الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كورونا بين الحروب السيبرانية والبيولوجية والاقتصادية

نشر بتاريخ: 31/03/2020 ( آخر تحديث: 31/03/2020 الساعة: 18:59 )

الكاتب: ياسر عبيدالله

تحول العالم بعد داء كورونا الى سجن كبير وانحصرت وسائل التواصل التقليدية البرية والبحرية والجوية ، لتجد من الانترنت منفذا للتواصل والتكافل والتضامن ، واصبحت منصات الاعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي بكافة اشكالها نشطة فوق العادة: الجامعات ، والمدراس ، والمؤسسات، والشركات، الوزارات، مراكز الأبحاث، الأسواق، وكل مكونات الحياة اصبحت اشياء يتعاطى من خلالها وبها البشر عبر منصات ووسائط الكترونية متنوعة.

خلال اشهر قليلة اصبحت الشعوب والانظمة قلقة من انتشار فيروس كورونا في العالم ، وبعد ان اوقع ضحايا من اصابات ووفيات، احتار العالم في هذا الفيروس وانقسموا حول نشأته وأسبابه إلى أصحاب فرضيتين : الاولى ان الفيروس انتقل الى الانسان بشكل طبيعي ولا علاقة للبشر في حدوثه، والثانية؛ ان الفيروس انتقل الى البشر بفعل البشر – نظرية المؤامرة. وبغض النظر عن صحة اي منهما فإن العالم يعيش حالة من الخوف والإرباك الكوني.

وفق نظرية الاستثمار في الفرص المتاحة؛ بغض النظر ان كانت تلك الفرص من الطبيعة ام من صنع البشر يُعتقد "انه كلما زادت شدة الازمة وانعكاساتها على الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية كلما حقق اصحاب العقائد الظلامية مكاسب وانتصارات على العالم"، ولكن الحقيقة أن الكل يبحث عن فرصة له في هذا الحدث التاريخي بغض النظر عن سبب حدوثه وتحت اي من الفرضيتين المذكورتين؛ فكل اتجاه يحاول ان يجد له مكانا في السيطرة على الفيروس والبحث عن لقاح ناجح له ، ونجد انه في مقدمة الدول التي اعلنت عن تجارب حول لقاح للفيروس هي تلك الدول التي تعيش حالة من الصراع الاقتصادي والسياسي في ظل العولمة : الصين وامريكا والاتحاد الاوربي وروسيا وايران،وإسرائيل، حيث تسعى كل دولة منها الى امتلاك اكبر عدد من الاجهزة لمكافحة الوباء، كما تسعى الى تطوير لقاح ضد الوباء. ومن المعلوم أن فرنسا اكتشفت في العام 2003 لقاءحا لوباء كورونا، ولكن ليس للمستجد منه covid-19)). ومن جهتها حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تسيطر على منتوج شركة ألمانية تطور لقاحا للفايروس، مما أدخلها في أزمة مع ألمانيا. وسيبقى هذا المجال من التنافس والصراع قائما بين الدول الكبرى، ذات القدرات العلمية والتقنية لتخليق مصل أو مضاد للفيروس وعلاج المرض الذي يسببه.

أما العالم العربي، فيبدو أنه يعيش دور المراقب أو المشاهد، وفي أحسن الحوال دور ممثل “الكومبارس” في هذه المسرحية التراجدية الطويلة. فالعالم العربي يعيش دور المستقبِل وفق نظرية رد الفعل والتعاطي مع مجريات الاحداث في العالم دون اي محاولات الى ابتكار لقاح او الدخول في صراعات القوى الكبرى لامتلاك "القوة" وأدوات السيطرة الكونية في المستقبل القريب والبعيد .

ويبدو أنه في الصراع الدولي التقى سلاحان: الانترنت والاعلام الرقمي(الحرب الاليكترونية) من جهة، والحرب البيولوجية من جهة أخرى، وكلاهما لا يعيش بدون الاخر ولا ينتصر بدون الاخر، فمنصات الاعلام أصبحت هي السلاح الفاعل في السيطرة على الوباء والحد من انتشاره، وسوف تتخذ من ذلك دول كثيرة نهجا حياتيا في المستقبل ؛ وهذا ما تسعى اليه بعض القوى العقائدية التي تستهدف السيطرة على العالم من خلال اجبار شعوب العالم وانظمته الاعتماد الكلي على الانترنت عموما في تسيير امور حياتهم ، وانترنت الأشياء بشكل خاص.

من الواضح أنه بعد كورونا سوف تتعامل الجامعات والمؤسسات والاجهزة الامنية والشركات مع الانترنت كوسيلة رئيسية للعمل والقيام بوظائفها ومهامها، ولعل هذا ما تسعى اليه بعض تلك تلك الدول الهادفة للسيطرة على العالم من خلال العالم الافتراضي و‘حكام الرقابة والسيطرة عليه، وما كورونا إلا فرصة تقدم خدمة لتلك الدول الطامحة في السيطرة بغض النظر اي من الفرضيتين ستثبت صحتها.

وسيذكر في التاريح غير البعيد، في مشارف العام 2030، حادثة كورونا على انها كانت فرصة جعلت من يملك السيطرة السيبرانية وتكنولوجيا الحرب البيولوجية كان هو الرابح في هذه الازمة، وان الدول التي استثمرت في "ازمة كورونا 2020" استطاعت ان تقود التغيير في خريطة العالم والتحالفات ومراكز القوة. ومن الواضح ان القوى الضبابية ذات العقائد العنصرية والعدوانية التي سعت وتسعى للسيطرة على العالم؛ قد حاولت وتحاول أن تعوض الخلل في المعادلى الديمغرافية، التي ليست في صالحها، من خلال القوة الاقتصادية ومن خلال القوة التكنولوجية الحديثة (الانترنت ووسائل الاتصال). وبهاتين القوتين، وعلى أنقاض الدمار الذي يمكن ان تسببه جائحة كورونا، ستحاول تلك الدول أن تنفذ إلى كل البقاع، لتخضعها لهيمنتها.

ولأن انتشار الفايروسات والأوبئة في العالم لن يتوقف، سواء بسبب التطور الطبيعي أو التخليق البيولوجي، ولن العالم يعاني بسبب التعامل غير السليم مع الطبيعة، من مهددات كثيرة كالتلوث البيئي والتصحر والجفاف، ناهيك عن الفقر والجوع، فإن الصراع بين القوى الضبابية الظلامية وبين القى المنافسة لها سيحتدم، وبالتأكيد ستكون فيه الغلبة لمن يملك العقل والابتكار والكتنولوجيا القادرة على تغير معالم العالم والتحكم في مراكز القوة على الارض.

إن القوى الظلامية، التي تحاول أن تستثمر فرصة الكورونا لتحصل على المزيد من الثروات غير آبهة بحياة البشر، غير جديدة أن تحكم البشرية، ولذا فغن على القوى البديلة، أن تحرص في هذا الصراع على أن تعالج سريعا التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، وأن تسعى جاهدة للتعاون من أجل التفوق في إمتلاك مستحدثات العلم والتكنولوجيا الحديثة، وجعلها نتاج حضاري بشري ملك للبشرية جمعاء، يصب استخدامها الواسع، وخاصة لوسائل الاتصال الاليكترونية والرقمية، سبيلا لتقارب دول العالم وبناء نظام دولي بديل لنظام هيمنة القطب الواحد.