الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا من الشبيبة الارثوذكسية

نشر بتاريخ: 26/08/2017 ( آخر تحديث: 26/08/2017 الساعة: 12:10 )
القدس- معا- استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم وفدا من اعضاء الشبيبة الارثوذكسية في الاراضي الفلسطينية وذلك من القدس ومنطقتي محافظة رام والله وبيت لحم، والذين وصلوا الى المدينة المقدسة في زيارة روحية بمناسبة صوم السيدة حيث زاروا كنيسة الجثمانية وشاركوا في القداس الالهي الذي اقيم صباح اليوم.
وقد التقى الوفد الشبابي مع المطران بهدف التضامن معه والوقوف الى جانبه امام ما تعرض له من تحريض من جهات اسرائيلية متطرفة .
 المطران تحدث عن زيارته لسوريا التي حملت الطابع الكنسي والروحي والتضامني مع اخوتنا هناك حيث تمت زيارة بعض المواقع الدينية التاريخية المسيحية التي استهدفتها المنظمات الارهابية في وقت من الاوقات.
وقال المطران إننا ذهبنا الى سوريا حاملين معنا رسالة السلام والمحبة والتضامن والاخوة من رحاب فلسطين الارض المقدسة ، فقد التقينا مع المرجعيات الروحية الاسلامية والمسيحية وتحديدا مع اصحاب الغبطة بطاركة الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك والسريان الارثوذكس ومع كافة المطارنة والاساقفة المعاونين في ابرشية دمشق ، كما كان لنا لقاء اخوي مع فضيلة مفتي الجمهورية العربية السورية الذي اعتبره علما من اعلام التسامح والاخوة والتلاقي بين كافة مكونات مشرقنا العربي .
وأضاف لا يمكنني ان انسى زيارتي الى الكاتدرائية المريمية التي يسميها اهل دمشق " بمريمية الشام " ففي هذه الكنيسة يمكنك ان تلحظ تاريخا عريقا وتراثا كنسيا مجيدا ، انه الكرسي الانطاكي المقدس الذي يعتبر من الكراسي الرسولية العريقة في هذا المشرق العربي . في مريمية الشام رفعنا الصلاة والدعاء من اجل السلام في سوريا ومن اجل اخوتنا المطارنة المخطوفين ومن اجل كافة المخطوفين والمتألمين والمعذبين فكان لقاءنا في هذه الكنيسة لقاء مناجاة وعبادة وصلاة والتماس لرحمة الله وبركاته علينا جميعا ، كما صلينا من اجل فلسطين الارض المقدسة ومن اجل ان تتحقق العدالة في هذه الارض التي تفتقد الى العدالة ، لا يمكنني ان انسى هذه الدقائق التي قضيتها في مريمية الشام ، انها كنيسة تختزل بايقوناتها وجدرانها وزخارفها عراقة الحضور المسيحي في سوريا وفي هذا المشرق العربي بشكل عام .
وتابع: توجهنا الى معلولا فهي المكان الوحيد في عالمنا الذي ما زال سكانه يتحدثون باللغة الارامية القديمة ، وما شاهدناه في معلولا لا يمكنه وصفه بالكلمات ، يا له من دمار يدل على وحشية وكراهية وحقد دفين من قبل اولئك الذين لا يؤمنون بالقيم الانسانية والاخلاقية والروحية ، معلولا التي شاهدتها في هذه الزيارة تختلف عن معلولا التي زرتها قبل عشرين عاما ، فالدمار والخراب منتشر في كل مكان ، الكنائس والمساجد المدمرة والمساكن التي اصبحت ركاما وفندق السفير المطل على معلولا وقد اصبح خرابا ، دخلنا الى دير القديسة تقلا التاريخي وشاهدنا الترميمات التي وصلت الى مرحلة متقدمة برعاية الدولة السورية ، التقينا مع اهالي معلولا التي عادوا اليها وهم مكلومون محزونون على ما الم بمدينتهم من خراب ودمار ، وفي اجواء روحية ايمانية لا يمكن وصفها بالكلمات صلينا في كنيسة القديسة تقلا وزرنا ضريحها وكان لنا لقاء مؤثر مع اهالي معلولا الذين وبالرغم من آلامهم واحزانهم لم يفقدوا ايمانهم وعزيمتهم وارادتهم وتمسكهم بانتماءهم الوطني ، لقد زرت عددا من الكنائس المدمرة وقد ابتدأت ورشة اعمارها كما زرت مسجد البلدة المدمر والذي سيتم اعماره قريبا فيا لها من مآساة ويا له من دمار كبير حل بمعلولا وبغيرها من البلدات السورية ، لم يصدق اهالي معلولا بأنني تمكنت من الوصول اليهم من القدس وقد اعربوا عن تأثرهم وهم يستقبلون اسقفا ارثوذكسيا فلسطينيا اتيا اليهم من المدينة المقدسة لكي يكون الى جانبهم في آلامهم واحزانهم ولكي يكفكف دموعهم ويعبر عن تضامنه وتعاطفه ووقوفه الى جانبهم .
وفي اليوم التالي كان لنا لقاء مع مفتي الجمهورية العربية السورية ومع عدد من المثقفين والادباء والفنانين نذكر منهم الفنان الكبير دريد لحام والاديبة السورية المعروفة كوليت خوري حفيدة المناضل الكبير فارس الخوري ، ففي وجه كل شخصية التقيتها هنالك تاريخ ويمكنني ان اكتب كتابا عن هذه الشخصيات وعن هذا اللقاء وعن هذه الكلمات التي قيلت في هذه الندوة التي اقيمت في شيراتون الشام ، ما احلى وما واجمل ان نستمع الى فضيلة المفتي ببلاغته المعهودة وكلماته التي تحمل رسائل محبة وسلام واخوة ، فقد وصفته في كلمتي بأنه مفتي العروبة ومفتي الانسانية وداعية السلام والمحبة في مشرقنا ، ما احلى وما اجمل ان نلتقي معا في رحاب دمشق حاملة الحضارة والثقافة والفكر والتاريخ لكي نتحدث عن فلسطين ولكي نتحدث عن سوريا ولكي نتحدث عن عراقة الحضور المسيحي في هذا المشرق ولكي نتحدث عن ضرورة العمل المشترك فيما بيننا من اجل افشال كافة المؤامرات والمخططات التي تحيط بنا وتسعى للنيل من وحدتنا واخوتنا وتلاقينا .
وأوضح المطران حنا قائلا: لقد قلت في كلمتي امام هذه الشخصيات المحترمة الدمشقية والسورية الاصيلة بأن مواجهة المد الداعشي الارهابي لا يمكن ان تكون فقط من خلال حملات عسكرية او امنية فهنالك حاجة لمعالجة فكرية ثقافية انسانية وان تتظافر الجهود ما بين رجال الدين ورجال الثقافة والفكر والادب والعلم من اجل تكريس ثقافة المحبة والاخوة والسلام في مجتمعاتنا بدل الكراهية والتطرف والطائفية . ان الشعب السوري هو شعب راقي ومثقف ووطني واصيل وهذا ما لمسناه خلال زيارتنا، كثيرة هي الالام والاحزان التي المت بهذا الشعب ولكنه بقي شعبا شامخا صامدا ثابتا متمسكا بانتماءه الوطني وبانتماءه لسوريا مهد الحضارة والثقافة والفكر.
وفي اليوم التالي كانت زيارتنا لصيدنايا وللدير الارثوذكسي التاريخي حيث رأيت رئيسة الدير والراهبات وهن يرتلن بأصواتهم الملائكية في رحاب هذا المكان المقدس الذي تحميه السيدة العذراء والتي سجدنا امام ايقونتها المقدسة بكل خشوع وايمان وصلينا من اجلكم ومن اجل فلسطين ومن اجل سوريا ومن اجل كل انسان معذب في هذا العالم .
وبعدئذ انتقلنا الى قصر الشعب حيث كان لنا لقاء مع سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد ، تحدثنا عن سوريا وتحدثنا عن فلسطين ولكن سيادته ابدى اهمتاما كبيرا بمسألة الحضور المسيحي في هذا المشرق ، كما انه ابدى اهتماما كبيرا بمسألة تعاون رجال الدين من كل الاديان والمذاهب والطوائف من اجل تكريس ثقافة الوحدة والاخوة والتضامن والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان ، نقلنا لسيادته رسالة محبة وتضامن من رحاب القدس وهو بدوره حملنا محبته وتمنياته بأن تتحقق امنيات الشعب الفلسطيني وان تسود العدالة في هذه الارض ، كان عميقا في كلماته وهو الرجل المثقف والمفكر الذي بقي مع شعبه منذ اليوم الاول للازمة ولم يتنصل من مسؤولياته ، شاهدته رئيسا شامخا شموخ جبل قاسيون ، رئيسا يعشق بلده ويحب شعبه ولم يستسلم للتضليل الاعلامي الذي مورس بحقه وبحق بلده .
ومحطتنا الاخيرة في زيارتنا لسوريا كانت في منزل سماحة مفتي الجمهورية حيث وصل غبطة البطريرك يوحنا اليازجي من لبنان فكان لقاء مؤثرا طيبا تحدثنا فيه عن اوضاع كنيستنا وتحدثنا فيه عن ضرورة ان يُسمع الصوت المسيحي المدافع عن القدس والمدافع عن القضية الفلسطينية .
لا يمكنني ان اصف زيارتي لسوريا بالكلمات ، فالكلمات تبقى مقصرة في وصف ما شاهدت وما سمعت وكما نقلت محبتكم وتضامنكم لاخوتنا هناك هكذا فإن السوريين حملوني مسؤولية ان انقل اليكم والى ابناءنا والى شعبنا بمحبتهم وبتحية السلام والاخوة والتضامن رغما عن كل الالام والجراح والمعاناة ، انها زيارة تحمل الكثير من الذكريات واتمنى بأن يقويني الرب الاله لكي اقوم بنشر كتاب عن هذه الزيارة وما احتوته من محطات ولقاءات وكلمات صادرة من القلب الى القلب.
واردف المطران حنا اردت ان احدثكم عن سوريا التي يستهدفها الاعداء بارهابهم وبتضليلهم الاعلامي الممنهج هذا التضليل الاعلامي الذي جعل من الضحية قاتلا ومجرما ومن القاتل ضحية ، اردت ان احدثكم اليوم عن زيارتي لسوريا بلد التلاقي والتسامح الديني وقد سعى الاعداء بمسمياتهم واوصافهم المختلفة لتدمير الحضارة والثقافة السورية ولكنهم لم ينجحوا في ذلك . دمشق هي مقر الكرسي الانطاكي المقدس انها الكنيسة المسيحية العريقة في هذا المشرق والتي يهمنا ان نتواصل معها وان نتعاون مع بطريركها ورعاتها من اجل خدمة الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي ومن اجل ان ندافع معا وسويا عن قضايانا الوطنية وفي مقدمتها قضية فلسطين .
وخاطب الضيوف قائلا: فلنصلي معا من اجل سوريا وسلامها ومن اجل فلسطين الارض المقدسة معبرين عن تضامننا وتعاطفنا مع كل انسان متألم ومكلوم ومحزون.
كما اجاب المطران على عدد من الاسئلة والاستفسارات كما اعرب اعضاء الشبيبة الارثوذكسية عن تضامنهم مع المطران ورفضهم للتحريض الذي تعرض له بسبب زيارته الكنسية الروحية التضامنية لسوريا، كما وزع على الشبيبة بركة من دير صيدنايا التاريخي في سوريا.