الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"بهدموه بنرجع نبنيه"

نشر بتاريخ: 15/12/2018 ( آخر تحديث: 15/12/2018 الساعة: 20:05 )
"بهدموه بنرجع نبنيه"
البيرة - معا - فراس طنينة- أم يوسف أو كما تعرف "أم ناصر أبو حميد"، لم تنم الليلة الفائتة، بل اعتصمت في منزلها برفقة مئات المتضامنين، في محاولة لمقاومة جيش الاحتلال الذي هدم منزل العائلة المكون من أربعة طوابق، فهذه المرة الثالثة التي يهدم منزلها.
"هدوا بيتي لكن ما هدوا حيلي، الحيل قوي ما بنهد"، هكذا قالت أم ناصر، عقب إخلائها قسراً وبالقوة من جيش الاحتلال، فخرجت من منزلها ولم تحمل معها سوى حقيبة يدها، التي تحتوي أوراقها الثبوتية، والأدوية فقط.
لم تبك أم ناصر، بل بقيت صامدة تتوشح بالكوفية الفلسطينية، رغم البرد القارص، وانتشار قنابل الغاز السام بكثافة في المنطقة، وقالت "لن يكسرونا بهدموه بنرجع نبنيه، قدمت أبنائي بين شهيد ومعتقل، هُدم منزلي مرتين وهذه الثالثة، ولم أنكسر ولن أنكسر".
ورغم أنها خرجت فارغة اليدين إلا من الحقيبة، إلا أن أحد الجنود حاول سحب الحقيبة منها، وطرحها أيضاً محاولاً الاستيلاء على الحقيبة، ولكنها تشبثت بالحقيبة ورفضت تسليمها، وصرخت في وجه الجندي: الحقيبة فيها أدويتي فقط، لكنها فوجئت برد الجندي: انت ما الك دواء.
تدخل المعتصمون الذين كانوا داخل المنزل، وأبعدوا الجندي، وخرج الجميع من المنزل، بعد أن اعتدى الجنود على كل من تواجد وتحصن داخل المنزل،
فألقى جنود الاحتلال قنابل الغاز والصوت داخل الغرف ورشوا الموجودين بغاز الفلفل، واعتدوا بالضرب المبرح على كل من تواجد، بمن فيهم الصحفيين، فأكثر من مائتي جندي اقتحموا المنزل.
وقفت أم ناصر أبو حميد على مقربة من منزلها الذي فجره جيش الاحتلال مرتين، فزرع جنود الاحتلال المتفجرات في جدرانه، وفجروه في المرة الأولى، لكنه بقي شامخاً كما صاحبته، وعاد الجنود وزرعوا عبوات أشد في الجدران، ولكن هذه المتفجرات لم تهدم إلا جزءاً يسيراً فقط من المنزل.
التفجيرات التي وقعت في المنزل أدت إلى أضرار كبيرة في المنازل الملاصقة، والتي أفرغها الاحتلال من سكانها وهجرها قصراً، وألقاهم في العراء في ملعب مدرسة البيرة الجديدة في البرد القارص.
وقفت سنديانة فلسطين تحمل هاتفها الخليوي، توثق هدم منزلها به، غير آبهة بكل ما يجري، فصبرها ورباطة جأشها أثر على المعتصمين معها.
أم يوسف كانت قوية بما يكفي وهي تشاهد حجارة منزلها تتناثر عقب التفجير، موثقة ذلك عبر هاتفها المحمول، وتقول أبو حميد: "لا أشعر بالحزن لأن همّي الوحيد أن أولادي بخير حتى لو كانوا في سجون الاحتلال".
وخاطبت أبو حميد نتنياهو، قائلة: مهما فعلت وهدمت لن تخيفنا، ومهما هدمت سنبني.
هي المرة الثالثة، التي تهدم فيها سلطات الاحتلال منزل أم ناصر، فالمرة الأولى كانت في العام 1994، حين ارتقى نجلها عبد الناصر أبو حميد شهيداً بعد أن قتل ضابط كبير في مخابرات الاحتلال، والثانية في العام 2002، لكن أم يوسف "لن تنحني" هكذا قالت، "فأنا امرأة جربت كل صنوف العذاب لن يثنيني هدم البيت، سنبني غيره".
في تصريحها الأول للاعلام، قالت أم ناصر،: بيننا وبين نتنياهو ثأر، إهدم ونحن سنبني، هدموا منزلي ثلاث مرات، ولم ينالوا مني ولا من أبنائي، وبيتي فداء فلسطين.
آثار التعب كانت بادية على وجه السنديانة، التي لم تنم، بل بقية طيلة الليل تقف على مقربة من منزلها، تشاهد كيف يهدمه الاحتلال، لكنها وقفة شامخة، في الصباح اقتادها ابنها ناجي إلى منزله، حتى تنال قسطا من الراحة.
ولا يزال خمسة من أبنائها في سجون الاحتلال، فناصر (38 عاماً) محكوم سبعة مؤبدات وخمسون عاماً، نصر (36 عاماً) محكوم بالسجن لخمسة مؤبدات، شريف (30 عاماً) محكوم بالسجن لأربعة مؤبدات، محمد (25 عاماً) محكوم مؤبدين و30 عاماً، وجهاد معتقل إداري، وأخيراً إسلام الذي اعتقل مؤخرا بتهمة قتل أحد جنود الاحتلال خلال اقتحام نُفذ لمخيم الأمعري وقد يواجه حكما بالسجن المؤبد.