الأحد: 19/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نص مشروع مبادرة منتدى فلسطين من أجل المصالحة الوطنية نحو حلّ متوازن وشامل للأزمة الوطنية

نشر بتاريخ: 28/02/2008 ( آخر تحديث: 28/02/2008 الساعة: 16:07 )
رام الله - معا - في ظلّ تزايد المخاطر الناجمة عن حالة الانقسام الفلسطينيّ، وخصوصا خطر تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية،وفي ضوء اتضاح المخطط الإسرائيلي باستخدام هذه الحالة (الكارثة الوطنية) وتوظيفها في محاولة لفرض الحلّ الإسرائيلي،وأمام احتمالات تحوّل هذا الحل الى أمر واقع، يطيح بالمشروع الوطنيّ، ويدمّر ركائزه التي تقوم على وحدة الأرض والشعب والقضية والمصير، وفي ضوء حالة المراوحة التي تشهدها الأزمة، دون تقدّم يذكر،
وفي ضوء تحوّل الحوار حول سبل الخروج منها إلى اشتراطات واشتراطات مقابلة،
فإنّ منتدى فلسطين يتقدم الى سيادة الرئيس محمود عباس، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى مكوّنات العمل الوطنيّ الفلسطينيّ، بمختلف تياراته الوطنية والديمقراطية والإسلامية، وإلى المؤسسات والهيئات والمنظمات الحية والفاعلة في المجتمع الفلسطيني كافة، والى جماهير شعبنا في الداخل والخارج، بمبادرة للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن.
إن منتدى فلسطين، إذ ينطلق أولا وأخيرا من اعتبارات وطنية فلسطينية خالصة، ومن خشية حقيقية على وحدة الشعب ومصالحه العليا، وإذ يؤكّد على تقديره واحترامه الكامل لأسس النظام السياسيّ في فلسطين ولأركانه، ورفضه لمبدأ ازدواجية السلطات ومصادر القرار وتقسيم الشرعيات وتعدّديتها، وإذ يدعو الى نبذ كل أشكال التجاذبات والاستقطابات الخاصة والفئوية والفصائلية، فإنه يدعو إلى التعامل مع هذه المبادرة، باعتبارها رزمة متكاملة موحّدة وشاملة، لا تقبل التجزئة أو الانتقائية، وباعتبار الحوار المطلوب، هو الحوار حول آليات تطبيقها والوسائل الكفيلة بضمان نجاحها.
إن منتدى فلسطين ينطلق في هذه المبادرة من تقدير للجهود والمبادرات والاتفاقات التي قامت بها المؤسسات والفعاليات والقوى والأحزاب كافة، ومن مواصلة لها، هذه الجهود التي كان أهمها إعلان القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني، واتفاق مكة، و مبادرة القطاع الخاص، و النداء من أجل فلسطين، ومبادرة المجلس المركزي، إلا أنّ المنتدى يعتقد أن هذه الاتفاقات بحاجة الى تطوير يأخذ بالمستجدات وقادر على تجاوز ثغراتها، من خلال تقديم مبادرة شاملة و متوازنة وقابلة للتحقيق.
أسس المبادرة وركائزها وسبل الخروج من الأزمة
أولا: اعتبار الاحتلال الإسرائيلي وكلّ ما يترتب عليه من عدوان واستيطان وجدار وحصار وعنصرية وتقطيع أوصال، وتهويد القدس وفصلها ،عن بقية الأراضي المحتلة، والسعي لإسقاطها من جدول المفاوضات، المسبب الأول لهذه الأزمة، واعتباره المستفيد الوحيد من تفاقمها واستفحالها، والتأكيد على حقّ شعبنا وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال بجميع الأشكال التي يقرها القانون الدولي، شريطة أن تكون هذه المقاومة، مقاومة مثمرة، قادرة على توحيد الأداء الوطني، وفي إطار إستراتيجية عمل وطنيّ موحّد، ومرجعية واحدة، تكون لها صلاحية تحديد أشكال المقاومة المناسبة في كلّ مرحلة، بما في ذلك التهدئة المتبادلة.
ثانيا: التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي المرجعية العليا والطرف المسؤول عن السلطة الوطنية، وعليه فإن على حركة حماس أن تقوم بالتراجع عن سلطة الأمر الواقع، وكلّ نتائج الحسم العسكريّ (حزيران 2007) في غزة، و ذلك في سياق متكامل، يتضمن إعادة الاعتبار و الفعالية للهيئات الشرعية، وأهمها السلطة التشريعية المجمدة، والتعامل مع ذلك كمدخل طبيعي لنجاح هذه المبادرة.
ثالثا: إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني، المتمثل في ضمان تجسيد حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطيني، الذي يعني حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على كل الأراضي التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، ويعني حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194.
رابعا: البدء الفوري بوضع خطة لإصلاح منظمة التحرير وتطويرها، لتلعب دورها بالصورة المطلوبة، وذلك عن طريق التحضير الجدي لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني، وإجراء انتخابات ديمقراطية لإعادة تشكيله حيثما أمكن ذلك، خلال مدة أقصاها عام واحد، تؤخذ فيها بعين الاعتبار التغييرات الجديدة التي حدثت في التركيبة السياسية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
خامسا: التأكيد على تفويض الرئيس محمود عباس، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، للتفاوض باسم الشعب الفلسطيني، على أن يعرض ما يتمّ الاتفاق حوله على المجلس الوطنيّ بتشكيلته الجديدة، أو على استفتاء شعبيّ.
سادسا: الاتفاق على اعادة تشكيل اللجنة العليا للمفاوضات وتفعيلها بحيث تضم في عضويتها كلّ مقومات الحركة الوطنية الفلسطينية، مع أهمية أن تكون مرجعية المفاوضات هي القانون الدولي و قرارات الشرعية العربية و الدولية، وأن تستند إلى إستراتيجية وطنية متفق عليها، لكي تكون المفاوضات مفاوضات مثمرة، و قادرة على تحقيق الاهداف الوطنية .
سابعا: المبادرة إلى خطوات جدية لإصلاح أجهزة السلطة، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية، وإعادة بنائها على أسس وطنية ومهنية، وبعيدا عن الحزبية، إضافة إلى إنهاء مظاهر المليشيات الخاصة و الفصائلية والعائلية والحزبية، ووضع جدول زمني ملزم لإنجاز ذلك، وتخليص المؤسسات الأمنية من مراكز القوى التي تهدد طابعها الوطني العام ومهنية أدائها، وضمان خدمتها للشأن الوطنيّ العام، وحماية النظام السياسيّ وأسس الحياة الديمقراطية.
ثامنا: الاتفاق على التوجه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة، على أساس نظام التمثيل النسبي الكامل، خلال مدة أقصاها نصف عام من تاريخ قبول مبادرة المصالحة الوطنية.
تاسعا: تشكيل حكومة انتقالية متفق عليها، من الكفاءات الوطنية المستقلة، تكون مهمتها الرئيسة هي التحضير للانتخابات، والعمل على تنفيذ برنامج شامل للإصلاح، على المستويات كافة، و تعزيز الصمود الوطنيّ، في مواجهة الأخطار السياسية، وأخطار التفكك الاجتماعي، والتصاعد الكبير في نسب الفقر والبطالة، ونزعات الهجرة من البلاد، من قبل قطاعات واسعة من أصحاب رأس المال الوطني والخبرات والشباب.
عاشرا: تشكيل لجنة وطنية مستقلة، من شخصيات ذات كفاءة، وتحظى بالثقة العامة، لتقصي الحقائق، والتحكيم حول الأحداث الداخلية، لوضع اليد على أسباب الأزمة وجذورها، واقتراح الحلول المناسبة، ومعالجة ذيول ما نتج عنها من اقتتال، منعا لردود الأفعال الثأرية والانتقامية. .
حادي عشر: البدء الفوري في وقف الحملات الإعلامية و التحريض، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعدم اعتقال أي انسان على خلفية سياسية، و التراجع عن الخطوات و المواقف المقيّدة للحريات الفردية والعامة، التي من شأنها المساس بأسس العمل الوطني و الديمقراطي الفلسطيني و مرتكزاته، و توتير الأجواء، و تعقيد احتمالات التوصل إلى تحقيق المصالحة الوطنية.
ثاني عشر: إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الأسرى و المعتقلين، والعمل على إتمام صفقة تبادل، يتم من خلالها إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، مقابل الجندي الإسرائيليّ جلعاد شاليت.
ثالث عشر:الاتفاق على دعم كلّ الأطراف للمطلب الشرعيّ للسلطة الوطنية، تولي السيطرة على المعابر ونقاط العبور باعتبارها شأناً فلسطينياً سيادياً، وعلى أساس رفض سياسة الحصار والإغلاق، والسعي إلى تطوير الاتفاقيات المعتمدة، وفقا للوقائع الجديدة، والخبرة المستفادة، وبما يحفظ وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
رابع عشر: تطوير ضوابط الحكم وأساليب العمل لتوفير الظروف الملائمة للحفاظ على التعددية والتنوع، وعلى حق الأغلبية في الحكم، وحقّ المعارضة في التعبير عن آرائها بالأشكال الدستورية كافة، وعلى أساس التمييز ما بين مسؤوليات الحكم والتزاماته، ودور الأقلية في المعارضة من أجل التقدم والتطور باستمرار، وهو ما يلزم من يشكل الحكومة أو يشارك فيها أن يوافق على الالتزامات التي عقدتها المنظمة و الحكومات السابقة، إلى حين توفر الظروف الكفيلة بتطويرها أو تجاوزها .
خامس عشر: التزام جميع الأطراف برفض كل أشكال الإقصاء والتخوين والتكفير والتفرد والهيمنة والتحريض واستخدام العنف لحلّ الخلافات والنزاعات الداخلية، والتأكيد على الالتزام الصارم بأخلاقيات العمل الوطني ومرتكزاته الأساسية القائمة على التعددية والحوار الديمقراطي والتعايش والتسامح بين مختلف تيارات الشعب وفئاته وتنوعه الثقافي والفكري والسياسي، والعودة إلى أسس راسخة في إعادة بناء العلاقات الوطنية والمجتمعية على أساس الشراكة الوطنية التي تقوم على المساواة وتكافؤ الفرص والإنتاجية والانتماء الوطني.
إن منتدى فلسطين يدرك مدى تأثير العوامل العربية و الدولية على القضية الفلسطينية، و يقدّر أن التطلع إلى نجاح أية مبادرة للمصالحة الوطنية يجب أن يأخذ هذه العوامل بالحسبان، إلا أنه مقتنع بعمق أيضا بأن شعبنا هو صاحب المصلحة العليا في إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وهو الجهة الوحيدة القادرة على تجسيد هذه الأسس والمبادئ والمرتكزات الوطنية للخروج من الأزمة، وعليه نعوّل، وإليه نتوجه أولا، ومنه ننتظر الالتفاف والاحتضان والعمل الجاد والمثابر لتحويل هذه المبادرة إلى فعل شعبيّ يليق بعظمة شعبنا وتضحياته