السبت: 18/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

(كوفيدشيلد- 19)، فيروس بثوب المرض وبعقلية رأس المال.

نشر بتاريخ: 18/06/2020 ( آخر تحديث: 18/06/2020 الساعة: 12:07 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

إن الصراع البشري ومنذ الأزل هو صراعٌ لسببين؛ (سبب ديني، وآخر اقتصادي)، حيث تتنافس من خلالهما الأمم على الهيمنة والسيادة العالمية، وذلك من أجل تلبية احتياجاتها المختلفة، بحيث تنقسم تلك الحاجات إلى: حاجات معنوية روحانية تمثل السبب الديني، وحاجات مادية تمثل السبب الاقتصادي، كما وتلعب «السياسة»، عامل الجذب والنبذ بين كلا الصراعين. لذا جاءت الأنظمة الاقتصادية الثلاث (الإسلامي، والرأسمالي، والاشتراكي)، بما حملته من أيدولوجيات؛ للوقوف على تلبية تلك الاحتياجات البشرية أو جزء منها، رغم الفوارق الحاصة بينها في المبادئ، والمرتكزات، رغم كون الهدف واحد، لكن الصراع العالمي اليوم، يأخذ "الشكل الاقتصادي" البحت في ظل هيمنة النظام الرأسمالي، صاحب النظرية اللادينية والمادية البحتة، في التعامل مع الحاجات المختلفة، وفي ظل تراجع هيمنة الأيدولوجيات الدينية المختلفة على سدة الحُكم، والمتمثلة في شكل الأديان المختلفة.

أزمات اقتصادية عالمية ارتكبها أغبياء ... وجنى ثمارها أذكياء (عرّابين رأس المال).

كثيرةٌ هي الأزماتِ الاقتصادية، والتي هزت العالم في القرن المُنصرم، بدءاً بالكساد الكبير عام 1929، والذي أطاح بسوق الأسهم الأمريكية، مروراً بأزمة البترول العربية عام 1973، والتي كبدَّت مؤشر ناسداك خسائر قدرت بالمليارات، وصولاً إلى اختلاسات «الاثنين الأسود» 1987، والتي اختفت على إثرها مئات المليارات من الدولارات فجأة، ودون سابق إنذار، ثم أزمة أسواق شرق آسيا 1997، والتي دحضَّتْ معجزة نمور آسيا واقتصاداتها النامية، فكارثة الروبل 1998 الروسية، حتى أزمة الرهن العقاري عام 2007، والتي عصفت بنظام الصيرفة الأمريكية ومن ثم العالمية، وتبعها بالأثر والخطى أزمة الديون السيادية الأوروبية عام 2009.

أما خلاصة هذه الأزمات جميعها، فهي أن أموالاً تنتقل من جيوب لتملأ جيوب أخرى، فهل يعقل أن هذه مجرد صُدف اقتصادية عابرة، أم هي حالات طبيعية تعتري الدورة الاقتصادية نتيجة قرارات إدارية خاطئة، لكن المُحصلة تقول بأن هنالك دوماً مُستفيد يتكرر وجوده في سباق الأرباح لا الخسائر.

نظرية التوسع والانكماش في النُظم أو المَنّظومات المختلفة ...

لكل نظامٍ ومنظومةٍ نقطة بداية ونقطة نهاية، وهذا أمر طبيعي وتلقائي، وعادة ما تكون البدايات بأوفر حظاً من النهايات؛ ففيها يتم ترسيخ المُنطلقات الفكرية، والرؤى، والأهداف العامة والخاصة، وما يلي ذلك من تكثيفٍ للجهود وحصاد لها، كما أن لكل نظام نقاطٍ من القوة والضعف، هي بمثابة "مواطن وعوامل داخلية" يرتكز عليها ذلك النظام في أصل تكوينه ونشأته، فكلما بُني النظام على أسس فكرية وادارية سليمة في أصل النشأة، كُلما برزت نقاط قوته وزاد توسعه إلى الخارج، وتقلصت في مقابل ذلك نقاط ضعفه وانكماشه إلى الداخل؛ وبالتالي التقوقع على الذات، وأما ما يخص العوامل الخارجية (عوامل البيئة الخارجية)، فهي مجرد عوامل ضاغطة، تعتمد درجة قوتها وتأثيرها على قوة وضعف تلك العوامل الداخلي،. ومدى القدرة على المناورة بها والتكيف معها.

النظام البنكي العالمي "المُوحد" جوهر النظام الرأسمالي في توسعه ولاحقاً في انكماشه ...

لا خلاف اليوم بأن المنظومة الاقتصادية العالمية هي منظومة "رأسمالية بحتة"؛ بمبادئ تدعو إلى الحُرية الفردية المُطلقة في تملك وسائل الإنتاج كافة، وخاصة رأس المال، وأن الكُل فيها بلا استثناء بصفته (الفردية والجماعية) يتعامل وفقها ومعها طوعاً أو كرهاً.

ولأن لكل نظام ومنظومة ركائز تمثل عوامل من القوة والضعف في ظاهرها وباطنها، فإن "النظام البنكي" الربوي الشمولي هو منطلق القوة والضعف للمنظومة الرأسمالية والذي هو جوهرها، فهو سلاح ذو حدين، حدٌ على رقاب الغير، وحد آخر على رقبة الجاني نفسه وهو النظام الرأسمالي، والذي فيه مقتله مستقبلاً أي انكماشه وتلاشيه. كما أن المتتبع للأزمات والهزات الاقتصادية سابقة الذكر، في محدوديتها أو في اتساع أثرها، يرى أنها تستهدف دولاً بعينها، كما أن هدفها في الأساس هو اللجوء إلى إلى تلك "المنظومة البنكية" العالمية الموحدة، بفوائد ربوية عالية تفرض على المستدين منها إملاءات لم تكن لتدفع بسهولة دون هذه الطريقة الحقيرة، سواء كانت هذه الاملاءات خفية أو علينه، سياسة أو اقتصادية.

في النتيجة أحمق من ظن أن فيروس كورونا اليوم، هو مُجرد فيروس مرضي مجهول "الهوية المرضية"؛ في تركيبته الوراثية والجينية، بحيث تعرض له العالم في غير سابق إنذار، مرهقا ميزانيات الدول وموصلاً بعض قطاعاتها الاقتصادية الحيوية إلى شفير الإفلاس، نعم هو مجهول الهوية؟ لكنه حقيقية "بهوية ووجهة اقتصادية"، مجهولة الهوية في من يقف خلفها ويغديها ويرسمُ مسار تطور هذا الفيروس اقتصادياً لا مرضياً وصحياً كما هو ظاهر للعلن، ليحدث تلك الأزمة "الفوبيا المرضية الهستيرية" العالمية، بقصد مُدَبَّر أو بغير قصد مُبَعْثَر، والتي تعد الأضخم عالمياً في تاريخ الأمراض بفضل المكنة الإعلامية التكنولوجية اليوم، والتي تعد أهم أساليب العولمة الحديثة.

خلاصة القول بعد التنويه: بأنني لا أنفي وجود المرض في طرحي هذا، لكنني أرى فيه ذلك المرض والذي يُمكِنَنّا الاعتياد عليه والتعايش معه، والسبب أن الأمراض جميعها تاريخياً حَصدَّت الأرواح، وهي اليوم حالة طبيعية نتعايش معها، بل إن أثر بعضها كان أكبر بكثير من كورونا في حينه ولا زال، لكن "الفوبيا الاعلامية" المُصاحبة للمرض والفيروس، كانت هي المرض الأكبر واللغز المُحيّر، وأنا هنا أتناول فيما أطرح من وجهة نظر خاصة، ما هو أهم في الأثر والنتيجة، والتي ستصبح جلية في خريطة تطور المرض اقتصادياً فيما بعد وما يلي من مؤشرات:

كورونا فايروس اقتصادي، بثوب المرض، وفوبيا إعلامية موجهة، لمرض مُعتاد، أثره الصحي لا يكاد سيذكر مع أثره الاقتصادي المُدمر مستقبلاً.

كورونا هو شكل حديث من أشكال حُروب العصر الناعمة، والتي سيكتب لها (سيناريوهات) بنسخ عديدة مستقبلاً، فهذا النمط المعاصر من الحروب الناعمة والخفية، يُعد الأسلوب الأنجع في مقابل الحروب التقليدية المتعارف عليها في شكلها العسكري، فهذا النوع من الحروب يقف خلفها (عرابين رأس المال) الأذكياء كما أسلفت، يفكرون بعقلية مختلفة في كل مرة تبعاً للظروف والمُعطيات المتاحة.

مؤشر المرض وخارطة تتبعه تعاني من تخبط عالمي واضح، بل إخفاء لبعض الحقائق المتعلقة في انتشاره وتفشيه، والأعداد الحقيقية للوفيات بسبب المرض من عدمه، إضافة لآلية انتقاله وأعراضه، لنصل في نهاية المطاف لسيناريو التعايش معه بدلاً من آليات التباعد، أليس هذا بسيناريو مضحك؟! ويثبت صدقية ما ذكرت من خفايا اقتصادية.

النظام البنكي العالمي هو الرابح الوحيد من هذا الفيروس، بل أكاد أجزم بأنه سبب وجوده ونشاته، لسببين: المزيد من الاقتراض (الفردي والجماعي) العالمي، وبالتالي المزيد من الفوائد والأرباح، والتي تُغذي هذه المنظومة الخفية في مخططاتها وحساباتها، العلنية في نشاطاتها والعلاقة معها.

قريباً ستلجأ الشعوب والحكومات والمؤسسات بتشكيلاتها وأصنافها، وبأفرادها وجماعاتها، إلى أكبر "استدانة نقدية" بفوائد باهظة في تاريخ البشرية قاطبة، نظراً لحالة الركود والافلاس والتي تسبب بها الفيروس، والتي ستثبت كلامي مستقبلاً، بأنها الهدف الرئيس والكامن وراء الفايروس، بعقلية مالية "روتشيلدية" تكررت في مواطن كثيرة سابقاً، واللبيب من الاشارة يفهم.

"المنظومة الرأسمالية" ستذهب بعد كورونا، إلى أقصى حدود اتساعها وانتشار لمبادئها، طالما أن جوهر وجودها وأساس تغذيتها يتمتع بصحة جيدة وهنا أقصد "النظام البنكي الربوي"، إلى أن يصل هذا النظام إلى اقصى حدود الاشباع، وبالتالي الانفجار المدوي إلى الخارج لا الداخل، وهذا ما أتوقعه لهذه المنظومة مقارنة بأسلافها المنحسرة إلى الداخل.

خارطة العالم الاقتصادية سترسم مجدداً، بيد من (5%) من البشرية، هم أصحاب رأس المال، وهم جوهر المنظومة الرأسمالية، والأوصياء الشرعيين على تغذية وتركة منظومتها البنكية.

صورة "السادة والعبيد" هي صورة العالم الجديد القادم، وإن كانت صورة نمطية معتادة، لكنها هذه المرة بأساليب وأدوات، وألوان جديدة، ترسم صورة جديدة للرأسمالية وفرديتها المُطلقة وإن بدت للعلن ضد المنظومة الرأسمالية نفسها، عالم يسوده من يملك ثالوث (التكنلوجيا، المعلومة، ورأس المال) فقط، وهذا سيؤكد لكم أيضاً مبدأ آخر من مبادئ الرأسمالية، وهو "الحرية الفردية المطلقة" ليبرالية التملك، لمن يملك الثالوث السابق أو شيئاً منه.

سينسى العالم يوماً من الأيام أن فيروس كورونا هو عبارة عن "فيروس مرضي" ولن يتم تداوله والحديث عنه على هذا الأساس، وذلك لما سيتبعه من أعباء اقتصادية ستصبح هي حديث الجميع في العقد القادم.

التنين الصيني هو اللاعب الشرقي الجديد والند، بمخالب اقتصادية على أرض الكبار من الغرب التقليدين وفي ملعبهم، في مباراة لم يتوقع احد يوماً من الأيام أن تكون تصفية حساباتها على الملعب الغربي وفي أرضه، وهي المرة الأولى تاريخياً، والتي تميل فيها كفة الشرق لتوازي الغرب في النفوذ الاقتصادي.

تحليل واستدلال شخصي، أرى فيه ان رقم (19) يرمز لدلالة خفية، ترتبط بالمنظومة البنكية والعالم الخفي الذي يديرها ومنها عائلات معروفة عالمياً وللجميع بتاريخها الأسود والتي أسست للنظام البنكي العالمي الموحد، والذي أدارت من خلاله أوقات السلم والحرب معاً، والصحة والمرض، والدواء والغذاء، وغيرها فيما نعلم ولا نعلم.

نصيحة إلى حكومات الدول الهشة والضعيفة اقتصادياً، وفروا على أنفسكم وعلى شعوبكم عناء وتكاليف "فوبيا المرض"، كذلك الأحمال الإضافية على ميزانياتكم الحكومية، والتي ستقودكم إلى زيادة الاقتراض، وبالتالي "الدين العام"، والذي سيرهقكم لسنين طوال، ويلزمكم بطوقٍ لا ينفك أبداً من العبودية لتلك المنظومة.