الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلود تتحدى إعاقتها بالعمل بالعمل في ورشة نجارة

نشر بتاريخ: 05/12/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
خلود تتحدى إعاقتها بالعمل بالعمل في ورشة نجارة
غزة- معا- عبد الله أبو كميل- تقف خلود أمام المنشار الألي المخصّص لقص الخشب داخل ورشتها التي لا تتجاوز مساحتها الستة أمتار، وبالتنقل بين معداتها يشوبها شيء من الحذر وهي تجمع أجزاء البرواز ليكتمل قوامه؛ ثمّ تكسوه بالخيوط الملونة ليزداد جمالًا إلى جانب البناء.
الشابة خلود شمالي ( 25عامًا) من مدينة غزة، انهت دراسة الخدمة الاجتماعية، تعاني من إعاقة حركية في قدمها اليمنى، وبإصرار التغلب على الإعاقة قرّرت خوض تجربة كسر القاعدة وفتحت ورشة نجارة، ومن هنا بدأت القصة.
وتتمثل إعاقة خلود في تضخم قدمها اليمني، بما يسمى بمرض "قدم الفيل"، ما يؤثر على حركتها وحدّها من السير على قدمها، أجرت عملية جراحية لعلاجه، ولكنها لليوم تعاني من عدم مقدرتها على التغلب عليه بشكل كامل.
وتبّين خلود أنّها تحاول علاج مرضها، من خلال بتر قدمها وتركيب طرفٍ صناعي، للتغلب على الآلام الدورية المصاحبة لها منذ صغرها.
قالت خلود: "للتغلب على مرضي التحقت في برنامج إرادة الذي يقدم دورات مهنية وأكاديمية لذوي الإعاقة، تم قبولي بالقسم المهني لصناعة الأخشاب، استمر تدريبي لنصف عام، لأحصل بعدها على فرصة عملٍ لمدة ثلاثة أشهر".
"خلال مرحلة التدريب والعمل أتقنت صناعة المشغولات الخشبية وبدأت بالتفكير الجاد في عمل ورشة صغيرة في بيتي لتشكل لي مصدر دخل ولعلي من خلالها أثبت للمجتمع أن ذوي الإعاقة اشخاص فاعلين وناجحين"
وحصلت خلود على تمويل من الإغاثة الإسلامية لتدشين مشروعها الصغير منجرة جذور بدعم وتطوير من برنامج إرادة التابع للجامعة الإسلامية والذي يسعى لتأهيل مهارات ذوي الإعاقة.
وتقع ورشة خلود في أكثر المناطق السكنية اكتظاظًا وسط حيّ الشجاعية شرق مدينة غزّة، مكان الورشة جعلها في حيرة كبيرة، نظرة المجتمع النمطية التي تعيب عمل المرأة في المنجرة، وتحدي ذلك بالإبداع في العمل.

تعمل خلود في المنجرة لوحدها على قدمٍ وساق، وتعدّد أنواع المنتجات التي تصنعها، ومنها علب الورق، والتطريز على الخشب، والبراويز، وزجاج المرايا، وبعض المشغلات اليدوية البسيطة.
تُوقِف خلود المنشار الألي وتبدأ في شرح المعدات التي تستخدمها بلهجتها العامية: "الألة الزاوية لتصميم الزوايا الخشبية، ومنشار الكرايزر لقص الألواح, والمنشار اليدوي جاكسون، والمقدح".
وحول المدة الزمنية التي تستغرقها خلود لصناعة منتجها تستكمل: "يستغرق معي الإنتاج مدة أطول من اللازم، بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وعدم انتظام مجيئه سوى بعض السويعات المتقطعة". تابعت خلود
وبيّنت أنّ منشار الزاوية يعد أخطر المعدات استخدامًا، إلى جانب المنشار الذي قد يسبب إعاقة جديدة لها إذا ما تعاملت معه بحذر، كما يؤثر الوقوف لمدة طويلة على قدمها، ويسبب لها بعض الإرهاصات.
ومن المعوقات التي تعاني منها خلود، تشتكي من مشكلة الكهرباء، وضيق مساحة الورشة مما يؤثر على إنتاجها، وقد يشكل عائقًا عليها في تسليم المنتج في وقته.
وأوضحت أنّها تعمل على ترويج منتجها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى رواجًا كبيرًا بين صفوف النساء، اللواتي يعشقن اقتناء التحف الفنية المصنوعة من الأخشاب.
في بداية عملها عانت شمالي من النظرة النمطية المعادية لعمل المرأة، وبالتحديد في مجال النجارة الذي يغلب عليه السيطرة الذكورية، وشكلت إعاقتها حاجزًا أمام حلمها لكنها سرعان ما تغلبت عليه نتيجة إرادتها الصلبة.
تواصل خلود: "بعد فترة استطعت جذب أهالي المنطقة، وصنعت لهم بعض المشغولات بناءً على طلبهم، ومن هنا بدأت علاقة طيبة معهم تكللت بجذب مزيد من الزبائن".
وعملت أسرة خلود على دعمها وتشجيعها باستمرار، ما ساهم في رفع معنوياتها واتقانها للعمل، ويؤثر ركود الوضع الاقتصادي في القطاع على عملها، ما يساهم في تحجيم إنتاجها، تقول خلود: "يمر شهور دون بيع قطعة".
وتطمح خلود إقامة ورشة كبيرة وتسعى على تشغيل عددٍ من ذوي الإعاقة كنوع من الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، وترويج منتجها في مختلف الدول العربية، وتطوير أدائها المهني.