس الوطني انتصر مؤخرا "بكل عاهاته" وإنه هو أساس الدولة.

وذكّر الأحد، ردّا على النائب دراغمة، أن الرئيس محمود عباس كان قد دعا المجلس التشريعي للانعقاد قبل 11-7-2007، لكن أعضاء حماس في المجلس لم
يحضروا.

وعبّر الأحمد عن تخوفه من "تعايش البعض" مع الانقسام والخوف من المصالحة لأسباب دينية أو أيديولوجية.

وكان قيس عبد الكريم، عضو المجلس التشريعي ونائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين آخر المتحدثين في الجلسة الثانية التي امتدت حتى الساعة السادسة. وقال إن المجلس التشريعي غير قابل للحياة، وإنه (المجلس)، استشهد مع الانقسام.

وقال إن السلطة التنفيذية تسعى للاستفادة من الانقسام بأقصى قدر ممكن لتعزيز سلطتها على أرض الواقع، وإن الحل يكمن في التوجه إلى انتخابات جديدة توقف هذا التهدور.

وستبدأ جلسات اليوم الثاني من المؤتمر اليوم السبت عند التاسعة والنصف وستُناقش في جلسته الأولى التشريعات الصادرة بقوانين في الشأن الاقتصادي، وسيُسلط الضوء على أثر الانقسام على شفافية الموازنة.

وستكون المرأة في التشريعات الفلسطينية محور النقاش في الجلسة الثانية، وستُقدم دراسة عن التشريعات الفلسطينية التي غيّبت المرأة بين عاميّ 2007-2015.

وستُخصص الجلسة الختامية للمؤتمر لمساءلة وإطلاق اللجنة الأهلية للرقابة على التشريعات، على ضوء الآثار السلبية لتغييب المجلس التشريعي ودوره.
وسيُعقّب أعضاء من المجلس التشريعي على الجلستين الأولى والثانية، فيما سيحضر الجلسة الختامية ممثلان عن الحكومة ومكتب الرئيس.