بيت لحم- معا- مر عام كامل تقريبا على تقطع السبل بالفلسطيني طاهر يعقوب الذي لا يزال عالقا في الضفة الغربية لا يملك شيئا بعد ان رفض اقتراح الشاباك الاسرائيلي بتجنيده عميلا ومخربا لهذا الجهاز الاستخباري مقابل منحه تصريح يمكنه من العودة الى اهله وذويه في الاردن وفقا لما قاله اليوم "الاحد " موقع "هأرتس" الالكتروني الناطق بالعبرية في تقرير موسع تحت عنوان "هذا ما يحدث للفلسطيني الرافض للتعاون مع الشاباك".
واضاف الموقع الذي سوف ننقل ما جاء في تقرير دون تصرف تقريبا "بالنسبة للفلسطينيين تعتر هذه قصة روتينية فيما لا يعلم الاسرائيليون شيئا تقرييا عن هذا الروتين النتن والعفن الذي يعيشه الفلسطينيون" .
تحول طاهر يعقوب الى ما يشبه "اسير صهيون" فهو عالق في الضفة الغربية منذ عام حيث يمنعه الشاباك الاسرائيلي من المغادرة والعودة الى الاردن حيث تقيم عائلته وذلك عقابا له على رفضه الخضوع لابتزاز الشاباك الساعي الى تجنيده كعميل ومخبر مقابل منحه اذن المغادرة .
تغيرت حياته منذ لقائه المصيري مع عميل الشاباك "حامي " فتحول من رب اسرة وفني انتاج الى عامل مياومة يكابد شظف العيش بعيدا عن اسرته وأطفاله الثلاثة وكل جريمته رفضه الخضوع والقبول باقتراح عميل الشاباك التي لا يمكن رفضه في الاراضي المحتلة حسب فهم الشاباك .
احضرناه هذا الاسبوع من مكان عمله في شركة كوكاكولا في منطقة بيتونيا القريبة من رام الله حيث يعمل منذ ثلاثة اشهر كعامل على خط الانتاج وجلسنا معه في ساحة خلفية لمجمع سكني تحت الانشاء يعود لاحد معارفه وذلك كون طاهر يقيم في شقة صغيرة يتكدس في غرفها الثلاثة 12 عاملا اخر وبالتالي لم يكن لديه امكانية لاستضافتنا في شقته وسرد علينا قصته بأدق التفاصيل فيما انهمرت في بعض الاحيان دموعه من مقلتيه .
يبلغ طاهر من العمر 31 عاما وهو من مواليد قرية بيت ريما غرب رام الله وهو متزوج واب لثلاثة اطفال : بيلسان ابنة الاعوام الستة، بيسان ابنة الخامسة ، وحمد ابن الثلاثة، وانتقل والده في سبعينيات القرن الماضي من قرية بين ريما للإقامة في الاردن وبقيت العائلة هناك منذ ذلك الحين ودخل طاهر الضفة الغربية ضمن زيارة صيفية لأبناء عائلته الذين بقوا في بيت ريما .
تزوج طاهر عام 2010 من ابنة عمه " كفا " البالغة من العمر 24 عاما وبنى معها عائلته وحياته في بلدة الرصيفة القريبة من مدينة الزرقاء الاردنية ويحمل طاهر الجنسية الاردنية وهوية المناطق المحتلة "الفلسطينية " وعمل كفني انتاج في مصنع بيبسي كولا في الاردن وعاش بمستوى جيد مكنه من تربية اطفاله واعتاد ان يأتي مرتين في العام لزيارة ذويه في بيت ريما ولم يواجه اية مشكلة وقدم الصيف الماضي للزيارة ووصلوا يوم 16 تموز الى جسر اللنبي وهنا حجز الامن الاسرائيلي اوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم وأمرهم بالانتظار داخل غرفة خاصة وبعد ذلك صادر الامن الاسرائيلي مبلغ 1,040 دينار اردني و 2000 دولار امريكي كانت بحوزته وحوزة زوجته احضروها لتمويل اجراءات تسجيل الارض التي ورثها وأبناء عائلته عن جده في القرية .
وبعد ثلاث ساعات من الاحتجاز شرع الشاباك باستجوابه حول مصدر الاموال والهدف من احضارها ولم تشفع دموع اطفاله ولم تكن سببا حتى يسمح لهم الشاباك بالذهاب الى الحمام لقضاء حاجتهم فواصلوا البكاء.
وسمح الشاباك قبل مغيب الشمس لزوجته وأطفاله بالمغادرة دون ان يكون معهم اية نقود وقالوا لهم "دبروا حالكو " وصادر الشاباك هاتف مسافر اخر صور ووثق بكاء الاطفال المر بحجة ان التصوير ممنوع داخل الجسر .
اتهم الشاباك طاهر بمحاولة ادخال الاموال لصالح منظمة "ارهابية " وذلك كون اعمامه من نشطاء حماس ولم تفلح محاولاته شرح موقفه وتأكيد حقيقة عدم علاقته "بالإرهاب " وبأعمامه المذكورين تحديدا .
"اذا كنتم تريدون اعتقالي فانتم تملكون القوة وانا ضعيف" قال مخاطبا رجال الشاباك وقد اخذ منه التعب كل مأخذ بعد يوم طويل من الاحتجاز والتحقيق.
وقيد الشاباك الفلسطيني طاهر بيديه ورجليه واقتاده الى مركز لشرطة الاحتلال في مستوطنة معالية ادوميم حيث خضع هناك ايضا للتحقيق استمر لعدة ساعات تناول موضوع الاموال وعلاقته باعمامه وهنا عرض عليه احد محققي الشرطة كاس ماء وكان هذا اول عرض يتلقاه منذ احتجازه وفي النهاية طلبوا منه التوقيع على وثيقة باللغة العبرية التي لا يجيدها لكنه رفض وشرح له "الشرطي " ان الوثيقة تثبت بانه لم تستخدم ضده القوة ولم يتعرض لأية ضغوط اثناء التحقيق فرد عليه طاهر بان مجرد رؤيته اطفاله وهم يبكون لساعات على الجسر وبعد ذلك ارسالهم مع امهم دون نقود بالنسبة له ضغوط تشبه "غرس سكين في قلبه ".
لكنه خضع في النهاية ووقع على الوثيقة وحصل على اقرار بمصادرة الاموال التي شكلت تقريبا كل مدخراته من ثم اطلقوا سراحه دون ان يعرف في أي مكان يتواجد ودون أي قرش في جيبه وقالوا له "دبر حالك" فوصل بيت ريما في ساعات الليل بعد ان جاء احد افراد اسرته واقله في سيارته وهنا اعتقد ان معاناته قد انتهت دون ان يعلم ان ما حدث معه كان مجرد بداية.
وبعد مرور اسبوعين انتهت الزيارة وسافرت الاسرة الى جسر اللنبي في طريقها الى منزلها في الاردن وقبل هذا اكد محاميه الذي وكله لمتابعة قضية الاموال المصادرة انه لا يوجد أي منع امني يحول دون سفره الى الاردن .
وطلبوا منه حين وصوله الجسر الانتظار وبعد وقت قصير ابلغوه انه بامكان زوجته وأطفاله مواصلة طريقهم الى الاردن لكنه شخصيا ممنوع ويجب عليه العودة من حيث اتى فرد عليهم بقوله " بتمزحوا معي " وحتى هذه اللحظة لم يكن مصدقا ما يسمعه وبعد لحظات اقتادوه مجددا الى مكاتب الشاباك في معسكر عوفر" .
" تشرب اشي" سأله رجل الشاباك الذي عرف بنفسه كمسئول من قبل الشاباك عن منطقة رام الله والبيرة باسم "حامي " .
" كيف كان العمل في الخضار مع اعمامك ؟ شايف نحن نعرف عنك كل شيء " قال "حامي " في مستهل الجلسة السيئة .
" فقد عائلتك وعملك وحياتك كيف تشعر الان ؟ تعال نتحدث قليلا يلا حدثني عن اعمامك ؟ " قال "حامي "
رد طاهر يعقب على رجل المخابرات قائلا " لا يوجد لدي ما اقوله لك عن اعمامي فانا احضر هنا كل عامين تقريبا وأنت تعرف عنهم اكثر مني واذا كان لديك شيء ضدي قول اذا كنت تريد مني أي شيء قولي اعتقلني اذا كان هناك حاجة وإذا لم يكن حاجة لاعتقالي اسمح لي بالعودة الى عائلتي ".
فرد المدعو "حامي" بانه لا يريد اعتقال من يحاوره لا سمح الله وقال "انا اريد ان اسمح لك بالسفر لكنني اريد فقط شيئا واحدا منك هو ان تتعاون معنا وفقط سجل رقم هاتفي واتصل بي اذا كان لديك ما تخبرني به".
ورفض طاهر هذا العرض وقال "اخبرتكم بكل ما اعرف فانا صفحة مفتوحة لم اهتم مطلقا بالسياسة لا تورطني وانا لا احتاج تلفونك ".
وهنا وفقا لأقوال طاهر فقد رجل الشاباك "حامي " هدوءه وقال "بدك تسجل رقمي ولا ما بدك ؟ اذا لم تسجله – يلا اذهب لبيتك ولن تستطيع السفر مطلقا والى الابد الى الاردن يلا".
وفعلا تم اعادة طاهر من الجسر اربع مرات حاول خلالها السفر الى عائلته دون جدوى وهو لا يزال عالقا في رام الله قلقا على اطفاله وحياته وعمله اشياء فقدها في غمضة عين وبقرار من ضابط في الشاباك فشل في تجنيده .