الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"القلق الوظيفي" أشد خطرا من ضغط الدم والتدخين

نشر بتاريخ: 23/11/2016 ( آخر تحديث: 23/11/2016 الساعة: 22:38 )
"القلق الوظيفي" أشد خطرا من ضغط الدم والتدخين
بيت لحم- معا- يمر الكثير من الموظفين في عملهم بضغوط نفسية، ولكن في بعض الأحيان تصبح الصورة قاتمة بمعاناتهم من "القلق الوظيفي"، الذي يتطور أحياناً ليصيبهم بالتوتر المزمن والإجهاد، نتيجة القلق على المدى الطويل.

ويرجع مصدر "القلق الوظيفي" إلى أنه في ظل الوضع المضطرب لسوق العمل اليوم، أصبحت مشاعر الخوف تسيطر على الكثير من العاملين؛ لوجود فجوة بين مستوى التوقعات المرتفعة لما يمكن أن تقدمه لهم وظائفهم، وما يحصلون عليه منها فعلياً، مما يجعلهم في النهاية يعيشون مشاعر مضطربة، فهم في البداية يكونون متحفزين للعمل والإنجاز وتحقيق أقصى ما يستطيعون، ولكن عند معايشتهم للواقع السيئ تطاردهم مشاعر الخوف من انهيار سقف توقعاتهم.

بيئة العمل والمهام التعجيزية

تقف العديد من الأسباب وراء الإصابة بالقلق الوظيفي، ولكنّ هناك أسباباً رئيسية، في مقدمتها أن يتواجد الموظف في بيئة عمل غير مناسبة تنتشر فيها الخلافات الشخصية، وعدم حرص الموظفين على مساعدة بعضهم البعض، إذ تؤثر هذه الخلافات على طبيعة العلاقات بتعدد مستوياتها، وتؤدي لاختفاء مساحة الإبداع، وهدر الوقت في حل النزاعات المتكررة.

ومن الأسباب المؤثرة كذلك أن يكون حجم المهام المُسندة إلى الموظف، غير متناسب مع الوقت المتاح لديه، مما يجعله في حالة سباق غير منطقي مع الزمن، يتحمل فيه من الضغوط ما لا يطيقه، وتكون النتيجة في النهاية أن تقل إنتاجيته، وتضعف قدراته الذهنية والبدنية والنفسية، وفي الوقت نفسه لا ينجح في القيام بجميع المهام.

ويشعر بعض الموظفين بالقلق الوظيفي، لأن الأماكن التي يعملون بها لا توفر لهم الوسائل التعليمية والتدريبية الكافية لمساعدتهم على تحسين أدائهم، وتطوير مسيرتهم المهنية، وفي ظل التغيرات السريعة لسوق العمل، فإن ذلك يجعلهم يعيشون في ضغط نفسي؛ لخوفهم من عدم وجود فرصة ملائمة لإمكاناتهم المتواضعة، عند تركهم العمل لأي سبب من الأسباب.

التأثيرات الصحية

يتسبب القلق الوظيفي في الإصابة بأمراض مختلفة، فهو يقف أحياناً كسبب رئيسي وراء الإصابة بأمراض نفسية، مثل الاكتئاب والقلق والفصام، نتيجة الضغوط النفسية المستمرة التي يعاني منها الموظف في عمله.

وتظهر التأثيرات الصحية أيضاً في شكل أمراض جسدية، فهناك من يضطر نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة، إلى زيادة عدد ساعات عمله، والعمل في النوبات الليلة، والتي حذر باحثون بريطانيون من خطورتها، لما تفعله في الجسم من اضطراب للهرمونات، وتأثير سلبي على وظائف الدماغ، وأيضاً زيادتها لاحتمالية الإصابة بمرض السكري والأزمات القلبية.

وأحياناً يكون ضرر القلق الوظيفي المستمر أكبر من ضرر فقدان الوظيفة فعلياً، فوفقاً للدكتورة سارة بيرغارد ساينس، المتخصصة في علم الاجتماع بجامعة "ميتشيغان" الأميركية، فإن الأذى الذي يقع على الموظف الخائف من فقدان وظيفته يفوق أذى ارتفاع ضغط الدم أو التدخين؛ لأن تأثير الإجهاد الناتج عن فقدان الأمان الوظيفي يكون في بعض الأحيان مميتاً، ويتسبب في حالات مرضية قد تقصر العمر.

وفي اليابان يزداد الوضع سوءاً ليصل بالموظفين إلى الوقوع ضحايا "للكاروشي"، وهو مصطلح يقصد به وفاة الشخص إثر أزمة قلبية حادة أو سكتة دماغية أو باللجوء للانتحار، نتيجة الضغوط الزائدة التي يتعرض لها باستمرار في عمله، ومن أبرز حالات "الكاروشي" موظف يُدعى كيوتاكا سيريزواوا، كان يعمل في شركة لصيانة المباني بمعدل ساعات جنوني وصل إلى 90 ساعة في الأسبوع، ولكنه في النهاية أقدم على قتل نفسه، بعد تكاثر ضغوط العمل عليه.

إليك إرشادات الخروج من هذا المأزق

رغم أن وضع سوق العمل اليوم أصبح غير مطمئن بالنسبة لكثير من الموظفين، مما جعلهم يعانون من "القلق الوظيفي" رغماً عنهم، إلا أن هناك العديد من الإرشادات التي يمكن باتباعها أن يصبح الوضع قابلاً للسيطرة، مثل:

1- لا تجعل المال هو هدفك الأوحد

بكل تأكيد يبحث الجميع عن الوظائف ذات الراتب الأعلى، ولكن زيادة المال لا تعني أنك ستنتج بشكل أفضل وتتميز، وبالأخص لو كنت في مجال اخترته فقط لمميزاته المالية، وليس لأنك تحبه، فقد وُجِد أن الشخص الذي يعمل فيما يحب، يكون أكثر سعادة من الذي يعمل بهدف تحصيل المزيد من الأموال.

2- عليك بتطوير مهاراتك باستمرار

في ظل العصر الذي نحيا فيه، أصبح من الضروري أن يطور الموظف مهامه الوظيفية؛ لتلائم الظروف والأوضاع المهنية المحيطة، عن طريق حرصه الدائم على اكتساب المهارات الجديدة، وذلك بالتحاقه بالدورات التدريبية المختلفة، واطلاعه على كل جديد في مجال عمله.

3- ابحث عما يميزك

لن تكون هناك ثمرة حقيقية من العمل بلا أهداف محددة، أو معرفة بنقاط القوة التي تمتلكها، ولذلك عليك البحث عما يثير شغفك في وظيفتك والتركيز عليه، وليس هناك مانع من أن تقضي بعض الساعات يومياً حتى تصل إلى ذلك، فالأمر يستحق البحث لتستمع بما تعمل.

4- إياك وإهمال حق نفسك

رغم ازدحام جدول العمل بالمهام التي لا تنتهي، لا تنسَ أن تتيح لنفسك فرصاً للاستراحة، سواء أثناء الدوام اليومي، بالقيام بتمارين الراحة والتأمل، أو في الإجازات الأسبوعية، التي عليك أن تستثمرها في السفر والخروج إلى أماكن جديدة، لممارسة الرياضة والاسترخاء، حتى تتخلص من إرهاق العمل، وتصفي ذهنك.(هافينغتون بوست)