الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

"من رحم الثلاسيميا تولد الإرادة"

نشر بتاريخ: 07/06/2017 ( آخر تحديث: 07/06/2017 الساعة: 13:11 )
"من رحم الثلاسيميا تولد الإرادة"
كان قلبها ينفطر ألماً في كل مرة توخز ابرة في جسد طفلها، تعتصر وجعاً في كل مرة تعطي طفلها دواءه بدلا من ان تعطيه لعبة يلهو بها. وأخرى صابرة راضية بقضاء الله وقدره لما كتب عليها من معاناة مع هذا المرض الذي جعلها زائرة دائمة لقسم الدم في المشفى، وآخر لا يملك من أمره شيء سوى أن يلعن هذا الداء صباح مساء الذي حرمه من أن تكون هي نصفه الثاني... إنه الثلاسيميا ذلك المرض الوراثي.
الثلاسيميا هو أحد الامراض المتوارثة المنقولة عبر الابوين لاطفالهم، مرض مزمن يستلزم نقل الدم بشكل مستمر بحسب شدته مترافق مع استخدام الادوية الطاردة للحديد الذي يرتفع بسبب النقل المستمر للدم.
يظهر مرض الثلاسيميا نتيجة زواج اثنين حاملين لصفة الثلاسيميا حيث أن نسبة ولادة طفل مصاب هي 25% لكل حمل، وتبلغ نسبة حاملي الصفة في فلسطين حوالي 4% من المجتمع الفلسطيني، بينما يبلغ عدد المرضى في فلسطين ما يقارب 900 مريض في الضفة والقطاع.
تبدأ أعراض هذا المرض بالظهور بعد الولادة بستة شهور، حيث يعاني المصاب من فقر دم حاد وشحوب في الوجه واصفرار في بياض العين وبطء في النمو، وضعف عام وتضخم في الطحال وغيرها.
هذا المرض يحد من النشاطات الجسمية والحالة النفسية للمرضى ويؤثر على حياتهم بشكل عام.
وبدافع الحب وكمبادرة للمساهمة في تحسين حياة هذه الفئة من المرضى، قامت الدكتورة الصيدلانية فريحة عاشور من جامعة القدس باعداد دراسة تضمنت فيها تقييم مدى تأثير المرض والعلاج المستخدم على جودة حياة مرضى الثلاسيميا ونسبة رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم، قدمتها كجزء من مشروع تخرجها من كلية الصيدلة باشراف الدكتور حسين الحلاق.
تضمنت هذه الدراسة 25 مريض من مختلف انحاء الضفة والقطاع، بحيث كان حوالي 90% من المرضى نتاج لزواج اقارب، معظم المرضى شخصوا في السنة الاولى من عمرهم وكان معظمهم يتلقى أقل من 12 وحدة دم في السنة.
بلغ معدل الهيموجلوبين عند 84% من مرضى العينة ما بين 7-9جم/مل وهذا يعتبر أقل من المقبول (>9جم/مل)، كان حوالي ثلثي العينة غير ملتزمين بأدويتهم الطاردة للحديد وهذا قد يزيد من خطر الاصابة بمضاعفات أهمها مشاكل في عضلة القلب.
كشفت الدراسة أيضا عن نسبة الرضا عن الخدمات المقدمة للمرضى، حيث كانت نسبة رضى مرضى الشمال أعلى من نسبة رضى مرضى الجنوب، ما يستدعي البحث في الموضوع والعمل الجاد على توفير وتقديم كافة الخدمات لهؤلاء المرضى بشكل متساو وعادل.
أما بالنسبة لتأثير المرض والعلاج المستخدم على جودة حياة هؤلاء المرضى، فقد أثبتت الدراسة أنها تؤثر بشكل مباشر على النشاطات الجسمية والوضع النفسي للمرضى كذلك تؤثر على الصحة العامة لهم.
وألقت الضوء على تأثير عدد وحدات الدم الذي يتلقاه المرضى خلال السنة وتأثيره على جودة حياتهم، حيث أن المرضى الذين يتلقون عدد أكبر من وحدات الدم كانت جودة حياتهم أفضل من المرضى الاخرين.
كذلك بينت تأثير نوع المرض على جودة حياتهم، بحيث كانت جودة حياة مرضى الثلاسيميا العظمى أفضل من الثلاسيميا الوسطى، وكشفت عن تأثير الالتزام بالادوية الطاردة للحديد على جودة حياتهم، حيث كان المرضى الملتزمين بعلاجهم يمتازون بجودة حياة أفضل من أولئك غير الملتزمين.
هذا وقد يتم توسعة هذه الدراسة لتشمل عدد أكبر من المرضى للمساعدة على تحسين جودة حياتهم والخدمات المقدمة لهم.

إعداد: الدكتورة الصيدلانية فريحة عاشور- جامعة القدس