الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرنسيون ومن ثم الروس والإنجليز

نشر بتاريخ: 25/01/2020 ( آخر تحديث: 25/01/2020 الساعة: 14:16 )

الكاتب: ماهر حسين

إستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في الأيام الأخيرة الرئيس الفرنسي ماكرون الذي حضر الى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني للتباحث في علاقات الدولتين، وحتما تناول الحديث عملية السلام المتوقفة في ظل القرارات الامريكية المنحازة لإسرائيل خاصة بأنه يجري الإعداد لإطلاق ما يسمى بصفقة القرن التي يرفضها الجانب الفلسطيني رفضا تاما، وقد واكب زيارة الرئيس الفرنسي حدث إعلامي كبير جرى في القدس عندما قام الرئيس الفرنسي بتوبيخ جنود الإحتلال المرافقين له عند زيارته للكنيسة الصلاحية في القدس.
لاحقا لذلك إستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الرئيس الروسي بوتين في بيت لحم حيث جرى التباحث حول نفس المواضيع التي تهم الطرفين بالمنطقة، مع ضرورة الإشارة الى أهمية روسيا المتزايدة في المنطقة حيث أن روسيا باتت لاعبا أساسيا على الأرض من خلال تدخلها المباشر في سوريا ما جعل الدور الروسي هاما لكل دول المنطقة بما فيها إسرائيل التي بالغت في إظهار أهمية زيارة الرئيس الروسي لها بإعتبار أن النفوذ الروسي القوي بات قوه تحكم على الأرض، وتؤثر بشكل مباشر في إستقرار المنطقة مع ضرورة الإشارة الى أنه وحتى الان لم يظهر الدور الروسي في عملية السلام بالمنطقة في ظل الإنحياز الامريكي الاهوج لصالح إسرائيل ، وقد واكب زيارة الرئيس الروسي القوي حدث إعلامي لافت عندما سارع الرئيس الروسي لإلتقاط قبعة عسكرية لأحد أبناء حرس الرئاسة الفلسطينية خلال إستقباله.
ومن ثم أستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز الذي استعرض مع الرئيس العديد من القضايا التي تمس حياة المواطن الفلسطيني جراء الاحتلال، وتم إهداء الأمير تشارلز نسخه من العهدة العمرية التي تحفظ حقوق مسيحي القدس وفلسطين وقد واكب زيارة الامير حدث إعلامي لافت دوليا" عندما تجاهل الامير تشارلز السلام على نائي الرئيس الأمريكي بينس في مؤتمر الهولوكست.
الزعماء الثلاثة وآخرون حضروا للمشاركة في مؤتمر الهولوكست المنعقد في إسرائيل ولكن الزعماء الثلاثة أصروا على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تعبير عن موقف سياسي نحتاج للعمل على تطويره من خلال تعزيز العلاقات مع فرنسا وجعلها مقدمة للإعتراف الاوروبي بدولة فلسطين على حدود السابع من حزيران عام 1967م، ونحتاج لدعم الموقف الروسي لتعزيز مشاركتهم في عملية السلام في محاولة لوقف الإستفراد الامريكي بهذا المف باعتبار الأمريكان وسيط غير نزيه منحاز لإسرائيل ومعادي للشرعية الدولية وكما أننا بحاجة الى إعادة التأكيد على ضرورة أن تقوم بريطانيا بإصلاح الخطأ التاريخي الظالم بحق شعبنا عندما منحت أرضنا للمحتل بموجب وعد بلفور المشؤوم.
أشير الى قناعاتي التامة بقدرة القيادة الفلسطينية على البناء الإيجابي على زيارة الزعماء الثلاث لفلسطين حيث أننا نمتلك من القدرة والمعرفة والإرادة ما يجعلنا قادرين على ان نحقق ما يمكن من هذه الزيارات التي تأتي في سياق الدعم للموقف الفلسطيني السياسي الواضح والمحدد المطالب بإعادة الحق الفلسطيني القائم على أساس الشرعية الدولية .
ما أود الإشارة له هنا هو ردود فعل البعض على لقاءات الرئيس أبو مازن مع الزعماء الثلاث حيث أن بعض اليائسين وأصحاب الأهواء السياسية المتضاربة سارع لإعتبار هذه الزيارات بلا معنى، ووقع البعض منهم في تناقضات غريبة حيث هاجم زيارة الرئيس الفرنسي واعتبرها إعلامية علما بأننا نمتلك علاقات ثابتة ومميزة مع فرنسا ويجب تطوير هذه العلاقات وصولا للإعتراف بدولة فلسطين، وهاجم البعض زيارة الامير تشارلز بإعتباره غير مؤثر في السياسة علما بان قيادتنا اعتبرت هذه الزيارة فرصة لإعادة لفت النظر للظلم التاريخي الذي تعرض له شعبنا بوعد بلفور الظالم ورحب البعض، وأشاد بزيارة بوتين على خلفية الموقف الروسي في سوريا، بينما البعض الآخر اعتبر أن الرئيس الروسي مسؤول عن إراقة دماء أبناء الشعب السوري علما باننا ومنذ زمن نؤمن بأن تصاعد قوة الموقف الروسي في المنطقة يصب في مصلحة قضيتنا بإعتبار الموقف الروسي المتوازن في الصراع القائم بالمنطقة وأشير الى أن روسيا لم تتدخل في سوريا لتحرير القدس ولكنها تدخلت في سوريا لتعزيز دورها في المنطقة لتتحول روسيا من شاهد الى لاعب فاعل في المنطقة بما يحقق مصالحها بإعتبارها قوه عظمى ويجب البناء على هذا الامر من خلال تفعيل الدور الروسي في عملية السلام بل إنني مؤمن بأن روسيا هي الوحيدة القادرة على تجاوز الجمود السياسي في عملية السلام في صراعنا للوصول الى الحق الفلسطيني بإقامة الدولة وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وما أرجوه هنا هو محاولة إعادة الإعتبار للبوصلة الفلسطينية العربية الثابته التي تشير للقدس حيث أن علينا التعاطي بإيجابية مع هذه الزيارات بإعتبارها إشارة واضحة الى أن فلسطين حاضرة كقضية وكحق وان فلسطين على الخارطة الدولية بغض النظر عن صفقة القرن أو عن الموقف الامريكي المنحاز ضد شعبنا .
بالمختصر ...
فلسطين ليست عابرة في المنطقة بل هي واقع عل الخارطة السياسية الدولية مهما بلغت الصعوبات والتحديات فلسنا هنود حمر ونحن أصحاب حق نؤمن بالسلام ونعي بأن إستعادة حقوقنا وإقامة دولتنا هي أساس الإستقرار الحقيقي في المنطقة وبل هي أساس التعايش المأمول بين الديانات السماوية الثلاث.