الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أين النظام العربي من إعادة تدشين النظام العالمي الجديد ما بعد كورونا ؟؟

نشر بتاريخ: 21/05/2020 ( آخر تحديث: 21/05/2020 الساعة: 00:17 )

الكاتب: أ. عيسى المغربي

لم يكن هناك منذ بداية الكون وكذلك في السنن الكونية أن تكون قوة واحدة هي التي تقود العالم وتتربع على عرش الحكم وحدها غير إنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية النظام العالمي ثنائي القطبين في مطلع التسعينيات انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالتحكم في السياسية العالمية وبالنظام الدولي (القطب الواحد) , ولكن المفاجأة كانت مع جائحة كورونا التي فضحت سياسة الإدارة الأمريكية في طريقة مواجهة الوباء ,وضعف القطاع الصحي والخدمات التي تقدمها لشعبها ,وعدم مدّ يد العون للدول الصديقة لها ,وتفوق الصين عليها بمواجهه كورونا وتقديم المساعدات الطبية لبعض الدول الغربية ,وهذا كان من قبيل الدور الإنساني التي تمثله الصين.

قد تكون المحن والابتلاءات في حياة البشرية وقفاتَ تفكيرٍ وتقويمٍ لتعديل مسارات خاطئة في نظام الحياة البشرية أو في المجالات السياسية و الأقتصادية والاجتماعيةً .

نعم إن الأوبئة لا تُنْهي دولاً ولا تطيح بها ؛ولكنْ قد تضعفها وتهز مكانتها العالمية, وتزعزع ثقة شعبها فيها , وبالتالي يبدأ التفكير في اتجاهات وسياسات أخرى غير هذه السياسات القائمة عليها هذه الدولة الضعيفة في مواجهة هذا الوباء ,وعندها تقوم النظم السياسية بمراجعه مواقفها وتطلعاتها المستقبلية .

هل بدأ النظام العربي في التقييم ومراجعة حساباته أم أنه عاجز عن دراسة واقعهٌ من جديد؟ أم أنه لم يشهد ملامح التغير المستقبلي الذي سيشهده العالم ما بعد كورونا في حين تراجعت الليبرالية واهتزت الديمقراطية وبرزت القومية ودور الدولة الوطنية.

وليس من باب الصدفة أن يخرج علينا (هنري كسنجر) وهو الرجل الخبير بالسياسة العالمية بقوله ]إن العالم ما بعد كورونا لن يكون مثل ما قبل كورونا[.

وخروج عالم الاجتماع الفرنسي (الآن توران (ليصرح تعقيباَ على تداعيات كورونا بالقول ]لقد انسحبت الولايات المتحدة من لعب دور زعيم العالم[.

ومن هنا يجب على النظام السياسي العربي التفكير في طريق النهضة وإعادة الاعتبار للدور القومي العربي ,ودور الدولة الوطنية باستثمار ما لديه من إمكانات اقتصادية وعلمية واجتماعية وبناء التكامل الأقتصادي حتى يكون أساساً لإعادة بناء القوة العربية الإسلامية ,وأن تكون التفاهمات و الاتفاقيات سواء السياسية أو الأقتصادية مع دول العالم على أساس المصالح المتبادلة وليس من منطلق القوة والضعف كما مارسته الولايات المتحدة الأمريكية على بعض النظم السياسية العربية ,وادخلت الدول العربية في اقتتال وأزمات داخلية , وقامت بسرقة ونهب النفط والغاز والثروات العربية.

وكان ذلك متجلياً في تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية ( كونداليزا رايز ) عام 2005 م بالفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد , وسياستها المتحيزة والعنصرية لدولة الكيان الإسرائيلي لقد بلغ الإحباط من النظام الدولي القائم على درجةً كبيرة .

بعد كورونا سيشهد العالم تغيرات سواء في المدى القصير أو بعد عدة سنوات .

السؤال هنا هل يمكن للنظام العربي أن يكون طرفاً لو في الدرجة الثانية في معادلة تدشين النظام العالمي الجديد؟

أم إنه سيبقى نظام تابعاً للاستعمار, ليس لديه الرغبة ولا الإرادة ؛ لتجاوز الدور الوظيفي والسقف السياسي الذي يحدده له النظام الامبريالي العنصري المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية والكيان الإسرائيلي .

إن ذلك يقف على عدة محددات , وهي امتلاك القدرة والإرادة والرغبة , فضلاً عن التحين المسبق لفرصه.

أن عالمنا العربي يمتلك الإمكانيات التي تؤهله على إن يكون طرفاً في تدشين النظام العالمي الجديد , وعليه استخلاص العبر عن التجارب السابقة ,وما أدت إليه سياسة القطب الواحد من كوراث وتشريد وقتل التي حصلت في عالمنا العربي , وتغيب الدور القومي والدولة الوطنية ,وإعطاء حق التملك لمن لا يملك ودعمها غير منقطع النضير لدولة الكيان الإسرائيلي سواء بنقل السفارة الأمريكية , او بضم الجولان السوري المحتل , وإعلان صفقة القرن , وكل هذا على حساب الشعوب العربية وابتزاز بعض الأنظمة العربية وإجبارها على دفع الخاوات لها , هذه هي أخلاقيات الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت على حساب الشعوب الأخرى وقتلت أصحاب البلاد الأصليين .

وإذ عدنا إلى التاريخ نجد إن الصين الشعبية وكوريا الشمالية والجنوبية وكوبا لم تحتل بلداً أخرى ولم تقتل الشعوب وتبني دولها على حساب الشعوب الأخرى .

لذا يجب على النظام العربي عند إعادة تحالفاته الدولية في صياغة النظام العالمي الجديد ,أن يأخذ بالحسبان أخلاقيات الدول في تعاملها مع الدول الأخرى ,وأن تكون هذه العلاقات على أساس متكافأ بالتعامل وتبادل المصالح الأقتصادية والتجارية وتبادل الخبرات العلمية والثقافية .

على النظام العربي العمل :

  • على إعادة قضية فلسطين إلى مركزيتها للأمة العربية والإسلامية كقضية أولى.
  • وقف حالة التهرول وراء التطبيع مع دولة الكيان الاسرائيلي , ووقف الغزو الثقافي والتغيب الفكري التي تمارسه أمريكيا وحليفاتها دولة الكيان بالوسائل الإعلامية وغيرها.
  • البدء بخطوات واثقة في إعادة الاعتبار لدور القومي العربي مع الحفاظ على دور الدولة الوطنية .
  • تحسس خطواته بثقه ورسم معالمهُ المستقبلية وطبيعة علاقاته مع دول العالم والنظام العالمي الجديد ,وأن يكون طرفاً في إعادة تدشين هذا النظام.
  • عدم الاعتماد على الأقتصاد الريعي , وتحديد الأولويات والمتطلبات العربية من السياسة العالمية , والعمل على بناء تنمية المجتمعات العربية سواء التنمية البشرية أو الأقتصادية .

إن لم يكن هذا النظام طرفاً في النظام العالمي الجديد ؛ ستكون العواقب وخيمة على المستقبل العربي وعلى الأجيال القادمة وسيزيد طمع وتغول دول العالم في امتلاك ثروات الأمة العربية , واستغلالها لخدمة مصالح النظام العالمي الجديد ؛ وستكون الشعوب العربية تحت وطأة هذا النظام من الظلم والاستبداد ومزيد من حالة التشرذم والإقتتال والأزمات الداخلية .

كان في الغابة قطيع من الخراف وله أمير ,لكي يسلم رأس أمير القطيع كان كل يوم يقدم خروفاً للأسد ملك الغابة حتى يأكله , وبعد أن نفذ قطيع الخراف , ولم يبقى سوء الأمير انقض عليه الأسد وأكلة .

خوفي على النظام العربي بأن يحصل به كما حصل مع قطيع الخراف وأميرهم ؛إن لم يستفيق من غفلته قبل أن يدركه الزمن.