الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عشرة صور لإبداع المرأة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 19/01/2018 ( آخر تحديث: 19/01/2018 الساعة: 13:02 )

الكاتب: د.محمود فطافطة

المرأة الفلسطينية هي عنوان لكل تجربة وإضاءة لكل قدوة وثقة لكل فعل ناجز ومتميز. إنها توأم لكل فكرة وقرين لكل حراك وطمأنينة لكل عبور. هي قاعدة متينة نحو مسيرة الإبداع والارتقاء، بحيث لا يمكن الحديث عن التميز دون الإشارة إلى دور هذه المرأة في دق وعاء التميز وإشعال وقود مسيرته وتجنيد الطاقات لتفعيله وديمومة استمراريته.
في هذا المقال سنتطرق إلى عشر صور مجبولة بإبداعات المرأة الفلسطينية وقدرتها الخلاقة والنوعية في اجتياز الصعوبات وخرق المستحيل لتتجه نحو فضاءات البناء والإبداع في كافة المجالات.
• الرعاية: رعت أبنائها حتى نضجت عقولهم واستوت سلوكهم واستقامت أفكارهم وغدوا رجالاً ينتمون للوطن ويعملون لخدمته ورقيه. رعايتها لم تكن اضطرارية أو منة منها بل وجدت فيها متعة تستحق المشقة وسهر الليالي. إنها صنعت أجيالاً خيرة لتسحق نبراس الخير ومنجم الأمومة. إنها إنسانة مخلصة، وزوجة وفية ومعطاءة. هي أم عظيمة وأخت ودودة وبنت حنونة . ولن ننسى رعاية المرأة لعائلتها وصون كرامتها في غياب زوجها عنها سواء أكان معتقلاً أو مغترباً.
• التعليم: قديماً ظلمت المرأة العربية ومن ضمنها الفلسطينية من الحق في التعليم، ولكن خلال العقدين الماضيين ـ على الأقل ـ شهد واقع المرأة التعليمي توسعاً وتنوعاً وتطوراً. تعلمت المرأة لتصبح مهندسة وطبيبة وممرضة ومربية وصيدلانية ومحامية وإعلامية وسوى ذلك.. اختارت العلم ليختارها العلم صديقاً للتقدم ومواجهة الصعاب والتحديات. لم تكتف بالتعليم لذاتها بل شقت طريقاً قاسياً لضمان التعليم لأبنائها. فنعم المعلمة والمتعلمة.
• العمل: لم يغدو العمل حكراً على الرجل أو خصوصية له، بحيث شقت طريقها نحو العمل بكافة أوجه ومجالاته المناسبة لها. كدت بجد وجدية واجتهاد لتصبح معيلة لكثيرٍ من الأسر. فهي أداة للفعل والتفاعل الاقتصادي عبر مساهمتها في رفد العائلة بسيولة مالية. أظهرت الدراسات المسحية المساهمة العالية للمرأة في دخل الأسرة سيما في المدينة، علاوة على دورها الملحوظ في مساعدة الرجل في الريف بشؤون الزراعة والفلاحة وسواها
• النضال: أنجزت المرأة الفلسطينية إلى حد الإعجاز وضحت إلى حد القداسة وصبرت إلى حد الخيال. إنها المرأة التي أدمنت البذل ونسيت التعويض... امرأة أفسحت لغيرها مجالات التميز والارتقاء والوصول. إنها أيقونة في العطاء والصبر وتخليق الأمل ونسج عباءة الإخلاص وتفجير ينابيع الإنتاج والتحفيز. إنها الأم التي انجبت الثوار، والأسيرة التي صمدت دون تعب أو شكوى.. إنها الشابة التي نزلت للميادين لتقذف المحتل حجارة ولعنة دون أن تخشى قسوة الاعتقال أو ألم الإصابة.
• أدب الرواية: من يرصد ويتابع واقع أدب الرواية في فلسطين يجد أن للمرأة الأديبة والروائية نصيب كبير في هذا الحقل. فهناك الكثير من النساء الفاعلات في هذا الحقل الأدبي، واللاتي حققن انجازاً ومكانة ، ليست على المستوى المحلي فقط بل والعربي كذلك. هذه المسألة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها من قبل الباحثين في الحقل الأدبي والروائي خصوصاً.
• البحث العلمي: رغم أن الباحثين الذكور لهم المساحة الأوسع في حقل البحث العلمي إلا أن المتابع الموضوعي لـ" جنس " الباحثين في فلسطين يجد إقبالا ملحوظا وجاداً من قبل النساء على هذا الحقل الذي يحتاج إلى أدوات وأخلاقيات ومهارات عميقة ومهمة.
• الريادة: لم تكتف المرأة بأن تكون مجرد موظفة أو عاملة فحسب، بل أن طموحها أوسع من ذلك، حيث نجحت في الوصول إلى الريادة في قطاع الأعمال لتصبح سيدة أعمال لها بصمتها الريادية وأسمها الاقتصادي ومكانتها الاقتصادية والمالية. وهناك العديد من النساء اللواتي يشر إليهن بالبنان في هذا المجال، والذي يتوجب إعداد دراسة حولهن.
• قبل ست سنوات أعددتُ تقريراً حول قيادة المرأة الفلسطينية للسيارة ليتبين أن نسبة مضطردة ومتزايدة من الشابات يقدمن على ذلك سيما في المدن وأبرزها رام الله ، وبيت لحم ونابلس. أما في راهناً فإن النسبة تتزايد بشكل كبير. قيادة المرأة للسيارة ليس مظهراً اجتماعياً بقدر ما هي ضرورة حياتية تتمكن بها من مساعدة الرجل وتخفيف العبء عنه.
• التعاون والتكاتف: كثيرة هي القصص والحالات التي فيها المرأة الفلسطينية لعبت دور السند والسدن لزوجها. فحيناً أمدنه بمالها وذهبها حتى يخرج من عذاب الديون وقهر الفاقة، وأحياناً ساعدته في توفير متطلبات البيت ودفع المستحقات المترتبة للمدارس والبنوك وسواها. إنها السند الذي لا يمن، والسدن الذي لا يقطع أو يغدر.
• الوفاء: إنها سمة عظيمة تنسجم مع المرأة الفلسطينية، بحيث لا يمكن الحديث عن تلك المفردة إلا بالتلازم معها .. الوفاء سمة الإبداع الإنساني للفلسطينية الطيبة المخلصة.. كم من القصص التي رويت وستبقى تروى لنساءٍ وزوجات وفيات مخلصات لغيبة الزوج .. الوفاء : مفردة لا تتجمل إلا بامرأة فلسطينية وفية.
خلاصة القول: إذا كانت المرأة الفلسطينية نصف العدد فإنها كل العُدة. لا يمكن لواقع هذه المرأة أن يتحسن إلا بتفكيك منظومة الفهم المغلوط لنصٍ مقدس، أو للتقاليد البالية، أو للعقل المحمل برواسب الهيمنة والتهميش والإقصاء. المجتمع الذي لا يرق للمرأة فيعتبرها رقيقاً ولا يرتقي بها فيراها عبئاً هو مجتمع ثابت التكسر، عديم التطور، لن يشتم رائحة لتنميةٍ حقيقية، أو فكاكاً من بؤس الواقع أو التباس الرؤية.