السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نــيـهــاو

نشر بتاريخ: 14/07/2017 ( آخر تحديث: 14/07/2017 الساعة: 12:14 )
نــيـهــاو

رام الله - معا- تقرير ناصر اللحام - بدعوة من السفير الصيني في رام الله تشن شينغتشونغ وخلال ندوة بعنوان ( احياء الصداقة الصينية الفلسطينية وبناء الحزام والطريق المشترك ) حضرها السيد شيانغبا بينغستو نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. تسابق القادة الفلسطينيون في امتداح الصين والعلاقة التاريخية معها بشكل يفوق الخيال، وقدموا كلمات المديح والاطراء لعظمة التفكير الصيني واعجوبة الاقتصاد الصيني، دون ان يطلبوا من هذا المسؤول الكبير اي طلبات مباشرة تتعلق بالاقتصاد الفلسطيني، وفي معظم الكلمات التي سمعناها اليوم في فندق ميلينيوم كان المسؤول الفلسطيني "صيني" أكثر من الصينيين أنفسهم لدرجة مبالغ فيها، ولم يعرب أي قائد فلسطيني عن أي ملاحظة او انتقاد او تلميح .

القادة الذين شاركوا في الندوة، من أهم وأبرز القيادات في رام الله ، لكنهم أغفلوا أننا نعيش على حافة الانهيار الاقتصادي ، وأن هذا هو وقت الاصدقاء ، وان الصين وبحكم محبة الشعب الفلسطيني لها، كان عليها أن تفكر بشكل أفضل وأقوى في مساعدة الشعب الفلسطيني وعلى وجه السرعة، قبل ان يتم اعلان الاراضي الفلسطينية كلها مناطق منكوبة. وعلى الاقل أن توقع عقودا في الاراضي الفلسطينية كما توقع عقودا مع الاحتلال الاسرائيلي .

القيادي المعروف عدنان سمارة وبصفته رئيس جمعية الصداقة الصينية الفلسطينية، امتدح خطة حزام الطريق الصينية لدرجة قال فيها: انا أشعر أن نصفي صيني ونصفي فلسطيني . واللافت للانتباه أنه امتدح بالتفصيل كل ما ورد في الخطة الصينية دون اية ملاحظات، حتى في جزئية "عدم التدخل في الصراعات" , وهو أمر يضرب ثبات موقفنا، فنحن نريد من الصين أن تتدخل كقوة عظمى وعضو دائم في مجلس الامن لوقف جرائم الاحتلال ، ولا نتفق مع الرفاق الصينيين ان دورهم التاريخي يقف عند الترويج للتعاون الاقتصادي. لان هناك واجبات اخلاقية سياسية امام التاريخ على الصين القيام بها كدولة عظمى .


الاخ القيادي عدنان سمارة وفي كلمته انتقد الاداء الفلسطيني قائلا : إن مساهمتنا للاسف كانت محدودة ولكن سفارة الصين في رام الله تبذل جهودا وتحاول !!! فهل حقا أن الفلسطينيين مقصرون في انضاج هذه العلاقة لهذه الدرجة !!

من جانبه استعرض د. احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأمين عام جبهة النضال امام 15 مسؤولا صينيا أهمية خطة حزام الطريق وشرح لهم باسهاب أهميتها التاريخية !! واعتبرها بديلا ناجحا عن الايديولوجيا !! وامتدح الدكتور مجدلاني مجموعة بريكس دون أن يتطرق الى أي ازمة من أزماتها مع البرازيل والعثرات التي تواجهها، ودعا الى عقد مؤتمر دولي علمي اكاديمي سياسي لتدريس خطة حزام الطريق .

كلمة اللواء توفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح كانت مختلفة، وعلى الاقل لم تكن هي الاخرى مديحا واطراء للصين وعبقريتها، وانما تحدث عن الثورة الفلسطينية وحلم الدولة الفلسطينية وضرورة ان تقف الصين مع مطالب فلسطين حتى تتحرر وتصبح دولة وتشارك في حزام الطريق الصيني . ونبش الطيراوي ذاكرة المسؤول الصيني وكيف ان فلسطين كانت دائما مساهمة في الحضارة الانسانية ما جعل الاستعمار يطمع بها .



كلمة الاخ علي مشعل بصفته مدير عام الدوائر العربية والصينية خرق المتوقع من خلال عرضه على المسؤول الصيني أن تقوم فلسطين بتقديم الكفاءات للصين لانجاح حزام الطريق !! وأسهب الاستاذ علي في امتداح الخطة أيضا بطريقة اعجاب شديدة. ورغم انه يعلم اكثر منا جميعا ان شباب فلسطين لن يتركوا هذا الوطن للذهاب للعمل في الصين فانه على الاقل حاول ان يكسر دائرة المجاملات، ولكن المحاولة لم تكن كافية.

اما الصحفي محمد ابو خضير من صحيفة القدس فتناول أربعة محاور أهمها ان حزام الطريق ستساعد في دفع عملية السلام ووقف التغول الامريكي. وانا لا اعتقد ان حزام الطريق بهذا الشكل يمكن لها أن تحقق هذين الهدفين من دون عمل سياسي مكثف وموقف صيني صارم اكثر ضد الاحتلال الاسرائيلي .

بدوره السيد جمال جوابرة قدّم كلمة مقتضبة وناجحة تقنيا استعرض فيها قيام الاحتلال بعرقلة الاستيراد والتصدير من خلال سياسة عسكرية على الحدود . وكان من اهم الكلمات من الناحية التقنية .

والأهم الان ـ كلمة المسؤول الصيني شبانغبا منغيستو حيث شرح لنا حزام الطريق ودرب الحرير قديما (برا وبحرا ). وعرج على الجانب المالي وكيف ان فكرة الخطة نبعت من رأس الرئيس الصيني خلال زيارته لكازخستان وأندونيسيا عام 2013 . وأن الخطة هي بديل حضاري عن السياسات الاخرى ( المقصود امريكا ) وانها تقوم على التعاون والتسامح والتشاور والتبادل والتقاسم .

واضاف : الصين ثاني اكبر اقتصاد في العالم وأول مصدر وجهة تصنيع في العالم، وأن الخطة ترمي الى الاتصال باوروبا وافريقيا وباقي دول العالم وان الاعلام الغربي يغمز بعيون ملونة ان هذه الخطة الصينية هي خطة هيمنة اخرى ولكن هذا غير صحيح. واستخدم مثلا صينيا يقول ( كن رجلا مستقيما اذا كنت رجلا فقيرا ، وكن رجلا تساعد الناس اذا كنت رجلا غنيا ) .

واخيرا فيما يتعلق بالعلاقة مع فلسطين قال حرفيا في كلمته ان الصين تعمل على تعزيز التواصل مع الفلسطينيين على مبدأ ( تشاور - تشارك - تقاسم ) .

ونحاول تحقيق الاهداف التالية :
- توسيع التعاون في البنية التحية . وبخصوص هذا البند أنا لا أعرف كيف يمكن ذلك ونحن ليس لدينا موانئ ولا مطارات ولا قطارات للتعاون !!!
- اسراع وتيرة الصناعة. وهنا بودي القول ان الصين لم تفتح أي مصنع كبير في فلسطين سواء في قطاع غزة او الضفة او داخل الخط الاخضر .
- رفع التنمية الذاتية الفلسطينية. مع العلم أن الدعم الاكبر الذي تحصل عليه السلطة من أمريكا وليس من الصين !!!
- التعاون الثقافي والتراثي بين الشعبين الصيني والفلسطيني .
وفي الشق السياسي قال شبانغبا ان الصين ستساهم في دعم اقامة دولة فلسطينية من خلال السلام مع اسرائيل ودعا لمشاركة فلسطينية اسرائيلية ، لان هذا افضل . بحسب قوله .


وفي نهاية التقرير أنا أسأل كصحفي فلسطيني :
لماذا لا تفتح الصين مصنعا واحدا كبيرا يستطيع تشغيل مئات الاف العمال الفلسطينيين ويمنع انهيار المجتمع الفلسطيني ؟
وكيف ستكون فلسطين حاضرة في حزام الطريق، ونحن على هذا الحال، ونحن نكتفي بالمجاملات والابتسامات ؟
والسؤال الاهم للمسؤولين الفلسطينيين : بعد أن وقعت الهند أكبر صفقة تعاون في تاريخ اسرائيل، ماذا ننتظر الان ؟ ان تحذو الصين حذوها ولماذا هذا الاداء الهزيل لسفارتنا في الصين ؟ وهل نواصل المجاملات حتى توقع الصين المزيد من عقد التعاون مع الاحتلال الاسرائيلي ؟
- هل هذه هي الصداقة التاريخية ؟
نيهاو