الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرصة الأخيرة

نشر بتاريخ: 02/07/2020 ( آخر تحديث: 02/07/2020 الساعة: 18:43 )

الكاتب: هبه أ. بيضون

تكللت جهود مباركة بالنجاح بعد العديد من المحاولات السابقة التي باءت بالفشل لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس، والتي كان السبب في عدم نجاحها ببساطة هو أن الظروف حينها لم تكن قد نضجت ليس للقيام بهذه الخطوة وإنما لإتمام موضوع المصالحة كما تم هذه المرة.، كما ان تدخل أطراف خارجية في عملية المصالحة، وعلى عكس ما كنا نأمل، لم يسهم بصورة إيجابية في تحقيقها على الرغم من الجهود المشكورة والمقدرة لكل من كان له يد في التوسط بإستضافة المباحثات التي جرت بين الطرفين على مر عقد أو يزيد من الزمن، فنحن لا ننسى جهود الشقيقة مصر التي تحملت وكابدت الكثير، ولكن للأسف وكما ذكرت، يبدو أن الأمور على الأرض لم تكن ناضجة كما يجب لإتمام هذه المصالحة التي توصلنا إليها اليوم.

الفرق ما بين هذه المرة والمرات السابقة هي أن قضيتنا الآن تمر في أخطر مراحلها، في ظل إدارة أمريكية ترامبية صهيونية متآمرة ومعمقة للتحالف الإستراتيجي الأمريكي الصهيوني الموجود أصلاً على مر التاريخ ضد شعبنا وقيادتنا ومستهدفة تصفية قضيتنا العادلة، حيث أصبح هناك حاجة وضرورة ماسة وحتمية لإنهاء هذا الإنقسام البغيض المؤلم لنا جميعاً في ظل هذا الخطر الداهم الذي يهدد مصيرنا ومصير شعبنا وقضيتنا، أصبح لا بد لنا أن نضع أيدينا معاً ونحقق الوحدة الوطنية بين أبناء هذا الشعب العظيم بجميع فصائله وجميع مكوناته.

في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها قضيتنا الفلسطينية والتي لم يسبق لها مثيل بوقاحتها وحدتها وخطورتها ونتائجها وتداعياتها المتوقعة، ليس فقط على فلسطين وإنما على أمتنا العربية وعلى السلم الإقليمي والعالمي، كان لا بد من وضع الماضي وراء ظهورنا وأن ننظر للأمام وإلى الكيفية التي سنواجه بها هذه المؤامرة الشرسة معاً.

وبما أن الظروف مواتية الآن وطنياً وإقليمياً ودولياً، حيث اتفق كل الشعب الفلسطيني في داخل الوطن وخارجه وبغض النظر عن إنتمائه الفصائلي والعقائدي والديني، وتحرك حراكاً تلقائياً نابعاً من إحساسه بالخطر الداهم ورفضه لما ينوي الصهاينة بدعم من الولايات المتحدة إرتكابه لجريمة في حقنا، حيث خرج في كل أماكن تواجده إلى الشارع معتصماً متظاهراً مندداً رافضاً لتهديدات نتنياهو وحكومته العنصرية، ليس هذا فحسب، فقد تناغم الموقف العربي والإقليمي والدولي (الأوروبي والآسيوي والبعض الأمريكي، ما عدا الإدارة الأمريكية الصهيونية) مع الموقف الفلسطيني الرافض لمخطط الضم .

إن هذا الإنجاز لهو الفرصة الأخيرة للطرفين (فتح وحماس) لطوي صفحة الماضي إلى الأبد، وفتح صفحة جديدة نحن أحوج إليها في هذا الوقت الحرج لمواجهة الخطر الداهم المتمثل بخطة الضم الخبيثة والتي هي إعادة إحتلال لما تم إغتصابه من فلسطين عام 1967 ومن ثم تم تحرره وفق إتفاق أوسلو.

هذه هي الفرصة الأخيرة لفتح اولاً لقيادة المشروع الوطني نحو التحرر ونحو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، كما أنها الفرصة الأخيرة لحماس وبقية الفصائل حيث أنها تشكل وتعتبر البوابة التي من خلالها يمكن قبولها ضمن المنظومة الوطنية والإقليمية والدولية، وبالتالي أن يتم التعامل معها على أنها جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وفصائله المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير.

إن هذه المصالحة المباركة والتي كان خطاب العقل هو الحاسم في تحقيقها، بوضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح الشخصية والفصائلية والفئوية ، قد تكون نموذجاً يحتذى به للتصالح مع الكتل الإسلامية في المنطقة على المستوى الإقليمي، إذا ما أرادت تلك الكتل أن تكون جزءاً من المشروع السياسي في الإقليم وأن تلعب دوراً إيجابياً في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة، وإلا فإن البديل سيكون البقاء في دائرة الصراع والإنعزال عن المكونات الأساسية والديمغرافية في المنطقة.

لنثبت للعالم أجمع حسن وصدق النوايا، ووحدة المصير والهدف والبوصلة، ولنسحب البساط من تحت أرجل من يهرول إلى التطبيع متذرعاً بالإنقسام الفلسطيني، فالوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام هو السبيل الوحيد للتصدي لجميع التحديات والمؤامرات ضد قضيتنا تحت ظل قيادة شرعية موحدة.