السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس أبو مازن يقلب الطاولة لماذا فعلها والى اين نحن ذاهبون!!!!.

نشر بتاريخ: 06/07/2020 ( آخر تحديث: 06/07/2020 الساعة: 14:19 )

الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى

الرئيس أبو مازن يقلب الطاولة السياسية، ويحقق أول اختراق تاريخي في تغيير قواعد اللعبة منذ اتفاق أوسلو،كان المحتل وما زالت أمريكا تسانده بالسعي لتصفية القضية الفلسطينية والشروع بتنفيذ الوطن البديل من خلال ما يعرف "بصفقة القرن"، في كل مرة كان المحتل يبتدع أسباب لتجفيف موارد السلطة الوطنية لإخضاعها سياسيا، ومن قبل ذلك حاصرت إسرائيل وأمريكا الرئيس الشهيد ياسر عرفات كما ضيق الاحتلال على أبناء شعبنا بكل الوسائل، بخلاف القواعد المتبعة أبو مازن يقوم بهجوم سياسي معاكس فحول الأدوات التي من الممكن استخدامها لابتزازه سياسيا وشعبيا وماليا إلى سهم مرتد على إسرائيل وأمريكا ومن يقف معهم من العرب إما مذعنين أو مساومين على قضيتنا، فأوقف التنسيق الأمني والمدني ورفض استلام المقاصة بأية شروط وحجر نفسه في رام الله وقال من يريدني آهلا وسهلا به في فلسطين ، أي انه نجح ولأول مرة بتحويل أسباب الابتزاز السياسي إلى منظومة من المواجهة السياسية الذكية تعدت الجيل الثالث(النسخة الثالثة) من محاولة التشكيل الإسرائيلي لمفهوم السلطة الوظيفي إلى الدولة الوظيفية المنعدمة السيادة.

لماذا نعتقد أن الرئيس أبو مازن جادا هذه المرة ولماذا قلب الطاولة السياسية بأدوات سلمية دون استخدام أي وسيلة عنيفة قد تؤدي إلى تحريض المجتمع الدولي بحقنا أو يعطي لإسرائيل الذريعة بتدمير منظومة العمل المقاوم السياسي والشعبي السلمي؟ وماذا يريد من هذه الخطوات غير المسبوقة والحاسمة؟

أدرك الرئيس أبو مازن أن إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية تريد منه السكوت بل لا مانع من المعارضة السلبية لما يعرف "صفقة القرن" حتى يتم تمرير الصفقة تحت أسباب اقتصادية وحياتيه، وكما قال له احد الأمراء العرب نحن لا نطلب من أن تقبل الصفقة فيكفي أن تصمت حول تنفيذها.

أدرك الرئيس أبو مازن أن إسرائيل وأمريكا عن طريق بعض الدول العربية والإسلامية والأوروبية أن هناك قناة مفتوحة للحوار مع حماس لإقامة دولة في غزة بل أن ما عزز من ذلك هو ما عرض عليه خلال هذه الفترة من اقتراحات بمنحه 30% من أراضي حول غزة بدل 30% التي تنوي إسرائيل ضمها في صفقة القرن . نعتقد أن تسريب هذه المعلومات للرئيس هي محاولة للضغط عليه ليس إلا، لان إسرائيل لا تريد أي كيان فلسطيني سواء في الضفة أو غزة.

أدرك أبو مازن أن هناك أوساط عربية ومنها وعلى رأسها الإمارات قد فتحت ذراعيها للتعاون الكامل مع إسرائيل كمقدمة لاستبداله بالقيادي محمد دحلان كثمن لهذه العلاقة وهذا ما سرب قبل أيام في الصحافة العبرية حيث أن وجود سلطة ضعيفة تمكن إسرائيل من استبدال أبو مازن بسهولة أما إذا كانت السلطة قد حلت بحكم الواقع فأنهم لن يتمكنوا من ذلك .

أدرك أبو مازن أن السلطة بهذه الحالة لن تقوى على الاستمرار طالما بقيت إسرائيل تعمل على تجفيف مواردها تارة بحجز أموال ورواتب الشهداء والأسرى وتارة أخرى بحجز أو مصادرة جزء من أموال المقاصة لصالح العملاء وهو ما عبر عنه الرئيس أبو مازن في لقائه الأخير قبل أيام مع القنصل الفرنسي العام عندما عرض عليه الأخير نقل أموال المقاصة إلى السلطة حتى تتمكن من صرف الرواتب حيث جاء رد الرئيس حاسما بهذا الخصوص رافضا الحديث عن إي وساطة إذا لم ترسل إسرائيل أموال المقاصة دون شروط أو اقتطاعات حتى لو أدى عدم استلامها إلى انهيار السلطة .

أدرك أبو مازن إن إسرائيل كانت تخطط لمنعه من التنقل والسفر و/ أو العودة إلى فلسطين في حال استمر في معارضته السلبية لصفقة القرن لذا قام الرئيس بقطع العلاقات الأمنية والمدنية والسياسية مع إسرائيل وقرر طواعية عدم السفر أو التنقل بقرار منه حتى لا تتحول هذه المسائل إلى أداة ضغط على الفلسطينيين فسبق إسرائيل بخطوة واحدة اخرى، لذا نرى إسرائيل تفتح أبوابها أمام الجمهور الفلسطيني كي ترسل رسالة إلى الجمهور الفلسطيني أن السلطة كانت عبئا عليكم وما حملات إزالة المنع الأمني ومنح التصاريح وترك العمال يتدفقون من خلال فتحات الجدار إلا رسالة للشعب الفلسطيني مما يسهل تجاوزها (السلطة) عند ساعة الحقيقة (عند تنفيذ الضم).

أمام كل ما تم استعراضه يبقى السؤال ما الذي يريده أبو مازن:

نعتقد انه يرغب بتدويل المواجهة ليخرج مفهوم الصفقة إلى مفهوم سياسي، إما حل دولي بضمانات دولية أو انهيار السلطة بشكلها الحالي كي يخرج السلطة من أن تكون غطاءا سياسيا لإنفاذ الصفقة، وقد يكون يخطط لعقد لقاء دولي في رام الله و/او في عمان بالتنسيق مع الملك عبد الله الثاني لإطلاق حل سياسي شامل وليس إعادة ألعجله إلى ما كانت عليه قبل إعلان الصفقة والتخطيط للضم، أي أن فكرة العودة للمفاوضات انتهت وان البديل صفقة شاملة تكفل الحد الادني لحقوق شعبنا وإلا فان موعدنا مع الانفكاك التدريجي الشامل والذي سيقود الى تغيير ملامح السلطة وانهاء وظيفتها الحالية.

يرغب الرئيس أبو مازن من الجماهير الفلسطينية بالخروج بمواجهات شعبية منظمة ضد خطط الضم والمستوطنات ،حيث انه يعتقد إن مثل هكذا تحرك قد يؤسس لخلق حالة من العصيان الجماهيري حتى يدفع إلى تدخل دولى لحل القضية والوصول إلى صفقة شاملة تحفظ حقوق الفلسطينيين، ونرى إن تكليف اللواء جبريل الرجوب بهذا الملف مؤشرا على رغبته بالوصول إلى ذلك.

يرغب في كسر وجود البديل الفلسطيني السياسي بحيث عبر عن رفضه عن فكرة منحه ما نسبته 30% من الأراضي التي حول قطاع غزة، مع أننا نؤمن أن حماس أو الجناح الذي يقود اللقاءات مع الجانب الأخر بصورة مباشرة أو غير مباشرة إن صحت هذه التسريبات لا يرغب ولا يستطيع أن يوافق على دولة في غزة دون الضفة الغربية. نعتقد أن ما قام به جبريل الرجوب وصالح العاروري هو رسالة سياسية بامتياز أن حماس ترفض أي حل بديل عن الدولة وان العنوان السياسي الفلسطيني هو واحد رغم الخلافات السياسية العميقة. كما إن المخطط الإماراتي إن صح كذلك بخصوص التحضير لعودة محمد دحلان يكون قد تم اعتراضه وتقويضه أيضا.

نعتقد أن الرئيس أبو مازن يرغب في تدويل إدارة حياة أبناء شعبنا وجعلها مسؤولية دولية وليس شأنا فلسطينيا حيث أن الفلسطينيين وللأسف فشلوا في الحصول على شبكة الأمان العربية التي وعدوا بها من السابق، لذا فانه يرغب أن يلقي بهذه المسؤولية إلى حضن إسرائيل والدول الأخرى وهو بالتالي يحول العبء إلى فرصة لإدارة الصراع بحيث تصبح هذه المسائل من مهام إسرائيل وليست مصدرا للابتزاز السياسي بحيث يتحرك الفلسطينيون بحرية تامة بهذا الميدان وما العرض الأوروبي للدكتور محمد اشتيه وما قدم من القنصل الفرنسي للرئيس أبو مازن قبل أيام إلا انعكاسا لهذه الرؤية السليمة لإدارة الملف، وبما أن إسرائيل لن ترغب ولا تريد أن ينهار الوضع الفلسطيني وبذات الوقت لا ترغب بإدارة حياة الناس بشكل مباشر وفيزيائي لا بد لإسرائيل أن تجد حلا وسطا بهذا الخصوص لذا فأنها مع الوقت ستبحث عن طرق أخرى لمنع الانهيار الشامل بالتعاون مع بعض الدول العربية والأوروبية!!!.

يهدف الرئيس أبو مازن إلى منع الاحتلال من فكرة الانفصال عن الفلسطينيين دون كلفة سياسية ومالية وميدانية، وجعل الاحتلال يتحمل شؤون حياة الفلسطينيون، وبهذا يكون أبو مازن قد منع الانفصال العملي حتى وان اتخذ الإسرائيلي قرار بالانفصال السياسي لتجد إسرائيل بظل عدم وجود سلطة فلسطينية أنها حضنت بداخلها كامل أبناء شعبنا فأما تصبح دولة ثنائية القومية أو دولة ابرتهايد .

من الممكن أن الرئيس يهدف بعد كل ذلك ويسعى إلى إعلان دولة تحت الاحتلال، وغيرها من الخطوات السياسية والقانونية بالتعاون الكامل مع الملك عبد الله الثاني الذي بات يدرك انه والمملكة الهدف القادم لما يعرف بصفقة القرن.

بالمجمل، نأمل بأن يركز الكل الفلسطيني على توفير كافة عناصر النجاح لهذه الخطوات التي قد نكون لأول مرة في التاريخ السياسي الفلسطيني نسبق بها إسرائيل لتكون أداة للضغط عليها وعلى والمجتمع الدولي دون خسائر بشرية في الجانب الفلسطيني، لذا على الحكومة الفلسطينية أن تتخلى عن أية أسباب تؤدي إلى انشغال أبناء شعبنا عن المواجهة الشاملة مع الاحتلال، فلا داعي لأية قوانين أو ترقيات أو خلافات أو نقاشات تتعلق بمواصلات الموظفين ودوامهم وما إلى ذلك والتركيز على إدارة ملف الكورونا بكفاءة كما إدارتها في المراحل الأولى فكما حاز رئيس الوزراء على قلوب الناس نأمل ألا يتم جره إلى مواقف وقرارات تحرف المسار، ولنتذكر أن قرار وزير الحرب الإسرائيلي بوقف تنفيذ الأمر العسكري لمدة 45 يوما والخاص برواتب الأسرى والشهداء وإمكانية مصادرتها من البنوك شارف على الانتهاء لذا على الحكومة أن وتعزز من موقف الرئيس والقيادة الفلسطينية والكل الفلسطيني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ شعبنا.