الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

التحريض الفلسطيني ضد اسرائيل... شر البلية ما يضحك

نشر بتاريخ: 18/05/2019 ( آخر تحديث: 18/05/2019 الساعة: 14:42 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الحديث عن التحريض في المنهاج التعليمي الفسطيني والادعاء بان هذا المنهاج يحرض على العنف والكراهية ضد اليهود الصهاينة المحتلين للشعب الفسطيني وارضه، هو حديث مستفز ولا ينطبق عليه غير شر البلية ما يضحك ولا يستدعي الرد عليه كونه ليس بجديد على الآلة الاعلامية الصهيونية التي ما فتأت تكرره بين الفينة والاخرى بهدف انسنة الاحتلال الصهيوني العنصري لفلسطين ارضا وشعبا.
الا ان الجديد هذه المرة هو نشره من قبل هذه الآلة عن لسان وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي السيدة موغريني، التي ما زالت لم تنكره او تنفيه ما يوحي بانه ورد على لسانها وهو ما حدى بي للرد عليه، خصوصا وانه ياتي في ايام الحزن التي يتذكر فيها الفلسطينيون نكبتهم وهي الجريمة البشعة التي جاءت نتيجة لقرار اممي جائر وباطل وذلك باخذ اكثر من نصف ارضهم دون موافقتهم واهدائها لليهود الذين جاء معظمهم مهاجرين الى فلسطين هربا من الة الموت النازية الاوروبية في ذلك الوقت.
هذه النكبه وعلى عكس كل النكبات الاخرى كالمحرقة النازية وغيرها من النكبات التي حلت بشعوب العالم في انها تجمدت كلها في اوانها ولم تتكرر لتبقى ذكرى مؤلمة في تاريخ هذه الشعوب، مقارنة مع النكبة الفلسطينية التي ما زالت مستمرة وعلى مدار السبعة عقود الماضية وبشكل غير انساني وبنفس الادوات الصهيونية، وعليه كان الاولى بالاتحاد الاوروبي الصديق للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي ان يوظف وقته في البحث المعمق عن كيفية وقف مسيرة هذه النكبة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني على يد محتليه من اليهود الصهاينة وليس البحث في المناهج التعليمية لهذا الشعب الفلسطيني المتفوق تعليميا على كل شعوب المنطقة، ليس بسبب التحريض او من اجله ولكن بسبب قناعة الفلسطيني للقيام بدوره في المساهمة في تطوير الحضارة الانسانية لانه يحب الحياة.
وفي نفس السياق نذكر بانه كان من الاولى بدول الاتحاد الاوروبي ان توظف بعضا من وقتها للاطلاع على التقارير السنوية التي يرفعها لها ممثلوها لدى فلسطين، والتي تتمحور حول الجرائم الاسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين والقوانين العنصرية التي لم تنفك اسرائيل من سنها كامعان في اذلالها للفلسطينيين تحت احتلالها وحرمانهم من ابسط حقوقهم الانسانية وهي التي يتوجب على دول الاتحاد الاوروبي من التحقيق المعمق فيها وليس منهاج التعليم الفلسطيني.
مذابح قبية وكفر قاسم وديرياسين واجتياحات غزة وتدميرها مرورا باكثر من عشرين مذبحة اخرى لا مجال لسردها كمذبحة صبرا وشاتيلا سنة 1982 التي وافقت بعض محاكم دول الاتحاد على الشروع بالتحقيق فيها بناء على طلب من الناجين منها، ولكنها تراجعت في اللحظات الاخيرة خوفا من سيف اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال والمسؤولة عن هذه المذبحة. هذه الجرائم الصهيونية بحق الفسطينيين ما زالت محفورة في الذاكرة الفلسطينية وليست بحاجة لتحريض.
حرق عائلة دوابشة وحرق الطفل محمد ابو خضير احياء وحرق الغزيين بالفسفور الابيض المحرم دوليا والقتل الميداني شبه اليومي للعزل من ابناء الشعب الفسطيني التي ظهرت على وسائل الاعلام العالمية، ليست بحاجه لماده تدريسية للتحريض كونها التحريض بعينه.
قتل طفل عن بعد مائة متر بحجة محاولته الطعن لجنود الاحتلال وهم مدججين بالسلاح وقتل اكثر من ثلاثمائة غزي لمجرد مطالبتهم برفع الظلم عنهم في مسيرات العودة السلمية، وكان منهم الطفل ومنهم المسعف ومنهم الصحفي ومنهم المقعد وامام وسائل الاعلام المحلية والدولية هذه ايضا ليست بحاجة الى منهج تعليمي يحرض على العنف.
التحريض من اجل العنف ضد اليهود هو وسيلة ابداع احتلالية صهيونية غير اخلاقية تصنعها اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من خلال جرائمها انفة الذكر لبث روح الانتقام لدى الفلسطينيين حتى تتخذ منها اسرائيل غطاء دفاع عن النفس لتبرير ما ترتكبه من جرائم بحقهم وقتل الامل لديهم في العيش بكرامه في دولتهم المستقله .
اسرائيل هي صنيعة دول من هذا الاتحاد الاوروبي وبعضها ما زالت والى يومنا هذا تقف الى جانب اسرائيل ظالمة او مظلومة بدليل استمرار العمل باتفاقية الاورومتوسطي بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، بالرغم من امتهان اسرائيل في كل يوم للبند الثاني لهذه الاتفاقية وهو المتعلق بحقوق الانسان، ولولا دعم هذه الدول الاوروبية غير المبرر لما تمكنت اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من اقرار قانون القومية العنصري بامتياز ولما تمكنت من بناء ترسانتها النووية كوسيلة بلطجه وردع لكل من يجاورها واداة بطش وتعد على سيادة دول الجوار وهو ما تمارسه اسرائيل جهارا نهارا باستباحتها للاجواء اللبنانية، وقصفها المتكرر لسوريا واستفزازاتها المتكررة لايران ليس فقط بقتل علمائها وانما بالتحريض الدولي ضدها والذي اوشك على اشعال حرب كونية وهو ما يؤكد على صحة الاعتقاد الاوروبي الذي اظهره استطلاع جريدة الهيرالد تريبيون في اكتوبر 2003 من ان اسرائيل تقع على راس الدول المهددة للسلام العالمي.
ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بان اسرائيل التي تمثل بعنصريتها الوجه السيء الاخر للنظام العنصري البائد في جنوب افريقيا، ليست بحاجة الى من يحرض ضدها كونها تفعل ذلك بنفسها وليس ادل على ذلك من ان اسرائيل هي من تنزع الشرعية عن نفسها من حيث ضربها بعرض الحائط لشرطي قبولها عضوا في الامم المتحده في سنة 1949 وهما شرط اقامة الدولة الفسطينية المستقلة الذي اصبح ضربا من المستحيل بسبب الممارسات الاسرائيلية ومواصلة سرقتها لارض هذه الدولة، والشرط الاخر هو حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي هُجرو منها ابان النكبة التي يحيي الفسطينيون ذكراها في مثل هذه الايام من كل عام كونها بالرغم من استمرارها كما اسلفت وعلى يد نفس المجرمين بدعوى دفاع المجرم عن نفسه ضد الضحية.
من المؤسف اننا ما زلنا وحيال كل هذه الجرائم الاسرائيلية لا نرى اي ردة فعل تليق بدول حقوق الانسان كدول الاتحاد الاوروبي وتنسجم مع ما قاله مهندس خارجيتها الاسبق خافير سولانا في اكتوبر 2008، "السياسة الخارجية التي لا تعتمد على قيمنا هي سياسة غير ممكنة وغير مقبولة". الامر الذي يستدعي السؤال الملح والمهم وهو هل هذه القيم الاوروبية واساسها حقوق الانسان التي اشار اليها السيد سولانا، هي حكرا على شعوب الاتحاد الاوروبي ام ان من واجب دول هذا الاتحاد الانتصار لهذه القيم في اي بقعه من بقاع العالم؟.