الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

التقرير الثامن حول أوضاع القدس والمقدسات تقرير شهر أكتوبر/تشرين أول 2007م

نشر بتاريخ: 10/11/2007 ( آخر تحديث: 10/11/2007 الساعة: 20:47 )
رام الله - إعداد وتحرير الدكتور حسن خاطر - يوم السبت الموافق 10/11/2007م قدم المنسق العام للجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات الدكتور حسن خاطر في مؤتمر صحفي عام عقد بوكالة رمتان للانباء برام الله ملخصا للتقرير الشهري الثامن حول أوضاع القدس والمقدسات خلال شهر أكتوبر/تشرين أول 2007 م

ليلة القدر تفشل مخططات الاحتلال !

رغم الخطط المحكمة والاغلاقات المستمرة والحواجز المكثفة والإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها سلطات الاحتلال لمنع المصلين من الوصول الى القدس والصلاة في الأقصى ، الا أن ليلة القدر أسقطت كل الرهانات الإسرائيلية ونجح حوالي ربع مليون فلسطيني في الوصول الى الأقصى وإحياء هذه الليلة المباركة ، ولم يكن من بين هذا العدد سوى قلة قليلة من أبناء الضفة الغربية وربما لا أحد من أبناء غزة ، وبحكم الإجراءات الإسرائيلية فان معظم هذه الجموع كانت ممن تجاوزت أعمارهم 45 سنة من الرجال و40سنة من النساء ،وهذا يعني ببساطة ان اعداد المصلين في الأقصى خلال شهر رمضان كان يمكن ان تبلغ المليون مصلي في حال خففت الإجراءات الإسرائيلية او انتفت من أساسها .

وعلى ما يبدو ان سلطات الاحتلال التي صدمتها هذه الحقيقة حاولت ان تفسد ليلة القدر على المصلين والمعتكفين ، حيث قامت قوات الشرطة الإسرائيلية باقتحام الأقصى وشرعت في تعطيل برنامج الاعتكاف وحاصرت المصلين لمدة ساعة ونصف الساعة.

وفي المقابل استمرت شرطة الاحتلال في منع اطفال مدارس القدس من الدخول الى الأقصى الا على مسؤولية كفيل خاص تحجز شرطة الاحتلال بطاقته الشخصية الى حين خروج الاطفال ،وما زالت هذه الاجراءات تحول دون دخول الآف التلاميذ الى الأقصى للزيارة او الصلاة ، ومن جهة أخرى ،ووسط استنكار واسع من العلماء والمصلين شهد هذا الشهر استمرار الاقتحامات اليهودية للأقصى ، ولكن هذه المرة بصور ومشاهد جديدة ،فالباب الذي دخل منه النبي محمد (ص) وهو باب النبي الذي يعرف اليوم بباب المغاربة أصبح اليوم هو مدخل هؤلاء المتطرفين اليهود ، ولكن هذا الشهر دخلوا ومعهم خرائط للهيكل وأدوات خاصة، وتجولوا في ساحات المسجد وهم يؤشرون على نقاط معينة هنا وهناك ، وكأنهم يطابقونها على الخرائط التي بين أيديهم ..إضافة الى قيامهم ببعض الطقوس والحركات الدينية... وهم بهذا يمهدون لخطوات أخرى في اتجاه الاستحواذ على ما يستطيعون من هذا المقدس الاسلامي ،ويحاولون ايهام انفسهم ومن يشاهدهم وكأنهم يتفقدون املاكهم الشخصية ،وقد نجح المصلون في طردهم رغم التدخل الكثيف لرجال الامن!

ولا يختلف موقف الدولة اليهودية عن موقف المتطرفين في هذا الموضوع بل يكمله ويضفي عليه الطابع الرسمي والقانوني ،حيث صادقت هذا الشهر لجنة مراقبة الدولة في الكنيست الاسرائيلي على قانون خطير تخضع بموجبه جميع اعمال الترميم والصيانة والحفر داخل الأقصى لمكتب مراقب الدولة الاسرائيلية ، ويأتي هذا القرار -حسب سلطات الاحتلال - نتيجة لشكوى قدمتها لجنة اسرائيلية جديدة تسمى " لجنة منع هدم آثار الهيكل " احتجاجا على قيام الاوقاف الاسلامية بالحفر على عمق (70) سم لاستبدال اسلاك الكهرباء في ساحات الأقصى ، حيث زعمت وسائل اعلام اسرائيلية انه عثر في بقايا هذه الحفريات على آثار تخص الهيكل وترجع الى أكثر من 2700سنة !

فاسرائيل التي عجزت عن ايجاد أي اثر للهيكل على مدار عشرات السنيين من البحث المستمر ،وعلى اعماق مختلفة من الحفر والتنقيب في سائر أجزاء القدس ومحيطها ، تريد اليوم ان تقنع نفسها ان عمالا عربا عثروا على بقايا الهيكل الاسطوري في عمق 70سم في ساحات الأقصى اثناء تبديل اسلاك الكهرباء التالفة ، وكأن الهيكل علبة سردين دفنها اطفال اثناء اللعب ..انها الشائعات التي تحاول ان تغذي بها الاوهام ..!!

وفي تقديرنا ان ايجاد مثل هذه اللجنة التي تضم عشرات المتطرفين ، واتخاذ قرار في الكنيست باخضاع أي اعمال داخل الأقصى لسلطة الاحتلال المباشرة .. والاستمرار في منع تلاميذ المدارس من الدخول الى الاقصى ، يعد استكمالا للخطوات الخطيرة التي تشرع فيها سلطات الاحتلال نحو تهويد الأقصى والاستحواذ عليه وأخذ زمامه من أهله ومؤسساته ، تحت حجج وذرائع واهية !!

وفي نفس السياق تتواصل اعمال الحفر تحت الأقصى وحوله وفي البلدة القديمة ، الا أن هذا الشهر كشف عن ابداع اسرائيلي جديد يضاعف القلق على مصير المسجد الأقصى ، حيث كشف النقاب لأول مرة عن قيام جمعيات يهودية خاصة باعمال حفر انطلاقا من أسفل البلدة القديمة باتجاه الأقصى ، وعندما نشرت وسائل اعلام اسرائيلية عن غموض هذه الحفريات وغرابتها وانها وصلت الى مرحلة استعمال الجسور للمشي فوق حفر عميقة ، ردت سلطة الاثار الاسرائيلية انها لا تستطيع ان تعرف ما يجري لأن العقار تابع لصندوق "ايفيرست" وهو المخول الوحيد باعطاء تصاريح للزيارة !!

ونحن لم نستطع ان نفسرهذه الحفريات الا انها شروع في عمل عدواني ضد الأقصى هدفه الأساس تحقيق ما عجزت عن تحقيقه المؤسسة الرسمية !!
وان تمكين جمعيات خاصة ومتطرفة من الحفر تحت البلدة القديمة وباتجاه الأقصى هو محاولة من قبل الدولة اليهودية للتنصل من أي تخريب متعمد او تدمير مباشر يستهدف هذا المقدس الاسلامي.

ورغم ان الحفريات الاسرائيلية تحت الأقصى وفي محيطه لم تتوقف منذ عشرات السنيين الا ان سلطات الاحتلال أعلنت خلال هذا الشهر عن مصادقة لجنة التخطيط والبناء اللوائية في القدس، على مخطط جديد لجسر طريق باب المغاربة "باب النبي" بطول 95 مترا وعرض مترين ونصف المتر، واعلن أنه سيتم بناء الجسر من الفولاذ والخشب وعلى ارتفاع (60-100سم) بزعم الحفاظ على الآثار المتبقية .!

والحقيقة بعيدة عن ذلك تماما فالآثار التي يتحدثون عنها دمروها امام أعين العالم بالجرافات والحفارات الضخمة، وكان من بينها قنطرتين اسلاميتين ومحرابا للصلاة وأشياء أخرى ، فالهدف الحقيقي من وراء هذا التغيير والاختصار في الحجم يرجع اساسا الى مخططات مستقبلية تتعلق بالاستثمار الامثل للساحة المحيطة بالجسر والتي يعملون على تحويلها الى مبكى للنساء .!

وكما تواصل سلطات الاحتلال اعمال الحفر والتخريب تحت القدس ،تمارس في نفس الوقت اعمال الهدم والتزوير فوق الارض وداخل البلدة القديمة ،حيث هدمت خلال هذا الشهر سورا اثريا ملاصقا لسبيل السلطان سليمان القانوني بالقرب من باب الخليل احد بوابات البلدة القديمة،واستبدلت الاحجار الاسلامية بحجارة أخرى بهدف الامعان في طمس المعالم والآثار الاسلامية للبلدة القديمة وتكييفها مع الاوهام والمزاعم الاسرائيلية ،علما أن تاريخ بناء هذا السور يرجع الى اوائل القرن العاشر الهجري ، وهو يحمل نقوشا اسلامية خالصة.

سلام الخريف بين النوايا الفلسطينية والأفعال الإسرائيلية !

بدأ هذا الشهر بخطى بطيئة ومترددة نحو أنابوليس وسط تصريحات متناقضة، تارة تنادي بالتأجيل وأخرى بالالغاء واحسنها بعدم التفاؤل ،وآخرها اعلان أولمرت ان انابوليس لا يرتقي الى مستوى مؤتمر "وانما لقاء بداية للشروع في عملية سلام" !
كما بدأت خلال هذا الشهر تتضح الهوة الكبيرة بين مواقف الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ، خصوصا حول القضايا الكبرى وعلى رأسها القدس ، فامام تمسك القيادة الفلسطينية بقرارات الشرعية الدولية وحدود الـ67 ، بما فيها التفصيلات الصغيرة كحائط البراق، الذي خصه مستشار الرئيس لشؤون القدس ببيان واضح وصريح ، نجد الجانب الاسرائيلي يضاعف خطواته نحو تهويد القدس وابتلاع ما تبقى منها غير آبه البتة، بالتفاوض السياسي والمؤتمر الدولي وأحاديث الاعلام عن السلام !

فاكثر القيادات الاسرائيلية تقدما نحو عملية السلام تتحدث عن قبول مبدأي بتسليم احياء عربية في القدس الى الفلسطينيين باستثناء الاحياء الواقعة في الحوض المقدس ، وهؤلاء يبررون هذه التنازلات بأنها ستوفر على اسرائيل ميزانيات ضخمة من مخصصات التأمين والخدمات التي تقدمها لعشرات الالاف من المقدسيين .!
في حين ان هناك تيارا آخر يمثله شخصيات قيادية متطرفة أمثال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايلي ايشاي يعلنون امام الامريكان والعالم - دون خجل- ان القدس ليست على طاولة المفاوضات أصلا ،بل ان الكنيست الاسرائيلي الذي يعتبر المؤسسة القيادية الاولى في دولة الاحتلال،وقع في أواخر هذا الشهر بغالبية أعضائه -(61) عضوا من أصل 120 - على عريضة تمنع رئيس الوزراء من نقل أية اجزاء من القدس الى السلطة الفلسطينية ، وهذه المعارضة تضم وزراء وأعضاء من حزب اولمرت نفسه .

وعند الاقتراب أكثر من التفاصيل الاسرائيلية بهذا الشأن ، نجد أن مؤسسات البحث والتخطيط الاسرائيلية تحذر من تغيير التركيبة البلدية التي تبلورت للقدس على مدار سنوات طويلة ، ويرون أن اخراج احياء من نطاق المدينة وتغيير مسارات حدود الحكم البلدي سيولد مصاعب كثيرة وسيخلق احياء خطوط امامية في الوسط اليهودي مما سيدفع سكانها الى مغادرتها الى العمق وربما الى خارج المدينة ، ويكشف تقرير لمعهد القدس للبحوث الاسرائيلية ان قبول مبدأ تقسيم القدس سيصطدم بكل الحقائق التي اوجدتها اسرائيل على الارض عمدا بهدف ابقاء القدس موحدة تحت السيادة الاسرائيلية ،ولخلق واقع يمنع أي تفكير مستقبلي بهذا الخيار .

ويشير التقرير الى انه من اصل 240ألف مقدسي لا تستطيع اسرائيل فعليا اخراج اكثر من 80ألف من تحت سيادتها ، وان المناطق التي يمكن فصلها تقع في المجال الجنوبي وتضم الولجة بدو السواحرة الغربية وقرى صور باهر وام طوبى، وفي الشمال احياء كفر عقب وسمير أميس ومخيم شعفاط وفي مرحلة تالية يمكن فصل شعفاط وبيت حنينا ، اما البلدة القديمة فيمكن ان يكون لها ترتيبات أخرى ، مثل الادارة المشتركة دون طرف ثالث !!

الاستيطان يتضاعف كلما بدأ الحديث عن السلام !!

في ذروة التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر السلام ، وعلى وجه التحديد بالتزامن مع الاجتماع الاول بين طواقم المفاوضين من الجانبين لاعداد مسودة اتفاق حول قضايا الوضع الدائم ، قامت سلطات الاحتلال بموجب قرار عسكري يحمل رقم (07/19 ت 5767/2007م) بمصادرة 1128 دونما و800 متر من أراضي القدس التابعة لقرى ابوديس وعرب السواحرة والنبي موسى والخان الاحمر ، وزعمت سلطات الاحتلال ان هذا القرار جاء بهدف شق طريق اطلق عليه اسم "نسيج الحياة " وهو بطول 17كم وسيربط منطقة جنوب الضفة - بيت لحم والخليل - مع منطقة الاغوار بعيدا عن القدس، وبدلا من ان تتراجع اسرائيل عن هذا الاعتداء الخطير على اراضي القدس نتيجة الاحتجاجات والضغوطات الدولية قامت بعد ايام فقط باعلان آخر عن مصادرة 387دونما من أراضي الطور والعيزرية وابوديس لنفس الغرض تحت رقم (07/35ت 5767/2007م)بهدف اكمال الجزء الآخر من الطريق المذكور وهو بطول 4.6كم يبدأ من نقطة حاجز الكونتينر شمال - شرق بيت لحم مرورا بأراضي ابو ديس والعيزرية غربا وحتى تجمعات الطور والزعيم، حيث سيتم ربط الطريق من خلال نفق يصله بعناتا وحزما ، وهذه المصادرات تضاف الى مصادرة 1600 دونم آخر من اراضي العيزرية.!

وحسب دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية يعد الطريق جزءا من خطة إسرائيلية أكبر تهدف إلى استبدال التواصل الجغرافي للأراضي الفلسطينية بما يسمى "التواصل النقلي" عن طريق ربط المراكز السكانية الفلسطينية من خلال شبكة طرق وأنفاق بديلة وخلق شبكات طرق منفصلة، إحداها للفلسطينيين والأخرى للمستوطنين، في الضفة الغربية.

وتتضمن خطة الأنفاق والطرق هذه سلسلة من 24 نفقاً و 56 طريقاً للفلسطينيين. وفي هذه الأثناء، تستمر إسرائيل في بناء شبكة طرق سريعة منفصلة من أجل ربط مستوطنات على جانبي الجدار مع بعضها البعض ومع إسرائيل.

فالشروع في تنفيذ الطريق الجديد معناه الشروع في تنفيذ آخر وأضخم الحلقات الاستيطانية حول القدس ، خاصة خطة E-1 الهائلة، وفصل مدينة القدس الشرقية عن بقية أنحاء الضفة الغربية، وفي نهاية المطاف سيمنع هذا الطريق الفلسطينيين من استخدام طريق رقم 1 الذي يمّر عبر منطقة E-1 وكتلة أدوميم، مما يدفع حركة المرور الفلسطينية أكثر إلى الشرق بعيداً عن القدس الشرقية، وتدعو خطة E-1 إلى بناء 3،500 وحدة سكنية على مساحة (12000)دونم،(بقدرة استيعاب 14،500 مستوطن) و10 فنادق ومنطقة صناعية ومرافق تسلية فوق أراضي قرى فلسطينية ، وسوف يدمج الجدار عند الانتهاء من بنائه حوالي 35،000 مستوطن يعيشون في معاليه أدوميم والمستوطنات التابعة لها إلى إسرائيل ويضّم فعلياً 61 كيلومترا مربعاً من الأراضي الفلسطينية.

ويؤكد هذا المشهد الاستيطاني الى جانب عمليات المصادرة الواسعة وكشف مخطط الشارع البديل ان اسرائيل تعمل على تنفيذ سيناريو تجميع الكتل الاستيطانة ( معاليه ادوميم بمساحة 48 الف دونم ومخطط E1 بمساحة 12000 دونم ) وبالتالي فان اسرائيل باتمام هذا المخطط تكون قد احكمت سيطرتها على كامل المنطقة المحيطة بالقدس الشرقية والتي تزيد عن 60000 دونم وهذه المساحة الكبيرة، هي التي تشكل العمق الاستراتيجي لمركز القدس ومستقبلها الديمغرافي والجغرافي والسياسي، وسيؤدي الاستمرار في هذا المخطط الى القضاء حتما على فكرة حل الدولتين، وستغرق المدينة المقدسة في طوفان حقيقي من الاستيطان والمستوطنات اليهودية ،ولن يبق للفلسطينيين في محيط القدس سوى أراض وعرة ومنخفضة ومن الصعب جداً استغلالها أو شق الطرق فيها .!

وردا على احاديث السياسيين الاسرائيليين حول امكانية تسليم احياء عربية للفلسطينيين ،اعلن رئيس بلدية القدس اوري لوبوليانسكي انه يتم حاليا تسويق 20 الف وحدة سكنية جديدة في المناطق الواقعة بين الاحياء العربية في القدس.

وفي نفس السياق قامت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في القدس بالمصادقة على الاستيطان اليهودي في حارة اليمن وسط بلدة سلوان العربية في القدس، وزعمت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية انه حتى العام 1938 سكن يهود في هذه الحارة ،وأنه تم اخلاؤهم منها بأوامر بريطانية لاسباب أمنية ،الا أن البريطانيين نكثوا بالوعد ولم يعيدوهم ،فجاءت منظمة "عطرات كوهنيم " وأعادتهم !!

ورغم الاحتجاجات الفلسطينية والعربية الرسمية وكذلك الاوروبية والدولية على هذه الخطوات والمخططات الاسرائيلية العابثة بمبدأ السلام في حد ذاته ، تواصل سلطات الاحتلال سياستها على الارض دون توقف او اكتراث .

وقد شرعت القيادة الفلسطينية ومن خلال البلديات المهددة برفع قضايا قانونية على اوامر سلطات الاحتلال امام المحاكم الاسرائيلية ، وجهود الرئاسة والحكومة ما زالت متواصلة في هذا الاتجاه !

هدم المنازل ..والقرارات العنقودية !

الوجه الآخر لسياسة مصادرة الاراضي والتوسع الاستيطاني التي تنتهجها سلطات الاحتلال في القدس هي هدم المنازل العربية، ورغم انها سياسة قديمة ومتواصلة الا ان هذا الشهر شهد تطورا جديدا وخطيرا في هذه السياسة تمثل في مسألتين :

الاولى :التوجه نحو هدم منازل مرخصة بسبب تجاوزات بسيطة ، وهذا خطر جديد يهدد معظم المباني في القدس ، وقد شهد هذا الشهر عدة نماذج من هذا العدوان كان ابرزها بناية ابوعيشة واكثر من عشر بنايات أخرى لاسباب مشابهة ، الا أن ادراك المقدسيين لابعاد وخطورة مثل هذه الخطوة- في حال تنفيذها- ادى الى تحرك واسع وفاعل واعتصامات حالت دون تنفيذ امر الهدم واجبرت المحكمة الاسرائيلية على اصدار قرار تأجيل.

الثانية :ان قرارات الهدم باتت تستهدف المباني الكبيرة ومتعددة الطبقات ، ويبدو ان الهدف الاساسي من وراء ذلك هو الحاق اكبر قدر من الضرر بالمواطنيين العرب، فبقرار واحد يمكن هدم بناية فيها عشر مساكن او أكثر ..انها قرارات تشبه القنابل العنقودية في آثارها واضرارها ..

ان هذا التوجه الجديد هو ما دفع بمركز القدس الى التحذير من امكانية وجود لاجئين جدد داخل القدس كما حدث قبل عشر سنوات عندما لجأ عدد من الاسر التي هدمت بيوتها الى منطقة الصوانة واقامت لاشهر في مخيم عرف بمخيم الصمود والرباط .

وقد تواصلت خلال هذا الشهر عمليات هدم لعدد من البيوت والبركسات السكنية ومزارع للاغنام تحت حجج واهية عنوانها عدم الترخيص !

ومعلوم ان منح رخص البناء للمواطنين المقدسيين يعد من الأمور الصعبة جدا ، فاضافة الى الشروط التعجيزية التي يصعب تحقيقها ،هناك رسوم مالية باهظة تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات - حسب المساحة والموقع - ولا يقدر عليها الا نسبة ضئيلة من المواطنين ، وفي المقابل تستمر سلطات الاحتلال في منح الرخص للمستوطنين والبؤر الاستيطانية ، كما حصل هذا الشهر بترخيص مبنى البؤرة الاستيطانية "يوناتان" في سلوان ، وبؤر أخرى في جبل الزيتون ، والمصادقة أخيرا على بناء احياء استيطانية صغيرة على تخوم البلدة القديمة في جبل المكبر !
الواقع المقدسي الى أين؟ والى متى ؟؟

رغم اننا لسنا متشائمين ، الا أن واقع حياة المقدسيين آخذ في التأزم يوما بعد يوم ، حيث ان سياسة التمييز التي انتهجها الاحتلال ضد الوجود العربي في المدينة منذ البداية لم تكن خافية او سرية، وآثارها بادية في كل مجال من مجالات الحياة ، الا أن اجراءات الاحتلال الأخيرة في التشديد على القدس واحكام اغلاق جدار العزل العنصري ومضاعفة سحب الهويات ،وتعقيد اجراءات الحصول على تراخيص بناء ، وزيادة وتيرة هدم البيوت ،وفرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار، واستمرار مصادرة الاراضي ، واغلاق المؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية ،وعودة عشرات آلاف المقدسيين للاقامة داخل المدينة خوفا من حرمانهم من هذا الحق ،كل ذلك فاقم من مصاعب الحياة ، وجعل معظم اجزاء البنية التحتية في القدس مهددة بالانهيار،ولم تعد قطاعات اساسية وخطيرة مثل التعليم والصحة والاسكان ..قادرة على تحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات المتزايدة للمقدسيين ، وقد أدى وجود هذا الواقع في ظل غياب الدعم المادي اللازم ،وعدم وجود مرجعية واحدة وقادرة على حل مشاكل المواطن ، الى ازدياد الاضطراب في حياة المقدسيين عموما، وظهور العديد من الامراض والمشاكل التي - ان لم يتم تداركها سريعا - يمكن ان تهدد ليس فقط النسيج الوطني والاجتماعي للمجتمع المقدسي وانما حتى الوجود العربي في القدس بحد ذاته ،وأهمها انتشار المخدرات والتسرب من المدارس والتشوه الثقافي والتأثر السلبي بالمجتمع الاسرائيلي ، والنقص الحاد في المدارس والغرف الصفية والمراكز والخدمات الصحية، اضافة الى ارتفاع الايجارات وقلة المساكن ، والانحسار الاقتصادي بحكم الحصار وانتشار البطالة ...!!

ويمكننا القول بدون عواطف انه لم يعد هناك شيء ايجابي يمكن للمراقب ان يراهن عليه في استمرار صمود المقدسيين في ظل هذه الاجواء القاتمة ، سوى قدرة المواطن المقدسي على التحمل والتضحية ...ولكن يبقى السؤال: الى متى ؟؟

الجدار ينمو ..والأحلام تنكمش !!

جهود قانونية وحقوقية، وتضحيات ونضالات حقيقية ،وتظلمات وشكاوى ملأت أدراج المحاكم الاسرائيلية والدولية ، وبدلا من ان يسقط الجدار او يتجمد امام كل هذا الزخم القانوني والانساني والاعلامي ، نجده على العكس من ذلك تماما ، ينمو ويتضخم ويزداد طولا ويمعن في سلب الأرض وتقطيع الأوصال والحاق الدمار بالقدس والوطن كله !

فقد كشفت تقارير نشرت اواخر هذا الشهر ، ان هناك تعديلات وتغييرات جديدة على مسار الجدار ادت الى زيادة نسبة الأراضي الفلسطينية المعزولة وراءه ،لتصبح 712,920 دونما، أي بزيادة قدرها 28.5% (157,920 ألف دونما) مقارنة مع ما كانت عليه في العام 2006. كما ظهر في المسار الجديد زيادة في طول الجدار ليصبح 770 كيلومترا أي بزيادة قدرها 67 كيلومترا (9.5%) على ما كان عليه في العام 2006.

وقد تبين ان الزيادة المصادرة بفعل الجدار جاءت مكثفة في منطقتين ،الأولى تقع جنوب شرق الضفة الغربية في منطقة جنوب غور الأردن بمحاذاة المناطق الطبيعية هناك ، حيث تم اعتماد امتداد جديد للجدار ، يبدأ من جنوب محافظة الخليل باتجاه الشمال الشرقي ، وقد نجم عن ذلك إضافة 53.5 كيلومتر على طول الجدار، وقد أدت هذه الزيادة الى عزل أكثر من 153,780 دونما ما بين امتداد الجدار الجديد والخط الأخضر على جانب البحر الميت،كما أدت الإضافة الجديدة لمسار الجدار إلى عزل جزء من الحقوق الفلسطينية في منطقة البحر الميت،حيث تم عزل ما مساحته 71 كيلومتر، أي ما نسبته (37%) من المساحة الكلية المخصصة للفلسطينيين والبالغة 194 كيلومتر.

أما المنطقة الثانية فتقع شمال غرب رام الله حيث تم إضافة مقطع جديد بهدف ضم تجمع مستوطنتي "نيلي" و"نعله" الأمر الذي أدى إلى زيادة في طول مقطع الجدار بحوالي 13.5 كم في عمق الأراضي الفلسطينية، ومصادرة مساحات جديدة تصل الى 4140 دونما .

اما على مستوى بلدات القدس فقد عزل اكثر من 4000دونم من اراضي قرية بيت سوريك ومعظمها مزروع بشجر الزيتون ،و6000دونم موزعة على قرى الجيب والجديرة!
وللأسف فان هذا الجدار الذي يلتف كالأفعى الاسمنتية حول عنق القدس والضفة الغربية ،عزل وراءه ما مجموعه 712,920 دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين, وتشكل ما نسبته 12.6% من إجمالي مساحة الضفة الغربية والتي تبلغ (5661 كم مربع)،اضافة الى عزل 29 بلدة فلسطينية عزلا تاما عن محيطها وبات يتعين على مواطنيها عبور نقاط تفتيش إسرائيلية اثناء الدخول والخروج لأي شأن من شؤون حياتهم !!

القدس تتحرك !

شهدت القدس هذا الشهر نشاطا فلسطينيا مميزا أعاد الى الاذهان صورا مشرقة من التكاتف والتحدي ومقاومة ظلم الاحتلال واجراءاته ،العديد من المؤسسات الرسمية والشعبية والشخصيات الدينية والوطنية شاركت كلها في صناعة الحدث والتصدي لاجراءات الاحتلال في مصادرة الاراضي وهدم البيوت وحماية المقدسات ومواجهة الاعتداءات ،رغم بساطة الامكانيات المتاحة وربما انعدامها في بعض الاحيان .

وبدت التوجهات الرسمية خلال هذا الشهر اكثر جرأة من ذي قبل ، وان كانت تفتقر الى المزيد من الوضوح والكثير من الامكانيات ، فالرئاسة ممثلة في وحدة القدس أعلنت انها بدأت تمسك بالعديد من الخيوط وعلى رأسها تفعيل الدفاع القانوني في وجه الاعتداءات الاسرائيلية في مختلف المجالات ، والسعي الحثيث نحو اعادة الاعتبار للقطاعات المقدسية المختلفة ، والعمل لاعادة فتح المؤسسات المغلقة وعلى رأسها بيت الشرق ، والغرفة التجارية ، اضافة الى الشروع في تنفيذ العديد من المشاريع المختلفة ، وشعارها في ذلك كله "تنمية من اجل الصمود" اضافة الى ان مؤسسة الرئاسة تتبنى بشكل مباشر احتفالية القدس العاصمة الثقافية للعرب عام 2009م وتحاول جاهدة ان تذلل العقبات الكثيرة التي تهدد نجاح هذه الاحتفالية ، فأوراق الجغرافيا والسيادة كلها في يد الاحتلال !

اما مستشار رئيس الحكومة لشؤون القدس فقد كان أكثر جرأة ووضوحا عندما أعلن خلال هذا الشهر "انه لم يلاحظ أي تغيير جذري فيما يتعلق بالموقف من مدينة القدس رغم كل الشعارات والخطابات " واضاف " رغم ان القدس تتعرض لحملة استيطانية تستهدفها وهناك استهداف للمؤسسات العاملة فيها، الا انه لم تكن هناك ارادة ولا قرار لمواجهة الاسرلة، بل الامر يقتصر على التعامل مع هوامش ضيقة وضعيفة وعناوين غير صحيحة، الى جانب ان تعدد المرجعيات اثر سلبا على مستوى الخدمات ".

"وأكد على أن التعامل مع قضية القدس ادى الى تهميشها كثيرا، فمن بيت الشرق وفيصل الحسيني الى وزارة، ثم الى ملف، ثم الى وحدة وبعدها مستشارين" وقال " اذا كان الهدف من تعييننا هو للديكور فلسنا بحاجة الى ذلك، لكننا سنعطي فرصة للحكومة والرئاسة وبعدها سنتحمل المسؤولية ونقول الحقيقة للجماهير ".

وأعلن مستشار رئيس الحكومة انه قدم خطة للمصادقة عليها من مجلس الوزراء تحت عنوان " الحياة للقدس " وانتقد غياب ميزانية للقدس وضعف المخصصات التي ترصد لتعزيز صمود المدينة مقابل الميزانيات الضخمة التي ترصدها اسرائيل لتهويدها ، او تلك التي يساهم بها رجال اعمال يهود مثل موسكوفيتش وغيره للاستيلاء على العقارات وبناء المستوطنات ...!

وفي الوقت نفسه تواصلت اجتماعات ولقاءات المجموعة المكلفة من قبل السيد الرئيس بهدف اختيار وبلورة اطار مرجعي للقدس على اسس قوية ومتينة ، ويتوقع الاعلان عن خطوة عملية في هذا الاتجاه قبل نهاية تشرين الثاني .

احراق كنيسة وسحب التصاريح من الرهبان !

اشعل أواخر هذا الشهر حريق متعمد في كنيسة في القدس الغربية ، وقال المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية "ان احدا ما اقتحم حرم الكنيسة في منتصف الليل واشعل حريقا تسبب باضرار ..وقد فتحنا تحقيقا لكننا لا نعرف حتى الآن من الفاعل " ومعلوم ان هذه الكنيسة التي تعرف " بالبيت المعمداني " تقع في القدس الغربية التي يسكنها اليهود ، وقد سبق وان احرقها متطرفون يهودا عام 1982م والقيت عليها قنبلة يدوية قبل بضع سنوات ، ويرتاد هذه الكنيسة اتباع الطائفة المعمدانية من البروتستانت ومسيحيون من طوائف أخرى .

وضمن سياق عزل المقدسات الاسلامية والمسيحية وتقييد الحريات الدينية ، أعلنت سلطات الاحتلال انها سحبت تصاريح المرور من الرهبان المسيحيين العرب في الضفة الغربية لاسباب امنية ، واعلنت ناطقة اسرائيلية باسم وزارة الداخلية انه على الرهبان العرب استخراج فيزا جديدة لكل مرة يريدون فيها التحرك .

[email protected]


انتهى