الخميس: 26/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون --- إصلاح الأندية **/ بقلم فايز نصار

نشر بتاريخ: 08/01/2008 ( آخر تحديث: 08/01/2008 الساعة: 16:42 )
بيت لحم - معا - لعميد الأدب العربي "صاحب الأيام" الراحل طه حسين مقولة تنم عن حس نقدي متقدم ، وفهم ناضج لطبيعة التغيرات في مختلف القطاعات ، وخلاصتها أن التغيرات السياسية فجائية ، عكس التغيرات الاجتماعية البطيئة !
وفهمت من كلام العلامة الراحل ، أن التغيرات السياسية ، تخضع لرؤيا شخص أو مجموعة من الأشخاص ، يشكلون توجها سياسيا منسجما ، ويمكن تغيير معالم هذه الرؤيا بقرار ، قد تصادق عليه الجهات الممثلة للقاعدة ، أو لا تصادق ، كما حصل منذ أيام في مملكة النيبال ، التي تحولت بين عشية وضحاها الى جمهورية دستورية .. وكما يحصل منذ سبع وثلاثين سنة في الجماهيرية العظمى ، التي تغيرت توجهاتها السياسية أكثر من مرة !
وعلى عكس ذلك يتفق النقاد على عدم إمكانية حصول هذا التغيير الانقلابي في القطاعات الإنسانية ، التي تتصل بكنه الوجدان البشري ، لأن الانتقال من الكلاسيكية إلى الرومنسية فالواقعية مثلا احتاج إلى حقب من الزمن ، لأنك لا تستطيع أن تغير المفاهيم ، وتبدل الأعراف الشعبية المتوارثة بفرمان يصدر من قصر ملكي ، أو بمرسوم يمرر تحت قبة برلمانية ، إلا إذا أقنعت البرازيليين بلعب الكرة على طريقة الكتناتشو الإيطالية !
تلك الرؤيا الطحسنية يصلح ان تكون منطلقا لمراجعة حالتنا الرياضية البائسة ، لمعاينة وتشخيص أمراضها ، والكشف عن أسباب علتها ، قبل وضع الترياق الناجع لشفائها على أيدي نطاسي فاهم !
ولأن المثل والمفاهيم الرياضية تمثل شيئا من المكنون الإنساني لهذا الشعب ، فإننا لا نتوقع أن تكون رياضتنا بمعزل عن الأنماط السلوكية ، التي تحكم متعاطي الرياضة في بلادنا ، والذين لا نتوقع منهم النزاهة والصدق ، في مجتمع تربى فيه الابن على يدي أب قال له يوما : قل له أبي ليس هنا ، عندما حاء أحد الدائنين لطلب حقه !! وفي مجتمع ليس محصنا ضد اغراءات الدينار والدرهم ، طالما أن بين ظهرانينا رجالٌ قبلوا اختلاس حقوق أمهاتهم وأخواتهم ، بقسمة ضيزى لميراث الوالد الراحل !
وتلك القاعدة تصلح أيضا لارشاد قاعدتنا الرياضية ، إذا أردنا أن نضمن للأجيال مستقبلا غير مليء بالعقد ، التي جعلت شبابنا يكفرون بكل شيء .. بمعنى أن الثورة الرياضية المطلوبة ، يجب لأن تنطلق من الصفر ، بإصلاح كل الخلايا ، التي لها علاقة بالحالة الرياضية ، على أن تكون البداية باستئصال الأورام الخبيثة !
بعد ذلك يجب أن ينسى القائمون على حركتنا الرياضية المرحلة السابقة ، بحلوها ومرها ، والعودة إلى البداية ، لأن بناءا ننجزه على الرمل ، لن يصمد في وجه الهزات الخفيفة ، والمطلوب بناء تضبط أسسه وقواعده جيدا ، حتى يصمد في مواجهة الهزات ، أيا كانت درجتها !
وللحركة الرياضية الفلسطينية أسوة حسنة في وزارة التربية والتعليم ، التي بدأت التغيير التربوي فنيا من الصفر ، بعد قيام سلطتنا الوطنية على ارض الوطن ، فتركت المدارس تسير بالبرامج الموروثة من الجيران ، وبدأت الإصلاح من الصف الأول ، بإعداد الكوادر البشرية ، التي تسهر على تنفيذ ما يتوافق عليه الفنيون ، وبعد سنة انتقلت العملية إلى الصف الثاني ، فالثالث ، حتى وصلنا إلى ثانوية عامة فلسطينية محضة في السنة الماضية ، ببرنامج فلسطيني ، استوحى من الأصدقاء والأشقاء خلاصة تجاربهم ، وصقل كل شيء ، بما يتناسب مع الحالة الفلسطينية !
وبناءا على ذلك ، يجب أن يعتمد البرنامج الإصلاحي الشامل نظما صارمة تعيد للأندية اسمها الضائع ، وتعيد لقلاع الرياضة الفلسطينية فعلها ، كما كانت في السنوات الأشد قسوة !
والخطة تقتضي وضع قوانين واضحة ، معاييرها فنية محضة ، وقوامها إعادة تشكيل الأندية الرياضية ، بإعادة تسجيلها ، وإلغاء كل التراخيص السابقة ، ولا يجب أن يعفى من العملية أي نادي مهما كان موقعه ، وأقترح بعض المعايير التي يجب أن تعتمد .
أولا : الديمقراطية الرياضية يجب أن تكون ديدن أنديتنا بما سميته سابقا ب" الرياضوقراطية " ومعنى ذلك أن المثل الديمقراطية المعروفة يجب أن تكون حاضنة الأندية وملهمها ، وبمعنى أن ما يتوافق عليه المؤسسون وفقا للقوانين يجب أن يطبق ، ولا مجال لبقاء أندية بدون انتخابات منذ أن وضعت الانتفاضة الثانية أوزارها ، ولا مجال لحسابات غير فنية في تزكية قادة الأندية عبر الهيئة العامة !
ثانيا : يجب أن تفعل المهيآت العامة للأندية بشكل جدي ، والأمر يقتضي رفعا في رسوم الاشتراك والانتساب ، وفرضا لمشاركة العضو تنفيذ واجباته تجاه المؤسسة بنفسه ، بدفع الرسوم في مقر النادي ، وحضور اجتماعات الهيئة العامة دون إنابة ، حتى يعرف كل الأعضاء عنوان النادي ، وذلك أضعف الإيمان !
ثالثا : يجب أن يلتزم النادي بتفعيل جاد لخمس رياضات على اقل تقدير ، على أن تكون ألعاب القوى واحدة منها ، إضافة الى رياضتين فرديتين ، ورياضتين جماعيتين .
رابعا: يجب على النادي الوفاء بكل التزاماته المالية تجاه المؤسسات الأخرى ، وفي مقدمتها الاتحادات .
خامسا : يجب على النادي أن يهتم في رياضاته المختلفة بكل المراحل السنية ، وبالذكور والإناث اذا سمحت الظروف .
سادسا : يجب على النادي المشاركة في كل البطولات التي ينظمها اتحاد اللعبة .
تلك لعمري بداية للإصلاح ، الذي نكرر أنه يجب أن ينطلق من الأندية ، لأن تركيز محاولات الإصلاح على قمم الأهرام لن يجدي نفعا ، والله أعلم !
والحديث ذو شجون
[email protected]