الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تركيا وإسرائيل.. المصالح تتغلب على المبادئ ولا عزاء لغزة

نشر بتاريخ: 27/06/2016 ( آخر تحديث: 28/06/2016 الساعة: 01:08 )
تركيا وإسرائيل.. المصالح تتغلب على المبادئ ولا عزاء لغزة
غزة- تقرير معا- أسدل الستار على الخلاف الإسرائيلي التركي الذي استمر نحو 6 سنوات في أعقاب قتل الكوماندوز الإسرائيلي 10 متضامنين أتراك كانوا على متن السفينة "مافي مرمرة" التي كانت تسعى لكسر الحصار على قطاع غزة، باتفاق لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد جولات مفاوضات ماراثونية.

وكانت تركيا قد وضعت ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات، وهي: تقديم إسرائيل اعتذارا علنيا عن الهجوم على السفينة "مافي مرمرة" في 31 مايو من العام 2010 ودفع تعويضات لأسر الضحايا ورفع الحصار عن قطاع غزة، غير أنها تنازلت عن رفع الحصار مقابل تخفيفه عبر إدخال مساعدات ومشاريع لتحلية المياه وإقامة محطة كهرباء ومستشفى في غزة.

ورأى سياسيون فلسطينيون في أحاديث منفصلة مع مراسل معا أن تركيا غلّبت مصالحها بالدرجة الأولى على أي قضايا أخرى، مؤكدين ان ما تضمنه الاتفاق من مشاريع تنموية لن يؤثر بشكل كبير على قطاع غزة كون العديد من الدول تنفذ مشاريع في غزة.

وقال طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية: "ياتي الاتفاق في مرحلة حساسة خاصة ان اسرائيل تعاني من عزلة دولية بسبب سياساتها الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني".

وأضاف أبو ظريفة "اسرائيل ستستفيد من الاتفاق في فك العزلة وحملة المقاطعة الدولية وكنا نأمل من تركيا ونتيجة توجهاتها السياسية أن تكون جزءا من تعزيز هذه المقاطعة لدولة الاحتلال".

وتابع: "أي دعم يسهم في تخفيف المعاناة عن شعبنا الفلسطيني مقدر ولكن المسألة لدينا سياسية وليست اقتصادية".

وحول تخلي تركيا عن رفع الحصار عن غزة ، قال أبو ظريفة: "هناك سياسة مصالح لتركيا وهذا ما عبرت عنه الحكومة التركية التي قالت إن ما يربطنا مع إسرائيل مصالح في إطار ما يسمى محاربة الإرهاب أكبر بكثير ما يربطنا بقضايا أخرى بالتالي قدمت المصالح على المبادئ".

وتابع أبو ظريفة: "في إطار موقع تركيا الإسلامي كان من المفترض أن تتمسك بشرطها برفع الحصار عن غزة باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي وكان يجب أن تطالب بمحاسبة إسرائيل على ذلك وليس إيجاد مخارج لها".

بدوره، قال طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي: "بنظرة المواطن البسيط العادي أو الساذج سياسيا ربما يصاب بخيبة أمل من الاتفاق الإسرائيلي التركي لأن الأخيرة فضلت مصالحها ولم تستطيع رفع الحصار عن غزة".

وأضاف عوكل لمراسل معا لكن بمنطق السياسي العاقل يعتبر الموضوع طبيعيا بمعني أن تركيا تسعى وراء مصالحها بالدرجة الأولى وهي ليست بموقع الأفضلية الذي يفرض على إسرائيل شروطا".

وتابع: "تركيا كانت قبل 6 سنوات دولة بدون أزمات ، كما قال رئيس الحكومة الأسبق داود أوغلو في حينه لكن اليوم تركيا محملة بالأزمات بالتالي هي بحاجة الى تطبيع علاقاتها بإسرائيل".

ويعتقد عوكل ان هذا الاتفاق لن يؤثر على القطاع بالسلب او الإيجاب ولن يحدث تغيرا بالوضع القائم لان الشيء المتفق عليه محطة كهرباء ومحطة تحليه مياه كله جزء من اتجاه عام ، مشيرا إلى ان قطر والاوروبيين ينفذون مشاريع لم تغير من طبيعة الوضع في القطاع.

وأكد ان القطاع يخضع لشروط السياسة الاسرائيلية، وقال: "الناس جربت كل الخيارات ما عدا المصالحة الفلسطينية لذلك كل الخيارات لن تعالج الوضع في غزة الا من خلال المصالحة الفلسطينية".

بدوره، قال الكاتب حسام الدجني إن الاتفاق أصاب الشعب الفلسطيني بخيبة أمل كونه أنهك من الحصار ورغم إدراك شعبنا بأن سواعد الرجال (المقاومة) هي من يفرض على الاحتلال الشروط، إلا أن الأمل في تركيا لم يقطع، ويعتقد الفلسطينيون أن أردوغان وحكومته لن يفقدوا الأمل، وسيستغلون كل لحظة لبناء الميناء والمطار في قطاع غزة".

ورأى الدجني في مقالة له ان الأسباب التي دفعت تركيا للتنازل عن شرط رفع الحصار هي وجود "فيتو" فلسطيني واقليمي ضاغط على الاحتلال الاسرائيلي وداعم لبعض المواقف الصهيونية الرافضة لتشييد ميناء أو مطار وهما أهم معالم رفع الحصار عن قطاع غزة، بالاضافة الى أن تقاطع المصالح بين الدولتين لا يسمع بإهدار مزيد من الوقت، وعليه كان خيار تخفيف الحصار مدخلا لتجاوز المعضلة".

وعن المصالح التي قدمتها تركيا على رفع الحصار عن قطاع غزة، أضاف "غاز شرق المتوسط .. هناك اكتشافات هائلة في منطقة شرق المتوسط وتحديدا في سواحل فلسطين المحتلة (اسرائيل)، وعليه فإن العين التركية بأن تمر أنابيب الغاز من الاراضي التركية لأوروبا مشرعة، وهذا مشروع استراتيجي بالنسبة لأنقره كونه يمنح تركيا دورا ومكانة على المستوى الدولي.

وتابع: "هناك صراع نفوذ بين تركيا واسرائيل وإيران في القارة السمراء (افريقيا)، ويأتي الاتفاق لتقاسم النفوذ والمصالح في إفريقيا بين اسرائيل وتركيا بما يخدم اقتصاد البلدين والأمن القومي لهما ، بالاضافة الى العلاقة مع روسيا والملف السوري لا شك أن تركيا تطمح في اعادة العلاقات التركية الروسية لسابق عهدها، وربما اسرائيل تلعب هذا الدور بشكل واضح، ولكن الأهم هو الملف السوري، فكلا البلدين تتقاطع مصالحهما في محاربة ومحاصرة خطر تنظيم الدولة الاسلامية وحزب الله والجماعات الأخرى، بالإضافة لخطر تقسيم سوريا، وعليه فإن التقارب الاسرائيلي مع تركيا يخدم المصلحة الأمنية والجيوسياسية للبلدين".

وفيما يتعلق بالملف الفلسطيني، قال الدجني: "تدرك تركيا أنها كي تكون فاعلا دوليا ولاعبا مهما بالملف الفلسطيني ينبغي ان تكون علاقاتها جيدة مع كل الاطراف، وهذا ما يحصل حاليا، فتركيا بعد الاتفاق تربطها علاقات بإسرائيل والسلطة والفصائل وعلى رأسها حماس، ما يؤهلها للعب دور سياسي واقتصادي كبير في المرحلة المقبلة".

وفيما يخص التقارب الاسرائيلي القبرصي، اضاف تنظر تركيا بخطورة أمنية للتقارب بين قبرص اليونانية واسرائيل، وعليه فإن عودة العلاقات لسابق عهدها أمر مهم لتركيا، كما أن اسرائيل بحاجة لاستئناف العلاقات على كل المستويات.

ورأى شرحبيل الغريب الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حماس أن تركيا دولة كبيرة ساندت الشعب الفلسطيني ودعمت قضيته على مدار سنوات ولها مواقف مشهودة في هذا الامر لكن الاتفاق الذي حصل يلبي المصلحة التركية بالدرجة الأولى ويخفف الحصار عن قطاع غزة لا يرفعه بشكل كامل كما توقع البعض.

واعتبر الغريب في حديث لمراسل معا: أن "الاتفاق ليس معناه أن تركيا تخلت عن مواقفها تجاه الشعب الفلسطيني ومطلب رفع الحصار ، وما لدي من معلومات منذ بداية المفاوضات الاسرائيلية التركية أن المطالب التركية كانت تخفيف حدة الحصار لا رفعه بشكل كامل نظرا لتعقيدات الظروف".

وأضاف "لا شك أن تركيا بحثت عن مصالحها كأولوية وفي السياسة دائما المصالح تقدم ، فمن حق تركيا الحفاظ على مصالحها وهي مشكورة على كل مواقفها الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني ... قوة تركيا نابعة من النهضة التي تعيشها .. الاتفاق الذي وقع يشكل خطوة على هامة على طريق رفع الحصار".

وينص الاتفاق التركي الإسرائيلي على اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بما يشمل اعادة السفراء وزيارات الصداقة والعمل المشترك كتفا الى كتف امام المنظمات الدولية والتبادل الامني والاستخباري، بالاضافة إلى دفع اسرائيل 20 مليون دولار كتعويض لشهداء وجرحى سفينة مرمرة ، وبالمقابل تجمد تركيا القضايا المرفوعة ضد ضباط وجنود اسرائيل في المحاكم الدولية وفي محاكم اسطنبول ايضا.

كما ينص الاتفاق على تراجع الاتراك عن طلب رفع الحصار عن غزة ، وبالمقابل تسمح اسرائيل بنقل بضائع تركية الى القطاع عن طريق ميناء اسدود باشراف أمني اسرائيلي ومقابل ذلك تتعهد تركيا بمنع اية نشاطات من حماس ضد اسرائيل على الاراضي التركية، بالاضافة الى وعد أمني تركي ان تتدخل المخابرات التركية لدى حماس لاستعادة الاسرى وجثث الاسرائيليين الى اسرائيل ، والبدء رسميا بالاتصالات اللازمة لمد خطوط الغاز من اسرائيل الى اوروبا عبر الاراضي التركية وان تشتري تركيا الغاز الاسرائيلي ( بعد الازمة بين روسيا وتركيا ).

تقرير: أيمن أبو شنب