الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترجل "الشاعر" وترك غصة في القلوب الصغيرة

نشر بتاريخ: 04/01/2018 ( آخر تحديث: 05/01/2018 الساعة: 08:14 )
ترجل "الشاعر" وترك غصة في القلوب الصغيرة
رام الله - معا - فراس طنينة - على مرأى من والديه وأصدقائه، اغتيل الطفل مصعب فراس التميمي (17 عاماً)، الذي أصيب بينما كان يجلس على حجر وقرب والديه، اللذين كانا برفقة آخرين يحاولون تخليص الطفل مصطفى عيد التميمي من ذوي الإعاقة، من قبضة جنود الاحتلال.

كان مصعب التميمي يحب قراءة الشعر وكتابته، وينوي أن يصبح شاعراً، ويأمل أن يتخصص في الأدب العربي في الجامعة، بعد أن ينهي الثانوية العامة، فهو يهوى الشعر.

جندي من جيش الاحتلال كان يصوب بندقيته نحو الفتية، في حين جندي آخر يلتقط الصور، قبل أن يطلق الأول رصاصة مباشرة على الطفل مصعب، ليصيبه في رقبته، لتخترق الرصاصة رقبته من الجهة اليمنى وتخرج من اليسرى.

مصعب عاد إلى قريته منذ 3 أشهر فقط، بعد أن أمضى 8 سنوات في العاصمة الأردنية عمان، برفقة والدته حين منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي والدته من العودة.

لطالما تمنى الطفل مصعب الشهادة، يقول والده: "لقد كان مصعب يخبرني أنه يتمنى أن يصاب برصاصة تقطع أنفاسه، حتى يرتقي شهيداً، والحمد لله تحقق حلمه، وارتقى شهيداً فداء لبلده فلسطين وفداء لمدينة القدس".

عبثاً حاول فراس أن يغلب دموعه خلال حديثه عن بكره وسنده، حاول أن يقاوم تلك النبرة الحزينة في صوته، ويؤكد أن ابنه نال ما أراد، وهي الشهادة على أرض فلسطين، وكان يطلب من زوجته ألا تبكي لأن ابنها بات عريساً، لتطلق نسوة قرية دير نظام الزغاريد في وداعه الأخير.

على صخرة صغير جلس الطفل مصعب محاولاً التقاط أنفاسه، بعد أن أعياه التعب خلال المواجهات العنيفة، التي اندلعت في القرية، كما في كل يوم، وبعد أن طارد الفتية الجنود، إثر اعتقال فتى من ذوي الإعاقة في القرية، ورفض الجنود الافراج عنه، جندي لم يعجبه منظر الطفل وهو يجلس، فعاجله برصاصة اخترقت الرقبة ليرتقي شهيداً.

شقيق مصعب، والذي يصغره بعامين فقط حذره من الجندي الذي كان قبالتهما، قبل انطلاق الرصاصة، فالجندي أخذ وضعية القنص، لكن مصعب اعتقد أن الجندي يحاول اخافتهما، وابعادهما عن المكان، فالجنود عادة ما يقومون بالحركة تلك، ثم يضحكون بعد أن يبتعد الأطفال، لكن "حقد" الجندي، دفعه ليطلق رصاصة تقتل طفلاً شاعراً قبل أن يكبر.

الوالد فراس البالغ من العمر (44 عاماً) كان يحاول إخفاء تلك الدموع التي خدعته، وانهمرت رغم محاولته منعها، ليؤكد أن مصعب خرج بعد تناول طعام الافطار، ولحقه شقيقه، فلحق الأب بهما بعد برهة من الزمن، قبل أن يصال ابنه أمام عينيه، ليحمله بيديه من قرية دير نظام إلى حاجز عطارة بسيارة خاصة، وهناك عثرا على سيارة إسعاف نقلت الطفل المسجى بدمائه إلى المستشفى الاستشاري العربي، ولكن روحه صعدت إلى بارئها، بعد أقل من ربع ساعة على وصول المستشفى.

والتقطت عدسات المصورين مشاهد وصورا مؤلمة لعائلة الشهيد التي كانت تودعه بألم وحسرة كبيرين، وعلى وجه الخصوص شقيقاه اللذان يصغرانه سنا فقد بديا وهما يذرفان الدموع بحرقة على شقيقهما الشهيد، كذلك جدة الشهيد التي ودعته ببعض "الغناء" المتحدي للاحتلال وجبروته.

ولكن ورغم استشهاد الطفل، وإغلاق القرية وحصارها يوم الأربعاء، فحتى جنازة الشهيد لم تسلم، فأطلق جنود الاحتلال المتمركزين عند مدخل القرية الضيق قنابل الصوت نحو المشيعين، وعقب تشييع الجثمان، اندلعت مواجهات عنيفة أوقعت عدة إصابات بينها إصابة خطيرة.