الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران غطا الله حنا يستقبل وفدا من ابناء الرعية من الاردن

نشر بتاريخ: 03/01/2017 ( آخر تحديث: 03/01/2017 الساعة: 11:12 )
المطران غطا الله حنا يستقبل وفدا من ابناء الرعية من الاردن
القدس - معا - وصل الى المدينة المقدسة وفد من ابناء الرعية الارثوذكسية في الاردن في زيارة حج للاماكن المقدسة في فلسطين وللمشاركة في احتفالات عيد الميلاد المجيد حسب التقويم الشرقي والتي ستقام في مدينة بيت لحم في 7 تشرين ثاني.
وقد استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوكس الوفد لدى وصوله الى مدينة القدس وقد جرى استقبال الوفد عند باب الاسباط حيث مشى الوفد في طريق الالام عبر ازقة وشوارع القدس العتيقة وقد كانت هنالك قراءات من الانجيل المقدس في محطات طريق الالام وبعض الصلوات والادعية والترانيم الدينية، وفي باحة كنيسة القيامة رحب بهم المطران مجددا وبدأت زيارة الكنيسة بالصلاة والدعاء امام القبر المقدس ومعاينة الترميمات القائمة حاليا داخل وخارج القبر المقدس.
وبعد جولة داخل الكنيسة استمع خلالها الوفد الى شروحات وتوضيحات حول تاريخها واهميتها واهم المزارات الشريفة القائمة فيها، وانتقل الوفد الى الكاتدرائية حيث استمعوا الى حديث روحي من المطران عطا الله حنا.
استهل المطران كلمته بإبراز اهمية مدينة القدس الروحية والتاريخية والانسانية والتراثية والوطنية مؤكدا أن مدينة القدس وباقي الاماكن المقدسة في فلسطين انما هي الاماكن التي تذكرنا بمحبة الله لنا وافتقاده للانسانية.
وشدد المطران على اهمية مدينة القدس في الضمير المسيحي فقال بأنها قبلتنا الاولى والوحيدة وانها المدينة التي تحتضن اهم المواقع المقدسة في المسيحية وفي مقدمتها القبر المقدس ولذلك وجب علينا ان نؤكد دوما تعلقنا الروحي بمدينة القدس وانتماءنا اليها ودفاعنا عن طابعها ووجهها الروحي والانساني والوطني.
قال المطران أننا في الوقت الذي فيه نؤكد أن مدينة القدس هي المركز المسيحي الاول والاساسي في العالم وحاضنة اهم المواقع الدينية المسيحية فإننا نحترم مكانة القدس وخصوصيتها باعتبارها مدينة مقدسة للديانات التوحيدية الابراهيمية الثلاث.
ودعا المطران الى احترام تاريخ وتراث وهوية وخصوصية مدينة القدس التي تتميز عن اية مدينة اخرى في هذا العالم ، ولا يجوز لاحد ان يدعي ان القدس له وان ينكر حق سواه فيها، اننا نرفض الاقصاء والتهميش وعدم احترام الاخر، نحن ندعو الى ثقافة انسانية ملؤها المحبة والاخوة التلاقي بين الانسان واخيه الانسان بعيدا عن لغة التحريض المذهبي والاقصاء الديني لاننا في النهاية جميعا نحن ابناء ادم وكلنا خلقنا من جبلة واحدة والله خالقنا وبارينا ونحن ننتمي جميعا الى اسرة بشرية واحدة خلقها الله.
وقال أن مدينة السلام لم تعد مدينة للسلام فقد تحولت بفعل الاحتلال وسياساته وممارساته الى مدينة صراع وصدام وعنف وكراهية وتعصب ، ان المدينة المقدسة مدينة السلام التي من المفترض ان تكون نموذجا متميزا في التعايش والتلاقي بين الاديان تحولت الى مدينة يستهدف فيها الفلسطينيون ويضطهدون ويراد لهم ان يكونوا اقلية في مدينتهم فهم يعاملون كالغرباء في حين انهم ابناء الارض الاصليين.
نحن نتحدث دوما عن التسامح والتلاقي بين الاديان ولكن هذا لا يعني بالنسبة الينا الاستسلام للعنصرية والممارسات الظالمة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه.
السلام الذي تحدثنا عنه هو ليس سلام الاستسلام وليس سلام القبول بالعنصرية والظلم والقمع الممارس بحق شعبنا ، لا يمكن لنا ان نقبل بهذه المظالم وان نستسلم لهذه السياسات العنصرية وكأنها امر واقع لا يجوز التمرد عليه او رفضه.
التمرد على العنصرية والقمع والظلم والاحتلال هو واجب على كل انسان عنده قيم واخلاق ومبادىء انسانية سامية ، ونحن كفلسطينيين لن نستسلم للاحتلال وسياساته وقمعه وعنصريته، ولكننا في نفس الوقت لن نتخلى عن قيمنا وعن رسالتنا الحضارية والانسانية في هذه الارض المقدسة.
ان مدينة القدس هي عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة اهم مقدساتنا ، في الديانة الاسلامية هي اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وفي المسيحية هي القبلة الاولى والوحيدة فلا يوجد في عالمنا ما هو اقدس وما هو اهم لدى المسيحيين من مدينة القدس ومن غيرها من الاماكن المقدسة في فلسطين.
اتيتم من الاردن الشقيق لكي تكونوا معنا في عيد الميلاد المجيد ونحن بدورنا نود ان نتضامن مع ضحايا الارهاب الذي ألم بالاردن مؤخرا وهو الارهاب ذاته الذي يستهدف مشرقنا العربي كما يستهدف الكثير من المدن والعواصم العالمية ، انه الارهاب العابر للحدود ، انه الارهاب الذي يتناقض مع القيم الايمانية والدينية والاخلاقية والانسانية ، وهؤلاء الارهابيون لا يفهمون الا لغة القتل والدم والعنف واستهداف الكرامة الانسانية.
ونحن بدورنا نتضامن مع ضحايا الارهاب في كل مكان في هذا العالم ، فنحن في محبتنا للانسان لا نميز بين انسان وانسان ، حيثما يكون الالم والشدة والمعاناة نكون هناك ، ونكون منحازين الى جانب الانسان في آلامه ومعاناته واحزانه.
نتضامن مع سوريا في محنتها ونصلي من اجل ان يتحقق السلام فيها ونصلي من اجل العراق واليمن وليبيا والاردن ومصر سائلين الله تعالى ان يمن علينا بعدله وسلامه وان يفتقد الانسان بمحبته ورأفته وان ينير القلوب والعقول ، لكي يعود انسان هذا العصر الى انسانيته ويكتشف بأنه مخلوق من الله تعالى لكي يكون اداة محبة وخير وسلام ، لا وسيلة قتل وعنف واستهداف للكرامة الانسانية .
وضع سيادته الوفد في صورة الاوضاع في مدينة القدس وفي باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة مؤكدا بأن القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعا ، هي قضية الامة العربية الواحدة وقضية كافة احرار العالم ، واولئك الذين يدمرون ويستهدفون بلداننا العربية انما هدفهم الاساسي هو تهميش وتصفية القضية الفلسطينية ، اعداء امتنا يريدوننا ان نتحول الى طوائف ومذاهب وقبائل متناحرة فيما بينها ونحن بدورنا مطالبون بان نوحد صفوفنا وان نسعى من اجل تكريس ثقافة انسانية ملؤها المحبة والاخوة والوحدة الوطنية بين ابناء الامة العربية الواحدة ، وان تكون بوصلتنا دوما نحو القدس ونحو فلسطين الارض المقدسة .
تحدث سيادته عن الحضور المسيحي في فلسطين وقال بأن المسيحيين في هذه الديار كما في الاردن وفي سائر ارجاء مشرقنا العربي هم ليسوا اقلية في اوطانهم ، وفي فلسطين هم مكون اساسي من مكونات شعبنا ولا يمكننا ان نتصور فلسطين بدون مسيحييها وكنائسها وبدون الحضور المسيحي الفاعل فيها ، هذا الحضور الذي يستهدفه الاعداء بوسائلهم المعهودة والغير المعهودة، هذا الحضور الذي يراد اضعافه وتهميشه ولكننا بعون الله ونعمه وبركاته سنبقى ثابتين صامدين في ديارنا محافظين على انتماءنا ورسالتنا ولن يتمكن اي متآمر او متخاذل من النيل من عزيمتنا ومعنوياتنا وحضورنا ودورنا الانساني والروحي والوطني في هذه الارض المقدسة .
وجه الوفد عدة اسئلة لسيادة المطران التي اجاب عليها ومن ثم وزع سيادته بعض المنشورات الروحية والهدايا الميلادية .
اما الوفد الارثوذكسي الاتي من الاردن والمكون من مئة شخص فقد شكروا سيادة المطران على استقباله وكلماته وتوجيهاته وحضوره الدائم في الدفاع عن المسيحية المشرقية الحقة وعن الانتماء العربي الوطني الاصيل ، اننا ننقل لسيادتك تحية محبة وتقدير من الاردن واخوتك واحبائك هناك يثمنون مواقفك وحضورك ودورك الرائد في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية وعن مدينة القدس بشكل خاص .