الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

العمل الجماعي والمؤسساتي السليم أداة قوة وخطوة صحيحة على طريق التحرير- بقلم عصام الحلبي

نشر بتاريخ: 23/09/2005 ( آخر تحديث: 23/09/2005 الساعة: 11:07 )
لبنان- معا- دراسة حالة العدو والخصم بكليتها ودون اغفال صغيرة أو كبيرة, لاشك انها من أساسيات التحضير للمعركة واحد عوامل الانتصار, و الدفاع عن المشروع الوطني, والحفاظ على المكاسب الوطنية والقومية, و الاعتراف بقوة الخصم وتفوقه من أكثر العوامل التي تمكننا معرفته كيفية التعامل مع العدو وتحطيم وافشال مخططاته, والوقوف دون تحقيق مأربه الاحتلالية والاستيطانية.

المشهد الفلسطيني المعقد وفي هذه المرحلة بالذات بحاجة الى جدية التعاطي الموضوعي والعلمي في دراسة العدو وتشكيل صورة واضحة وكاملة عنه, لمعرفة مكامن قوته وضعفه وفي كافة المجالات, العسكرية منها والاقتصادية والثقافية والاعلامية وحتى الاجتماعية والبنوية .

اذا استطعنا أن نقتنع بأن هذه خطوة مهمة وأولية من أجل التحضير الجيد للمعركة مع العدو والتي لم تبدأ فعليا حتى تنتهي, وهذا في حالتنا الفلسطينية ممكن, حيث تتوفر الكادرات العلمية والانشطة وفي كافة المجالات, ولكن ينقصها المؤسسة المتخصصة والبعيدة عن التدخلات اللاعلمية والتي يصب فيها الجهد الجماعي, والتجارب في تاريخ الامم والشعوب وحتى المؤسسات اثبت صوابية العمل الجماعي المؤسساتي المبني على اسس موضوعية وعلمية بعيدة كل البعد عن الشخصنة والمصلحة الذاتية الضيقة, فالتفكير الاحادي الفردي قد ينتج أفكارا جيدة ولكن التفكير المؤسساتي الجماعي ينتج دراسات وخطط ممتازة وأكثر صوابية .

من هنا أصبح لازاما علينا كفلسطينيين بعد الانجاز الكبير الذي حققه شعبنا العظيم وقيادتنا الحكيمة ان نتقف وقفة مراجعة جدية, لتقييم المرحلة السابقة بكل جزئياتها والوقوف على الايجابيات وتطويرها, والتخلص من كل السلبيات والاخطاء التي وقعنا فيها وهذا لايمكن أن ينجح كعمل فردي بل بالعمل الجماعي المبني على النقاش والتمحيص داخل المؤسسة, وهنا لابد من الاشارة الى أننا لانفتقر الى المؤسسسة, بل نفتقد تفعيل المؤسسة وقوننتها ونبذ التسلط والفردية عليها .

ففي ظل قيادة رمز فلسطين والامة الشهيد ياسر عرفات كان مقبولا أن ننفذ ونعمل تحت سقف قرارات وخطط لم نشارك في دراستها او مناقشتها لايماننا الاكيد بمقدرة الرجل المؤسسة والمؤسس, المقدرة الفردية المكتسبة من قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية لاربعة عقود من الزمن, ولعلاقاته المميزة والقيادية لغالبية حركات التحرر العالمية على مدار العقود الاربع الماضية, اما اليوم لابد من تفعيل المؤسسات التي بنيناها معا وفي ظل قيادة الرمز الشهيد ياسر عرفات, وغير المسموح لاي كان أن ينقض على هذه المؤسسات او محاولة فرض هيمنة فردية عليها, فالرئيس ابو مازن اعلن وفي أكثر من مناسبة اننا اليوم في عهد المؤسسات والعمل الجماعي والحياة الديمقراطية المبنية على التنافس السليم ومن أجل مصلحة الوطن والمواطن, والابتعاد عن تحقيق المصالح والمار الفردية وتحت اي ظرف, وهكذا اعلن ايضا قبيل الانسحاب والاندحار الاسرائيلي من مستوطنات غزة, ان هذا الانجاز للشعب الفلسطيني وليس حكرا على أحد و لايمكن أن يستغله أحد بعينه فهو نتيجة جهود الكل, والمكاسب ستكون للصالح العام ولن يسمح لاحد باستغلال اي انجاز مهما صغر أو كبر .

المشهد الفلسطيني اليوم مفتوح على الاحتمالات المتناقضة ولكن أصحاب الفكر والعمل المؤسساتي والجماعي المبني على المشاركة والمصلحة الجماعية والعامة لم يفتهم قطار العمل من أجل ما يعتقدون ويؤمنون به, المطلوب منها خطوات جريئة بمد ايديهم الى الجميع للحوار وفي ظل المؤسسة وتحت سقف الشرعية الفلسطينية التي كرست بالدم والعذاب والجراح لمئات الالاف من أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات, فمنظمة التحرير الفلسطينية الانجاز الفلسطيني التاريخي الذي وضع القضية الفلسطينية على طاولة العالم اليومية, بعد أن كانت في أدراج النسيان, والانجاز التاريخي الاخر وجود سلطة وطنية فلسطينية على اجزاء من ارض فلسطيني التاريخية والتي هي أيضا دفعنا ثمنها دما وشهداء واسرى وجرحى وعذابات, لايمكن اليوم نأتي للنقض عليها ارضاء لهذا أو ذاك, أو توددا له من أجل اقناعه بالمشاركة في الحياة السياسية العامة للوطن, فلتكن السبل مفتوحة والفرص متاحة للجميع للتنافس على المشاركة واستلام مقاليد قيادية من أصغر المراكز الى أكبرها, وليكن التنافس على اساس برامج سياسية نضالية وطنية واجتماعية تنموية فلسطينية عامودها الفقري الوحدة الوطنية الفلسطينية وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف, و السيادة الفلسطينية الكاملة برا وبحرا وجوا, وعودة اللاجئيين الفلسطينيين الى أرضهم وقراهم وديارهم التي طردوا منها بفعل الاحتلال الاسرائيلي, ولتكن الانتخابات هي الفيصل في اختيار الشعب لقياداته وممثليه, ولكن وفي غمرة هذه التجربة وهذا التوجه الحضاري علينا عدم النسيان أن هناك عدوا يتربص بنا الدوائر والشر, عدو يكرس كل امكانياته من أجل القضاء على مشروعنا الوطني من خلال الالتفاف على منجزاتنا الوطنية وتدميرها .

التغلب على العدو يتطلب معرفة ودراية كاملة بامكانات العدو كما اسلفت في صدر مقالي وفي طريقة تفكيره وتعاطيه مع مشكلاته الداخلية والخارجية, ولابد من المعرفة الدقيقة لبنيته الداخلية وتناقضاته الطبقية والاجتماعية والثقافية والفكرية, من هنا نضع قدمنا وبصلابة على أول طريق النصر بخطى ثابتة.

نحن اليوم وبفضل حنكة قيادتنا التاريخية وعلى رأسها الرمز الشهيد ياسر عرفات قد وضعنا قدمنا على اول الطريق نحو النصر, ونحن اليوم نحصد اول ثمرة ناضجة من على شجرة الوطن الثابتة المتجذرة في أعماق أرض فلسطين وفروعها شامخة في السماء, واليوم قيادتنا السياسة ممثلة بمنظمة الاتحرير الفلسطنية الاطار الجامع والموحد لكافة شرائح شعبنا وبسلطتنا الوطنية الفلسطينية وبمقاومتنا وبكافة اجنحتها وبشعبنا نكمل طريق النصر نحو انجاز الاستقلال والدولة وعاصمتها القدس الشريف, سائرين نحو الانجاز الاكبر عودة القدس والضفة الى ربوع الوطن والتخلص من براثن الاحتلال الاسرائيلي وعودة اللاجئيين, ومن غير هذه الثوابت الوطنية الفلسطينية لايمكن أن يكون في المنطقة أمن أو استقرار فعلي, فلنبدأ من حيث انجزنا عملا صحيحا وتصرفا سليما ونافعا مساندا لمشروعنا الوطني, فنقطة البداية تجاوزناها ونحن اليوم نقطف ثمار جهدنا ولكن لابد من شديد الحذر والانتباه .