الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مابين ربيعنا وخريفهم حكاية شعب وحقوق ووطن

نشر بتاريخ: 02/06/2020 ( آخر تحديث: 02/06/2020 الساعة: 16:45 )

الكاتب: ربحي دولة



على الرغم من انشغال العالم في وباء كورونا وانشغال الحكومات وعلماؤهم في اجراء البحوث والتجارب لايجاد لقاح شافي لهذا الفايروس المجهول المصدر والسريع الانتشار اتجهت الأنظار الى الولايات المتحده وما يجري فيها من أحداث متسارعة في شوارعها، حيث انتفض سود امريكا بعد مقتل احدهم على يد شرطي اسود، وجميعنا سمع استجداء هذا المواطن للشرطي بان يتركه لانه يموت، ولم يأبه هذا الشرطي المجرم المجرد من الانسانية واستمر في فعلته حتى موت هذا الرجل . هذه القصة لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة في الولايات المتحدة، حيث تتعرض هذه الفئة الكبيرة من المواطنين الامريكيين المنحدرين من اصول افريقية للقهر والظلم والتمييز ، وعلى الرغم من وصول اول رئيس امريكي ذا اصول افريقية، إلا انه لم يستطيع تغيير الثقافة السائدة في المجتمع الامريكي ولم يستطيع ايجاد مكانة حقيقية لهؤلاء المواطنين.
اشتعلت الشوارع في الولايات المتحدة وتابعنا حالة الدمار الشامل التي أصابت الشوارع والمحال التجارية التي تعرضت للنهب والسرقة والحرق والتخريب على يد المتظاهرين الذين ينتمي معظمهم الى سود امريكا الذين أحدثوا خسائر لا تقدر بثمن واحدثوا شرخا كبيرا في النسيج الاجتماعي المتهالك في الولايات المتحدة، وتذكرنا هذه الحالة لحالة البوعزيزي الذي قام باحراق نفسه وقد اشعل مايسمى بالربيع العربي الذي خططت له الولايات المتحدة عبر نداءاتها بما يسمى بالفوضى الخلاقة التي دعت الشعوب العربية الى احداثها من اجل عنوان معلن وهو تخليصهم من قهر الحكام وعنوان مخفي هو تدمير الدول العربية واغراقها في مشاكلها الداخلية من اجل تمرير المخططات الامبريالية والصهيونية العالمية بالسيطرة على الوطن العربي وكل موارده. وجميعنا عاش هذه اللحظات ونتائجها وكيف أفرزت ثورات الربيع العربي اما قيادات على مقاس امريكا واسرائيل او ابقاء الدول تعيش في دوامة الاقتتال الداخلي. ومع تعدد الفروقات الا أن كلا الربيعين خلف دمارا شاملا تخلله عمليات النهب والسرقة، فهل انقلب السحر على الساحر وانقلبت الفوضى التي دعت اليها الولايات المتحدة الشعوب العربية فوصلت الدعوة الى الشعب الامريكي ليحدثهم، وهل ستخلف هذه الثورة نتائج كما احدثتها ثورات الربيع العربي. مازلنا نتابع هذه الاحداث المتسارعة التي تحدث في العالم والتي لم يكن أشد المتشائمين يتوقع حدوثها بهذا التسارع وبهذه النتيجة،
ولو قارنا شعبنا المقهور الذي يعيش تحت الاحتلال منذ عشرات السنين وثورته المستمرة حتى النصر واقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة لوجدنا انه لا يمكن مقارنة شعبنا بأي من الشعوب الأخرى وحكاية صموده في وجه الة الحرب الصهيونية، وكيف استطاع حماية الممتلكات والمقدرات ،حيث كان جيش الاحتلال يعمل دائما على كسر أبواب المحال التجارية في المدن محاولا كسر الاضراب الذي يمارسه شعبنا كجزء من الحالة النضالية بدعوة من القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ، حيث كان الشباب المنتفض خير حارس على هذه المحال وتأمين اعادة اغلاقها وتسليم أصحابها المفاتيح الجديدة لأكبر دليل على عظمة شعبنا ونقاء مطالبه رغم قسوة الظروف التي يعيشها ورغم قهر المحتل حافظ شعبنا على نقاء صورته وأثبت للعالم أجمع أنه تواق للحرية ويدفع الغالي والنفيس في سبيلها، و لا يبحث عن أموال او تجارة او تحقيق مكاسب دنيوية.
فما بين ربيعنا العربي وخريف امريكا حكاية شعب ثائر في وجه الظلم في وجه القهر.. بقي صامد رغم افتقاده لكل مقومات البقاء سوى الارادة والايمان المطلق بحقوقه وحتمية الانتصار على المحتل .
شعبنا الفلسطيني العظيم يقاتل الى جانب قياداته من اجل هدف واحد وحيد وهو احقاق الحق وصولا الى العيش بحرية في ظل دولته المستقلة ليس كباقي شعوب الارض التي تقاتل قياداتها من اجل تحقيق مطالب معيشية وتحسين اوضاعهم ليس إلا. ٠ كاتب وسياسي / رئيس بلدية بيتونيا