الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مهنة المصائب

نشر بتاريخ: 13/10/2015 ( آخر تحديث: 13/10/2015 الساعة: 13:07 )

الكاتب: فالح نصير

"السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانًا "..الإعلام الفلسطيني بين التهويل والتدمير ".. إذا كان الإعلام هو السلطة الرابعة وإن كانت مهنة صاحبة الجلالة هي الأقدس، إلا أنها تحولت من مهنة المتاعب الى مهنة المصائب أمام وسائل الإعلام الفلسطينية التي لم تعد تتحرى الدقة في نقلِ الأخبار والأحداث، رغم انه لا يمكن إنكار دورها والجهد الذي بذله ممتهنوها لتضع القارئ والمستمع والمشاهد بصورة ما يجري أولاً بأول خلال الهبة الشعبية التي تشهدتها الأراضي الفلسطينية على مدار الأيام السابقة.


لكن السرعة في نقل الاحداث والبحث عن السبق الصحفي وعدم استقاء الاخبار من مصادرها سببت حالة من الإرباك والبلبلة في الشارع الفلسطيني وبين الجمهور الذي شعر تارة أن الحرب العالمة الثالثة انطلقت من فلسطين.


ورغم التجربة والخبرة الكبيرة التي يحملها الإعلامي الفلسطيني الذي يعمل في الميدان إلا أن مؤسساتنا الاعلامية اضحت تعتمد في كثير من الأحيان في استيفاء أخبارها من الإعلام الإسرائيلي الذي يقلب الحق باطلاً لتبرئة الإسرائيلي القاتل وتبرير قتل الفلسطيني واظهار الاسرائيلي وكأنه حمامة سلام كان يدافع عن نفسه حين حاول شاب فلسطيني تنفيذ عملية طعن فيفقد الشاب حياته كما جرى مع الشهيد فادي علون الذي اظهرت تسجيلات الفيديو أنه سقط مثقلاً بدمائه وهو سائر في أمان الله.


والمعضلة تكمن في أن بعض وسائل الإعلام الفلسطينية ذهبت إلى تبرير عملية القتل او الإعدام معتمدة على الرواية الاسرائيلية التي تظهر الفلسطيني مجرمًا في سبيل حصول بعض المؤسسات على سبق صحفي سرعان ما يتبين أن الرواية تجافي الحقيقة.


فهذه المهنة الشريفة انتهكت حرمتها بدخول المتسللين والمتسولين الى اروقتها دون أن يدركوا حجم الخطر في تهويلهم للاحداث ونقلهم اخبارًا عارية عن الصحة دون أن يراعوا اهمية المصداقية في نقل الأحداث التي من وظيفة الصحفي أن يجبيها ويضع الزبدة بين يدي القارئ او المستمع او المشاهد دون تحريف او تلاعب او فهلوة فلا مكان للمزاح هنا.


ولعل الخطر الاكبر كان من وسائل التواصل الاجتماعي التي تحول روادها وبقدرة قادر الى صحفيين متمرسين يلهون بعواطف المجتمع الفلسطيني بنشر الاخبار الكاذبة واسماء الشهداء الذين لا يزالون على قيد الحياة فكم من أم بكت على ابنها الشهيد الحي لكن صحفيي الفيس بوك قتلوه مرة وقتلوا أمه ألف مرة.


المسؤولية الكبرى عن هذه الترهات تتحملها وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين، وعليهما أن تعملا على وضع الامور في نصابها الصحيح من خلال تحديد من هو الصحفي ومن خلال الاشراف على المؤسسات الاعلامية وعلى منح الرخص لها. فمؤسساتنا الإعلامية بل السواد الاعظم منها وكي لا اجمع الا من رحم ربي باتت تدفع بعامل القهوة الى الميدان للعمل وهو لا يدرك أساسيات واخلاقيات العمل الصحفي والأنكى من ذلك انه لا يفرق بين الفعل والفاعل وبين الخبر والتقرير لكن الظروف شاءت ان يتحول بين ليلة وضحاها الى صحفي وبات يحمل لقب الاعلامي لكن استشهد هنا بقول الباري عز وجل "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، اجزم بانهم لا يستوون وهنا اذكر ايضا أن السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانًا


. ولعلي أدعو في هذه العُجالة المتواضعة إلى مراجعة اخلاقيات هذه المهنة الشريفة التي باتت تفقد شرفها ونزاهتها رويدًا رويدًا بفضل محبي اللهو واللعب وبفضل غياب امتحان مزاولة المهنة وتحديد من هو الصحفي من قبل وزارة الاعلام و نقابة الصحفيين طيب الله ثراهما.