الأحد: 18/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون *** ميزان الربح والخسارة ! بقلم - فايز نصار

نشر بتاريخ: 12/02/2008 ( آخر تحديث: 12/02/2008 الساعة: 17:13 )
بيت لحم - معا - لم يحالفني الحظ لتغطية اجتماع الهيئة العامة لاتحاد كرة القدم ، بوفد الفيفا ، الذي جاء فلسطين ، لمشاركة في البحث عن علاج ناجع لأزمة اتحاد الكرة ، بعد وصول شيء من رائحة ملاعبنا إلى أروقة المؤسسة ، التي تسير كرة القدم العالمية ، والتي لم تتعود مجاملة المتنابذين بالألقاب !
لم أحضر الاجتماع لأنني كنت خارج الوطن ، ولكن ذلك لم يمنعني من متابعة أصداء هذا الملف الحساس ، من خلال اتصالات هاتفية مع الزميل محمود السقا ، وبمجموعة من الانطباعات المتأنية ، التي فهمتها من متابعة الإعلاميين وصناع القرار الرياضي ، ممن تابعوا الجلسة إياها !
وقد أجمع الوسط الرياضي الفلسطيني على أن أسرة كرة القدم الفلسطينية خرجت منتصرة من امتحانها أمام الفيفا ، ولخص الأمر الزميل الدمث ياسين الرازم ، في مداخلته لبرنامج نبض الملاعب التلفزيوني ، بتأكيده أن الجميع خرج منتصرا من اجتماع الفيفا ، فيما فهمت من حديث جانبي مع نائب رئيس اللجنة الأولمبية المؤقتة ، الأستاذ محمد البكري عكس ذلك ، على اعتبار أن الاجتماع اقتصر على املاءات ، جاء ممثلو الفيفا لفرضها على المجتمعين ، بما يوحي أنه لم يكن راضيا عن مسار ونتائج ذلك الاجتماع !
ورغم تفهمي الكبير لرأي الزميل ياسين الرازم ، إلا أنني أسمح لنفسي بالاختلاف مع أخي "أبو ضياء " هذه المرة ، لأنني أعتقد أن الجميع خرج خاسرا من معركة اتحاد كرة القدم ، التي غذيت بأصابع غير نزيهة ، تسوقها أهواء شخصية ، تندرج في سياق البحث المناصب على أشلاء المعذبين في الملاعب الفلسطينية ، فكانت النتيجة أن غسيلنا نشر على حبال المؤسسات الدولية ، التي لا اعتقد أنها ستعيد ثقتها بمؤسساتنا بسهولة ، مما يحتم علينا مساءلة كل من نفخ في كير الفتنة الرياضية ، التي "فضحتنا" بين الأمم !
وبعيدا عن المجاملة ... يجب على كل من وجد نفسه -عن قصد أو بدون قصد - في قلب المعركة ، أو من حاول الإمساك بالعصا من المنتصف ، حتى لا يجوع الذئب ، ولا يفنى الغنم ، الاعتراف بأن سفينة كرة القدم الفلسطينية تعرضت لهزة عنيفة ، ستترك آثارها في شارعنا الرياضي ، ردحا من الزمن ، بعد موت الذئب ، وفناء الغنم !
والحق يقال : إن رياضتنا قد تكون بحاجة لهذه الهزة " الصدمة " التي تشبه الرجة الكهربائية ، التي يتعمد الأطباء صدم المرضى الغائبين عن الوعي بها ، إذا اقتنع الجميع بأن كرة القدم الفلسطينية كانت في حالة غيبوبة ، لتصبح الصدمة جزءا من العلاج ، الذي لن يكتب له النجاح ، إلا إذا اقتنع الجميع أن الحالة المرضية مستعصية ، وتحتاج إلى وقت طويل للاستشفاء ، من خلال مختصين ، لا يجب أن يكون بينهم من شاركوا في حازمة المريض ، لأن من يجب المجرب ، يعيش العمر مخربا !
أتفق مع زميلي الرازم بأن الأسرة الرياضية قد انتصرت ، إذا وقف الجميع بصدق أمام عورة كرة القدم ، وإذا اعترف الجميع بأن رياضتنا تُسيَّر بطريقة ارتجالية ، تحتاج إلى ثورة رياضية ، لن تصنع بأيدي المجربين ، الذين أثبتوا فشلهم ، وليس الأمر مقتصرا هنا على المتواجدين في الصف الأمامي للمسيرة الرياضية ، لأن الدائرة تصل إلى كل من ساهم في توجيه الصناديق الانتخابية ، لمآرب غير رياضية ، فمن حق الأسرة الرياضية أن تسأل اليوم عن كل صوت لم يزكي والد الشهيدين عارف عوفة في الانتخابات الماضية مثلا !
ولا يتحمل اتحاد الكرة وحده المسؤولية فيما آلت اليه الأوضاع في الملاعب ، لأن الوزارة المعنية كانت ترى الخلل ، ولا تبادر إلى المشاركة في العلاج ، ولأن كل الهيئات العامة السابقة كانت مباركة من أقطاب الوزارة ، بما يؤكد أن الوزارة شريك أساسي في التسيير الرياضي ، ويجب أن تشارك في تحمل التبعات بحلوها ومرها !
ولا اعفي هنا لجنة التنسيق من بعض المسؤولية ، لأن بعض أعضاء اللجنة اعترفوا أنهم ساهموا في إيصال بعض أعضاء الاتحاد الحاليين إلى سدة الاتحاد ، ولكن ذلك لا يمنعنا من الاعتراف بأن لجنة التنسيق ساهمت في تعليق الجرس ، وساهمت في تجسيد روح معارضة ، نتمنى أن تكون أكثر ايجابية ، ونتمنى أن تبتعد عن التجريح !
يجب على الجميع الاعتراف بأن كرة القدم ، بل الرياضة الفلسطينية بأسرها خرجت خاسرة من الأزمة القلبية التي عصفت بها ، وهل هناك خسارة أكبر من ضياع ثقة الفيفا في مؤسساتنا ؟ وهل هناك خسارة اكبر من أن الممولين الرياضيين أصبحوا يخافون على مصير قروشهم ، بعد تبادل العاملين في تسيير الرياضة التهم ، التي تتعلق بالاختلاس ؟
ولا يعني كلامي أنني أعفي اللصوص من جريرة عملهم ، لأنني من المتشددين في هذا المجال ، وأطالب بمحاسبة كل من اختلس درهما واحدا ، وأكثر من ذلك فانني أطالب بمحاسبة كل الذين كانوا يعلمون عن الاختلاسات ، وسكتوا عن المختلسين ، مما ساهم في شيوع ثقافة الاختلاس !
أجزم أن الأسرة الرياضية قد خسرت كثيرا من امتحان الأزمة ، ولكن الأسرة الرياضية يمكن أن تكون منتصرة ، كما قال الرازم إذا استوعب اللاعبون في أروقة الملاعب الفلسطينية الدرس القاسي ، الذي أساء لحركتنا الرياضية كثيرا !
والحديث ذو شجون
[email protected]