السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

(بيكا) .. رسالة الفلسطيني إلى أقرانه في الإنسانية

نشر بتاريخ: 02/12/2019 ( آخر تحديث: 02/12/2019 الساعة: 11:22 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

بقلم الكاتب وريشة الفنان، بمنقلة المهندس وحقيبة الطالب؛ كان الانسان الفلسطيني ولا زال يعصر من “حكمة الوجع المصابر سُكراً”، ويلوذ بكلِ ظلٍ ولو كان بالوجيز، ليشعر من خلاله وعبره بالأمن والطُمأنينة والتي يَنْشّدها، ينتظرُ فيها ذلك الصبح لكي يتنفس به ومعهُ رائحةَ (الحرية والعدالة والمساواة) مع نظرائه في الإنسانية، يتبناها كمبادئ في قرارة نفسه رغم حاجته الماسة لها، بحيث تُعزيّه نفسه في كل مرة، يسلك فيها درباً من دروب الابداع والتميز، عبر ما زُرِّعَ فيها من أملٍ تليد بأن "المستحيل كل المستحيل" ليس بفلسطيني، وأن فلسطين وجدت كأم للجميع ولأجلِ الجميع، في الشرق تراه كما هو في الغرب، صاحب بصمة وبصيرة، في الشمال هو كذلك وفي الجنوب، يمد يد العون لغيره ما استطاع بها سبيلاً، ولو كانت في معظم الأوقات به بقصيرةٍ، قصيرة فيما تملكهُ ... طويلة فيما تُقدمه وتَمنحه لغيرها.
في كل مرَّةٍ أنظرُ فيها بعين الناظر المعجب، إلى نشاطات وكالة التنميةِ والتعاونِ الدوليِ الفلسطينيْ، والمعروفة بالاختصار (بيكا)، وأتساءل في نفسي دوماً هل ستحملنا بيكا برفقتها ورؤيتها الخلاقة كشباب وشابات لتمثيل فلسطين وصورة الإنسان الفلسطيني المبدع ... إلى "القمر" يوماً ما، وليس فقط في بقاع الأرض وأصقاعها، حيث وصلت ولا زالت تسعى بالوصول، حاملة معها الخبرة والإبداع الفلسطيني في مجالات التنمية المستدامة كافة، وهذا الحُلمْ ليس بعصي أو مستحيل في سبيل أن يضع شبل من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين ها هناك .. وكلنا ثقة تامة بذلك أن يتحقق يوماً، ولو كان ذلك مُجَّردَ حلم اليوم يُراودُ كل فلسطيني يعي الجهود المبذولة من تلك الوكالة وأهدافها السامية.
وكصديق لبيكا يتحدث عنها، ويمثل طموح الشباب الفلسطيني الواعد والداعم لها ولغيرها، ولكل ما هو فلسطيني على هذه الأرض، الأرض والتي تستحق الحياة "الحياة لإنسانها" والوفاء "الوفاء لمؤسساتها"، وإيماناً منه ومن غيره بقدرةِ مؤسساتنا الوطنية جمعاء رغم تواضع إمكانياتها فيما ترنو إلى تحقيقه، برؤى الحالم وخطى الواثق نحو الاستقلال والتحرر والدولة المنشودة، بحيث يصل صوتها بالنيابة عنه للعالم أجمع وتقول: ها هو الفلسطيني رغم حاجته فهو يصنع للناس حوائجهم، ورغم نكبته وظلم سجانه ها هو يغرس مع أصدقائه في الإنسانية بذور سعادتهم، وعليه يجب على الجميع بذلك أن يسعى لمَّدِ يد العون لتلك المؤسسات الوطنية، وأن يقف إلى جانبها عبر مشاركتها أهدافها لنرسم من خلالها وعبرها صورة الانسان الفلسطيني الحر في الخارج، ليقف بذلك على قدم المساواة جنباً إلى جنب مع أقرانه في الانسانية، والذين وصل صوتهم بمساندة مؤسساتهم ودعمها.
فوكالة التنمية والتعاون الدولي الفلسطيني (بيكا)، ليست بذراعٍ للتنميةِ نحو الخارج فحسبْ، بحيث تَنْقُلُ في مهامها ما أبدعه الإنسان الفلسطيني وما برز به عن نظرائه من خبرة وحرفة، وإنما هي أيضاً تُمثل رسالة الفلسطيني إلى أقرانه في الإنسانية، رسالة الحرية والعدالة والمساواة، والتي هي أهم مفاهيم عملية التنمية وأهدافها، كما أنها بحاجة لأجل ذلك إلى دعم ومؤازرة كل ما هو فلسطيني في داخل فلسطين وفي خارجها، من أفرادٍ وجماعات، من مؤسسات عامة وخاصة وحتى أهلية، من نقابات واتحادات، من جاليات وتجمعات فلسطينية أينما وجدت وتواجدت..، هي بحاجة لقلم الكاتب وقرطاسه، لقصيدة الشاعر وقافيته، لريشة الفنان ولوحته، لحرفة الصانع ومنتجه، هي بحاجة للمهندس والطبيب وللمعلم والطالب ..، هي بحاجة لرواية الجد، ولسان الأب، وأُذن الابن في نقل رسالة فلسطين، والإنسان الفلسطيني عبر منابر العالم أجمع، بحث تجمع بين المعّوَل والكلمة، والقرطاس والقلم.
كما أن المطلوب من (بيكا) وغيرها من مؤسساتنا الوطنية العاملة في الخارج، أن تحمل بيدها كل ما هو فلسطيني وكل ما يعكس عبق ورائحة هذا التراب المجيد، أن تحمل صورة الفلسطيني "المنادي بالحرية والناطق بها" وما أنتجه في سبيل تلك الحرية، أن تحمل معاناة سبعة عقود من الاحتلال البغيض، أن تحمل في رسائلها (كوفية الياسر وغصن الزيتون وزيته، أشعار درويش وروايات كنفاني، رسومات ناجي العلي ونشيد موطني لطوقان، فلسفات سعيد وقوانين الأخوين نايفة، الثوب الفلسطيني والعراقية)، أن تقول بأن فلسطين كان فيها (سيارات وقطارات ومكاتب للتاكسي من العشرينيات، كان فيها موانئ ومطارات، كانت تزخر بدور السينما وبالمسارح والفنادق والعمارات ...)، بحيث تنقلها في جعبتها ومضامين رسائلها، كرمزيات سطرت تاريخ الآباء والأجداد، تحمل معها تراثنا وتبرز ثقافتنا وتمايزنا بين الأمم فيما نحارب اليوم به من طمس للهوية، ونسخ للتاريخ المحرف والمزور، فهي ميناء وباخرة "صندوقنا الفلسطيني ومفتاحه التاريخي الثمين" إلى مراسي العالم أجمع، صندوق الإبداع، والتمايز الثقافي، والأدبي والاجتماعي، والاقتصادي، والحضاري.