الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المحكمة الدستورية تشارك في مؤتمر البناء الدستوري الثاني

نشر بتاريخ: 31/05/2018 ( آخر تحديث: 31/05/2018 الساعة: 14:00 )
المحكمة الدستورية تشارك في مؤتمر البناء الدستوري الثاني
رام الله- معا- شاركت المحكمة الدستورية العليا في المؤتمر الدستوري الـ 2 الذي عُنون بـ" دور النساء في البرلمانات: من مهمشات إلى مشاركات؟ " والذي تم تحت رعاية مؤسسة تنمية وإعلام المرأة "تام" وبالشراكة مع المحكمة الدستورية العليا وجامعة النجاح.
وأكد رئيس المحكمة الدستورية العليا البروفيسور محمد الحاج قاسم على أهمية زرع الوعي الدستوري لدى الطلبة، مشيرا إلى أن مثل هذه المؤتمرات تفتح المجال أمام الإنتقاد الأكاديمي المسؤول وتوضيح الغموض الدستوري والذي تتقبله المحكمة بصدر رحب.
وتحدث أ.د. قاسم بشكل مستفيض عن المحكمة الدستورية من حيث النشأة ومهامها ودورها واختصاصاتها، وبعض القرارات التي تناولتها المحكمة الدستورية خاصة فيما يتعلق بتفسير الإتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان وخصوصاً إتفاقية سيداو، حيث شرح البروفيسور قاسم اتفاقية سيداو من كافة جوانبها، إضافة على الاستفاضة بالإجابات على كافة مداخلات الطلبة.
وحمل المؤتمر طابع اليوم الدراسي الدستوري المتكامل والذي شهد تفاعلاً ملحوظاً من طلبة كلية القانون على المستويين، مستوى البكالوريس والماجستير. استهل المؤتمر بجلسة افتتاحية اعتبرت صلة الوصل ما بين الأكاديمين وصناع القرار في فلسطين، حيث حضر الافتتاح أعضاء المحكمة الدستورية العليا المستشار عبد الرحمن أبو النصر وسعادة المستشار فواز صايمة، ووزير العدل الدكتور علي أبو دياك كممثل عن دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي حمد لله، والدكتور أحمد براك النائب العام الفلسطيني، وأ.د. ماهر النتشه، القائم بأعمال رئيس الجامعة واللواء أكرم الرجوب، محافظ نابلس، ورنا بسطامي حمد الله، عقيلة رئيس الوزراء، ود. جوني عاصي، عميد كلية القانون، وممثلي المؤسسات الرسمية وغير الرسمية القانونية وشخصيات من مختلف قطاعات المجتمع، وعدد من الباحثين والمهتمين من فلسطين ومن خارجها بالإضافة إلى طلبة كلية القانون من برنامجي البكالوريوس والماجستير خصوصاً ممن يدرسون مساقات القانون الدستوري ليؤكد المؤتمر بأن التفاعل ما بين المجتمع المدني والأكاديمي وصناع القرار هو هدف هذا المؤتمر الذي يربط ما بين النظرية والواقع – والمطالب والتطبيق.

وبدورها، أشارت د. سناء السرغلي، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة تنمية وإعلام المرأة (تام) ودكتورة القانون الدستوري في كلية القانون، إلى أن سبب اختيار موضوع المؤتمر هو أهمية التركيز في عملية كتابة الدساتير على المفهوم الدستوري الحساس للنوع الاجتماعي، والذي من شأنه تخفيف ما تعانيه النساء من هضم للحقوق بحيث تعامل كمواطنة درجة ثانية سواء في فلسطين أو غيرها من الدول، وما تضعه العادات والتقاليد من عوائق أمام حصول المرأة على حقوقها، متمنيةً أن يخرج المؤتمر بتوصيات من شأنها أن تشكل هيكل لبناء دستور فلسطين يضمن للمرأة كافة حقوقها في جميع المجالات والنواحي.
وعرضت د. السرغلي فيديو قصير من إنتاج تام وبالشراكة مع تسع مؤسسات إعلامية فلسطينية، واستعرض الفيديو كيفية تمثيل المرأة في الإعلام الفلسطيني، وأثبت من خلال الدراسة أن المرأة الفلسطينية غير مرأية ومهمشة في مختلف وسائل الإعلام الفلسطينية بحيث تبلغ نسبة المساحة التي تتناول المرأة 12% فقط في قضايا صنع القرار والأمن والسلام وانتهاكات الإحتلال.

ومن جانبه، أكد د. جوني عاصي على أهمية المؤتمر والموضوع الذي يتناوله خصوصاً في ظل ما تعانيه المرأة من تهميش من قبل فئة كبيرة من المجتمع، مشيراً إلى أن هذا التهميش لا يقتصر فقط على المجتمعات العربية بل يمتد ليشمل معظم المجتمعات، مشيراً إلى أن العالم العربي كان له بعض المواقف المنصفة للمرأة كالدستور التونسي كنموذج، إلا أن هذا الدستور يمثل بلد ويختلف من بلد لآخر،
واستعرض الدكتور عاصي تقارير التنمية العالمية التي تشير إلى مشاركة ضعيفة للمرأة في المجتمع وتقارير البرلمانات التي تشير إلى أن مشاركة المرأة في البرلمان لا تتعدى 15% في حين ينبغي أن تصل بالمتوسط العالمي ل30%، مؤكداً في نهاية حديثه إلى أن المؤتمر يتضمن مساهمات خارجية لكنه يطرح بالأساس موقف من داخل المجتمع الفلسطيني ويهدف إلى لفت إنتباه جميع المؤسسات والقطاعات إلى ضرورة إنصاف المرأة وحصولها على كامل حقوقها والمساواة دون تمييز.
وفي كلمة الجامعة أشار أ.د. ماهر النتشة إلى أن هذا المؤتمر يأتي إنطلاقاً من دور الجامعة ومسؤوليتها الإجتماعية في إنصاف المرأة كون الجامعة تمثل منبراً علمياً وأكاديمياً، مشيراً إلى أن المسائل الدستورية وبمراحلها المختلفة تشكل لبنة أساس لبناء دولة فلسطينية ديمقراطية قائمة على المساواة وسيادة القانون، مثمناً دور الشباب ذكوراً وإناثاً والأقليات الدينية في بناء المجتمع، ومشدداً على أن تنظيم هذا المؤتمر يأتي إيماناً من جامعة النجاح بحقوق المرأة والمساواة والعدالة الإجتماعية.
وشكر عميد كلية القانون و د. السرغلي على تنظيم هذا المؤتمر في ظل الظروف السياسية والدستورية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني. وبدورهم قام صناع القرار بإلقاء كلمات في صلب الإحتياجات الدستورية اللازمة لمرحلة البناء التي تعيشها فلسطين.
واستهل ممثل رئيس دولة الوزراء وزير العدل الدكتور أبو دياك بنقل تحيات دولة رئيس الوزراء الأستاذ الدكتور رامي حمد لله وتمنياته بنجاح المؤتمر، معرباً عن فخره بتنظيم جامعة النجاح للمؤتمر باعتبارها صرح أكاديمي لطالما شارك في تكريس القانون والقيم الأخلاقية التي تتكون منها دساتير الأمم، موجهاً تحياته لكل سيدات فلسطين باعتبارهن شريكات في المسيرة الوطنية النضالية، مشيراً إلى أن مسيرة بناء دولة فلسطينية بدأ منذ تأسيس المجلس التشريعي في جلسته الأولى ومنها انطلقت مرحلة بناء دولة فلسطينية دستورية تتبنى كافة الإتفاقيات والمبادئ العالمية وخاصةً المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين
ومن ناحيته، بدأ عطوفة النائب العام الدكتور أحمد براك الحديث عن أهمية هذا الموضوع من كافة جوانبه النظرية والفعلية ومدى تطبيقه على أرض الواقع، مشيراً إلى أن مشاركة المرأة في المجلس التشريعي والبرلمانات هو انعكاس لمشاركة المرأة في الحياة السياسية ومختلف نواحي الحياة، موضحاً أن تناول الموضوع يكون على الصعيدين الدولي والمحلي، مشيرا إلى أنه وعلى الصعيد الدولي فإن كافة القوانين والإتفاقيات والقرارات الدولية تضمن للمرأة حقها بالمساوة والمشاركة مناصفة في المجتمع.
واستعرض الدكتور أبو دياك بعض الإتفاقيات العامة والخاصة على مستوى العالم التي تضمن للمرأة حقوقها بالمساواة في كافة جوانب الحياة، مؤكداً أن فلسطين تطبق وتحترم كافة الإتفاقيات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة في هذا الخصوص وفي غيره من المجالات.
وفي كلمة مؤسسة (تام) التي ألقتها سهير فراج مديرة المؤسسة، مستعرضة أسباب مشاركة المؤسسة واهتمامها بمثل هذا الحدث الأكاديمي الذي له تداعيات سياسية، مؤكدة أهمية المؤتمر متمنيةً ان تخرج جلساته بتوصيات من شأنها المساهمة في إصلاحات دستورية بما يضمن للمرأة حقوقها ويضمن بناء دولة فلسطينية قائمة على المساواة وعدم التمييز، شاكرةً الدكتور السرغلي على هذا المؤتمر، مشيرةً إلى أن مؤسسة تام تطمح للقضاء على الثقافة السلبية ضد المرأة في فلسطين من خلال أهدافها المتمثلة في القضاء على الفقر والقضاء على العنف القائم على النوع الإجتماعي وتحقيق العدالة الإجتماعية في كافة النواحي، متحدثة عن فكرة المؤتمر وما تأمل أن يخرج به من نتائج يمكن تطبيقها على أرض الواقع.

وقُسم المؤتمر إلى جلستين رئيسيتين، حيث حملت الجلسة الأولى عنوان (النهج النظري في جندرة الدستور بين النظرية والممارسة، تجربة ما بعد الربيع العربي) وترأسها الدكتور معتز قفيشة، عميد كلية القانون في جامعة الخليل، وتناولت عدّة مواضيع وهي: الورقة الأولى(الدستورية والشمولية: تحديات وفرص) للدكتور عاصم خليل - أستاذ القانون الدستوري المشارك في جامعة بيرزيت ونائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والورقة الثانية بعنوان: (النوع الإجتماعي، الطبقة والسيادة الشعبية في الثورات العربية) للدكتور نمر سلطاني من جامعة (SOAS) في بريطانيا، والورقة الثالثة بعنوان: (المرأة وقلة المشاركة السياسية في مصر) للدكتورة لويسيا اردوفيني باحثة في المعهد السويدي للشؤون الدولية، حيث شهدت الجلسة مستوىً علمياً ملحوظاً انعكس من خلال الأوراق المشاؤكة وطبيعة الأسئلة المطروحة من قبل طلبة الكلية.
أما الجلسة الثانية للمؤتمر فترأستها القاضية صمود الضميري وهي أول امرأة تتولى رئاسة النيابة الشرعية في فلسطين، وحملت الجلسة عنوان (البرلمانات، المشاركة السياسية والمرأة في فلسطين)، وتناولت عدّة موضوعات وهي: الورقة الأولى (المجلس التشريعي الفلسطيني والدمج الفلسطيني للنساء والشباب والأقليات المهملة) لسعادة المستشار عبد الرحمن أبو نصر- عضو المحكمة الدستورية وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، والورقة الثانية للسيدة عايدة توما- العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي وحملت عنوان: (تحديات واقعية لدور المرأة في البرلمانات) أما الورقة الثالثة للدكتور محمد أبو الرب فحملت عنوان: (وضع المرأة داخل المجلس التشريعي الفلسطيني والوطني – العقبات السياسية والقانونية أمام التنفيذ الدستوري في فلسطين).

أما التوصيات فتم تقديمها من قبل سعادة المستشار فواز صايمة- عضو المحكمة الدستورية العليا والتي سيتم نشرها في منشورات المؤتمر مع بقية الأوراق العلمية. حيث سيحمل المؤتمر عامل تأثير من خلال الكتاب المحكم الذي سيصدر عن جامعة النجاح الوطنية حاملأ نفس عنوان المؤتمر.
وفي نهاية المؤتمر قامت د. السرغلي ود. عاصي بشكر المحكمة الدستورية العليا على هذه المشاركة القيمة بهذا اليوم الدستوري المتكامل منذ بدئه وحتى نهايته مقدمين دعما كاملا للطلبة الذين أظهروا وعياً أكاديمياً واضحاً من خلال الأسئلة والمشاركة والنقاش الذي عُدَ إضافة نوعية لهذا المؤتمر والذي ساهم بتحقيق النجاح لهذا الحدث العلمي وهذا ما أكد عليه المشاركات والمشاركون من صناع القرار والأكاديمين.
وتم توزيع شهادات مشاركة في المؤتمر من قبل المحكمة الدستورية على الطلبة المشاركين في فعاليات هذا اليوم الدراسي.