الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: اصابة مستوطن بعملية طعن واطلاق النار على المنفذ قرب الرملة

القيادة مزيفة والقلادة حقيقية...

نشر بتاريخ: 09/09/2017 ( آخر تحديث: 09/09/2017 الساعة: 11:28 )

الكاتب: حسام أبو النصر

تفاجأنا جميعا من اكتشاف زيف قلادة نجيب محفوظ بعد 30 عاما من السر، لكن ردة الفعل التي صاحبت الخبر كانت مفرطة، وكأن الحكومات العربية اول مرة تكذب على مواطنيها وتخذع مثقفيها، التي لطالما حاولت احتواءهم وجرهم الى مربع السلطة وحين فشلت قررت توزيع القلادات المزيفة، وفي حالة محفوظ هذه القيمة العربية العالمية، تكشف حالة الخداع التي مارستها الحكومات العربية طوال سنوات في كل مناحي الحياة، وموقف مثل هذا يفتح الباب من جديد ان الهدف ليس محفوظ او قيمة القلادة بقدر القيمة المعنوية للمثقف العربي لدى دولته، الذي غالبا ما يكرم بعد وفاته، لذلك كثيرا منهم الان ليسوا مستعجلين على التكريم.
لقد خاض المجتمع العربي اعصارا من الثورات اطاحت بحكام ورؤساء ومسؤولين، وبعد الهدوء الحذر، بدأت تتكشف لنا حقائق كثيرة، ومن اهمها ان العقل العربي برمته قد خدع، وحالة التضليل والتجهيل التي مورست من قبل الانظمة جعلت المواطن العربي حبيس ما يسمعه لا ما يراه، وحين تحول هذا المجتمع من مفعول به لفاعل ولو لحين، ادرك حجم المصيبة، كما يمر الزلزال ونحصر خسائره بعدها، واليوم هذا المجتمع العربي لم يخرج من دوامة حصر خسائر سنوات حكم هؤلاء بعد، وقد تكون قصة قلادة محفوظ بمفهومها المادي الضيق، فتحت كل المفاهيم المعنوية الواسعة، ونصل للحقيقة، وهي مدى تغير هذا المجتمع بعد ثورته، ومدى احترام نخبته وقراره، ام ان ما حدث زوبعة في فنجان مَثّلت علينا مسرحية التغيير، مع بقاء المخرجين وسيناريست في الكواليس وغياب الممثلين السابقين وظهور ممثلين جدد.
قلادة محفوظ كشفت عن سبب هروب العقول من مجتمعنا العربي، بل وفضحت الفرق بين التكريم الغربي للمبدعين، وتكريم القيادة العربية لهم، ليس بالمفهوم المادي بقدر الدعم الحقيقي لاستمرار عطاء هؤلاء المبدعين وإرتقاء الحكومات بمستوى تضحيات هؤلاء، والخلاف لم يكن على ماهية المعدن الحقيقي للقلادة التكريمية بقدر انها كشفت الكثير من معدن المزيف للقيادة العربية، التي افرغت ليس فقط مجتمعاتها من ثقافة الحقيقة، بل حتى مست قيمة مثقفيها، وعلينا ان نؤكد هنا المشكلة ليست في مصر وحدها بل هي نموذج بهذه الحادثة رغم نفي الحكومة المصرية، بل ان قصة القلادة فتحت معضلات كل امتنا العربية، وعجزنا الكبير في الدفاع عن هويتنا امام حالة الفساد والظلم المنتشر.