الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إعلان الاستقلال والمواطنة

نشر بتاريخ: 15/11/2017 ( آخر تحديث: 15/11/2017 الساعة: 11:40 )

الكاتب: د.رمزي النجار

إن شرعية النظام السياسي لأي دولة تكمن إلى حد كبير في مدى حماية حقوق المواطنة للأفراد وتمثيله للمجتمع وتكويناته واحتياجاته وطموحاته، فالمواطنة تقوم على علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة, وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة، والمواطنة على وجه العموم تسبغ على المواطن حقوقاً سياسية، مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة، وارتبط مفهوم المواطنة بظهور الدولة الحديثة كوحدة سياسية تتكون من ثلاثة عناصر هامة، أولها الشعب الذي هو مجموع الأفراد الذين يرتبطون في الدولة قانونياً وسياسياً برابطة الجنسية، ويصبحون بموجبها مواطنين يتمتعون بالحقوق، ويلتزمون بالواجبات، وثانيها الإقليم وهو الأرض التي يتوطنها شعب هذه الدولة، والذي يمثل حدودها الجغرافية، ومجال تطبيق نظامها السياسي والقانوني والاجتماعي والاقتصادي، وثالثها السلطة التي تتمثل في نظام سياسي قائم على إقليم الدولة، ويخضع له شعبها، ويمارس من خلال السلطات الثلاث التنفيذية، والتشريعية، والقضائية.
وإذا نظرنا إلى إعلان الاستقلال في العام 1988 الذي اعلنه الرئيس الراحل ياسر عرفات بالجزائر، نرى أن المواطنة أشمل وأعم من حدود الوطن الصغير، فهي تشمل العلاقات الإنسانية في أرض الله الواسعة، هذ العلاقات القائمة على الحقوق والواجبات إن كانت تنطلق من الوطن لكنها تتسع وتتجاوز لتشمل المنظور العربي والإسلامي والإنساني، ولعل ذلك ينطبق على المواطنة بمفهومها العربي والإسلامي الذي يراود الكثيرين، بينما القانون الأساسي الفلسطيني لم يتضمن نصاً محدداً يؤكد على الحق في المواطنة، كما بعض الدساتير العربية والمقارنة على تبني مبدأ المواطنة كمقوم أساسي لترسيخ العلاقة بين المواطنين والدولة من ناحية، وبين المواطنين فيما بينهم من ناحية أخرى، إلا أنه كفل لكل من يحمل صفة المواطن دون غيره من الأفراد ممن يعيشون على أرض الدولة مجموعة من الحقوق وفرض الواجبات العامة دون تمييز بينهم، ويستفاد هذا المعني من تحليل العديد من نصوص الدستور التي تمسكت بمصطلح "الفلسطيني" كمعيار لإقرار الحقوق والحريات.
وعليه نرى أن مكانة دولة فلسطين الجديدة بعد الاعتراف الأممي بدوله فلسطين مراقب غير عضو في الامم المتحدة يجب أن يكون له تأثيره على السلطة الوطنية كدولة، أي أنه يجب أن تصبح دولة فلسطين المانح الوحيد للحقوق والواجبات لكل المواطنين، وأنه يبقى على الدولة مسؤولية تفعيل وتنظيم المواطنة التي تشمل العلاقة بين الأفراد داخل الدولة القائمة على أساس الحقوق والواجبات والمسئوليات، وأهم الملامح الأساسية للمواطنة أن تكون الدولة مسئولة أمام مواطنيها، وأن يكون المواطنون قادرين على مطالبة الدولة بحقوقهم، وأن تلتزم الدولة بتفسير أفعالها للمواطنين، وأن تكون الشفافية والمصداقية هي معيار العلاقة القائمة بين الدولة والمواطن في النظام السياسي، وبالإمكان الرجوع الى وثيقة اعلان الاستقلال واعتماد بعض الفقرات في صياغة مفهوم المواطنة للفلسطيني، والاعتراف بأن له وضع مختلف، حيث إن حق العودة هو الطريق لمنح المواطنة للفلسطينيين الذين يعيشون في الخارج بموجب القانون الدولي، لذا فإن كل الفلسطينيين لهم الحق في العودة، وأن أولئك الذين سيعودون سيكون من المحتم أن يصبحوا مواطنين في دولة فلسطين.