الأربعاء: 09/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

عن رام الله بقلم السفير الامريكي ديفيد جروس

نشر بتاريخ: 20/09/2005 ( آخر تحديث: 20/09/2005 الساعة: 14:09 )
معا - قمت بزيارة رام الله في الأسبوع الفائت وبدا واضحا ان هناك شيئا مثيرا يحدث، حيث هناك أعدادا كبيرة من رجال الأعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يؤسسون لبناء المستقبل الفلسطيني. وفي هذا الأسبوع يلتقون جميعا في المعرض السنوي الثاني لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات "اكسبوتك" ليتوجوا النجاحات التي تم تحقيقها ولوضع الخطط للسنة المقبلة. كما ويعمل رجال الأعمال على المساعدة في بناء صناعة متمكنة تساهم في خلق فرص عمل تعود بدخل جيد ومن خلال الاستفادة من امكانيات الشعب الفلسطيني العلمية ومواهبه وابداعاته.

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) - تساهم الانترنت والهواتف المحمولة و الإعلام بتغيير حياة الشعب الفلسطيني المنتشر في دول الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم. ففي السنوات الأخيرة تسارع نمو هذه التكنولوجيا في الضفة الغربية وغزة و تزايد استخدام الانترنت والاتصال عبر الهواتف المحمولة والخطوط الأرضية الثابتة بشكل كبير.

وليس هناك من أدنى شك أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعزز وتقوي الديمقراطية، وتسهل الانتشار السريع للأفكار في الشرق الأوسط وتفتح المجال للمواطنين العاديين للمشاركة في العملية السياسية. تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخدمات الاساسية بما فيها التعليمية والرعاية الصحية بطريقة أكثر فاعلية وأقل كلفة. وفي الحقيقة ان هناك عدة شركات أمريكية قد بدأت المشاركة فعليا في المبادرة التعليمية الفلسطينية وهي مبادرة شراكة بين القطاع العام والخاص لتزويد المدارس الفلسطينية بأجهزة الكمبيوتر والبرامج وكيفية استخدامها.

ان من أكثر التحديات الاقتصادية أمام الشعب الفلسطيني في السنوات المقبلة هو خلق فرص عمل كافية لموائمة احتياجات القوى العاملة سريعة الانتشار. ويمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ان تلعب دورا كبيرا في هذا المضمار. ان الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب المتعلمة في الشرق الأوسط والتي لديها روابط تجارية وشخصية كثيرة وباع طويل في الاستثمار والمقاولات في هذه المنطقة. يشكل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قاعدة ملائمة جدا لاستغلال هذه المزايا تماما كنموذج الهند التي تعتبر بلد غنية برأس المال البشري وعملت في السنوات الأخيرة على بناء صناعة تكنولوجيا معلومات واضحة ومزدهرة للغاية مما ساهم في خلق آلاف فرص العمل بدخل جيد وبإنتاج متجدد ومتميز دوما، و تأمل الحاضنة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تحذو نفس هذا الحذو في توفير فرص عمل من خلال تشجيع المشاريع والأعمال التجارية في المجتمع الفلسطيني.

ان الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة الفلسطينيين على بناء مناخ مشجع للتطور والابداع وتعمل مع السلطة الفلسطينية مباشرة ومع رجال الأعمال الذين يبحثون عن تأمين الأعمال والفرص الجديدة في العالم الرقمي. ويعبر تجمع رجال الأعمال في رام الله عن جاهزية الشعب الفلسطيني لغرس بذور التوسع في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبأن ثمار عملهم سوف تساهم في النمو الاقتصادي. كما وسيزداد التأثير الايجابي لأنشطتهم تلك من خلال دخول البضائع التكنولوجية الفلسطنية السوق الأمريكية خاصة وأن هذه البضائع معفية من الضرائب الجمركية.

ان الولايات المتحدة متشجعة بالجهود التي يبذلها وزير الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية د. صبري صيدم واتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية (PITA) لمساعدة تطوير قطاع تكنولوجيا معلومات واتصالات صحي ومشجع لمجال التصدير في الضفة الغربية وغزة. وقد قدمت حكومة الولايات المتحدة الدعم لهذا الجهد من خلال تلك المبادرات المثيرة كالحاضنة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات التي ذكرت أعلاه. من الواضح أن القطاع الخاص الفلسطيني قد أصبح شريكا حقيقيا للسلطة الفلسطينية حيث يعملان معا في بناء المستقبل الرقمي.

أثناء زيارتي في الأسبوع المنصرم قدم الوزير صيدم قائمة طموحة من المبادرات وأكد ان أهم المقاييس التي يمكن ان تتخذها السلطة الفلسطينية بخصوص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو وضع قوانين اساسية لبيئة مفتوحة وتنافسية ينمو من خلالها الاستثمار والابداع. أما المفتاح لهذا الجهد فهو التشريع المنوي إقراره حول تأسيس هيئة مختصة وفعالة وقابلة للمحاسبة تؤكد على احترام سيادة القانون. وقد عرضت الحكومة الأمريكية على الوزير صيدم المساعدة الحقيقية لبناء القدرة في ضبط واستقلالية السوق من خلال تقديم برنامج تدريبي شامل في الولايات المتحدة لعشرين من المختصين في مجال التشريع وعدد من المستثمرين في مجال تكنولوجيا المعلومات في الضفة الغربية وغزة.

تقف الولايات المتحدة مع الشعب الفلسطيني في تطلعاته الى المستقبل. واننا على قناعة بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تشكل عنصرا أساسيا في صنع مستقبل مشرق ومنتج. هناك الكثير من القرارات الصعبة بينما يجري بناء مؤسسات مستديمة وثابتة لتمكين هذه التقنيات من خلق أعمال جديدة وتشجيع النمو الاقتصادي. ان المبادرة والابداع لدى الشعب الفلسطيني وقيادته المستنيرة من خلال السلطة الفلسطينية تعتبر عاملا هاما في إرساء قواعد مستقبل ناجح، وإن الولايات المتحدة ملتزمة في مساعدة الشعب الفلسطيني على الاستفادة من هذه الفرصة.


بقلم السفير الأمريكي ديفيد جروس- منسق سياسة المعلومات والاتصالات الدولية في الولايات المتحدة