الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"رابطة الجامعيين"؛ باب خليل الرحمن العالي ورمزها الوطني والعلمي.

نشر بتاريخ: 23/01/2020 ( آخر تحديث: 23/01/2020 الساعة: 13:34 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

مُنذ بُزوغ فجر يومها الأول، وافتتاح أَرّوقةِ بابها العالي في مدينةِ جدِ الأنبياء ومقامه الكريم، خَطَّتْ رابطةُ الجامعين رسالتها إلى العالم أجمع، محبورة بعبق "الأرض المحتلة"، والتي تستحقُ الحياةَ بأملِ أجيالِ المستقبلِ فيها، تلك الأجيال الحالمة بالحريةِ والاستقلال، الحاملة للقرطاسِ والقلم، والساعيةِ للإبداع والتميز، مردّدين ذلك مع ترانيم الوطن كل صباح: باسم الله ثم باسم جامعة بوليتكنك فلسطين، بحيث تقاسم "الوالد والمولود" كلاهما علاقة مُتجذرة أصلها ثابت وفرعها يُلامس عنان السماء، رَبطت الإنسان بالأرض، وجَمعت بين منارات ثلاث هي: (أمانة الوطن، ورسالة الإنسان فيه، والمعرفة العابرة للحدود)، المُتسلحة بالعلم والمنقولة بشهد عنب الخليل وجود أهلها وأصالتهم.
فأما الأولى “أمانةُ الوطن فلسطين”، والتي حملها مجلس أمناء إن خير من وكلت واستأجرت فيه القويّ الأمينْ، مجلسٌ يسيرُ برؤيةِ وطّنٍ وشعبه، وبقضيةِ إنسان وهَّمِه، يحمل فيها أمانة رسالة الإسراء وليلته المعراجية، ممزوجة بخصال جد الأنبياء إبراهيم الخليل، وما تركه من إرثٍ عظيمٍ لأهل هذه المدينةِ الفاضلة، من كرم وجود، أمانةٌ ورسالة تَزّخر كلماتها وتتزين، بِحُلِيِ العطاءِ والانتماءِ لهذه الأرضِ المقدسةِ ولكل شيءٍ فيها، أمانة ورسالة مفادها “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”.
وأما الثانيةُ “رسالة الإنسان الفلسطيني”، والتي تمزج بين مطلبينِ هما: "طلبُ الحرية وطلبُ العلم"، وكلاهما سلاح الشعوب المنادية بالحرية والاستقلال، بحيث كانت رابطة الجامعيين الدرع الوطني المتين، والحصن الحصين وملاذ هؤلاء الأحرار ومطالبهم، وذلك إبان حكم "الإدارة المدنية" الصهيونية للضفة والقطاع المحتلين آنذاك، وما صدر منها وعبرها من أحكام ظالمة ومجحفة، رافضة لكل من هو جامعي أو يحمل درجة جامعية من أحرار شعبنا المحكومين بالانتماء للوطن وقضيته الغراء، فكانت "رابطة الجامعيين" هي عنوانهم الأول، لتجديد الأمل بالعمل، وللوقوف من جديد، وللمضي قدماً في حمل رسالة الحرية بأيد وصبغة علمية، تاركةً للبصمةِ يتلوها الأثرِ الُمشار لهما بالبنان، بصمة التميّز والخبرة في المجالات كافة في (التعليم، والسياسة، والاقتصاد، والصحة، ...)، فظم السجان وقهره لم يمنعاها يوماً من الأيام أن تضيف لذاتها ولروادها من أبناء شعبها ولغيرهم أملاً آخر في الحياة.
وأما الثالثةُ “فالمعرفة العابرة للحدود والراسمة لها”، بفرجارِ المُهندسِ ومِنّقلَتِه، وبِمِشرطِ الطبيبِ ووصفته، وبِلُّغَةِ المُبرمج وبرنامجه، وبِحرَّفيةِ المهني وصَّنعتِه، وبريادية كل هؤلاء وبصماتهم، بَنتْ رابطة الجامعيين وشَّيدَتْ عنوان نهضتها ورمز هويتها وفلسطينيتها إلى العالم أجمع، "جامعة بوليتكنك فلسطين"، ذلك الصرح الهندسي والتقني من الطراز الرفيع، يحاكي وينافس أنفة الصروح العلمية العالمية، ويحيكُ رُغم تَواضعِ إمكانيته إبداعاً ورياديةً من نوعٍ آخر، إبداعَ الشيءِ من اللاشيء، واللامستحيل من المستحيل، وصناعة المفقود من الموجود.