الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تداعيات ضم الاغوار، وقف التنسيق الامني ورفض استلام اموال المقاصة!

نشر بتاريخ: 20/06/2020 ( آخر تحديث: 20/06/2020 الساعة: 00:07 )

الكاتب: وسام شبيب

في اعتراف صريح، بعثت الحكومة الفلسطينية الثامنة عشر، رسالة سياسية لتل أبيب ومفادها، أن حقوق الشعب الفلسطيني حقوق غير قابلة للمقايضة المالية! وأن صفقة العصر، هي صفقة مالية لا تقوى على تجسيد دولة فلسطينية لها مقومات الدولة، قال، رئيس الوزراء الفلسطيني، د. محمد اشتية: "أموال الضرائب أموال شعبنا ومن حقنا، واسرائيل تريد مقايضة السياسة بالمال، ولن نسمح بمقايضة أموالنا بموقفنا السياسي والوطني، وأن يكون المال مقابل إعادة التنسيق، فقضية فلسطين ليست قضية مال بل قضية حقوق وكرامة وحرية".

المشهد السياسي الحالي لاينبأ بالخير! حيث، تصاعدت وتيرة الاحداث السياسية في الاسابيع القليلية الماضية بعيد، اعلان اسرائيل نيتها ضم الاغوار الشمالية، و فرض السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية، واعلان السلطة الوطنية الفلسطينية وقف التنسيق الامني مع اسرائيل ورفض استلام اموال المقاصة واعلان المملكة الاردنية الهاشمية احتمالية تجميد معاهدة السلام مع اسرائيل.

السلطة الوطنية الفلسطينية ومنذ توقيع اتفاق اوسلو لم تتنصل من العملية السلمية، بل جهدت جاهدا لبناء مؤسسات دولة واقتصاد فلسطيني بالشراكة مع المجتمع الدولي ،بل اسرائيل، هي من نقضت المعاهدات الدولية وتنصلت من العملية السلمة برمتها. اتفاق اوسلو هو اتفاق سياسي لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي و المستمر منذ عقود، ينص على اقامة دولة فلسطينية لها سيادة على اقاليمها على اراضي عام 1967 تتعايش سلميا بجانب دولة اسرائيل.

مؤخرا، أوقفت السلطة الفلسطينية التنسيق الامني مع اسرائيل، مما ادى بدوره لتجميد استلام أموال المقاصة ردا على عنجهية اسرائيل وتنصلها من الاتفاقات الدولية المبرمة. بدورها اسرائيل اوقفت التنسيق المدني مع السلطة الفلسطينية، ايقاف التنسيق المدني يعني اضعاف السلطة الفلسطينية امنيا ناهيك عن تداعياته من اجراء على حركة القيادة الفلسطينية!

اموال المقاصة هي الاموال هي التي تجنيها اسرائيل نيابتا عن السلطة الفلسطينة على السلع الواردة للجانب الفلسطيني و يبلغ متوسطها 188 مليون دولار وهذه الاموال هي 63% من اجمالي الايرادات العامة الفلسطينية وبدونها تعجز الحكومة من دفع رواتب الموظفيين العمومين و البالغ تعدادهم 133 الف موظف، السلطة الفلسطينية هي المشغل الاكبر ضمن الاقتصاد الفلسطيني، دون اموال المقاصة سيكون الاقتصاد الفلسطيني بحالة عجز! و سيكون لهذا العجز الاقتصادي تداعياته الامنية والسياسية على اسرائيل!

في وقت سابق نوه، جلالة الملك عبد الله الثاني، باحتمالبة "تجميد معاهدة السلام مع إسرائيل"، قال: "لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات. ونحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يطبّق في الشرق الأوسط.".

ان أي خطوة لضم غور الأردن، ومناطق C ، سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى، وأي خطوة إسرائيلية أحادية الجانب من شأنها أن تؤجج الاوضاع، و ضم إسرائيل لمساحات من الضفة الغربية، سيعمل على إيصال العلاقات مع السلطة الفلسطينية إلى مزيد من التطرف، وربما تصل إلى حد انهيار السلطة الفلسطينية ذاتها، وقد تصل مرحلة السيطرة العسكرية الكاملة على الضفة الغربية، وهو أمر يتعارض مع مصالح إسرائيل أن تسيطر على 2.6 مليون نسمة فلسطينيين! وقف التسيق الامني، و عدم استلام اموال المقاصة، من شانه ان يؤجج العلاقات مع اسرائيل مع احتمالية اندلاع مواجهات في الضفة الغربية وهنا اخص بالذكر مناطق C، و التي هي متخمه بالمسطوطنات الاسرائيلية. كما ان، ضم احادي الجانب للاغوار الشمالية من شأنه ان يؤجج العلاقات مع المملكة الاردنية الهاشمية قد يكون متمثل بالغاء اتفاق السلام برمته ما بين الاردن واسرائيل، أرى أن الاردن جاده بموقفها حيال ضم الاغوار الشمالية، ففي وقت سابق الغت المملكة الاردنية الهاشمية بنود معاهدة الباقورة و الغمر قبل التجديد التلقائي لهذه الاتفاقية، والحد من التمثيل الدبلوماسي مع تل أبيب!

الأردنيون مرتبطون بسكان الضفة الغربية، وهناك علاقات عائلية وثيقة ما بين الشعبين، والملك عبد الله الثاني لن يقف صامتا إزاء أي خطوة أحادية الجانب، كما ان الأردنيين معنيون بمعرفة من سيكون الطرف المسيطر على الجانب الثاني من النهر، من أجل أن يجروا معه التعاون.

أعتقد بانه لا يوجد خيار أمام الأردن سوى إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل في حال ما ضمت الاخيرة الأغوار الشمالية ، الموقف الأردني "ثابت"، فعملية الضم بمثابة إعلان حرب على الأردن! إعلان إنهاء اتفاقية وادي عربة، سيترتب عليه إلغاء جميع الالتزامات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ان موقع الأردن جيوسياسي استراتيجي في المنطقة، و الحجة الاسرائيلية ضعيفة بان الحاجة لغور الأردن هو لوضع أجهزة إنذار مبكر غير دقيق، كون إيران وحتى الحوثيين "الرعب الاكبر" لاسرائيل قادرين على ضرب عمق إسرائيل بصواريخ كروز!

على حكومة اليميني المتطرف "نتنياهو" العودة لرشدها وادراك بأن السلام لم ولن يتحقق بحقوق منقوصة للشعب الفلسطني وما يسمى بصفقة القرن ما هو الا صفقة اقتصادية ليست بالسياسية، لاتقوى على الصمود على المدى البعيد! فسلام اسرائيل مع الفلسطينيين ودول الجوار لن يتحقق الا بقيام دولة فلسطينية لها مقومات الدول، أي السيادة الفعلية على الاقاليم الجوية والبرية والبحرية... كما يتوجب على "نتنياهو" ادراك بان هنالك شركاء حقيقيين للسلام في الشرق الاوسط، فبعيد 25 سنة من توقيع اتفاقية اوسلو، أعتقد بأنه ان الاوان للسلام ان يتحقق! هذا السلام لن يتجسد الا باقامة الدولة الفلسطينية! على "نتنياهو" العودة لرشده...