الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة في مهرجان أريحا

نشر بتاريخ: 24/06/2020 ( آخر تحديث: 24/06/2020 الساعة: 12:47 )

الكاتب: محمد زهدي شاهين

إن مهرجان أريحا الذي دعت إليه حركة فتح للتعبير عن السخط والرفض الشعبي والرسمي الفلسطيني هو مهرجانٌ ناجح بكل المقاييس بالرغم من حالة الترهل التي نعاني منها كفلسطينيين، وبالرغم من حالة الإحباط والتثبيط التي روج لها الكثيرون من عدم جدوى المشاركة في هذه الفعالية.
لقد بدت في هذا المهرجان بشكل جلي حكمة وحنكة ورؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى أكاد إجزم بأنه مهندس هذه الفعالية وراسم أبجدياتها. قد نتفق معه هنا ونختلف هناك لكن لا يعني هذا بأن لا نقر له بالعبقرية السياسية والدبلوماسية.
بداية لقد كان المكان والزمان مناسبين بغض النظر عن حالة الطوارئ المعلن عنها فالضرورات تبيح المحظورات، وكان لا بد من إقامة فعالية على أرض الواقع ليتمكن الفلسطينيون من التعبير عن رفضهم لمشروع الضم الذي أعلن عنه الإحتلال مؤخراً، والذي يقوض أي فرصة لتحقيق السلام. أما من ناحية الحضور الجماهيري فقد كان أيضاً بمستوى جيد مع الأخذ بعين الإعتبار إعاقة الحواجز الإسرائيلية وصول المشاركين من خلال إحتجازهم لساعات طويلة، وعدم السماح لهم من الوصول إلى مكان الفعالية. بالإضافة إلى الوضع الصحي العام وأغلاق مدينتي الخليل ونابلس بسبب الوباء المتفشي مما حال دون مشاركة الفلسطينيين من هذه المحافظات بالزحف نحو الأغوار.
الحضور الدولي كان جيداً من خلال مشاركة ممثلون عن المجتمع الدولي ، من ضمنهم ممثل الاتحاد الاوروبي، ومبعوث الامم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف، وقناصل بعض الدول الاجنبية، والسفير الروسي والسفير الصيني والياباني، والسفير الأردني الذي أكد في كلمته التي ألقاها على رفض المملكة الأردنية لقرار الضم الإسرائيلي ووقوفها إلى جانبنا. مؤكداً فيها أيضاً في حال نفذ الإحتلال الإسرائيلي هذا القرار سينعكس هذا الأمر بشكل سلبي على العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وأختيار الجانب الإسرائيلي التصعيد الميداني على حساب مشروع إقامة السلام، وأكد في كلمته بأن منع الضم هو حماية لعملية السلام في المنطقة.
لقد تخلل هذا المهرجان عدة رسائل أيضاً من أهمها الكلمة التي ألقاها محمد بركة ممثلاً عن الفلسطينيين في الداخل المحتل، إذ تعد هذه الرسالة من أقوى الرسائل إذ تشير إلى وحدة المصير الفلسطيني وتصويب البوصلة. والرسالة الأخرى هي بالكلمة التي ألقتها والدة الشهيد إياد الحلاق ممثلةً فيها الشعب الفلسطيني المضطهد من قبل دولة الإحتلال بالرغم من وجود عدد كبير من القيادات الفلسطينية، من خلال كلمتها وارتقاء عائلة دوابشه وعائلة محمد أبو خضير المنصة كان الشق الأول من الرسالة موجهاً للمجتمع الدولي مظهراً الظلم الواقع على أبناء شعبنا الفلسطيني من قبل المتطرفين اليهود والجنود الإسرائيليون المدججين بالأسلحة النارية، وجرائمهم البشعة التي يقترفوها بحق شعبنا الفلسطيني من خلال أعداماتهم الميدانية لإبنائنا على الحواجز العنصرية، وفي أزقة مدننا التي كان أخرها إعدام المريض إياد الحلاق. والشق الأخر من الرسالة التي القتها والدة الشهيد كان موجهاً للشعب الفلسطيني التي رأينا فيها تأكيد القيادة الفلسطينية على تمسكها بثوابتنا الوطنية والدعم الكامل لأسر الشهداء والاسرى عنوان العزة والكرامة، مما سيكون له بالغ الأثر في تقليص الفجوة بين صفوف الفلسطينيين على المستويين الرسمي والشعبي. بالإضافة الى رسالة موجهة من خلال كلمتها للفصائل والقوى الوطنية ولكافة أطياف الشعب الفلسطيني بالوقوف صفاً واحداً خلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل تقوية الموقف الوطني. وبدى واضحاً من خلال هذا المهرجان بإن حركة فتح كانت وما تزال إلى اليوم حاملة الدرع الفسطيني حامي القضية والمشروع التحرري. وهذا الدرع يستمد القوة والثبات والعنفوان من ماهية المعدن المسكوب والمصنوع منه وهو من مختلف الأطياف والألوان السياسية الفلسطينية. هذه الترس الفلسطينية ما هي إلا بمثابة لوحة فسيفسائية كل قطعة فيها تؤازر الأخرى وتشد من عضدها وأي نقصان لأي قطعة كانت في هذه اللوحة يُحدث خللاً ما، أو فجوة وثغرة في درعنا الفولاذية، وهذا ما أراد الرئيس محمود عباس إيصالة لشعبه الفلسطيني.
الآن الكرة بالملعب الإسرائيلي وهذا ما أشار إليه الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عندما قال بأن الخيار الآن متروك للإسرائيليين إما الذهاب إلى الموت بتطبيقهم قرار الضم أو الذهاب الى تحقيق السلام العادل للشعبين.